35/04/23


تحمیل
الموضوع :الصوم مسألة 14, 15
ذكرنا ان الظاهر من كلام السيد الحكيم (قد) في المستمسك القول بعدم صحة الصوم لمن قطعه برياء او نحوه , وتبين بعد المراجعة انه يقول بالصحة في تعليقته على العروة , كما ذهب الى الصحة استاذه الشيخ علي ابن الشيخ باقر .
مسألة 14 قال الماتن (إذا نوى الصوم ليلا لا يضره الإتيان بالمفطر بعده قبل الفجر مع بقاء العزم على الصوم .)
واستدل السيد الحكيم في المستمسك على ما ذكره الماتن بقوله (لعدم منافاته للنية، ولا للمنوي)[1] والظاهر ان مقصده بالمنوي الامساك , والامساك المأمور به هو الامساك من طلوع الفجر الى الغروب , والاكل ليلا لا ينافيه , ولا ينافي النية ايضا بأعتبار ان النية المعتبرة في باب الصوم هي عبارة عن القصد (النية الارتكازية ) وهي لا تتحقق الا بعد الاخطار ( النية التفصيلية ) , والصوم غير معتبر فيه القصد الفعلي كما هو معتبر في بقية العبادات كالصلاة , ولذا لا تصح الصلاة من النائم , بينما يصح منه الصوم , وعليه فمن نوى الصوم واستقرت النية في ارتكازه ليلا , فلا يضر الاكل بعدها ليلا , لأن النية المعتبرة في الصوم هي القصد الشأني (النية الارتكازية ) وهو موجود بعد الاكل بل هو موجود حتى مع النوم والغفلة .
وهذا المطلب امر مسلم لكنه نُسب الخلاف الى الشهيد (قد) في البيان وحكم بلزوم تجديد النية بعد الاكل ليلا, نعم تردد في الجماع , ومنشأ التردد كما يذكره هو صيرورة المكلف غير قابل للصوم , فيزيل حكم النية , وهذا وجه بطلان النية , وعند الغسل يزول المانع ولا يحتاج الى تجديد النية , واُشكل على كلام الشهيد من انه لا دليل عليه , بل في الجواهر ان الدليل على خلافه , وهو كما تقدم بأعتبار ان المنوي هو الامساك من طلوع الفجر , فلماذا ينافيه الاكل المتقدم للفجر , بل قيل لا وجه لهذا الكلام أي لا يمكن توجيهه , وان كان البعض وجهه بأن النية المعتبرة فيه , بمعنى الاخطار لا بمعنى النية الارتكازية , فكفاية النية الارتكازية وان كانت مسلمة في النائم ألا ان الذي اجبرنا على الالتزام بصحة ذلك هو الاجماع , وحيث ان الاجماع دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن , والقدر المتيقن في النائم هو ما لم يأتي بالمفطر بعد النية ,
وعلى كل حال بالمطلب واضح فالإخطار لا يبنى عليه , وانما البناء على النية الارتكازية ولا يضر به الاكل بعد النية التفصيلية الحاصلة في الليل التي هي منشأ لوجود النية الارتكازية .
مسألة 15 قال الماتن (يجوز في شهر رمضان أن ينوى لكل يوم نية على حدة، والأولى أن ينوي صوم الشهر جملة، ويجدد النية لكل يوم، ويقوى الاجتزاء بنية واحدة للشهر كله، لكن لا يترك الاحتياط بتجديدها لكل يوم، وأما في غير شهر رمضان من الصوم المعين فلا بد من نيته لكل يوم إذا كان عليه أيام كشهر أو أقل أو أكثر).
فالماتن فصل بين شهر رمضان وغيره من الواجبات المعينة, حيث انه جوز في شهر رمضان نية واحدة لكل الشهر وجوز نية لكل يوم , واحتاط في حال النية الواحدة بتجديد النية لكل يوم , اما في غير شهر رمضان فهو يرى وجوب تجديد النية في كل يوم وعدم الاكتفاء بنية واحدة .
وهذه المسألة يبدو انها محررة في كلمات القدماء , حيث انهم ذكروها بشكل مفصل , والمشهور بينهم بل قيل بعدم الخلاف بينهم , كما ان السيد المرتضى في الانتصار والشيخ في الاجماع ادعيا الاجماع على الاكتفاء بنية واحدة ولا يحتاج الى تجديد النية لكل يوم , خلافا للعامة حيث قيل انهم يوجبون تجديد النية لكل يوم , واول من خالف المشهور من علمائنا في كفاية النية الواحدة هو المحقق في الشرائع والمختصر حيث انه شكك في هذا القول ونسبه الى القيل (قيل يكفي نية واحدة لكل الشهر ), وكما هو معلوم ان القيل يشعر بتمريضه , وفي المعتبر ذكر دليلا لقول المشهور ثم عبر عنه انه قياس محض , ولم يكتف بهذا بل شكك في الاجماع الذي ادعياه السيد والشيخ _ كما انه غير بعيد ان يكون ادعاه غيرهما _حيث قال لم يثبت عندي هذا الاجماع , ثم بعد المحقق خالف العلامة في بعض كتبه ووافق في البعض الاخر , ثم بعد ذلك انعقدت الشهرة بين متأخري المتأخرين _من الشهيد الاول فنازلا _على عدم الكفاية , وعليه فالمسألة خلافية ورأي القدماء فيها ان لم نقل بالإجماع فلا اشكال ان المشهور كان يبني على كفاية النية الواحدة .
وقال السيد الحكيم في المستمسك ( ثم إن هذا الخلاف جار على ما هو المشهور من كون النية الاخطار.
أما بناء على أنها الداعي فلا مجال للخلاف المذكور، لأنه إن تحقق الداعي حال الصوم صح وإن حدث قبل أشهر، وإن لم يتحقق لم يجد الاخطار في الليل، فضلا عن أول الشهر )[2]
أي ان هذا الخلاف مبني على ان النية المعتبرة في الصوم بمعنى الاخطار , لا بمعنى الداعي , وخلاصة الخلاف هو هل يمكن الاكتفاء بالإخطار مرة واحدة في بداية الشهر ؟؟ ام لابد من الاخطار لكل ليلة ؟
واما بناء على ان النية المعتبرة هي النية الارتكازية(الداعي) فلا مجال لهذا الخلاف , لأنه بناء على كفايتها فعلى فرض وجودها مقارنة لوجوب الصوم(أي وقت طلوع الفجر) فالصوم صحيح , سواء كان حدوث هذه النية ومنشأها قبل أشهر او قبل ليلة ,
وعلى فرض عدم وجودها عند طلوع الفجر فحينئذ لم يجد الاخطار في الليل فضلا عن اول الشهر ,
والذي يمكن ان يقال في المقام هو لابد من الالتفات الى بعض الامور التي لها دخل في هذا البحث وغيره من مباحث النية .
الاول : ان القول بالإخطار لا يعني عدم الحاجة الى الداعي اصلا , بل الظاهر ان الكل يتفق _من يقول بالإخطار ومن يقول بالداعي _على لزوم وجود الداعي في جميع الايام وانما يختلفون في انه هل يعتبر زيادةً على ذلك (الداعي) الاخطارُ ؟؟ او لا يعتبر الاخطار في كل يوم بل يكفي في اول الشهر ؟؟


[2] مستمسك العروة , السيد الحكيم ,ج8 ,ص221.