38/05/03


تحمیل

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

38/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ فصل في أحكام التيمم –

( مسالة 2)[1] :

الكلام في مسالة جواز البدار الى التيمم في سعة الوقت وهذه المسالة هي معركة الآراء بين العلماء رض وهناك اقوال ثلاثة ولكل قول قائل

القول الاول : هو جواز البدار مع سعة الوقت مطلقا سواء كان يحتملان يجد الماء قبل خروج الوقت او لم يحتمل ففقي هذه الصورة يجوز المبادرة الى التيمم .

القول الثاني : لا يجوز البدار مطلقا حتى اذا لم يحتمل وجود الماء آخر الوقت فلابد ان ينتظر الى آخر الوقت فيتيمم ويصلي .

القول الثالث : التفصيل بين احتمال زوال العذر لعطش او مرض او غيره فلايجوز له البدار بل لابد ان ينظر الى آخر الوقت فاذا لم يرتفع العذر تيمم وصلى واذا ارتفع توضأ او اغتسل وتوضأ .

السيد اليزدي افتى بجواز البدار ثم عنده تفصيلات واحتياط استحبابي .

ونحن نحاول التأمل في اطراف الادلة والاقوال :

اما القول الاول فانه استدل بإطلاق الآية ادلة البدلية عن الوضوء والغسل , اما الاستدلال بالآية هو انه الآية دلت اذا اردت الصلاة سواء كنت في اول الوقت او وسطه او آخره فعليك الوضوء واذا لم يكن لديك ماء فعليك ان تتيمم فجعل التيمم لمن اراد الصلاة ولو في اول الوقت , فالآية دليل على جواز التيمم مع سعة الوقت , طبعا مع قطع النظر عن الادلة الاخرى هناك قد يدعي احد ان الادلة دلت على وجوب تأخير الصلاة الى آخر الوقت فحينئذ يكون الاطلاق هاهنا مرفوع اليد ولكن نحن فعلا نتكلم هل يمكن الاستدلال بالآية الشريفة على جواز البدار والصلاة في اول الوقت مطلقا ,

السيد المرتضى رض نقل عنه الاشكال على هذا الاستدلال وهو الاستدلال بالآية انما يتم ان قلنا بوجوب ارادة الصلاة في اول الوقت واما اذا لم يتم يعني ليس دلالة على الوجوب في الآية او غير الآية دليل على وجوب ارادة الصلاة في اول الوقت فمادام لا يريد الصلاة في اول الوقت وسعته فمعنى ذلك حينما يريد الصلاة الانسان يتيمم مع فقدان الماء , وعلى هذا الاساس _ بيان السيد رض _ دلالة على جواز التيمم في اول الوقت فهو يريد ان يقول انت تريد ان تثبت جواز التيمم بالآية الشريفة في اول الوقت بقوله سبحانه ( اذا قمتم الى الصلاة ) يعني اذا اردتم الصلاة فلوا كانت الارادة واجبة في اول الوقت فبما انه الصلاة لا تصح الا بالطهارة المائية وهي مفقودة والترابية متيسرة فحينئذ تكون الآية دالة على صحة وتمامية التيمم مع سعة الوقت واما اذا لم يجب ذلك فالآية لا تدل على ذلك .

ونحن عندنا مناقشة على هذا الاستدلال , وهذا الاشكال على الاستدلال غير واضح علينا فان الآية تدل على ان ارادة الصلاة _ حسب اعترافه رض _ سواء كانت ارادة الصلاة في اول الوقت واجبة او مستحبة كما دلت الادلة على استحباب والتأكيد على المبادرة الى الصلاة لا تقدم على صلاتك شيء , فما دمت جوزت الصلاة في اول الوقت في سعة الوقت وهذا فاقد للماء فما ذا تقول ؟ فلا يتوقف الاستدلال بالآية على جواز التيمم في سعة الوقت على اثبات وجوب ارادة الصلاة في اول الوقت بل يكفي استحباب الارادة ومع جواز ارادة الصلاة في اول الوقت يدل على جواز التيمم فاذا كان وجوب الارادة واجب فتدل على وجوب التيمم واذا كانت الارادة مستحبة فتدل على استحباب التيمم , والكلام في صحة التيمم في اول الوقت وليس على وجوبه في اول الوقت , فلو كان المدعي يقول يجب التيمم في اول الوقت فكان اشكال السيد المرتضى واردا , فإشكاله رض غير واضح علينا .

السيد الاعظم عنده محاولة اخرى للتخلص من الاستدلال بالآية الشريفة , وملخص ما جاء في كلامه في اكثر من مقام ففي اوائل بحث التيمم كان له كلام في الآية واعاد المطلب في المقام على نحو التلخيص , فهو يقول رض الآية تدل على مشروعية التيمم مع فقدان الماء وفقدان الماء موضوع للطبيعة وفقدان الطبيعة لايكون الا بفقدان جميع المصاديق الطولية والعرضية فاذا كان متمكنا الانسان من بعض المصاديق الطولية او العرضية فحينئذ لا يقال انه فاقد لطبيعي الماء فبما ان جواز التيمم ومشروعيته معلقة بحكم الآية الشريفة والروايات اما توقف المشروعية على فقدان الماء فهذا من بديهيات الاسلام , فالسيد يتمسك بهذا , فان كان هناك احتمال او ظن بوجود الماء في منتهى الوقت قبل فوت الصلاة فهو واجد للماء لان الماء قلنا انه الطبيعي والطبيعي يتحقق بوجدان بعض المصاديق .

وحسب مانتذكر كان لنا بعض الملاحظات على هذا , ونقول الفقدان والوجدان من صفات الفرد ويكون من صفات الطبيعة بواسطة الفرد وليس الامر بالعكس , فاذا وجد فرد من البشر فطبيعي الفرد موجود لا ان الطبيعي يوجد او يفقد فيفقد الفرد كلا وجود الطبيعة وفقدانها وعدمها تابع لوجود الفرد وعدم الفرد وهذا لا يمكن انكاره ولذلك قلنا في محله انه لا يقال ان الله تعالى اوجد الجنس ثم النوع ثم الفصل ثم الفرد لا يعقل هذا بمعنى الكلمة لأنه الجنس يستحيل تحققه بدون الفرد والفصل مع الجنس مع النوع يستحيل تحققه بدون الفرد فالنتيجة من هذا البيان انه وصف الوجود ووصف الفقدان بالحقيقة وبالذات وصف للفرد ومن طبع الفرد وصف للطبيعي وللكلي وللنوع وللجنس قل ما شئت لا ان الامر بالعكس انه الوجود والعدم يثبت للطبيعي ثم بطبعه للفرد فكيف تتحقق الطبيعة والفرد بعده لم يتحقق ولو لحظة ولو بنحو الترتب العقلي يعني بحيث يوجد الطبيعي فيوجد الفرد ولو كان في زمان واحد حتى هذا الترتب فرضه غير معقول , فالعكس هو الصحيح اي ان وجود الطبيعي متفرع من الفرد .

وبعد هذا التمهيد نأتي الى كلام السيد الاعظم يقول ان التيمم مشروع بشرط فقدان طبيعي الماء قلنا ان فقدان الطبيعي يكون بفقدان جميع الافراد يعني معنى ذلك ان مادام الحكم معلق على الطبيعة فالطبيعة موجودة بالفرد قلنا انه الامر بالعكس ان وجود الطبيعة خاضع بالفرد فلابد ان تثبت في الآية الشريفة انه مشروعية التيمم متوقفة على انعدام جميع مصاديق الماء ثم تأتي الى الطبيعة فتثبت ان المشروعية مرتبطة بعدم الماء لا ان الامر بالعكس , وبما ان في الآية ليس المراد به الطبيعة والفرد فالإشكال غير واضح بل في الآية دلالة على ان المرتبط بالفرد هو ان لم تجدوا ماء قلنا ان الوجدان والوجود هو من صفات الفرد اولا وبالذات ثم يكون من صفات الطبيعة ,

فالإشكال من السيد الاعظم والسيد المرتضى على الاستدلال بالآية الشريفة غير واضح ولكن مع ذلك لا يمكن ولا يستقيم الاستدلال بالآية الشريفة لأنه قلنا ان الآيات ليس في مقام البيان فان من اهم مقدمات الحكمة هو ان يكون المتكلم في مقام بيان جميع الخصوصيات والآيات في مقام اصل التشريع والسيد يؤمن بالتمسك بإطلاق اية الوضوء ولذا جوز الغسل للوجه منكوسا تمسكا بإطلاق الآية , وهو لذلك جاء من طريق آخر وهو لابد ان يثبت الوجوب حتى يثبت كذا كما قلنا .

 


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2و ص215، ط جماعة المدرسين.