38/04/16


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

تحصل مما ذكرنا ان عمدة الدليل على شرطية الحرية وعدم وجوب زكاة الفطرة على العبد هو ان العبد لا يتمكن من التصرف لا في ماله ولا في مال مولاه فاذا وجبت عليه زكاة الفطرة فإما ان يدفع من ماله والمفروض انه ممنوع من التصرف فيه لانه كلٌ على مولاه والعبد وماله كلاهما ملك لمولاه او يدفع من مال مولاه وايضا لا يجوز له ان يدفع من مال مولاه لأنه تصرف في مال الغير فلا يجوز ذلك.

وهذا الدليل هو المهم في المقام فانه لا يتمكن من امتثال هذا الواجب ومن الواضح ان المكلف اذا لم يتمكن من امتثال واجبٍ فلا يمكن جعله في الشريعة المقدسة لان جعله يكون لغوا لان جعل التكليف انما هو بداعي الامتثال وبداعي ان يكون محركا للمكلف وداعيا الى الامتثال واما اذا لم يكن محركا للمكلف وداعيا فيكون جعله لغوا ومن الواضح ان صدور اللغو من الشارع الحكيم مستحيل.

واما موثقة اسحاق ابن عمار فهي لا تدل على وجوب الزكاة عليه فان هذه الصحيحة تدل على انه يمكن ان يكون له مال لا يجوز تصرف غيره في هذا المال حتى مولاه وهو المال الذي اعطاء المولى في مقابل العفو عن ايذائه فلا يجوز للمولى التصرف في هذا المال فهذا المال ملك طلق للعبد فلا يجوز تصرف الغير فحينئذ تجب عليه زكاة الفطرة اذا كان عنده هذا المال وهو غني واذا كان غنيا فهو مشمول للروايات التي تدل على وجوب زكاة الفطرة على الغني سواء أكان عبدا ام حرا ، إلا انه يمكن تقييد ذلك بالروايات التي تدل على ان زكاة العبد على مولاه فان هذه الروايات تدل على عدم وجوب الزكاة على العبد وان زكاته على المولى فهذه الروايات تصلح ان تكون مقيدة لتلك الروايات.

النتيجة انه لا دليل على وجوب زكاة الفطرة على العبد.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): (سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا ولم يؤد شيئا فتجب فطرتهم على المولى)[1] .

الماتن (قدس الله نفسه) لم يفرق بين كون العبد قنا ام مدبرا ام أم ولد ام مكاتبا مشروطا او مطلقا ، فحكم بعدم وجب الزكاة على الجميع.

ولكن خالف في ذلك جماعة في خصوص العبد المكاتب فذهب الصدوق (رحمه الله) الى وجوب زكاة الفطرة عليه.

وما ذكره الماتن وان كان مشهورا بين الاصحاب بل قد يدعى الاجماع على ذلك , إلا ان الصدوق مخالف في المسالة وذهب الى وجوب الزكاة على العبد المكاتب وتبعه جماعة من الفقهاء من المتقدمين والمتأخرين ، واستدلوا على ذلك بصحيحة علي ابن جعفر.

وهي علي بن جعفر ، أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليهما ‌السلام) عن المكاتب ، هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه ؟ وتجوز شهادته ؟ قال : الفطرة عليه ولا تجوز شهادته)[2] .

وهي تدل بوضوح على وجوب زكاة الفطرة على العبد المكاتب فهي في ذيلها تقول (تجب عليه زكاة الفطرة ولا تجوز شهادته) فانه تدل على ان زكاة الفطرة واجبة عليه ولكن شهادته غير مقبولة.

وحمل بعضهم على ان لا تجوز شهادته على الاستنكار فكيف لا تجوز شهادته وتجب عليه الفطرة فمعنى الرواية انه تجب عليه الفطرة وتجوز شهادته هذا هو معنى الرواية.

ولكن حملها على ذلك خلاف الظاهر فان الرواية ظاهرة في ان على العبد المكاتب زكاة الفطرة ولا تجوز شهادته فهي ظاهرة في وجوب زكاة الفطرة وعدم قبول شهادته.

ولا معارض للجملة الاولى واما الجملة الثانية معارض بالروايات التي تدل عدم قبول شهادته وجواز شهادته.

وقد يقال كما قيل بالجمع الدلالي العرفي بينهما فان هذه الصحيحة نهي عن جواز شهادته ظاهر في الحرمة واما الروايات التي تدل على جواز الشهادة ناصة في الجواز , اذن لا بد من حمل الظاهر على النص , وهو احد موارد الجمع الدلالي العرفي.

ولكن هذا غير صحيح فان الجمع الدلالي العرفي فيما اذا كان كلا الدليلين متكفلا للحكم التكليفي كما لو كان احدهما يدل على الجواز صريحا والاخر يدل على الحرمة بالظهور فكلا الدليلين متكفل للحكم التكليفي ، واما في المقام فكلا الدليلين متكفل للحكم الوضعي فصحة شهادة وعدم صحتها وقبول شهادته وعدم قبولها حكم وضعي ، لا ان شهادته محرمة او جائزة فكلا الدليلين متكفل للحكم الوضعي فلا يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما.

اذن يقع التعارض بينهما لان الطائفة الاولى تدل على قبول شهادته وهذه الصحيحة تدل على عدم قبول شهادته فاذا لم يكن هناك مرجح فتسقطان معا.

ولكن حمل صاحب الوسائل (قدس سره) هذه الصحيحة على التقية , والظاهر ان الامر ليس كذلك فان المحمول على التقية اذا كانت الرواية موافقة لمذهب العامة واما هذه الروايات فموافقتها لمذهب العامة غير معلومة لان المسالة اختلافية بين العامة فلا مجال للحمل على التقية.

النتيجة ان هذه الصحيحة تدل بوضوح على وجوب زكاة الفطرة على العبد المكاتب.

ولكن جماعة منهم صاحب الجواهر (قدس سره) أشكل في هذه الصحيحة بان هذه الرواية وان كانت صحيحة الا انها لا تصلح ان تكون مقيدة للروايات التي تنص على نفي وجوب الزكاة عن العبد فإنها تشمل العبد المكاتب ايضا ، مضافا الى ان هذه الرواية معارضة بروايات اخرى وما ذكره صاحب الجواهر لا يمكن المساعدة عليه، ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.