38/04/15


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

لا زال كلامنا في شريطة الحرية لوجوب زكاة الفطرة فهل هي شرط لوجوبها اولا؟ وقد استدل على الشرطية بوجوه.

الوجه الاول: الاجماع والتسالم بين الاصحاب وذكر ان العمدة في المسالة هو الاجماع كما ان السيد الاستاذ (قدس سره) رغم انه لا يعتمد على الاجماع فقد ذكر في تقرير بحثه ان الاجماع في المسالة تام.

ولكن ذكرنا غير مرة انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع لأنه لابد ان يكون بين الفقهاء المتقدمين ولابد ان يكون تعبديا ولا يكون مدركه معلوما فمثل هذا الاجماع ليس بإمكاننا احراز انه متحقق بين المتقدمين وعلى تقديري احرازه فلا يمكن احراز انه وصل اليهم من زمن اصحاب الائمة (عليهم السلام) إما بنحو التواتر او بطريق معتبر فلا طريق لنا الى ذلك ، فمن اجل ذلك ليس بإمكاننا الاعتماد على الاجماع في اثبات المسائل الفقهية.

الوجه الثاني: الروايات التي استدل بها جماعة منهم صاحب الجواهر (قدس الله نفسه) وهذه الروايات على طائفتين.

الطائفة الاولى: تدل على ان زكاة العائل على المعيل بلا فرق بين ان يكون عبدا او حرا او صغيرا ام كبيرا رجلا او امرأة غنيا او فقيرا فان المناط بالعيلولة فاذا كان عيالا لشخص ففطرهم عليه وان كان ضيفا ، فاذا صدق عنوان العيلولة عليه فزكاة فطرته على المعيل.

ولكن هذه الروايات اجنبية عن الدلالة على ان الحرية شرط او ليست بشرط وان زكاة الفطرة واجبة على العبد ام لم تكن واجبة.

الطائفة الثانية: تدل على ان زكاة الزوجة على الزوج وزكاة العبد على المالك فالعيلولة في هذه الروايات غير مأخوذة فزكاة الزوجة على الزوج وزكاة العبد على المالك فيمكن ان تكون هذه الزكاة من جهة العيلولة او من جهة اخرى وهي الارفاق بالزوجة والارفاق بالعبد.

ولكن الظاهر ان هذه الطائفة ايضا لا تدل فان جماعة من الفقهاء منهم صاحب الجواهر استدلوا بهذه الطائفة وهذه الطائفة تدل على ان على الزوجة زكاة غاية الامر يجب على زوجها ان يدفعها وعلى العبد زكاة يجب على المالك ان يدفعها والظاهر ان هذه الطائفة ان المتفاهم العرفي منها ان وجوب هذه الزكاة على المالك وعلى الزوج من جهة العيلولة وان الزوجة عيال للزوج وكذلك العبد عيال للمالك فالزكاة من جهة العيلولة وبملاك العيلولة لا ان الزكاة واجبة على العبد بعنوان العبد او واجبة على الزوجة بعنوان الزوجة بل زكاة الزوجة على الزوج بعنوان العيلولة ولا اقل من الاجمال , اذن هذه الطائفة من الروايات لا تدل على شرطية الحرية وعدم وجب الزكاة على العبد.

الوجه الثالث: ان الزكاة اذا كانت واجبة على العبد فلا يخلوا من انه يدفعه هذه الزكاة من مال مولاه او من مال نفسه ولا ثالث في البين وكلاهما غير جائز فلا يجوز له ان يدفع زكاة الفطرة التي هي واجبة عليه من مال مولاه لأنه تصرف في مال الغير وهو غير جائز ولا من مال نفسه لأنه ممنوع من التصرف في ماله بدون اذن مولاه لان العبد كل على المولى لا يقد على شيء كما في الآية المباركة , اذن هو لا يقدر ان يدفع زكاة الفطرة الواجبة عليه لا من مال نفسه ولا من مال مولاه ومن الواضح ان جعل زكاة الفطرة عليه لغو فان جعل الاحكام الشرعية انما هو لامتثالها فلا يمكن جعل الحكم الشرعي على فرد لا يتمكن من امتثاله لأنه تكليف بغير المقدور وهو لا يمكن جعله.

وقد يستدل على ان للعبد مال وهو يتمكن من التصرف فيه ولا يجوز للمولى ان يأخذ هذا المال من العبد بل هو ماله فقد ورد في بعض الروايات.

منها: موثقة إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبدالله (عليه ‌السلام) : ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر ، فيقول : حللني من ضربي اياك ، ومن كل ما كان مني اليك وما أخفتك وأرهبتك فيحلله ويجعله في حل رغبة فيما أعطاه ، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولى ، أحلال هي؟ فقال : لا ، فقلت له : أليس العبد وماله لمولاه؟ فقال : ليس هذا ذاك ، ثم قال (عليه ‌السلام) : قل له فليردّ عليه ، فإنه لا يحل له ، فانه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة ... الحديث)[1] .

اذن هذه الاموال مال للعبد ولا يجوز للمالك ان يتصرف فيها بدون اذن العبد فاذا كان هذا المال مال للعبد وهو غني وكان المال موجودا عنده في وقت زكاة الفطرة فتجب عليه الفطرة لأنه غني.

وهذه الموثقة لا تدل على شرطية الحرية ووجوب زكاة الفطرة على العبد ولكن هذه الموثقة تنقح الصغرى يعني ان العبد له مال يتمنكن من التصرف في ماله وهو غني فاذا كان له مال وهو غني فهو مشمول لاطلاقات ادلة التي تدل على وجوب زكاة الفطرة على الغني اذن هذه الموثقة في نفسها وان لم تدل على ذلك ولكنها تنقح الصغرى فالكبرى ثابتة وهي وجوب زكاة الفطرة على الغني

ولكن في مقابل تلك الروايات روايات اخرى وهي ان زكاة العبد على المولى وهذه الروايات تنص على ان زكاة العبد على المولى سواء اكان فقيرا ام كان غنيا وسواء اكان له مال ام لم يكن له مال اذن هذه الطائفة تصلح ان تكون مقيدة لاطلاق الطائفة الاولى وتقييد الغني بغير العبد.

النتيجة ان هذا الوجه ايضا لا يتم ولا يدل على ان الحرية شرط لوجوب زكاة الفطرة.

الوجه الرابع: قياس زكاة الفطرة بزكاة المال فكما انه لا يجب على العبد زكاة المال فكذا لا تجب عليه زكاة الفطرة والروايات التي تدل على عدم وجوب زكاة المال على العبد يمكن التعدي عن مورد هذه الروايات الى زكاة الفطرة.

ولكن هذا الوجه ايضا غير تام لان قياس زكاة الفطرة بزكاة المال يكون مع الفارق لان زكاة المال واجب مالي اما زكاة الفطرة فهي واجب تكليفي فان زكاة المال الفقير شريك مع المال في العين او بنحو الكلي في المعين واما في زكاة الفطرة فلا شركة في البين اذن لا يمكن التعدي عن مورد روايات زكاة المال الى زكاة الفطرة اذن هذا الوجه ايضا غير تام.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا ولم يؤد شيئا فتجب فطرتهم على المولى نعم لو تحرر من المملوك شئ وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة مع حصول الشرائط)[2] .