34/08/01


تحمیل
 
 كان الكلام في الرويات الدالة على اعتبار شهادة عادلين في ثبوت الهلال ،وتقدم ذكر ثلاث رويات ،احداهن معتبرة حماد بن عثمان وقد قلنا ان الاستدلال بها في محل الكلام مبني على ان المنقول في التهذيب هو الهلال وبعد المراجعة وجدنا ان المنقول في التهذيب هو كما في الوسائل ((قال : لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال ، ولا يقبل في الهلال إلا رجلان عدلان)) وحينئذٍ لايسعنا الاستدلال بها في باب الطلاق وانما يسعنا الاستدلال بها في باب الهلال ، ولكن الشيخ في الاستبصار ينقلها بهذا الشكل ((لاتقبل شهادة النساء فس رؤية الهلال ولا في الطلاق الا رجلان عدلان )) ، وحينئذٍ يمكن الاستدلال بها في كل من الموردين ، وعلى كلا التقديرين يصح الاستدلال بها في الهلال . نعم في الطلاق الاستدلال بها موقوف على ثبوت مايذكره الشيخ في الاستبصار .
 هذا ولكن الذي يظهر من الفقهاء انهم يعتمدون على المذكور في التهذيب من الاختصاص بالهلال .
 هذا ما يرتبط برؤية الهلال .
 وأما الحدود التي ادرجها السيد الماتن في محل الكلام _وان كان حسب تقسيم المحقق الذي ذكرناه في الدرس السابق عدم ادراج الحدود في هذا الباب لانها تدخل في حقوق الله والمحقق كلامه في ما سماه بحقوق الادمي بخلاف السيد الماتن لان كلامه ليس مبنياً على تقسيم المحقق وغيره_ فقد تقدم الكلام فيها في المسألة السابقة مفصلاً وتبين بان الحدود اذا كانت من قبيل حد الزنا او اللواط او المساحقة فهي لاتثبت الا بشهادة اربعة رجال وفي خصوص الزنا يمكن ان تثبت بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين او شهادة رجلين واربع نسوة في خصوص الجلد دون الرجم وفيما عدا هذه الجنايات الموجبة للحد فلاتثبت الا بشهادة عادلين وقد تقدم ذكر الروايات الدالة عليه .
 وأما باقي الامور التي ذكرها السيد الماتن من قبيل النسب والوكالة والوصية اليه ، فالظاهر ان تحصيل دليل يدل بالخصوص على انها لاتثبت الا بشهادة عادلين صعب جداً ، خصوصاً بعد ان عطف عليها السيد الماتن قوله ((ماشاكل ذلك في غير مايأتي)) اي في غير الموارد التي سيذكر فيها انه يكتفى فيها بشاهد ويمين او بشاهد واحد وامرأتين او بشهادة النساء منفردات في غير هذه الموارد ايضاً لاتثبت الا بشهادة عادلين ،فلابد من التفكير بطريق اخر للاستدلال على ذلك . ويفهم من كلماتهم الاستدلال على ذلك بما حاصله مع التوضيح منّا :
 ان معنى عدم ثبوت هذه الامور الا بشهادة عادلين ، عدم ثبوتها بشهادة النساء منفردات وعدم ثبوتها بشهادة رجل واحد وامرأتين وعدم ثبوتها بشاهد ويمين ، فإن تمكنّا من تحصيل دليل ينفي ثبوت هذه الامور بهذه الشهادات فقد حصل مابه الكفاية من اثبات ان هذه الامور لاتثبت الا بشهادة عادلين ، وهذه الطريقة هي التي ينبغي سلوكها لاثبات المرام ، وذلك بان يقال انه يمكن الاستدلال على عدم ثبوت هذه الامور بشهادة النساء منفردات او بشاهد ويمين او بشهادة رجل وامراتين بملاحظة مايلي :
 اولاً : لدينا من الادلة ما يدل بإطلاقه على عدم قبول شهادة النساء الا في موارد خاصة ، وحيث ان ما نحن فيه ليس من تلك الموارد الخاصة ، فهو مشمول لإطلاق هذه الروايات .
 هذا الدليل إن كان فيه إطلاق يشمل شهادة النساء منفردات ومنضمات فهو نعم الدليل لنفي ثبوت هذه الامور بشهادة النساء منفردات ونفي ثبوت هذه الامور بشهادة النساء منضمات الى الرجل ، لانه يقول ان شهادة النساء مطلقاً لايثبت بها الا هذه الامور وما عدا هذه الامور مقتضى اطلاق الرواية عدم ثبوتها بشهادة النساء لامنفردات ولا منضمات .
 فمثلاً صحيحة محمد بن مسلم وهي الحديث 8 من الباب 24 ((قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق وقال : سألته عن النساء تجوز شهادتهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء )).ومن الواضح ان شهادة النساء مطلقاً لاتقبل الا في العذرة والنفساء ، وبعبارة اخرى ان شهادة النساء في العذرة وفي النفساء تقبل مطلقاً أي منفردات ومنضمات ، وعندئذٍ يكون المنفي في المفهوم شهادتهن مطلقاً ، ففيما عدا هذين الامرين مقتضى ظاهر الرواية عدم قبول شهادة النساء لامنضمات لامنفردات وهو يشمل بإطلاقه محل الكلام أي النسب والوكالة والوصية اليه ونحوها الامايخرجه الدليل وهو ينفي ثبوت هذه الامور بشهادة النساء منفردات وينفي ثبوت هذه الامور بشهادة النساء منضمات الى الرجل وهو المطلوب .
 ثانياً : التمسك بإطلاق ما دل على عدم قبول شهادة النساء منفردات الا في العذرة والنفساء حيث توجد روايات اخرى يسأل فيها الامام (ع) عن جواز شهادة النساء وحدهنّ وهي غير ناظرة الى شهادة النساء منضمات فيجيب الامام بعدم قبول شهادة النساء وحدهن الا في العذرة والنفساء ،وهذه تنفعنا لنفي ثبوت مانتحدث عنه بشهادة النساء منفردات بنفس البيان السابق من قبيل مثلاً صحيحة العلاء وهي الحديث 18 من نفس الباب ((وسألته هل تجوز شهادتهن وحدهن ؟ قال: نعم في العذرة والنفساء )) ويفهم منها بالمفهوم ان فيما عدا هذين الموردين لاتقبل شهادة النساء وحدهن وهو بإطلاقه يشمل محل الكلام فينفعنا في ان هذه الامور لاتثبت بشهادة النساء منفردات .
 ثالثاً : مادل على اختصاص قبول الشاهد واليمين بموارد خاصة وهذا يفهم من بعض الادلة وحينئذٍ يمكن التمسك بإطلاق مفهومه لإثبات ان ما نحن فيه غير الداخل في الموارد الخاصة لايثبت بشاهد ويمين ، من قبيل مثلاً روايتين تقدم الحديث عنهما في باب القضاء وهما موجدتان في الباب 14 من ابواب كيفية الحكم ، الحديث 5 ، والحديث 10 .
 اما الحديث الخامس فهو معتبرة لإبي بصير (( قال : سألت ابا عبد الله (ع) عن الرجل يكون له عند الرجل الحق وله شاهد واحد قال: فقال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقضي بشاهد واحد ويمين صاحب الحق وذلك في الدين )) وقد تقدم ان هذا هو منشأ القول ان الشاهد واليمين لايثبت به الا الديون او تقدم التعرض للتعميم لكل الاموال ، وبالنتيجة يوجد مورد خاص لاينفع الشاهد واليمين الا في اثباته وما عدا هذا المورد الذي هو الدين لايثبت بشاهد ويمين .
 وأما الحديث العاشر : وهي رواية القاسم بن سليمان ((قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول: قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله ) بشهادة رجل مع يمين الطالب في الدين وحده )) وهي ايضاً تنفع في نفي ثبوت ماعدا الدين بشاهد ويمين الطالب وحده . ولكن القاسم بن سليمان يوجد فيه كلام .
 والحاصل ان مجموع هذه الامور التي ذكرت يثبت ان مانحن فيه من النسب والوكالة والوصية اليه وحتى الطلاق وغيره من الامور التي ذكرت سابقا وقامت الادلة عليها لاتثبت لابشهادة النساء منفردات ولا بشهادة الرجل ومراتين ولا بشاهد ويمين أي ان هذه الشهادات لاتثبت بها الا موارد خاصة كما يقول السيد الماتن .
 وعليه ، كل مالم يكن من تلك الموارد يمكن التمسك بإطلاق هذه الادلة لإعتبار ان يكون ثبوته بشاهدين عادلين وهذا هو المطلوب في المقام .
 ولو فرضنا عدم امكان اثبات هذا الدليل ، فإنه يكفينا لاثبات المطلوب الاصل في المقام ، ففي النسب مثلاً لاندري انه يكتفى فيه بشاهد ويمين اولا؟ او بشهادة النساء منفردات او لا ؟ بشاهد وامراتبن اولا؟ فالقاعدة تقتضي عدم النفوذ ومعنى هذا ان النسب لايثبت الا بشهادة عادلين لوجود الدليل على ثبوته بشاهدين عدلين وهو إطلاقات ادلة قبول البينة .
 والحاصل ان هذه الامور لاتثبت الا بشهادة عدلين ، بل الذي يفهم من مجموع هذه الادلة ان الاصل في ثبوت الاشياء هو شاهدين عادلين وان غيره وضع كبدائل اضطرارية في بعض الحالات ولذا في باب النساء دائماً تحسب كل امرأتين بشاهد واحد ، وكل بدل اضطراري يحتاج ثبوته الى دليل وعن عدم هذا الدليل نرجع الى القاعدة الاولية .
 هذا هو الدليل على ماذكره السيد الماتن .
  وفي مقابل هذا قد تذكر بعض الادلة المعاكسة له أي يمكن اثبات هذه الامور بغير شهادة عادلين ، وهي امور:
 الاول : قد يتمسك برواية منصور بن حازم في الباب 15 من ابواب كيفية الحكم ، ح1 ((محمد بن علي بن الحسين باسناده عن منصور بن حازم أن أبا الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال : إذا شهد لطالب الحق امرأتان ويمينه ، فهو جائز))، فتدل على كفاية شهادة امراتين مع يمين طالب الحق في اثبات الحق وحيث ان صاحب الحق مطلق فيشمل من يدعي الوصية اليه لانه طالب حق وهكذا مدعي الوكالة وغيره فتكون الرواية دليل على ان الموارد التي نتكلم عنها لايشترط في ثبوتها شهادة عادلين بل يكفي شهادة امراتين مع اليمين .
 ولكن هذه الرواية وان عبر عنها في بعض الكلمات بالصحيحة ولكنها لاتخلو عن مشكلة في السند ، فالرواية وان رواها المشايخ الثلاثة ولكن في جميع الاسانيد التي ذكروها مشكلة ، اما الصدوق فقد رواها باسناده عن منصور بن حازم ولكن طريقه اليه في المشيخة فيه محمد بن علي ماجلّويه وهو ممن لم ينص على وثاقته بل لم يعرف الا برواية الصدوق عنه ووجوده في باقي الروايات قليل ، وعلى هذا الاساس ردت رواية الصدوق ،واما الكليني فأنه رواها مرسلةً عن بعض اصحابنا حيث قال (( وعن بعض اصحابنا عن محمد بن عبد الحميد عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم قال : حدثني الثقة عن ابي الحسن (ع) قال : اذا شهد لصاحب الحق امراتان ويمينه فهو جائز )) فهي اولا مرسلة من قبل الكليني وثانياً فيها قوله حدثني الثقة ، ويوجد كلام في كفاية هذا المقدار في التوثبق او عدم كفايته ، وان كان الصحيح انه يكفي في الاعتماد عليه ، فلولا الارسال في الرواية لكانت الرواية معتبرة في تصورنا ، واما الشيخ فقد روى الرواية بإسناده عن محمد بن عبد الحميد وفي سنده الى محمد بن عبد الحميد ابن بطة الذي هو ابو جعفر المؤذن القمي وهو مجهول وابو المفضل الشيباني وقد نص على ضعفه جماعة كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي والعلامة وغيرهما .
 نعم قد يقال بامكان تصحيح طريق الصدوق للرواية بإثبات امكان الاعتماد على محمد بن علي ماجلّويه بإعتبار ان الشيخ الصدوق قد أكثر الروية عنه مباشرةً في الفقيه وغيره وفي المشيخة ذكره في طريقه الى مايزيد على خمسين رجل كما يقول السيد الماتن وقد ترضى وترحم عليه في كل مورد ذكره فيه ، فان مجموع هذه الامور قد يقال بكفايته للاعتماد على هذا الرجل مع ملاحظة انه لم يضعف وانما لم يرد فيه توثيق ، فيمكن الاعتماد على هذه القرائن لاثبات الاعتماد عليه وبالتالي تكون الرواية معتبرة .
 وعلى تقدير ضعف الرواية او اعتبارها ، فدلالة الرواية بنحو تكون منافية لماتقدم غير تامة ،وذلك لان الظاهر ان المراد بالحق في هذه الرواية بل في كل الروايات هو عبارة عن الدين او على ابعد احتمال المال مطلقا واما غير الدين او المال فهو خلاف الظاهر جداً .