34/07/30


تحمیل
 انتهى الكلام الى ان صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد الله المعارضة للروايات السابقة نقلت بعدة نقول ، والنقل الاول للرواية ليس له ما يعارضه في التهذيب لانه ينقل الرواية الخالية عن الذيل عن شخص اخر وقد قلنا لااستبعاد في تعدد الرواية، احداهما خالية من الذيل والاخرى مشتملة عليه ،وكذلك لايعارضه ماموجود في الكافي وان كان في كل منهما ينقل ابان عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله لان سند الكليني ليس تاماً ، وهذه الرواية كما اشرنا رويت بنحوين :
 الاول: ((تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال )) كما هو موجود في الاستبصار.
 الثاني:((تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجل)) كما هو في التهذيب .
 وقد قلنا انه مع كون المروي ((مع الرجال)) يمكن حمل الرواية على حد الزنا لانه في حد الزنا يجوز شهادة النساء منضمات الى الرجال ، ولكن لوكان المروي هو ((مع الرجل)) بناءً على ان المراد منه الرجل الواحد فلا يمكن حمله حتى على حد الزنا لانه في حد الزنا لايقبل شهادة الرجل الواحد حتى اذا انضمت له النساء .
 وعلى كل حال يبدو ان الرواية كما يقول السيد الماتن لاعامل بها على كلا التقديرين ، اما اذا كانت الرواية ((مع الرجل)) فواضح جدا لانه لاقائل به اطلاقاً ، فهي إذاً رواية شاذة بلا اشكال ، واما على تقدير ((مع الرجال)) فهنا لايبعد عدم وجود القائل _كما يقول السيد الماتن _ بقبول شهادة النساء منضمات في مطلق الحدود نعم هي في الزنا مقبولة .
 وعليه فيتعين الاخذ بالروايات السابقة ومقتضى بعضها عدم قبول شهادة النساء في الحدود مطلقاً أي لامنفردات ولامنضمات. نعم، نخرج عن هذا الاطلاق فقط في باب حد الزنا لقيام الادلة كما تقدم على قبول شهادة النساء منضمات الى الرجال .
 هذا مايرتبط بالمسالة 99 .
 قال (قده): مسألة(100): لا يثبت الطلاق والخلع والحدود والوصيّة إليه والنسب ورؤية الأهلّة والوكالة وما شاكل ذلك في غير ما يأتي إلاّ بشاهدين عدلين ، ولا يثبت بشهادة النساء لا منضمّات ولا منفردات، ولا بشاهد ويمين.
 ................
 هذه المسألة ذكرت في كتب المتون الفقهية كالشرائع وقد سمى الامور التي ذكرها السيد الماتن بحقوق الادمي حيث انهم قسموا الحقوق الى حقوق الله ويقصدون بها الجنيات الموجبة للحد والى حقوق الادمي وهي هذه الامور .
 وحقوق الادمي قسمها المحقق في الشرائع الى ثلاثة اقسام :
 الاول : ما لايثبت الا بشاهدين عدلين .
 الثاني : مايثبت بشاهدين عدلين وبشاهد وامراتين وبشاهد ويمين .
 الثالث: ما يثبت بالرجال وبالنساء منضمات .
 فهذه ثلاثة اقسام في حقوق الادمي .
 أما القسم الاول وهو الذي تختص مسألتنا به أي ما لايثبت الا بشاهدين عدلين ، فقد ذكر المحقق في الشرائع امثلة ومصاديق له كالطلاق والخلع والوكالة والوصية اليه والنسب ورؤية الاهلّة وتردد في العتق والنكاح والقصاص ثم قال : أظهره ثبوته بالشاهد والمرأتين ، فأستظهر ثبوت العتق والنكاح والقصاص بشاهد وامراتين بخلاف الباقي فانه لايثبت الا بشاهدين عادلين ،وهذه الامثلة التي جزم فيها المحقق بعدم ثبوتها الا بشاهدين عدلين هو نفس ماذكره السيد الماتن في هذه المسألة ، وقد نقل عن الدروس للشهيد الاول ان الضابط في هذا القسم الاول هو كونه من حقوق الناس، ليس مالاً ولايكون المقصود منه المال ، وفي كشف اللثام جعل الضابط هو كونها مما لايطّلع عليه الرجال غالبا _ أي خرج القسم الثالث وهو الذي تقبل فيه شهادة النساء منفردات ومنضمات كالعذرة ونحوها مما يختص بالنساء _ ولايكون مالاً ولا المقصود منه المال ، فقد خرج بذلك القسم الثاني الذي تقبل فيه شهادة العادلين وشهادة شاهد ويمين وشاهد وامراتين وهو الامور المالية كما سيأتي .
 وفي الحقيقة البحث ينبغي ان يكون بشكل يتعرض فيه لكل واحد من هذه الامور لنرى هل هناك أدلة تدل بشكل واضح على ان هذا لايثبت الا بشاهدين عدلين أي لايثبت بشاهد ويمين ولايثبت بشاهد وامراتين ولايثبت بشهادة النساء منفردات ولايكفي اقامة الادلة على ان هذا يثبت بشاهدين عدلين والا ثبوته بشاهدين عدلين من الامور الواضحات قي كل الاقسام كما ان الدليل عليه واضح وهوماتقدم مرارا من اطلاق مادل على حجية البينة ، ومقتضى اطلاقها شمولها لهذه الموارد فتدل على ثبوت هذه الامور بشاهدين عدلين .
 إذاً المهم هو الجانب السلبي أي لايثبت بغير الشاهدين العادلين .
 وأول شيء ذكره السيد الماتن هو الطلاق وهو مانص عليه الفقهاء والظاهر انه هو المشهور بينهم ، والادلة على عليه هي عبارة عن روايات :
 الاولى : هي صحيحة حماد بن عثمان وهي الحديث 17 من الباب 24،ج27 ((ويرويها الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال ، ولا يقبل في الهلال إلا رجلان عدلان))، والرواية معتبرة سنداً ، ثم يقول صاحب الوسائل ((وبالاسناد مثله إلا أنه قال : ولا في الطلاق إلا رجلان عدلان )) يعني كما لايقبل في الهلال الا رجلان عدلان في سند اخر يقول لايقبل في الطلاق الا رجلان عدلان ، والاستدلال بهذه الرواية بهذه الفقرة وهي تثبت ان الطلاق لايثبت الابشهادة رجلين عادلين .
 والاستدلال بهذا الدليل ليس واضحاً إذ الموجود في التهذيب لايشتمل على العبارة محل الاستدلال بل الموجود هو ما في الهلال فقط ولم يذكر مسألة الطلاق اطلاقاً ولم نعرف مستند صاحب الوسائل في قوله وبالاسناد مثله ...الخ والامر يحتاج الى مزيد تحقيق ومتابعة ،
 وعليه فلا يصح الاستدلال بها في محل الكلام لانه يبدو انه قد يشكك في ثبوت رواية بهذا الشكل في التهذيب .
 الثانية : رواية داود بن الحصين وهي الحديث 35 من نفس الباب ,ج27 (( ويرويه الشيخ باسناده عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد وعلي بن حديد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن شهادة النساء في النكاح بلا رجل معهن إذا كانت المرأة منكرة ، فقال : لا بأس به ، ثم قال : ما يقول في ذلك فقهاؤكم ؟ قلت : يقولون : لا تجوز إلا شهادة رجلين عدلين ، فقال : كذبوا - لعنهم الله - هونوا واستخفوا بعزائم الله وفرائضه ،وشددوا وعظموا ما هون الله ، إن الله أمر في الطلاق بشهادة رجلين عدلين ، فأجازوا الطلاق بلا شاهد واحد ، والنكاح لم يجئ عن الله في تحريمه ، فسن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ذلك الشاهدين تأديبا ونظرا لئلا ينكر الولد والميراث ، وقد ثبتت عقدة النكاح واستحل الفروج ولا أن يشهد ، وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الانكار ، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين ، فقلت : فأنى ذكر الله تعالى قوله : * ( فرجل وامرأتان ) * فقال : ذلك في الدين ، إذا لم يكن رجلان فرجل وامرأتان ورجل واحد ويمين المدعي إذا لم يكن امرأتان ، قضي بذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعده عندكم)). والرواية معتبرة سنداً إذ لايوجد في السند من يقدح فيه الا علي بن حديد على كلام فيه ولكن لايهم في المقام من جهة انه يروي هنا في عرض محمد بن خالد البرقي الثقة ، ومحل الاستدلال هو قوله (ع): ولايجيز في الطلاق الا شاهدين عدلين، والظاهر من هذه الرواية انها اشارة الى مقام التداعي والانكارفأن امير المؤمنين (ع) كان يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الانكار واما في الطلاق فلا يجيز الا شاهدين عدلين .
 الثالثة : صحيحة محمد بن مسلم ، وهي الحديث 8 من نفس الباب ((ويرويها الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال : قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق وقال : سألته عن النساء تجوز شهادتهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء )) ، والرواية صريحة بانه كان لايجيز شهادة النساء في الطلاق ، ومقتضى اطلاقها انه لايجيزها في الطلاق لامنفردات ولامنضمات ، فيكون فيها دلالة على عدم قبول شهادة رجل وامرأتين وعدم قبول شهادة النساء منفردات ، فيبقى من الثلاثة التي يجب ان ننفيها لثبوت انحصار الشهادة على الطلاق بشهادة عادلين شهادة شاهد ويمين ، وهذه الرواية ليس فيها دلالة على عدم قبول شهادة شاهد ويمين في الطلاق لانها ناظرة الى نفي ثبوت الطلاق بشهادة النساء ومقتضى اطلاق نفي قبول شهادتهن على الطلاق هو عدم قبول شهادتهن منفردات ومنضمات ومعنى منفردات هو احد الثلاثة التي يجب نفيهن ومنضمات ينتفي به ثبوت الطلاق بشاهد وامرأتين .
 لكنها تنفع في عدم قبول شهادة شاهد وامراتبن وشهادة النساء في باب الطلاق .
 هذه هي الادلة فيما يرتبط بباب الطلاق ، ويكفينا دليل واحد وهي معتبرة داود بن الحصين وظاهرها انحصار ثبوت الطلاق بشهادة عدلين ، مضافا الى ان ذلك من الاشياء المتفق عليها.
 هذا هو العنوان الاول
 العنوان الثاني هو الخلع
 وهو يمكن ادراجه في الحقيقة في الطلاق ، والمشهور ذهب الى انه كالطلاق في اعتبار الشاهدين ، وقالوا : انه وان كان المدعي به هو الزوج فانه لايثبت الا بشهادة شاهدين عدلين ، وانما نصوا على هذا لانه عندما يدعي الزوج الخلع يكون المقصود من ذلك المال ومع ذلك قالوا انه لايثبت الخلع وان ادعاه الزوج وان تضمن مالاً لان المقصود هو الطلاق والبينونة وهذا انما يقصد بالتبع وليس الاعتبار بالقصد التبعي ولو كان المقصود بالذات المال لدخل في القسم الثاني وهذا ليس كذلك .
 وعليه فنفس الادلة الدالة على عدم ثبوت الطلاق الا بشهادة عدلين تدل على عدم ثبوت الخلع كطلاق الا بذلك .
 العنوان الثالث : وهو رؤية الهلال
 فهناك مايمكن ان يستدل به لعدم ثبوته الا بشاهدين عدلين وهو:
  الرواية الاولى : معتبرة حماد بن عثمان المتقدمة لانه كما قلنا ان الموجود في التهذيب هو الهلال ،ولو شككنا بما يقوله صاحب الوسائل من وجود نسخة اخرى او رواية اخرى بنفس السند السابق والمذكور فيها هو عبارة عن الطلاق فحينئذٍ لايمكن الاعتماد على رواية الهلال لانه يؤدي الى التعارض وان ماصدر عن الامام (ع) هل هو الطلاق او هو الهلال ؟ والا اذا شككنا في اصل عدم ثبوتها من طريق غيره او قلنا انها رواية اخرى وفي احدى الروايتين ذكر الهلال وفي الرواية الاخرى ذكر الطلاق فلا مانع من الاستدلال بها وسيأتي بعض الحديث في هذه الرواية .
 الرواية الثانية : صحيحة العلاء المتقدمة وهي الحديث 18 في نفس الباب ((قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال )) ومقتضى اطلاقها هو عدم جواز شهادة النساء في الهلال لامنفردات ولامنضمات أي لاتقبل شهادة الرجل الواحد مع امراتين ويبقى الشاهد واليمين والرواية ليست ناظرة اليه .
 الرواية الثالثة : صحيحة داود بن الحصين وهي الحديث 36 من الباب نفسه(( ويريها الشيخ بالاسناد _اي نفس الاسناد في الرواية السابقة وهوي الحديث 35 _عن داود بن الحصين ، وعن سعد ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، والهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) - في حديث طويل - قال : لا تجوز شهادة النساء في الفطر إلا شهادة رجلين عدلين ، ولا بأس في الصوم بشهادة النساء ولو امرأة واحدة )) والسند الثاني معتبر ايضاً كما هو السند الاول ، كما ان دلالة الرواية واضحة على اعتبار شهادة العدلين في رؤية الهلال ولاتجوز شهادة النساء فيه .
 هذا ولكن ذيل الرواية يقول ولابأس في الصوم بشهادة النساء ولو امراة واحدة فيفرق بين ثبوت هلال العيد وهلال شهر رمضان ، وهو لايمكن العمل به لعدم الفرق بين الهلالين ولانه مع وجود الادلة الكثيرة التي تفيد عدم قبول رؤية الهلال الا بشهادة رجلين عادلين .
 وقد وجه الشيخ المقصود به ان يصوم الانسان بشهادة النساء احتياطاً واستظهاراً دون ان يكون ذلك واجباً أي دون ان يثبت شهر رمضان ويتريتب عليه وجوب الصوم بشهادة النساء ولو امرأة واحدة ، وحينئذٍ يمكن الاستدلال بصدر الرواية الظاهر في ان رؤية الهلال مطلقا لاتثبت الا بشهادة عدلين .