34/07/29


تحمیل
 يوجد تعليق على رواية اسماعيل بن ابي حنيفة التي رواها الوسائل نقلاً عن الكافي والظاهر ان في النقل اشتباه إذ الموجود في الوسائل عن اسماعيل بن ابي حنيفة عن ابي عبد الله بينما الموجود في الكافي عن اسماعيل بن ابي حنيفة عن ابي حنيفة عن ابي عبد الله ، فالمتكلم مع الصادق (ع) هو ابي حنيفة كما يشهد عليه المرسلة التي ذكرها الكليني بعد ذلك مباشرة قال ورواه بعض اصحابنا عنه ومن العبارة المتقدمة يظهر ان اسماعيل بن ابي حنيفة ليس من اصحابنا وبهذا تكون الرواية ساقطة سندا والا لو كان اسماعيل بم ابي حنيفة الذي هو مجهول يروي مباشرة عن الامام (ع) يمكن اثبات وثاقته برواية البزنطي عنه
 وبالنسبة الى بنان فقد قلنا انه لم تثبت وثاقته ولكن الوحيد وغيره نص على انه ممن روى عنه محمد بن احمد بن يحيى صاحب كتاب نوادر الحكمة ولم يستثنه بن الوليد فمن يبني على كفاية مثل هذا في وثاقة الشخص فحينئذٍ يدخل بنان في عداد الموثقين .
 ثم اننا انتهينا الى الروايات التي يستدل بها على عدم ثبوت الحدود بشهادة النساء منفردات غير الزنا واللواط والسحق بل تثبت بشهادة عدلين فقط .
 السادسة : معتبرة غياث بن ابراهيم الواردة في نفس الباب ح 29 ويرويها الشيخ باسناده عن أبي القاسم بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ابن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في القود )) ودلالتها واضحة على عدم جواز شهادة النساء في الحدود .
 ومقتضى اطلاق هذه الروايات وبالخصوص الروايتين المتاخرتين عدم قبول شهادة النساء في الحدود سواء كن منفردات او منضمات وهذا الاطلاق لايرفع اليد عنه الا بدليل كما في باب الزنا فقد دل الدليل على قبول شهادة النساء منضمات كما تقدم سابقا واما في غير الزنا فلا يوجد دليل على قبول شهادتهن ، وحينئذٍ يتمسك بهذا اللاطلاق لاثبات عدم قبول شهادة النساء في الحدود.
 ولكن في مقابل اطلاق هذه الروايات هناك رواية تدل على جواز قبول شهادة النساء في الحدود منضمات الى الرجال فتكون حينئذٍ منافية لما تقدم وهي معتبرة عبد الرحمن بن ابي عبد الله وهي ح 21 في الباب نفسه ويرويها الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم ، عن عبد الرحمن .
 هذا ولكن الموجود في التهذيب ان من يروي عنه القاسم هو ابان بن عثمان وابان يروي عن عبد الرحمن والذي يقصد به عبد الرحمن بن ابي عبد الله ، والظاهر حصول سقط او اشتباه ((قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة تجوز شهادتها ؟ قال : تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس ، وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال)) بينما الروايات المتقدمة التي ذكرناها تدل على عدم جواز شهادة النساء مطلقا .
 السيد الماتن (قده) اجاب عن هذه الرواية :
 اولا: بانها شاذة لاقائل بها ولاعامل منّا بهذا المضمون فتطرح ويبقى القول بعدم قبول شهادتهن في الحدود سالما عن المعارض
 وثانيا: بان محل الشاهد منها وهو (وقال : تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال) انما هو موجود فيما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد عن القاسم عن ابان كما ذكرنا ،ولكنه غير موجود فيما رواه الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان عن عبد الله بن سنان او عبد الله بن سليمان في الاستبصار وهو الحديث 24 من نفس الباب ((ويرويها الشيخ عن الحسين بن سعيد عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألته عن امرأة حضرها الموت وليس عندها إلا امرأة أتجوز شهادتها ؟ فقال : لا تجوز شهادتها إلا في المنفوس والعذرة )).وواضح عدم وجود الذيل المتقدم فيها .
 ثم يقول (قده) وهذا الذيل غير موجود ايضا فيما رواه الكليني بسنده المعتبر عن ابان عن عبد الرحمن وهو الحديث14 من نفس الباب ((وعن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألته عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة ، أتجوز شهادتها ؟ أم لا تجوز ؟ فقال : تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة)) .
 ويقول حيث ان متن الرواية واحد كما لاحظنا فيدور الامر بين النقص والزيادة إذ من البعيد ان رواية واحدة يرويها ابان عن عبد الرحمن تارةً وعن عبد الله بن سنان تارةً اخرى فيرويها مع الزيادة مرةً وبلا زيادة مرةً اخرى ، وبناءً عليه فلا تثبت الزيادة .
 وحينئذٍ لاتوجد مشكلة إذ الروايات السابقة تبقى على حالها وبدون معارض لان الرواية التي قيل انهامعارضة بوجود زيادة فيها تدل على قبول شهادة النساء منضمات قد تعارض النقل فيها لهذه الزيادة .
 ثم يضيف ويقول ان الكليني اضبط في الرواية من الشيخ لاسيما ان روايته مؤيدة برواية الشيخ نفسه .
 واقول: ان من الواضح بناء هذا الكلام على وحدة الرواية ،وأما إذا قلنا ان الرواية متعددة فلا توجد مشكلة إذ ان الصادر من الامام اولاً الرواية الخالية من الزيادة ثم صدرت منه الرواية المشتملة على الزيادة وحينئذٍ لايوجد تعارض بين النقلين بل كل منهما يكون صحيحاً ويؤخذ بكلا النقلين ولكن النقل الذي ليس فيه الزيادة يؤخذ فيه بمقداره والنقل الذي فيه الزيادة يؤخذ فيه كله .
 ولكن لو قسنا هذه الرواية بما يذكره الشيخ في موضع اخر من التهذيب لايتم البناء على وحدة الرواية لان بالامكان تعدد الرواية باعتبار ان هذه الرواية يرويها ابان عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله بينما الرواية التي ذكرناها يرويها الشيخ عن ابان عن عبد الله بن سنان إذ لامحذور من البناء على ان الامام تكلم مع عبد الله بن سنان بحكم شرعي ولم يذكر هذا الحكم الاخير بينما تكلم مع عبد الرحمن بن ابي عبد الله بنفس الحكم السابق ولكن اضاف اليه هذه الزيادة إذ المسألة محل ابتلاء فيسأل عنها مرتين بواسطة اثنين من الرواة فيجيب الامام عن هذه المسألة بجواب واحد ولكن في احد الجوابين يضيف شيء وفي الجواب الاخر لايضيف شيئاً .
 إذاً لايوجد محذور في تعدد الرواية ،نعم ما ذكره له وجه فيما إذا لاحظنا مايرويه الشيخ بالزيادة مع ما يرويه الكليني في الكافي لان الكليني روايته عن ابان عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله ، فتكون روايتان كل منهما ينقل فيها ابان عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله عن الامام (ع) ومتنهما واحد فيستبعد ان يكون عبد الرحمن سمع من الامام هذا الحكم مرتين مرة بالزيادة ومرة بدون الزيادة ونقله ابان تارةً مع الزيادة واخرى بدون زيادة .
 ولكن سند الرواية التي يرويها الكليني فيه مشكلة _ وان كان السيد الماتن عبر عنه انه روى بسند معتبر _ حيث فيه معلّى بن محمد وهو لم تثبت وثاقته ، وانما وثقه السيد الماتن اما لورود اسمه في كامل الزيارات او في تفسير علي بن ابراهيم القمي وهو ليس من المشياخ المباشرين الذين يروي عنهم علي بن ابراهيم او بن قولويه ، وقد تقدم منّا عدم الموافقة على وثاقة كل من ورد اسمه في هذين الكتابين ، وقد عبر عنه النجاشي بانه مضطرب الحديث .
 وعليه فإذا بنينا على هذا الاشكال السندي في نقل الكليني فلا يعارض الرواية الصحيحة التي يرويها الشيخ عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله الذي يذكر فيه هذه الزيادة ،وحينئذٍ لامانع من العمل بهذه الزيادة .
 وبناءً على ماتقدم يظهر ان الرواية التي فيها الزيادة معتبرة سنداً .
 وفي الحقيقة نسبة هذه الرواية الى الروايات السابقة التي تدل على عدم جواز شهادة النساء في الحدود هي نسبة الخاص الى العام وبعبارة اكثر وضوحاً ان الروايات السابقة التي استدللنا بها على عدم قبول شهادة النساء في الحدود هي اما مختصة بشهادة النساء منفردات كما هو الحال في صحيحة محمد بن مسلم التي هي الحديث 19 ((قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء)) فيفهم منها ان في غير العذرة والنساء لاتجوز شهادتهن وحدهن حتى في الحدود وهذا لاينافي رواية عبد الرحمن بن ابي عبد الله التي تقول تقبل شهادة النساء في الحدود مع الرجال لتعدد الموضوع كما هو واضح وكذلك الحديث 18 ((سألته هل تجوز شهادتهن وحدهن ؟ قال : نعم في العذر والنفساء )) والحديث8 وهو صحيحة اخرى لمحمد بن مسلم ((قال : سألته عن النساء تجوز شهادتهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء )) وهو وان لم يقيد بقوله وحدهن ولكن واضح من الاستدراك ان المقصود شهادتهن وحدهن .
 وهناك روايات ذكرناها سابقاً تشمل المنع من شهادة النساء منضمات بالاطلاق لا انها واردة في محل الكلام حتى تكون منافية لهذه الرواية ومن قبيل صحيحة جميل ومحمد بن حمران التي هي الحديث الاول ((قال : قلنا : أتجوز شهادة النساء في الحدود ؟ فقال : في القتل وحده ، إن عليا ( عليه السلام ) كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم )). فمقتضى اطلاقها عدم قبول شهادتهن لامنضمات ولامنفردات واما رواية عبد الرحمن بن ابي عبد الله تقول تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال وكذلك الحديث 29 في نفس الباب وهي معتبرة غياث بن ابراهيم المتقدمة وهكذا الحديث 30 في نفس الباب ((عن موسى بن إسماعيل بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا قود )).
  وواضح ان نسبتها الى تلك الرواية نسبة الخاص الى العام فمقتضى القاعدة التخصيص بمعنى انه نلتزم بعدم قبول شهادة النساء في الحدود منفردات ونلتزم بقبول شهادتهن في الحدود منضمات .
 وهذا المضمون يمكن اللالتزام به ان تم ماذكره السيد الماتن من ان الرواية شاذة ولاعامل بها من الاصحاب ونلتزم باطلاق الروايات السابقة الدالة على عدم جواز شهادة النساء مطلقاً في باب الحدود ،وأما إذا لم يتم ماذكره السيد الماتن فمقتضى الصناعة هو التقييد والألتزام بقبول شهادة النساء في الحدود منضمات الى الرجال .
 وبعضهم حاول الجمع بين الروايات السابقة وبين هذه الرواية فحمل صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد الله على حد الزنا وقد تقدم ان في حد الزنا تقبل شهادة النساء منضمات الى الرجال وحينئذٍ لاتكون منافية للروايات السابقة .
 ولكن هذا الحمل بلا قرينة لان الرواية تتحدث عن الحدود مضافاً الى ان صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد الله في المصدر غير ماينقله صاحب الوسائل حيث ان صاحب الوسائل نقلها بعبارة ((مع الرجال )) واما في المصدر فالموجود ((مع الرجل)) وحينذٍ حملها على الزنا يكون صعباً لان في الزنا لم نقبل بشهادة رجل واحد وامرأتين وانما قبلنا بشهادة رجلين واربع نسوة وثلاثة رجال وامراتين ، فالظاهر ان الرواية ((مع الرجل)) وحينئذٍ كلام السيد الماتن يكون مقبول ظاهراً بمعنى ان هذه الرواية لاعامل بها وشاذة وان ذكرها في المتن بعنوان الرجال ولم يشر الى ان الموجود في المصدر رجل لانها تقول بقبول شهادة النساء مع الرجل ولا احد يقول بقبول شهادة النساء مع الرجل أي رجل وامراتين لافي الزنا ولا في غير الزنا ولكن لو كانت العبارة الرجال فغير واضح وجود اتفاق بين الاصحاب على عدم قبول شهادة النساء منضمات الى الرجال في الجنيات الموجبة للحد غير الجنيات الثلاثة المتقدمة .