38/03/07


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): السابعة والعشرون: إذا وكل المالك شخصا في إخراج زكاته من ماله أو أعطاه له وقال: ادفعه إلى الفقراء يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيرا مع علمه بأن غرضه الإيصال إلى الفقراء ، وأما إذا احتمل كون غرضه الدفع إلى غيره فلا يجوز)[1] .

تارة نعلم ان غرض المالك هو ايصال الزكاة الى مستحقيها بدون خصوصية الى هذا الفقير او ذلك الفقير او بدون خصوصية فقير هذا البلد او بلد اخر ، واخرى نعلم بان غرضه ايصال المال الى سائر الفقراء غير المقسم مع ان المقسم فقيرا ، وثالثة لا نعلم غرضه ، هذا بحسب مقام الثبوت.

واما في مقام الاثبات فقد يكون هناك قرينة على انه يريد على مطلق الفقراء بدون خصوصية لفقير بالنسبة الى فقير اخر أي يظهر من حاله انه اراد ايصال زكاته الى الفقراء والمساكين والمحتاجين وصرفها في مواردها بدون خصوصية في البين ، واخرى ان المالك قد ضرح بذلك أي بتقسيم زكاته على فقراء البلد الفلاني والمفروضان المقسم وان كان فقيرا الا أنه ليس من فقراء ذلك البلد او ان المالك يقوم بتقسيم زكاته على فقراء خاصين كالعلماء او الايتام او الارامل والمفروض ان المقسم ليس من احد هذه العناوين فهذه العناوين لا تشمل المقسم ففي مثل ذلك لا يجوز للمقسم ان يأخذ من الزكاة ، فاذا لم يعلم الحال بانه اراد ايصال زكاته الى مطلق الفقراء من دون خصوصية في البين او اراد الفقراء الخاص ولم تكن قرينة في البين على احدهما ففي مثل ذلك هل يجوز للمقسم ان يأخذ مثل ما اعطاه لغيره او لا يجوز؟

الجواب:- قد ذكر الماتن (قدس الله نفسه) انه لا يجوز له ان يأخذ , وذكر جماعة ان هذا هو مقتضى القاعدة لأنه تصرف في مال الغير والتصرف في مال الغير بحاجة الى احراز اذنه فما لم يحرز اذنه لا يجوز التصرف فيه.

ولكن الكلام انما هو في ولاية المالك , فهل للمالك ولاية على التعيين فاذا عين فلا يجوز صرفه في غير ما عينه او لا؟ الظاهر ان للمالك ولاية على التعيين فاذا عين ان زكاته تصرف في الفقراء الخاص فلا يجوز ان يصرفها في غيرهم من الفقراء ، وكذا الحال في الخمس فاذا عين المالك ان سهمه يعطى لشخص فلا يجوز له ان يعطي لشخص اخر فان للمالك ولاية التعيين وهذا هو المستفاد من الروايات الكثيرة التي تدل على ولاية المالك في اخرج الزكاة وتعيين مصرفه.

واما اذا لم يعلم الحال فهل يمكن ان يأذن الولي الحقيقي كالإمام (عليه السلام) او الحاكم الشرعي ان يأخذ المقسم لنفسه او لا يجوز ذلك؟

الجواب:- فهنا مجموعة من الروايات تدل على الجواز وفي مقابلها مجموعة اخرى من الروايات التي تدل على عدم الجواز.

منها:- صحيحة سعيد ابن يسار (قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : الرجل يُعطى الزكاة فيقسمها في أصحابه أيأخذ منها شيئاً ؟ قال : نعم)[2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ان المالك اذا اعطى زكاته لشخص لكي يقسمها على اصحابه الفقراء فسال الامام (عليه السلام) هل يجوز له ان يأخذ منها فقال عليه السلام نعم يجوز له ذلك ، اذن ولاية الامام حاكمة على ولاية المالك فاذا اجاز الإمام عليه السلام فحينئذ لا اثر لولاية المالك.

ومنها:- صحيحة الحسين ابن عثمان (عن أبي إبراهيم (عليه ‌السلام) في رجل اُعطي مالاً يفرّقه في من يحلّ له ، أله أن يأخذ منه شيئاً لنفسه وإن لم يسمّ له ؟ قال : يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره)[3] .

فان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة على ان الامام (عليه السلام) اذن بالاخذ مثل ما يعطي لغيره.

ومنها:- صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج (قال : سألت أبا الحسن (عليه ‌السلام) عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسّمها ويضعها في مواضعها وهو ممّن تحلّ له الصدقة ؟ قال : لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يُعطي غيره ، قال : ولا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسمّاة إلاّ بإذنه)[4] .

ففي هذه الصحيح وان لم يسمي الزكاة ولكن هناك قرينة على ذلك فان قوله (ويضعها في مواضعها) فهذا قرينة على ان المراد الزكاة ، فهذه الصحيحة تدل على عدم جواز الاخذ.

ومنها:- صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج (قال : سألته عن رجل أعطاه رجل مالاً ليقسمه في محاويج أو في مساكين ، وهو محتاج ، أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه ؟ قال : لا يأخذ منه شيئاً حتّى يأذن له صاحبه)[5] .

فان هذه الصحيحة ايضا تدل على جواز الاخذ.

منها:- صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون أيعطيهم منه من غير أن يستأذن صاحبه ؟ قال : نعم)[6] .

هذه الصحيحة تدل على الجواز.

اذن هذه الروايات على طائفتين احداهما تدل على الجواز والثانية تدل على عدم الجواز ، وحينئذ هل توجد معارضة بينهما؟ ، وهل هذه المعارضة مستقرة ولا يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما حتى نرجع الى مرجحات باب المعارضة فان لم يكن مرجح فيسقطان معا من جهة المعارضة والمرجع هو الاصول اللفظية ان كانت والا فالأصول العملية.

ومن هنا حمل الشيخ (عليه الرحمة) الطائفة الثانية التي تدل على عدم الجواز على الكراهة فحمل النهي فيها على الكراهة ، ولكن هذا الحمل غير صحيحة فان الطائفة الاولى ليست اظهر دلالة من الطائفة الثانية حتى يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما ، فان الجمع الدلالي العرفي بينهما متمثل في حمل العام على الخاص او حمل المطلق على المقيد او حمل الظاهر على الاظهر او على النص او حمل المحكوم على الحاكم ، هذه الموارد هي موارد الجمع الدلالي العرفي فاذا امكن الجمع الدلالي العرفي فلا تصل النوبة الى المعارضة وترتفع المعارضة بينهما بالجمع الدلالي العرفي.

ولكن في المقام لا يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما ، ولكن هل هذه المعارضة مستقرة او لا؟ فقد ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقريره ان هذه المعارضة غير مستقرة. ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.