37/12/04


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/12/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

الى هنا قد تبين ان البايع اذا باع ماله المتعلق للزكاة وشرط على المشتري زكاته فقد ذكرنا ان البيع بالنسبة الى حصته صحيح وبالنسبة الى حصة الفقراء فضولي باعتبار انه اذا باع النصاب كالحنطة او الشعير فعشره للفقير ، فالبيع بالنسبة الى العشر فضولي وبالنسبة الى تسعة اعشار صحيح ، فاذا اجاز الحاكم الشرعي هذا البيع باعتبار انه ولي الفقراء صح هذا البيع بالنسبة الى حصة الفقراء ايضا وينتقل ثمنه الى الفقير لا الى البايع.

واما اذا وكل البايع المشتري باداء الزكاة فالمشتري اذا اخرج الزكاة وكالة من نفس النصاب انتفى البيع الفضولي بانتفاء موضوعه.

واما اذا اخرج المشتري الزكاة من مال اخر إما من ماله ثم يرجع الى البايع يأخذه منه او من مال البايع فعلى كلا التقديرين حصة الفقراء ترجع الى البايع فالمسالة داخلة في من باع شيئا ثم ملك وتنتقل من البايع الى المشتري بعد ذلك.

وهكذا الحال في الذهب والفضة فاذا باع عشرين مثقالاً فالبيع بالنسبة الى نصف المثقال فضولي فان اجاز الحاكم الشرعي فالبيع صحيح ولكن ثمن النصف مثقال يرجع الى الفقير ، وان قام المشتري باخراج الزكاة عن البايع من باب التوكيل او من باب النيابة فان اخرج الزكاة من نفس النصاب فينتفي البيع الفضولي بانتفاء موضوعه وان اخرج من مال اخر فينتقل نصف المثقال الى البايع ثم ينتقل من البايع الى المشتري ، وكذا بالنسبة الى الاغنام.

وتوجد عدة نقاط لابد من التنبيه عليها:-

النقطة الاولى:- تقدم سابقا ان للمالك ولاية على افراز الزكاة وعزلها في مال معين ، ومعنى الافراز والعزل هو المبادل بين مال الفقير ومال المالك ، فان الفقير والمالك شريكان في هذا المال في كل جزء من اجزائه في الغلاة الاربعة فاذا قام المالك بفرز الزكاة وعزلها فالعزل معناه المبادلة بين مال المالك ومال الفقير ويعني عزل مال الفقير بحنطة خاصة ، ولا شبهة في ان هذه الولاية ثابتة للمالك بمقتضى الروايات المتقدمة ، وكذلك ولاية التصرف في الزكاة في مواردها فله ان يصرف الزكاة على فقراء بلده وله ان ينقل الزكاة الى فقراء بلد اخر فهذه الولاية ثابتة على تفصيل تقدم.

ولكن هل يتحقق الافراز اذا عين زكاة الحنطة من النقود؟ ، فان الافراز والعزل تارة يكون بعزل حصة الفقير من الحنطة ولا شبهة ان للمالك ولاية على هذه المبادلة كما تقدم ، ولكن هل له ولاية على المبادلة بين مال المالك وبين الزكاة بان يعين مقدار من النقود المساوية للزكاة في المالية ، فهل له الولاية على المبادلة بين الزكاة وبين هذا المال؟ بحيث تكون الزكاة للمالك وهذا المال للفقير فهل تمكن هذه المبالدة وهل له الولاية على هذه المبادلة او لا؟

الجواب:- الظاهر ان له الولاية على ذلك ، فان الشارع قد رخص في اعطاء الزكاة من غير النصاب ، فكما ان للمالك اعطاء الزكاة للفقير من نفس النصاب ، فله ان يعطي الزكاة من النقود او من جنس اخر على المشهور او على المختار من النقود فقط ، وهذا الترخيص دليل على ان للمالك ولاية على الافراز والتبديل بين مقدار من النقود ومال المالك.

النقطة الثانية:- هل يجوز نقل الزكاة من العين الى ذمة المشتري بالشرط؟ فان الزكاة متعلقة بالعين الخارجية كالحنطة والشعير والذهب والفضة وما شاكل ذلك فهل يجوز نقل وجوب الزكاة من العين الى ذمة المشتري؟ بان يشترط البايع على المشتري ان يؤدي زكاة المال مبيعا. فهل يمكن هذا الانتقال او لا يمكن؟

الجواب:- الظاهر انه لا يمكن ، فان الخطاب موجه الى المالك والزكاة متعلقة بالعين الخارجية والخطاب باخراجها واعطائها الى الفقراء موجه الى المالك ونقل وجوب اعطاء الزكاة من العين الى ذمة المشتري بالشرط لا دليل عليه فان هذا الشرط لا يمكن ان يكون سببا للانتقال ولا يكون مشرعا فلا اثر له ، ولا بالحوالة فانه لا موضوع للحوالة في المقام ، فان الحوالة انما هي فيما اذا كان زيد مديون لعمر وبكر مديون لزيد فيقوم زيد باحالة عمر الى بكر فاذا تم عقد الحوالة انتقل من ذمة زيد الى ذمة بكر ، فالبايع حينئذ يرجع الى بكر ، واما في المقام فلا موضوع لهذه الحوالة بين البايع والمشتري فان انتقال الزكاة من ذمة البايع الى ذمة المشتري هذا ليس بحوالة.

نــعــم اذا وافق الحاكم الشرعي على ذلك ، كما اذا فرضنا ان المشتري تعهد بإعطاء الزكاة للفقير والحاكم الشرعي قبل ذلك فبما ان الحكم الشرعي لذي هو ولي الفقير قد قبل بذلك فحينئذ للحاكم الشرعي ان يرجع الى المشتري ويطالبه بالزكاة ولا يرجع الى البايع لان المشتري قد تعهد بإعطاء الزكاة وقد اخذ في ذمته وقبل الحاكم الشرعي الذي هو ولي الفقير.

وكذا الحال فيما اذا كانت الزكاة في ذمة البايع لا في العين الخارجية مثلا البايع اخذ زكاة ماله في ذمته باذن من الحاكم الشرعي حتى يجوز تصرفه في ماله ، ولكن هل يمكن انتقال الزكاة من ذمة البايع الى ذمة المشتري اذا تعهد المشتري باداء الزكاة وقبل الحاكم الشرعي الذي هو ولي الفقير او لا يمكن؟

الجواب:- نعم يمكن وحينئذ يرجع الحاكم الشرعي الى المشتري ويطالبه بالزكاة.

النقطة الثالثة:- اذا باع المالك النصاب الى شخص واشترط عليه اداء الزكاة فهل هذا الشرط يدل على ان المالك باع نصيبه فقط دون نصيب الفقراء او انه لا يكون قرينة على ذلك؟

قد يقال ــ كما قيل ـــ انه قد يكون قرينة على انه باع نصيبه دون نصيب الفقراء.

ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فان هذا الشرط لا يدل على ذلك ، فان الظاهر ان البايع باع النصاب تماما أي نصيبه ونصيب الفقراء معا ولكن اشترط على المشتري اداء الزكاة وذكرنا ان هذا الشرط يرجع الى الوكالة والنيابة أي ان المشتري يؤدي زكاة المبيع بالوكالة والنيابة.

بقي هنا شيء آخر نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.