37/11/18


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/11/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا ان المالك اذا كان هاشميا وعلم اجمالا بان ذمته مشغولة بالخمس او بالزكاة فقد تقدم ان هذا العلم الاجمالي منجز ، وهو العلم الاجمالي بين أمرين متباينين وهو منجز غاية الامر في مقام اعطاء ما في ذمته في الخارج على المستحق يجوز اعطاء ما في ذمته للفقير الهاشمي سواء أكان خمسا او زكاة.

ولكن قد يقال ان المالك اذا كان هاشميا فالامر يدور بين التعيين والتخيير لا بين المتباينين فان ذمته ان كانت مشغولة بالخمس وجب عليه تعيينا اعطائه للفقير الهاشمي ، واما اذا كانت ذمته مشغولة بالزكاة فهو مخير بين ان يدفعها الى الفقير الهاشمي وبين ان يدفعها الى الفقير غير الهاشمي ، واذا دار الامر بين التعيين والتخيير المرجع هو اصالة البراءة عن التعيين وان كان المشهور وجوب الاحتياط لا اصالة البراءة عن التعيين ، ولكن الصحيح هو اصالة البراءة عن التعيين لان التعيين كلفة زائدة وهي مدفوعة باصالة البراءة.

والنتيجة هي التخيير وعلى هذا فالمالك اذا كان هاشميا فهو مخير بين ان يدفع ما في ذمته الى الفقير الهاشمي او ان يدفع ما في ذمته الى الفقير غير الهاشمي.

ولكن هذا القيل غير صحيح فان اصالة البراءة عن التعيين محكومة بالاصل الموضوعي وهو استصحاب بقاء شغل الذمة ، فانه اذا دفع ما في ذمته الى الفقير غير الهاشمي يشك في فراغ ذمته وان ما في ذمته ان كان خمسا لم تفرغ ذمته وان كان زكاة فقد فرغت ذمته ولا مانع من استصحاب بقاء ما في ذمته ، فان المقام من صغريات كبرى جريان الاستصحاب في القسم الثاني من اقسام استصحاب الكلي فان القسم الثاني هو ما اذا علم بان احد الشخصين في الدار اما زيد او عمر فقد علم بوجود انسان في الدار وهو اما بدخول زيد او بدخول عمر ثم رأى زيدا في خارج الدار فعندئذ يشك في ان زيد اذا دخل في الدار فقد خرج منها فحينئذ استصحاب الفرد لا يجري أي استصحاب عدم دخول عمر لأنه معارض باستصحاب عدم دخول زيد ويسقط من جهة المعارضة ، ولكن يشك في بقاء وجود الانسان في الدار فهل يوجد انسان في الدار او لا ، فهو علم بوجود انسان في الدار وبعد رؤية زيد في الخارج يشك في بقاء انسان في الدار فلا مانع من استصحاب بقائه ، وما نحن فيه كذلك فان ذمته مشغولة بالجامع بين الزكاة والخمس وقد دفع ما في ذمته الى الفقير غير الهاشمي فهو يشك في بقاء الجامع فان ذمته ان كانت في الواقع مشغولة بالزكاة فقد برئت وان كانت مشغولة بالخمس فلم تبرء وبقيت مشغولة وهذا منشاء للشك في بقاء الجامع فلا مانع من استصحاب بقاء ذمته مشغولة فيجب عليه الاحتياط.

وقد يقال ــ كما قيل ــ ان هذا الاستصحاب الكلي معارض باستصحاب الفرد فانه يشك في ان ذمته مشغولة بالخمس او لا تكون مشغولة بالخمس ولا مانع من استصحاب عدم اشتغالها بالخمس فالاستصحاب يجري باعتبار ان ذمته ان كانت مشغولة بالزكاة فقد سقطت بدفعها الى الفقير غير الهاشمي ويشك في ان ذمته مشغولة بالخمس او لا فلا مانع من استصحاب عدم اشتغال ذمته بالخمس.

ولكن هذا الاستصحاب لا يجري لان استصحاب عدم اشتغال الذمة بالخمس معارض باستصحاب عدم اشتغالها بالزكاة لان العلم الاجمالي موجود ، طالما لم ينحل العلم الاجمالي فالتعارض بين الاصلين موجود ومن الواضح ان العلم الاجمالي لا ينحل بامتثال احد طرفيه كما اذا علم بنجاسة احد الانائين وشرب احدهما او اتلفه او اراقه فالعلم الاجمالي باق واصالة الطهارة لا تجري لا في الاناء التالف ولا في الاناء الباقي ، والعلم الاجمال انما ينحل اذا انقلب الى علم تفصيلي كما اذا علم تفصيلا بطهارة احد الانائين ، فلو علم اجمالا بنجاسة احد الانائين الشرقي او الغربي ثم علم تفصيلا بان الاناء الشرقي نجس فهذا موجب لانحلال العلم الاجمالي وليس هنا علم اجمالي بل علم تفصيلي وشك بدوي وعندئذ لا مانع من اصالة الطهارة في المشكوك بدوا وما نحن فيه كذلك.

اما الفرع الثالث وهو ان العلم الاجمالي انما يكون منجزا بالنسبة الى الاثر المشترك بين طرفيه كما اذا علم اجمالا بنجاسة احد الانائين فانه منجز بالنسبة الى وجوب الاجتناب وعد جواز الاستعمال في ما يشترط فيه الطهارة ، واما اذا كان لاحد طرفي العلم الاجمالي اثر زائد فهو ليس موردا للعلم الاجمالي كما اذا فرضنا ان ثوبه لاقى شيئا ولكن لا يدري انه لاقى بولا لاقى دما فان كان ملاقيا للبول وجب غسله مرتين بالماء القليل وان كان ملاقيا للدم كفى غسله مرة واحدة فاذا غسله مرة واحدة فيشك في وجوب غسله مرة ثانية ، فانَّ غسله مرة ثانية ليس موردا للعلم الاجمالي فهو اثر لملاقاته للبول وهو اثر لاحد طرفي العلم الاجمالي وليس اثرا مشتركا بينهما فحينئذ لا مانع من اصالة البراءة عن وجوب غسله مرة ثانية او اصالة الطهارة في الثوب.

ولكن في المقام هذه الاصالة معارضة باستصحاب بقاء نجاسة الثوب فانه اذا اغتسل هذا مرة واحدة فيشك في بقاء نجاسته لاحتمال انه ملاق للبول ولا يطهر بغسله مرة واحدة بل لابد من غسله مرتين فاذا غسله مرة واحد يشك في بقاء نجاسته ولا مانع من استصحاب بقاء نجاسته ، وهذا الاستصحاب حاكم على اصالة الطهارة واصالة البراءة في المقام فمن اجل هذا الاستصحاب لا تجري اصالة الطهارة في الثوب ولا اصالة البراءة عن وجوب الغسل مرة ثانية فيكون هذا حاكما عليهما.

واما فيما نحن فيه فاذا كان المالك غير هاشمي وهو يعلم اجمالا بان ذمته مشغولة اما بخمسين دينار خمسا او بمئة دينار زكاة فالمعلوم بالإجمال هو اشتغال ذمته بالاقل فان ذمته مشغولة بخمسين دينار يقينا سواء اكان ما في ذمته خمسا او ما في ذمته زكاة فان ذمته مشغولة بخمسين دينار ، اما اشتغال ذمته بالزائد فهو مشكوك وهو ليس موردا للعلم الاجمالي فالعلم انما هو بالاقل باشتغال ذمته بخمسين دينار على كل تقدين سواء كان خمسا او زكاة واما الزائد فلا يعلم اجمالا باشتغال ذمته به فيشك في ان ذمته مشغولة به او لا يكون مشغولة بالزائد وحينئذ لا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة عن اشتغال ذمته به او استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزائد فلا مانع من ذلك.

وهل يمكن الاخذ به او لا يمكن الاخذ به؟

الجواب:- الظاهر انه لا يمكن ، ويأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى.