37/08/08


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرائط صحة الصوم: الثاني: العقل.

قد يقال بعدم امكان صدور عمل واجد للشرائط من المجنون الاطباقي, لأنه لا تتأتى منه النية, أما اذا كان ادوارياً وتمكن من النية المعتبرة تصح منه العبادة, وعلى هذا الاساس ذهب جماعة _منهم الشيخ في المبسوط والخلاف واستقرب كلامه صاحب المدارك _إلى أن المجنون اذا دخل عليه الفجر ناوياً للصوم ثم جن يصح منه الصوم, بل ذكر الشيخ الطوسي أن المجنون اذا افاق قبل الزوال يجوز له أن يجدد النية ويصح منه الصوم, وذكر صاحب المستند أنه لا دليل لهم على الصحة سوى قياس ما نحن فيه على مسألة النائم الذي لا اشكال في صحة صومه.

وقد يُفترض_ كما ذكر بعض الفقهاء_ وجود شخص مجنون من جهة كالأمور الدنيوية وعاقل من جهة اخرى كالأمور الدينية فلا يمكن الالتزام ببطلان صومه.

هل أن قياس المجنون على النائم صحيح؟؟ وما ذا تقتضي القاعدة في كل منهما؟ فبناءً على أنها تقتضي البطلان في الجميع يتعين أن يكون الفرق بين النوم والجنون النص, لعدم الاشكال في صحة صوم النائم.

فالقول بأن القاعدة تقتضي البطلان في الجميع يبرره ما ذكرناه من شرطية العقل في صحة العمل, فيحكم ببطلان الصوم عند فقده في بعض النهار أو كله, والنائم والمجنون يشتركان في عدم الشعور وعدم التكليف حال عروض الحالة, فكل منهما فاقد لما هو معتبر في الصحة.

لكن هذا الكلام على فرض تمامية دليله فأنه لا يشمل مطلق المجنون بل يقتضي البطلان في خصوص المطبق, دون ما كان عاقلاً من جهة الامور الدينية, نعم يرى البعض أن مقتضى القاعدة البطلان في الادواري والنائم فضلاً عن المطبق, لفقدهم الشعور, وقد يقال أن القاعدة تقتضي الصحة في الجميع بأعتبار أن الصوم ممكن في حقهم ووقت النية باقٍ ويسري حكمها إلى اول النهار.

وقد قُرب الفارق بين النائم والمجنون بعدة تقريبات منها:-

التقريب الاول: أن العبادات على قسمين وجودية كالصلاة وعدمية كالصوم وتسمى النية المعتبرة في العبادات الوجودية بالنية الفعلية (أي أن يكون كل جزء من اجزاء العمل صادراً عن نية) وليس كذلك في العبادات العدمية بل تكفي النية الشأنية أو الفاعلية ( أي لا يجب أن يكون (دائماً) عند الترك مستحضراً نية ترك هذا قربة وامتثالاً لله تعالى بل يكفيه أنه لو عرض له المقتضي للأكل يتركه قربة إلى الله تعالى).

والنية الشأنية الفاعلية موجودة في النائم دون المجنون, فيحكم بصحة صوم النائم على القاعدة.