37/08/23


تحمیل

الموضوع: بيان فوائد الروايات المؤيِّدة

كان الكلام بالمناسبة ونحن نستعرض الروايات الدالّة على الصحة والبطلان حيث أتممناها وبعد ذلك أيّدناها بمصحح معاوية بن شريح الوارد في أبواب تكبيرة الإحرام الباب الرابع، والوارد في هذه المصححة ان المأموم عند ضيق المجال وخوف فوت الصلاة فيكبر تكبيرة واحد قبل ان تفوته صلاة الجماعة.

ففي جملة من الموارد نرى الفقهاء أو أصحاب العلوم الدينيّة يعبرون (بالمؤيِّد) وماهو فرقه عن المعاضد وفرقه عن الشاهد والدليل، وماهو السبب في حشو واكثار الفقهاء من بحث التأييد والمعاضد ولايكتفون بالدليل والشاهد، وهذا ليس فقط في المؤييد بل في الأدلة أيضا؟ والجواب ان البحث العلمي مجموعي ومنظومي، وذكرنا ان نظام الحجج المقرر في علم اصول الفقه هو الآخر ليس هو حجج مستقلة بل لكل حجة كيانها المستقل صورة لكنها لبّا مجموعية وهذا من البحوث المستجدة في علو اصول الفقه، وطبيعة البحث الحشوي يوجب التفكيك بين الحجج.

وأما الجواب التفصيلي فهو: ان التأييد يعني امكان الاثبات واحراز عدم المخالفة وهذا المقدار شرط من شرائط الحجية، فان من الامور المهمة في (المؤيِّد) انه يوجب ظهور عدم المخالفة للقران ولا للسنة الشريفة وان لايخالف بديهيات الفطرة كما انه لابد ان لايخالف بديهيات العقل.

وقد قال صاحب الحدائق والسيد الخوئي ان مقدار الحجة من حجية العقل التي لايدانيها تشابه وإحكام هي البديهيات العقلية وليست اليقينيات النظرية العقلية فانه متشابه، فاليقينيات البديهية هي محكمات العقل وأما الفطريات فهي مكاشفات، بينما الفطريات البديهية هي مشاهدات بديهية وهذا الذي اصطلح عليه العلماء.

فالتأييد يفيدنا ان هذا الدليل الظني من الظنون المعتبرة أو غير المعتبرة فلاجل إثبات إمكانه هو ان لايخالف المحكمات وهذا هو مرتبة من مراتب الحجية وهو اثبات الإمكان فلابد من إثبات الإمكان أولاً ثم اثبات الوقوع، فشرطية الظنون كونها ان لاتخالف الكتاب والسنة هو إثبات الإمكان، وعليه فنرى القيمة الصناعية المهمة للتأييد، وليس الاعتماد على المؤييد لاثبات الوقوع أو لاثبات الحجية بل لاتثبات شرط من شرائط الحجية وهو ان لايخالف الكتاب والسنة.

وأما معرفة المؤييد فيمكن معرفته بأنه لايثبت الوقوع بل يثت المشاكلة الماهوية في مورد وباب آخر، مع ان البعض في الوسط العلمي يرى ان التمسك بالمؤييدات ليس هو الاّ استحسانات، ولكن الواقع ليس كذلك فاننا لانقتصر في استدلالنا على المؤيدات بل المؤيد هو شرط لحجية الأدلة التي يقيمها المستدل على استدلاله.

فالتأيد في الحقيقة وان لم يكن بنفسه دليل الاّ انه شرط ركني في تمامية الدليل وقد بيّن هذا المطلب الشيخ الانصاري في حجية خبر الواحد وقد نقل عن جماعة من الاصوليين والفقهاء إنما يبنى على حجية الظهور اذا لم يكن هناك في البين خبر ضعيف مخالف وذلك لأن الخبر الضعيف المخالف او الظن الضعيف المخالف وان لم يكن بنفسه دليل الاّ انه معاوق للظن المعتبر.

وفي مبنى الانسداد قالوا ان الظن المخالف ولو كان ضعيفا الاّ انه مضعف للظن المعتبر، ولذا فان الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار والشيخ الصدوق في الفقيه حاولوا الجمع بين الأخبار الصحيحة والضعيفة بل هذا دأب أغلب الفقهاء، وهذه محالوة لكشف التوليف والتناسب والتناغم بين الأخبار وذلك لان التاييد دوره مهم جدا، وأقل مافي الخبر الضعيف من الفائدة انه يثبت الامكان الماهوي ولايثب الوقوع وان الخبر الضعيف يعني ليس مخالف للكتاب والسنة.

واما الخبر المعاضد: فتعريفه ان هناك جملة من الحجج حجيتها تراكمية مجموعية انتظامية، وهذا شبيه إمارة العدالة أو الوثاقة، حيث قالوا ان العدالة تثبت اذا كان الشخص يصلي جماعة ولايغتاب ولايكذب فان انظمام هذه القرائن الظنية وغيرها لبعضها البعض يوجب بيان حسن الظاهر.