36/03/20
تحمیل
الموضـوع:- مسألة ( 1
) – المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
وقبل الانتقال إلى المسالة الأولى اشير إلى أمرين:-
الأمر الأوّل:- قد يشكل ويقال إنّ السيد الماتن(قده) قال إنّ التجارة قد تصير واجبة للغير - يعني من باب المقدميّة - أو تستحب للغير والحال إنّا نعرف رأيه في علم الأصول من أنّه لا يبني على الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّماته أو بين استحباب الشيء واستحباب مقدّماته ... وهكذا وهذا مطلبٌ واضحٌ في جملة آرائه[1]، فمادام ينبني على عدم الملازمة كيف يقول الآن قد تجب التجارة بالغير يعني أنَّ التجارة لنفقة العيال واجبة لأجل أن نفقة العيال واجبة فالتجارة التي هي مقدّمة لها تصير واجبة، وهكذا التوسعة على العيال مادامت مستحبّة فالمقدّمة وهي التجارة مثلاً تصير مستحبّة، إنّ هذا خلاف مبناه ؟
والجواب:- إنّ الذي وقع محلاً للكلام هو الوجوب الشرعي وأما الوجوب العقلي بمعنى اللابدّية - أعني لابديّة التكسب كي تحصل نفقة العيال - فهذه ثابتةٌ ولا يشكّك فيها أحد، فلابدَّ من التجارة إذن ومن ترك ذلك استحق العقوبة، نعم هو قد استحقها على ترك نفقة العيال وليس على ترك التجارة، وهذا من دون فرقٍ بين أن نقول بالوجوب الشرعي أو لم نقل به فعلى كلا التقديرين يكون العقاب ليس على ترك المقدّمة بل على ترك ذيها فثبوت الوجوب الشرعي لا ثمرة فيه، هكذا نقول.
أو نقول:- إنّه قصَدَ روح الوجوب بمعنى الارادة والملاك، فالمولى يريد المقدّمة حتى تحصل نفقة العيال، فوجوب المقدّمة بمعنى ثبوت الارادة - التي هي روح الحكم فإن روح الحكم هي بالإرادة وبالمبادئ - فعلى هذا الأساس المولى يريد المقدّمة وهي التجارة.
إذن يمكن دفع هذا الاشكال بأحد هذين البيانين.
الأمر الثاني:- لو أردنا أن نكتب رسالة عمليّة جديدةً فمن المناسب أن نحذف هذه الأسطر إذ أنّ هذه العبارة مناسبة للكتب الدرسيّة العلميّة.
مسألة ( 1 ) :- تحرم ولا تصح التجارة بالخمر وباقي المسكرات والميتة والكلب غير الصيود الخنزير . ولا فرقة في الحرمة بين بيعها وشرائها وجعلها أجرة في الاجارة وعوضاً عن العمل في الجعالة ومهراً في النكاح وعوضاً في الطلاق الخلعي . وأما سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافعُ محلّلة مقصودة كبيع العذرة للتسميد والدم للتزريق وكذا تجوز هبتها والاتّجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.
..........................................................................................................
تشتمل المسالة على مطالب ثلاثة:-
المطلب الأوّل:- تحرم التجارة ولا تصحّ بأربعة أشياء من الأعيان النجسة وهي الخمر - وبحكمه سائر المسكرات - والميتة والكلب غير الصيود والخنزير.
المطلب الثاني:- إنّ حرمة التعامل بهذه الأشياء لا تختصّ بعنوان البيع والشراء بل يحرم جعلها عوضاً في الاجارة أو مهراً في الزواج أو عوضاً في الخلع وهكذا فكل التعاملات لا تصحّ ولا تجوز.
وكان من المناسب أن يعبّر بدل كلمة ( التجارة ) بشيءٍ أو سع منها لأنّ جعله عوضاً للخلع ليس تجارةً وليكن التعبير بمثل كلمة ( التعامل ) أو غير ذلك من التعابير.
المطلب الثالث:- إنّ حرمة التجارة تختصُّ في باب النجاسات بالأربعة المتقدّمة وأمّا غيرها من الاعيان النجسة كالدم أو العذرة فلا محذور في التعامل بها فيما إذا فرض أنّ لها منفعة محلّلة مقصودة عند العقلاء.
وقبل أن ندخل في هذه المطالب نشير إلى أمور جانبيّة أربعة:-
الأمر الأوّل:- كان من المناسب له(قده) إعطاء ضوابط لما يحرم التكسّب به لا أنّه يذكر هذه الأمور التي يحرم الاتّجار بها بشكلٍ مبعثرٍ ومتداخلٍ بل نعطي ضوابط لذلك كما صنع المحقّق(قده) في الشرائع وتابعة الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب حيث قال إنّ ما يحرم التكسّب به على خمسة أنواع الأوّل ما يحرم التكسّب به لكونه من الأعيان النجسة، ثم أخذ يبحث هذا الموضوع وما يرتبط به ثم ذكر النوع الثاني وهو ما يحرم لكون المقصود منه هو المحرّم ثم أخذ يتكلّم عنه، والثالث ما يحرم لكونه محرّماً في نفسه كالكذب الغيبة والنميمة .... وهكذا وأنهاها إلى خمسة أقسام، فكان من المناسب أن يفعل ذلك، وهذه قضيّة ظريفة ينبغي الالتفات إليها.
الأمر الثاني:- إنّه ذكر أشياءً محرّمةً في حدّ نفسها بقطع النظر عن التجارة بها والمهم هو تسليط الأضواء على أنّها محرّمة أمّا تسليط الأضواء على الاتّجار بها فليس مهماً، من قبيل الغيبة والنميمة والكذب فذكرها تحت عنوان الاتّجار شيءٌ ليس بفنّي، وهذه قضيّة يجدر الالتفات إليها ولابدّ من وضع منهجةٍ جديدةٍ نتفادى بها هذه السلبيّة من قبيل أن نذكر باباً بعنوان ( باب المحرمات والواجبات ) لأنّ بعض المحرمات وبعض الواجبات لا نعرف أين نضعها من قبيل أنّه يجب على ولي الطفل أن يراعي مصلحة الصبي فأين نذكر هذه المسألة ؟ إنّه توجد حيرة في أنَّ هذه المسألة في أي باب تذكر ؟ فإذا لم نصنع باباً باسم الواجبات والمحرمات يكون زج هذه المسألة في بابٍ شيءٌ صعبٌ فالفقهاء ذكروها في باب قضاء الصلاة فإنّه بالمناسبة قيل إنّ الولي يجب عليه أن يراعي مصلحة الصبي، ولا ربط لذكر هذه المسألة في قضاء الصلاة.
فإذن نحتاج إلى منجهةٍ جديدةٍ فنقترح أنّه من المناسب أن نجعل باباً أو كتاباً في كتبنا الفقهية خاصّاً بالمحرمات والواجبات ونذكر فيه فصلاً في المحرمات وفصلاً في الواجبات، ثم نذكر المحرّمات أو الواجبات التي يكون التكسب بها ونقول إنّها حرامٌ ويحرم التكسب والتجارة بها أيضاً لا أن نعطي ابتداءً عنواناً إلى التجارة ثم نذكر أموراً لا ربط لها بالتجارة ونزجّها فيها زجّاً، فزجّ الكذب والغبية وأنّه يحرم الكذب والغيبة والنميمة ليس شيئاً فنيّاً.
الأمر الثالث:- إنّ بعض المسائل - كما سوف يأتي - ذكرت هنا ولكن لا ربط لها بالتجارة من قربٍ ولا من بُعد، من قبيل ما يأتي في مسألة ( 38 ) التي مضمونها أنّه لو أعطي أنسانٌ أموالاً على أن يوزعها لجهةٍ ما كما لو قال له المعطي وزّعها على طلبة النجف فهل يجوز للقابض أن يأخذ حصّةً من هذه الأموال كالآخرين إذا كان طالباً من طلبة النجف ؟ إنّ ذكر هذه المسألة تحت عوان التجارة أو المكاسب المحرّمة ليس في محلّة إذ لا يوجد ربطٌ لها أبداً، ولعلّه توجد مسائل غيرها من هذا القبيل، فهذه الفنّيات يجدر الالتفات إليها.
الأمر الرابع:- إنّه ورد في المسألة ( يحرم ولا تصح ) التجارةبهذه الأمور الأربعة، فهل المقصود الإشارة إلى الحرمة التكليفيّة بقوله ( تحرم ) والحرمة الوضعيّة بقوله ( ولا تصح ) أو أنّ العطف بينهما تفسيريّ يعني أنّ المقصود منهما واحدٌ ؟
والذي أريد أن ألفت النظر إليه هو أنّ العبارة بادئ ذي بدءٍ يفهم منها أنّه توجد مغايرة يعني توجد حرمة تكليفيّة وبطلانٌ، ولكن سوف يأتينا أنّه يمكن أن يقال إنَّ الحرمة التكليفيّة للتكسّب بالمخمر ثابتةٌ يعني أنّ نفس التكسب بالخمر حرامٌ وتوجد عقوبة على ذلك من باب أنّه توجد رواياتٍ ومن اللعن الوارد فيها مثلاً تستفاد الحرمة ولكنّ هذا يتمّ في مثل الخمر، أمّا في مثل الميتة فلا يوجد فيها لعنٌ أو غيره، إنّ هذا هو الذي جعلنا نُبدِي احتمال أنّ العطف تفسيريٌّ، وهذا تشويشٌ لا داعي إليه، وهذه قضيّة ينبغي الالتفات إليها، وسنرى فيما بعد أنّ الحرمة التكليفيّة هل يمكن الالتزام بها في مثل هذه الأمور الأربعة أو لا، فإن أمكن ذلك فسوف تكون هنا مغايرة بينهما.
ولكن أقول معجّلاً:- الظاهر أنّ الحرمة التكليفيّة ليست ثابتة في الأربعة وإذا كانت ثابتة فهي ثابتةٌ في بعضها، وهذا سوف نتركه لموضعه المناسب.
عودٌ إلى صلب الموضوع:- قلنا إنَّ المسألة تشتمل على مطالب ثلاثة:-
المطلب الأوّل:- أنّه تحرم ولا تصحّ المعاملة بالأعيان النجسة الأربعة.
وقبل أن نتحدّث عن ذلك نشير إلى قضايا علميّة أربع:-
القضيّة الأولى:- ما هو الأصل الأوّلي في المعاملات فهل الأصل يقتضي الصحّة أو أنّه لا يوجد أصل أوّلي يثبت الصحّة في المعاملات ؟
القضيّة الثانية:- ما هو الأصل الثانوي في باب النجاسات ؟
القضيّة الثالثة:- ماذا يقصد من تحريم المعاملة تكليفاً في هذه الأعيان الأربعة ؟ فحينما نقول يحرم تكليفاً التعامل بالخمر فماذا يُقصد بذلك ؟ فهل قول ( بعت واشتريت ) هو الحرام أو أنّ الحرام هو شيءٌ آخر ؟ فماذا تعني الحرمة التكليفيّة في التكسب بهذه الأعيان الأربعة النجسة ؟
القضيّة الرابعة:- كيف تحرم هذه الأمور تكليفاً ؟ يعني إذا كان المعاملة فاسدة فكيف تصير حراماً تكليفاً فهل توجد منافاة أو لا ؟
وقبل الانتقال إلى المسالة الأولى اشير إلى أمرين:-
الأمر الأوّل:- قد يشكل ويقال إنّ السيد الماتن(قده) قال إنّ التجارة قد تصير واجبة للغير - يعني من باب المقدميّة - أو تستحب للغير والحال إنّا نعرف رأيه في علم الأصول من أنّه لا يبني على الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّماته أو بين استحباب الشيء واستحباب مقدّماته ... وهكذا وهذا مطلبٌ واضحٌ في جملة آرائه[1]، فمادام ينبني على عدم الملازمة كيف يقول الآن قد تجب التجارة بالغير يعني أنَّ التجارة لنفقة العيال واجبة لأجل أن نفقة العيال واجبة فالتجارة التي هي مقدّمة لها تصير واجبة، وهكذا التوسعة على العيال مادامت مستحبّة فالمقدّمة وهي التجارة مثلاً تصير مستحبّة، إنّ هذا خلاف مبناه ؟
والجواب:- إنّ الذي وقع محلاً للكلام هو الوجوب الشرعي وأما الوجوب العقلي بمعنى اللابدّية - أعني لابديّة التكسب كي تحصل نفقة العيال - فهذه ثابتةٌ ولا يشكّك فيها أحد، فلابدَّ من التجارة إذن ومن ترك ذلك استحق العقوبة، نعم هو قد استحقها على ترك نفقة العيال وليس على ترك التجارة، وهذا من دون فرقٍ بين أن نقول بالوجوب الشرعي أو لم نقل به فعلى كلا التقديرين يكون العقاب ليس على ترك المقدّمة بل على ترك ذيها فثبوت الوجوب الشرعي لا ثمرة فيه، هكذا نقول.
أو نقول:- إنّه قصَدَ روح الوجوب بمعنى الارادة والملاك، فالمولى يريد المقدّمة حتى تحصل نفقة العيال، فوجوب المقدّمة بمعنى ثبوت الارادة - التي هي روح الحكم فإن روح الحكم هي بالإرادة وبالمبادئ - فعلى هذا الأساس المولى يريد المقدّمة وهي التجارة.
إذن يمكن دفع هذا الاشكال بأحد هذين البيانين.
الأمر الثاني:- لو أردنا أن نكتب رسالة عمليّة جديدةً فمن المناسب أن نحذف هذه الأسطر إذ أنّ هذه العبارة مناسبة للكتب الدرسيّة العلميّة.
مسألة ( 1 ) :- تحرم ولا تصح التجارة بالخمر وباقي المسكرات والميتة والكلب غير الصيود الخنزير . ولا فرقة في الحرمة بين بيعها وشرائها وجعلها أجرة في الاجارة وعوضاً عن العمل في الجعالة ومهراً في النكاح وعوضاً في الطلاق الخلعي . وأما سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافعُ محلّلة مقصودة كبيع العذرة للتسميد والدم للتزريق وكذا تجوز هبتها والاتّجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.
..........................................................................................................
تشتمل المسالة على مطالب ثلاثة:-
المطلب الأوّل:- تحرم التجارة ولا تصحّ بأربعة أشياء من الأعيان النجسة وهي الخمر - وبحكمه سائر المسكرات - والميتة والكلب غير الصيود والخنزير.
المطلب الثاني:- إنّ حرمة التعامل بهذه الأشياء لا تختصّ بعنوان البيع والشراء بل يحرم جعلها عوضاً في الاجارة أو مهراً في الزواج أو عوضاً في الخلع وهكذا فكل التعاملات لا تصحّ ولا تجوز.
وكان من المناسب أن يعبّر بدل كلمة ( التجارة ) بشيءٍ أو سع منها لأنّ جعله عوضاً للخلع ليس تجارةً وليكن التعبير بمثل كلمة ( التعامل ) أو غير ذلك من التعابير.
المطلب الثالث:- إنّ حرمة التجارة تختصُّ في باب النجاسات بالأربعة المتقدّمة وأمّا غيرها من الاعيان النجسة كالدم أو العذرة فلا محذور في التعامل بها فيما إذا فرض أنّ لها منفعة محلّلة مقصودة عند العقلاء.
وقبل أن ندخل في هذه المطالب نشير إلى أمور جانبيّة أربعة:-
الأمر الأوّل:- كان من المناسب له(قده) إعطاء ضوابط لما يحرم التكسّب به لا أنّه يذكر هذه الأمور التي يحرم الاتّجار بها بشكلٍ مبعثرٍ ومتداخلٍ بل نعطي ضوابط لذلك كما صنع المحقّق(قده) في الشرائع وتابعة الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب حيث قال إنّ ما يحرم التكسّب به على خمسة أنواع الأوّل ما يحرم التكسّب به لكونه من الأعيان النجسة، ثم أخذ يبحث هذا الموضوع وما يرتبط به ثم ذكر النوع الثاني وهو ما يحرم لكون المقصود منه هو المحرّم ثم أخذ يتكلّم عنه، والثالث ما يحرم لكونه محرّماً في نفسه كالكذب الغيبة والنميمة .... وهكذا وأنهاها إلى خمسة أقسام، فكان من المناسب أن يفعل ذلك، وهذه قضيّة ظريفة ينبغي الالتفات إليها.
الأمر الثاني:- إنّه ذكر أشياءً محرّمةً في حدّ نفسها بقطع النظر عن التجارة بها والمهم هو تسليط الأضواء على أنّها محرّمة أمّا تسليط الأضواء على الاتّجار بها فليس مهماً، من قبيل الغيبة والنميمة والكذب فذكرها تحت عنوان الاتّجار شيءٌ ليس بفنّي، وهذه قضيّة يجدر الالتفات إليها ولابدّ من وضع منهجةٍ جديدةٍ نتفادى بها هذه السلبيّة من قبيل أن نذكر باباً بعنوان ( باب المحرمات والواجبات ) لأنّ بعض المحرمات وبعض الواجبات لا نعرف أين نضعها من قبيل أنّه يجب على ولي الطفل أن يراعي مصلحة الصبي فأين نذكر هذه المسألة ؟ إنّه توجد حيرة في أنَّ هذه المسألة في أي باب تذكر ؟ فإذا لم نصنع باباً باسم الواجبات والمحرمات يكون زج هذه المسألة في بابٍ شيءٌ صعبٌ فالفقهاء ذكروها في باب قضاء الصلاة فإنّه بالمناسبة قيل إنّ الولي يجب عليه أن يراعي مصلحة الصبي، ولا ربط لذكر هذه المسألة في قضاء الصلاة.
فإذن نحتاج إلى منجهةٍ جديدةٍ فنقترح أنّه من المناسب أن نجعل باباً أو كتاباً في كتبنا الفقهية خاصّاً بالمحرمات والواجبات ونذكر فيه فصلاً في المحرمات وفصلاً في الواجبات، ثم نذكر المحرّمات أو الواجبات التي يكون التكسب بها ونقول إنّها حرامٌ ويحرم التكسب والتجارة بها أيضاً لا أن نعطي ابتداءً عنواناً إلى التجارة ثم نذكر أموراً لا ربط لها بالتجارة ونزجّها فيها زجّاً، فزجّ الكذب والغبية وأنّه يحرم الكذب والغيبة والنميمة ليس شيئاً فنيّاً.
الأمر الثالث:- إنّ بعض المسائل - كما سوف يأتي - ذكرت هنا ولكن لا ربط لها بالتجارة من قربٍ ولا من بُعد، من قبيل ما يأتي في مسألة ( 38 ) التي مضمونها أنّه لو أعطي أنسانٌ أموالاً على أن يوزعها لجهةٍ ما كما لو قال له المعطي وزّعها على طلبة النجف فهل يجوز للقابض أن يأخذ حصّةً من هذه الأموال كالآخرين إذا كان طالباً من طلبة النجف ؟ إنّ ذكر هذه المسألة تحت عوان التجارة أو المكاسب المحرّمة ليس في محلّة إذ لا يوجد ربطٌ لها أبداً، ولعلّه توجد مسائل غيرها من هذا القبيل، فهذه الفنّيات يجدر الالتفات إليها.
الأمر الرابع:- إنّه ورد في المسألة ( يحرم ولا تصح ) التجارةبهذه الأمور الأربعة، فهل المقصود الإشارة إلى الحرمة التكليفيّة بقوله ( تحرم ) والحرمة الوضعيّة بقوله ( ولا تصح ) أو أنّ العطف بينهما تفسيريّ يعني أنّ المقصود منهما واحدٌ ؟
والذي أريد أن ألفت النظر إليه هو أنّ العبارة بادئ ذي بدءٍ يفهم منها أنّه توجد مغايرة يعني توجد حرمة تكليفيّة وبطلانٌ، ولكن سوف يأتينا أنّه يمكن أن يقال إنَّ الحرمة التكليفيّة للتكسّب بالمخمر ثابتةٌ يعني أنّ نفس التكسب بالخمر حرامٌ وتوجد عقوبة على ذلك من باب أنّه توجد رواياتٍ ومن اللعن الوارد فيها مثلاً تستفاد الحرمة ولكنّ هذا يتمّ في مثل الخمر، أمّا في مثل الميتة فلا يوجد فيها لعنٌ أو غيره، إنّ هذا هو الذي جعلنا نُبدِي احتمال أنّ العطف تفسيريٌّ، وهذا تشويشٌ لا داعي إليه، وهذه قضيّة ينبغي الالتفات إليها، وسنرى فيما بعد أنّ الحرمة التكليفيّة هل يمكن الالتزام بها في مثل هذه الأمور الأربعة أو لا، فإن أمكن ذلك فسوف تكون هنا مغايرة بينهما.
ولكن أقول معجّلاً:- الظاهر أنّ الحرمة التكليفيّة ليست ثابتة في الأربعة وإذا كانت ثابتة فهي ثابتةٌ في بعضها، وهذا سوف نتركه لموضعه المناسب.
عودٌ إلى صلب الموضوع:- قلنا إنَّ المسألة تشتمل على مطالب ثلاثة:-
المطلب الأوّل:- أنّه تحرم ولا تصحّ المعاملة بالأعيان النجسة الأربعة.
وقبل أن نتحدّث عن ذلك نشير إلى قضايا علميّة أربع:-
القضيّة الأولى:- ما هو الأصل الأوّلي في المعاملات فهل الأصل يقتضي الصحّة أو أنّه لا يوجد أصل أوّلي يثبت الصحّة في المعاملات ؟
القضيّة الثانية:- ما هو الأصل الثانوي في باب النجاسات ؟
القضيّة الثالثة:- ماذا يقصد من تحريم المعاملة تكليفاً في هذه الأعيان الأربعة ؟ فحينما نقول يحرم تكليفاً التعامل بالخمر فماذا يُقصد بذلك ؟ فهل قول ( بعت واشتريت ) هو الحرام أو أنّ الحرام هو شيءٌ آخر ؟ فماذا تعني الحرمة التكليفيّة في التكسب بهذه الأعيان الأربعة النجسة ؟
القضيّة الرابعة:- كيف تحرم هذه الأمور تكليفاً ؟ يعني إذا كان المعاملة فاسدة فكيف تصير حراماً تكليفاً فهل توجد منافاة أو لا ؟