33/07/01
تحمیل
الموضوع:- نهاية مسألة ( 330 ) ، مسألة ( 331 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وفيه:- ان المناسب هو التقريب الأول دون الثاني فان في الثاني مخالفة للظاهر إذ الظاهر - كما ذكرنا في المسألة السابقة - هو التخيير بين الأمور الثلاثة حتى في حق الحي فانه بالخيار بين أن يأتي بالركعتين بنفسه أو يأتي بذلك وليّه أو رجل من المسلمين وفاقاً لصاحب الحدائق . نعم ربما يكون خلاف القاعدة ولكن لا محذور في مخالفتها ما دام هناك ظهور للنصّ ، اللهم إلا إذا فرض وجود اجماع أو ارتكاز متشرعي أو غير ذلك على عدم التخيير والظاهر أنه ليس بموجود بل هناك استبعاد فقط لا أكثر . إذن الانسب هو التقريب الأول وهو التمسك بالإطلاق
ولكن قد يشكل عليه بإشكالين:-
الاشكال الأول:- لو كان الامام عليه السلام يريد ما يشمل الميت لصرح بذلك ولقال ( حتى إذا كان ميتاً ) باعتبار أن حالة الموت تسترعي الانتباه وتحتاج إلى اشارة بالخصوص فان من مات قد انتهى عنه التكليف فلو كان الحكم المذكور يعمّه لاحتاج ذلك إلى تأكيد وتنبيه فيقول ( حتى الميت فان حكمه ذلك ).
الاشكال الثاني:- ان الشقوق الثلاثة تتصور في حق الحي وأما الميت فلا يتصور في حقه الشق الأول - أي أنه يقضي بنفسه - فانه ميت فذكر الشقوق الثلاثة قرينة على أن المقصود في هذه الرواية هو الحي دون الميت ، وهذا ما ربما يظهر من صاحب الحدائق
[1]
.
وكلاهما يمكن دفعه:-
أما الاشكال الأول:- فهو يتلاءم مع تفسير الإطلاق بفكرة الجمع بين القيود ، أما إذا فسرناه بفكرة رفض القيود فلا حاجة إلى ذلك ، وحيث أن الصحيح هو الثاني فلا حاجة إذن إلى التنبيه المذكور.
وتوضيح ذلك باختصار:- انّا قرأنا في مبحث الإطلاق وجود احتمالين فيه ، فحينما أقول ( أكرم العلماء ) فماذا يعني الإطلاق ؟ هل يعني أني استحضر العالم العربي والعالم الهندي .... وهكذا واستحضر العالم النحوي والعالم الفقهي .... وغير ذلك بحيث ألاحظ كل هذه الصفات والانحاء المختلفة وأصدر الحكم على الجميع ؟ فهل الإطلاق هو هذا - وهذا ما يعبر عنه بالجمع بين القيود -؟ أو أن الإطلاق هو أني ألاحظ الطبيعة - أي طبيعة العالم - من دون أن ألحظ معها شيئاً من الصفات وأصبّ الحكم عليها فيسري الحكم إلى المطلق بأفراده فيصير الإطلاق مركبّاً من جزأين هما ملاحظة الطبيعة وعدم ملاحظة القيد الخاص - وهذا ما يصطلح عليه برفض القيود - ، فإذا بنينا على الأول - أي أن المتكلم يلاحظ كل الصفات بما في ذلك صفة الموت في مقامنا - فحينئذ قد يكون وجيهاً أنه لو لاحظ عنوان الميت فيلزم أن ينبّه عليها بالخصوص فانها صفة تستدعي التنبيه عليها بالخصوص ، أما إذا بنينا على الثاني فالمتكلم لم يلحظ هذه الصفة بعنوانها وبخصوصها حتى يؤكد عليها فان التأكيد عليها بالخصوص فرع الالتفات إليها بالخصوص وحيث أنه التفت إلى الطبيعي ولم يلتفت إلى هذه الصفة بخصوصها فما معنى الحاجة إلى التأكيد عليها بعنوانها.
والصحيح من هذين هو المبنى الثاني ، والوجه في ذلك:- هو أن مقصود الحاكم الذي يريد أن يحكم على المطلق هو تعميم الحكم وتسريته إلى الأفراد ومن الواضح أن هذه السراية تحصل بصبّ الحكم على الطبيعة من دون ملاحظة قيد ولا حاجة إلى أن يتعب نفسه ويلاحظ جميع الصفات فانه عبث ولغو ولا حاجة إليه بل هو خلاف الوجدان وربما يكون متعذراً.
أما أنه خلاف الوجدان:- فانا حينما نصدر الحكم المطلق لا نبقى نستحضر في ذهننا هذا العالم وذاك العالم .... وهكذا فهذا خلاف الوجدان.
وأما أنها متعذرة:- باعتبار أن الحالات المختلفة ربما تكون كثيرة ولا يمكن استحضارها بأجمعها بل هي تحتاج إلى وجود شخص لديه القدرة الفائقة بحيث يكون مطلعاً على جميع الصفات.
وبهذا يكون الإشكال الأول ليس في محله.
وأما بالنسبة إلى الاشكال الثاني فجوابه:- ان المتكلم يلزمه أن يحكم بالتخيير الثلاثي ، أما أن هذه الخيارات الثلاثة ممكنة في هذا الفرد وليست ممكنة في ذلك الفرد فهذه قضية أخرى لا تؤثر على الإطلاق فالمولى يريد أن يقول ان هناك تخييراً بين أمور ثلاثة شرعاً ومن باب الصدفة صارت هذه الشقوق الثلاثة ثابتة في حق الحي وشقان ثابتان في حق الميت وهذا لا يعني أن الإطلاق ليس له سعة وشمولية لهما ، نظير ما إذا قلت ( على كل إنسان إذا أراد الحج أن يدفع اما ألف دينار عراقي أو ألف تومان ايراني أو ألف دولار ) وافترضنا أن بعضاً عنده هذه العملات الثلاثة بينما البعض الآخر لا يوجد عنده إلا عملة واحدة فان هذا هل يعني أن الإطلاق لا يشمل الجميع ؟ كلا بل هو يشمل الجميع وتمكن هذا الشخص من الخيارات الثلاثة قضية خارجة عن الإطلاق ولا تؤثر عليه . وعلى أي حال ان الإطلاق في المقام شيء وجيه.
نعم ربما يدعى الانصراف إلى خصوص الحي ولكن هذه الدعوى قد لا يكون لها وجه فلماذا هذا الانصراف.
هذا وقد حاول السيد الخوئي(قده) أن يتمسك برواية أخرى:- وهي ما ورد في أن الإنسان إذا مات وعليه صلاة أو صيام وجب على وليّه أن يقضي عنه ، من قبيل صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام ( الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام ، قال:- يقضي عنه أولى الناس بميراثه )
[2]
بتقريب:- أن فيها اطلاقاً يعني في فقرة ( وعليه صلاة أو صيام ) فان الصلاة بإطلاقها تشمل صلاة الطواف والامام قال ( يقضي عنه أولى الناس بميراثه ) ، هكذا تمسك(قده) وقد سبقه إلى ذلك صاحب الجواهر
[3]
وغيره.
ولكن يرد عليه:- ان هذا ليس تمسكاً بالإطلاق وانما هو تمسك بعدم استفصال الامام في مقام الجواب ، وقد أشرنا إلى هذا أكثر من مرة ورتّبنا عليه ثمرة.
أما أنه ليس اطلاقاً:- فباعتبار أن الإطلاق يعني وجود مفهوم أو لفظ له مفهوم - كمفهوم ( رقبة ) فانه شامل للمؤمنة والكافرة - وذكر ذلك المفهوم في كلام الامام - لأن الحجة هو كلام الامام - فإذا قال الامام عليه السلام ( عليك عتق رقبة ) فنقول ان كلمة ( رقبة ) هنا مفهوم قابل للإطلاق فنتمسك بإطلاقه.
وتعال هنا وطبّق هذا الميزان ولاحظ هل يمكن هذا الشيء أو لا ؟ فالسائل قال ( الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام ) - ولابد أنك تتمسك بإطلاق كلمة ( صلاة أو صيام ) وهذه العبارة قد وردت في كلام السائل وليست في كلام الامام - فلو فرض أن الامام عليه السلام كان يقول ( من مات وعليه صلاة فيجب القضاء على من كان أولى بميراثه ) فنعم هذا إطلاق في كلام الامام ، أما هنا فالسائل قال ( وعليه صلاة أو صيام ) فأجاب الامام ( يقضي عنه أولى الناس بميراثه ) فنقول هذا ترك للاستفصال في مقام الجواب ، أي أن الامام لم يفصّل بين كون هذه الصلاة يومية أو صلاة آيات أو صلاة طواف فعدم الاستفصال في مقام الجواب دليل العموم . إذن موردنا مصداق لهذا وليس مصداقاً للإطلاق.
وما هي الثمرة المترتبة على هذا ؟ والثمرة في مقامنا هي أن نقول:- لعل الامام فهم من كلام السائل حينما قال ( وعليه صلاة أو صيام ) أن المقصود هي الصلاة اليومية وليست صلاة الطواف إذ الصلاة المتعارفة فأجاب بأن على الولي القضاء ، فلا يمكن أن نفهم العموم من عدم الاستفصال.
إذن في مقامنا لا يمكن أن نثبت من خلال هذه الرواية تعميم الحكم في حق الميت وإنما المناسب التمسك بالرواية السابقة - أعني صحيحة عمر بن يزيد -.
نعم يبقى شيء:- وهو أن الإطلاق الذي ذكرناه في صحيحة عمر بن يزيد إذا سلم من دعوى الانصراف فالفقيه يفتي على طبقه ويقول ( يجب على الولي القضاء ) ، أما إذا كانت شبهة الانصراف موجودة - وبتعبير آخر ان الإطلاق لم يكن مستقراً في النفس - فيصير حينئذ إلى الاحتياط الوجوبي.
مسألة( 331 ):- إذا كان في قراءة المصلي لحن فان لم يكن متمكناً من تصحيحها فلا اشكال باجتزائه بما يتمكن منه من صلاة الطواف وغيرها . وأما إذا تمكن من التصحيح لزمه ذلك فان أهمل حتى ضاق الوقت عن تصحيحها فالأحوط أن يأتي بصلاة الطواف بحسب امكانه وأن يصليها جماعة ويستنيب لها أيضاً.
.........................................................................................................
[1] الحدائق 8 148.
[2] الوسائل 10 330 23 من أحكام شهر رمضان ح5.
[3] الجواهر 19 306 .