33/05/02
تحمیل
الموضوع :- مسألة ( 317 ) ، الشك بين الأقل من الستة والسبعة / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وفيه:- ان هذا مطلق يقبل التقييد فنقيده بطواف النافلة ، حيث دلت بعض الروايات على التفصيل بين طواف الفريضة والنافلة ففي الفريضة يعيد وفي النافلة يبني على الأقل كصحيحة حنَّان المتقدمة ، وعليه فلا تعود مشكلة من هذه الناحية بعد امكان الجمع بالتقييد كسائر موارد المطلق والمقيد.
وقد يستدل اضافةً الى هذه الأدلة الثلاثة بدليل رابع أشار اليه صاحب المدارك(قده):- وهو التمسك بالأصل ، ولم يبين مقصوده من ذلك ، ولعله يقصد استصحاب عدم الزيادة - أي عدم الاتيان بالشوط المشكوك وهو السابع - أو استصحاب عدم وجوب الاعادة ، ولعل ارادة الثاني أولى فانه (قده) يبني على الصحة وعدم وجوب الاعادة والذي يتناسب مع ذلك هو الأصل الثاني دون الأول فان الأول يثبت عدم الزيادة أما أنه لا تجب الاعادة فذلك بالملازمة غير الشرعية.
وعلى أي حال لا يهمنا تحديد مقصوده بالدقة وأنه يقصد الأصل ببيانه الأول أو ببيانه الثاني فانا نجيبه ونقول له:- انه بعد وجود الروايات الدالة على أنه يستقبل ويستأنف لا تصل النوبة الى الأصل المذكور ، فما استدل به للرأي الثاني قابل للمناقشة.
ولكن لو تنزلنا وسلمنا أنه تام أي ما أستدل به للصحة وعدم وجوب الاعادة - فمن المناسب آنذاك حمل الروايات التي استند اليها المشهور التي ظاهرها وجوب الاعادة على الاستحباب بقرينة روايات الرأي الثاني التي تقول ( اذا فاته فلا شيء عليه ) أو ( الاعادة أحب اليَّ وأفضل ).
بيد أن صاحب الحدائق(قده) أنكر هذا الجمع وقال:- ان المورد مورد المعارضة المستقرة لا مورد الجمع العرفي بالحمل على الاستحباب ، ولماذا ؟ قال:- لأننا لا نؤمن بهذه القاعدة وهي ( أنه متى ما اجتمع دليلان ظاهر أحدهما الوجوب بينما الثاني هو أظهر أو صريح في الاستحباب فلا نسلم أنه نجمع بينهما بحمل الأول على الاستحباب بقرينة الثاني ) فإنها قاعدة لم يدل عليها دليل في الكتاب والسنة حيث قالما نصه:- ( قدَّمنا في غير موضعٍ من أنه وان اشتهر هذا الجمع بين الأصحاب الا أنه لا دليل عليه من سنَّة ولا كتاب )
[1]
.
وجوابه واضح حيث نقول:- ان المتكلم عرفيٌّ - أعني الامام الصادق عليه السلام مثلاً - اذ هو حينما يتكلم فهو يتكلم بما هو انسان عرفي ، والمخاطب عرفيٌّ ، والكلام عرفيٌّ أيضاً ، فلابد وأن يكون مقصود المتكلم ما يفهمه وما يراه العرف ، وهو ما دام يرى بالحمل على الاستحباب فيثبت أن هذا هو مقصود المتكلم ككل موردٍ يشتمل على قرينة فان القرينة تُقدَّم على ذي القرينة عرفاً ويُفسَّر الكلام الأول على أساس الكلام الثاني المشتمل على القرينة.
وعلى أي حال بعدما فرضنا عرفيَّة هذا الجمع وعرفيَّة المتكلم والخطاب فلا نعود بحاجةٍ الى دليلٍ من كتابٍ أو سنَّة.
هذا كله بالنسبة الى هذه الصورة الأولى من الصور الثلاث - أعني احتمال الزيادة بنحو الشك بين الستة والسبعة - واتضح أن المناسب هو رأي الشهور وهو الاعادة.
الشك بين الأقل من الستة والسبعة:-
أما اذا كان الشك في الأقل من الستة والسبعة - كأن شك بين الخمسة والستة مثلاً - فالمناسب هو البطلان أيضاً وذلك لصحيحة حنَّان المتقدمة فان موردها هو الأقل من الستة والسبعة حيث جاء فيها ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- ما تقول في رجل طاف فأوهم ، قال:- طفت أربعة أو طفت ثلاثة ، فقال أبو عبد الله عليه السلام:- ان كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف وان كان طواف نافلة ..... فليبن على الأقل ) فان موردها وان كان هو الشك بين الثلاثة والأربعة ولكن لا نحتمل الخصوصية من هذه الناحية فتعمُّ غير ذلك أيضاً كالشك بين الخمسة والستَّة.
هذا مضافاً الى امكان التمسك بالعموم المتقدم الذي أشرنا اليه حيث قلنا:- يمكن أن يستفاد من الروايات عمومٌ وهو ( ان كل شكٍ في الطواف مبطلٌ له ) فاذا تمَّ هذا العموم فحينئذ يثبت البطلان في هذه الصورة لأجله اذ لا يوجد مخصّص له يحكم بالصحة في هذه الصورة.
اذن المستند للبطلان هو صحيحة حنَّان ، وبقطع النظر عنها يكفينا العموم المذكور ان تمَّ.
هذا وقد حاول السيد الخوئي(قده) ان يستدل بدليل آخر على البطلان:- وهو التمسك بروايات الستة والسبعة ، فقد تقدَّم عندنا ثلاث روايات دلت أن من شك بين الستة والسبعة يستقبل - أي يعيد طوافه - وحينئذ نقول:- لو كان المكلف شاكاً بين الخمسة والستة مثلاً فاذا أضاف شوطاً جديداً فسوف يتحول شكّه الى الشك بين الستة والسبعة وبالتالي يكون مشمولاً لإطلاق الروايات التي تقول ( من شك بين الستة والسبعة يستقبل ) ، واذا فرض أن شكَّه كان بين الأربعة والخمسة فحينما يضيف شوطين يتحول شكّه الى الستة والسبعة وبالتالي يصير باطلاً لإطلاق روايات من شك بين الستة والسبعة فعليه الاستئناف.
اذن يمكن أن نثبت بطلان الطواف في جميع مصاديق الشك في الأقل من الستة والسبعة من خلال روايات الشك بين الستة والسبعة بعد اضافة شوط أو شوطين أو أكثر لأنه سوف يتحول الشك بشكل قهري الى الشك بين الستة والسبعة فيبطل.
وفيه:-
أولاً:- يمكن دعوى الانصراف عن هذه الحالة ، فان الرواية التي تقول ( من شك بين الستة والسبعة يعيد ) منصرفة عن هذه الحالة - أي حالة الشاك بين الأقل ثم بالإضافة يتحول الى الشك بين الستة والسبعة - والاطلاق لا يشملها ، أي أنها ناظرة الى حالة ما اذا كان الشك بين الستة والسبعة شكاً ابتدائياً لا أنه يتحول الى ذلك بالإضافة ، فالتمسك بالإطلاق لا معنى له.
نعم هناك طريق آخر يمكن التمسك به وهو الغاء الخصوصية ، بمعنى أنه بعد اضافة الشوط سوف يصير الشك شكاً بين الستة والسبعة كما قال(قده) ولكن لا نتمسك بالإطلاق بل نتمسك بعدم احتمال الخصوصية لعنوان الشك بين الستة والسبعة بحيث يكون ابتداءً بين الشك بين الستة والسبعة فانا لا نفهم الخصوصية لذلك ، ان هذا قد يكون مقبولاً ولكنه طريق آخر غير التمسك بالإطلاق .
وقد قلت مرةً الآن أقول:- ان السيد الخوئي(قده) رحب الصدر من حيث التمسك بالإطلاق - أي أنه يتمسك به بعرضه العريض كما ترى في هذا المورد - وهذا يعطينا أنه يتعامل مع الفاظ النص معاملة حسابية أكبر من كونها عرفية ، فيقول هنا مثلاً:- ان روايات الستة والسبعة قالت ( من شك بين الستة والسبعة ... ) وهي مطلقة ويصدق الشك بين الستة والسبعة لو أضيف شوط .
وهذا تعامل مع اللفظ معاملةً أشبه بالهندسية والحال أن المناسب ليس ذلك ، بل نحن لا نقبل التمسك بالإطلاق بهذه السعة واللامحدودية بل تمسكنا به في دائرة أضيق وقلنا فيما سبق أنا نضيف مقدمةً جيدة الى مقدمات الحكمة - ولا ندري هل أنها جديدة أو لعلها مقصودة للمشهور أيضاً - لو ادخلت في الحساب فسوف تسقط عندنا الكثير من الاطلاقات وهي:- أن المتكلم لو برز أمامنا وقال ان مقصودي من هذا الاطلاق هو خصوص حالة الشك بين الستة والسبعة ابتداءً لا ما اذا حصل بإضافة شوط ، فاذا عيب عليه وقيل له لِمَ لم تقيّد بذلك - أي بكون الشك ابتدائياً بين الستة والسبعة - فهنا يصح التمسك بالإطلاق ، أما اذا لم يُعَب عليه ذلك كما في هذا المورد فانه لا يعاب على المتكلم اذا قال:- ان مقصودي هو حالة الشك الابتدائي فلا نتمسك بالإطلاق.
اذن الاطلاق على ما نذهب اليه هو في دائرة أضيق وليس بالشكل الوسيع كما ذهب اليه(قده).
وثانياً:- ان مقامنا ليس من باب الاطلاق.
[1] الحدائق 16 236.