22-05-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/05/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة ( 419 ) / الواجب
العاشر والحادي عشر من واجبات الحج ( طواف النساء وصلاته ) / حج التمتع / مناسك الحجّ للسيد الخوئي(قد).
وأما الوجهان اللذان قد يستدل بهما على عدم الحرمة:-
فالأوّل:- التمسّك بالسيرة، يعنى أن السيرة قد جرت على فعل مقدمات الحرام من دون احتمال أنها ناتجة عن تهاون، بل هي سيرة متشرعيّة مقبولة، والأمثلة لذلك كثيرة، فالخباز مثلاً يبيع الخبز على الناس وهو يعلم أن بعضهم يستفيد منه لأكله في نهار شهر رمضان - يعني يستعمله للإفطار به وارتكاب المحرّم -، إن هذا متحقّقٌ جزماً ولا يحتمل أحد أن ما يصنعه الخبّاز محرّم ؟!، وهكذا صاحب السيّارة فإنه يرُكِبُ فيها أشخاصاً وهو يعلم أن بعضهم حتماً سوف يركب لأجل أن يحقّق هدفاً محرّماً في سفره، وهل يحتمل أن ذلك محرّم وليس بجائز ؟!، وهكذا صاحب البريد فإنه يحمل الرسائل وهو يعلم أن بعضها تشتمل على كذب أو ما شاكل ذلك من المحرّمات وهل يحتمل أحد أن صنعة صاحب البريد محرمة ؟!، والعنب يبيعه صاحبه من أشخاص يعلم أن بعضهم سوف يجعله عصيراً ويغليه ويشربه قبل ذهاب الثلثين وهل يحتمل أحدٌ أنّ ذلك شيءٌ محرم ؟!، وهكذا الزوجة تمكن زوجها من نفسها وهي تعلم أنه قد يبقى على الجنابة ولا يغتسل ولا يصلي فهل يحتمل أن ذلك التمكين محرم ؟!، وهكذا المجالس والمحافل تعقد ويعلم أن بعض القادمين إليها سوف يغتابون أو يكذبون أو يهينون أحداً فهل يحتمل أن عقد تلك المجالس شيءٌ محرّم ؟!، .... والأمثلة على هذا المنوال كثيرة . إذن هناك سيرة لا يمكن أن نقول هي مرفوضة بل هي مقبولة، وليست هي سيرة جديدة في زمننا بل هي موجودة حتى في زمن المعصوم عليه السلام ومن قِبَلِ المتشرّعة . إذن هذه سيرةٌ ثابتةٌ حتى في عصر الأئمة عليهم السلام وهي سيرة للمتشرّعة وليست ناشئة عن تهاون وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على أن الاعانة على مقدّمة الحرام ليست محرّمة . هكذا جاء في بعض كلمات صاحب الجواهر(قده)[1]، وهكذا ذكر السيد الخوئي(قده) في المحاضرات[2] وفي كتاب النكاح من شرح العروة[3].
وفيه:- إنه هل المقصود بذلك أن صاحب السيّارة يُركِبُ أشخاصاً يعلم الآن أن بعضهم سوف يذهب لارتكاب المحرّم - يعني في هذا الاركاب وفي هذه الساعة - أو المقصود أنه على طول الزمان يعلم إمّا اليوم أو في الغد أو بعده ؟ فحتما هو في إحدى هذه المرّات التي يحمل فيها المسافرين يكون بعضهم قد سافر لأجل غاية محرّمة . وهكذا الحال بالنسبة إلى الخبّاز هل المقصود أنه يعلم الآن حينما يبيع الخبز أن هذا المشتري سوف يصنع به المحرّم أو المقصود أنه على طول الزمان ؟ وهكذا بالنسبة إلى الأمثلة الأخرى . فإن كان المقصود هو الأوّل فلا نسلّم مثل هذه السيرة، فمن أين لك أن السائق يعلم أنه في جملة المسافرين الذين يحملهم الآن يوجد فيهم من يسافر لارتكاب الحرام حتماً ؟! إن مثل هذه السيرة لا يمكن الجزم بتحقّقها، فلابد وأن يكون المقصود هو الثاني - يعني على طول الزمان - وإذا كان هذا هو المقصود فهو وجيهٌ، ولكن يرد عليه أنّ هذا لعله من جهة أن العلم الاجمالي في التدريجيات ليس حجّةً، فلنجعل هذه السيرة كاشفة عن أن العلم الاجمالي في باب الأمور التدريجية ليس حجّة . إذن هذه السيرة لا يمكن التمسّك بها بعد وجود هذا الاحتمال، فهي كما تلتئم مع الاحتمال الذي أشار إليه هؤلاء الأعلام وأن الاعانة على الحرام ليس بحرام تلتئم أيضاً مع هذا الاحتمال الذي نشير إليه وهو أن العلم الاجمالي في باب التدريجيات ليس حجّة، فمن باب عدم حجيته إذن لا مانع من الاركاب فإن هذا ليس إعانة على الحرام إذ المفروض أن العلم الإجمالي ليس حجّة في باب التدريجيات.
هذا مضافاً إلى أن هذه السيرة تصلح أن تكون رداً لو كنّا نقول إن الاعانة على مقدّمة الحرام حرامٌ مهما كانت تلك المقدّمة ولو كانت بعيدة، أمّا إذا أردنا أن نخصّص ذلك بالمقدّمات القريبة فلا يتمّ الاستشهاد بهذه السيرة فإن جميع الأمثلة التي ذكرت في هذا الوجه نرى أن المقدّمة فيها ليست قريبة، فإذن لا تصلح هذه الأمثلة كشاهدٍ على جواز الاعانة على الحرام بما في ذلك لو كانت المقدّمة قريبة، بل غاية ما تنفع هو أن المقدّمة لو كانت بعيدة فتوجد السيرة المذكورة، أمّا لو كانت قربية فلا تدلّ على ذلك. إذن اتضح من خلال هذا أن التمسّك بهذا الوجه مرفوضٌ لأجل هاتين المناقشتين.
الوجه الثاني:- ما ذكره السيد الخوئي(قده) في المحاضرات[4] ببعض الروايات التي منها صحيحة رفاعة:- ( سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن بيع العصير ممن يخمّره، قال:- حلالٌ، ألسنا نبيع تمرنا ممّن يجعله شراباً خبيثاً )[5]، وعلى منوالها روايات أخرى في نفس الباب، ولكن أحسن الروايات حالاً هي هذه الرواية، فإنها دلّت على أن بيع العصير ممّن يخمّره حلالٌ، فحكم الإمام عليه السلام بأنه حلال وفي نفس الوقت استشهد وذكر قوله ( ألسنا نبيع تمرنا ) يدلّ على كونه حلالاً . إذن يوجد موردان في هذه الرواية للاستشهاد الأوّل هو حكم الإمام عليه السلام بأنه حلال حينما سأله السائل، والثاني هو ( ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شراباً خبيثاً )، فهذه الفقرة أيضاً تدلّ على عدم حرمة الاعانة على الحرام.
وقد يستشكل:- بأن قول الامام عليه السلام:- ( ألسنا نبيع ترمنا ممن يجعله شراباً خبيثاً ) لا يصلح التمسّك به لأنه بيانٌ لقضيّة في واقعة، يعني أن الإمام عليه السلام يريد أن يقول نحن نفعل ذلك، ولكن لعلّ هناك ظروف خاصّة تستدعي أن يبيعه الإمام عليه السلام فلا يمكن أن يستشهد بذلك على الجواز المطلق، إن هذه قضيّة في واقعة . نعم لو كان الإمام يقول ( بع ممّن يصنعه شراباً خبيثاً ) فهذا يصحّ التمسّك به لأنه إعطاءٌ لقاعدةٍ كليّةٍ، أمّا أن يقول ( نحن نبيع ) فلعله كان هناك ظرف خاصّ طارئٌ، أمّا ملابسات ذلك الظرف ما هي ؟ نحن لا نعفرها . إذن لا يمكن أن نستنتج أن الاعانة على الحرام وفعل المقدّمة جائزٌ بشكلٍ مطلق وإنما هو جائز في ظروفٍ، أما مّا هي تلك الظروف ؟ إنها تبقى مجهولة لديناولعلها ظروف اضطرار أو غيره، فلا يمكن أن نستفيد من هذه الرواية.
ولكن يمكن دفعه:- بأن هذا لو كان قد جاء وحده في الرواية فله شيءٌ من الوجاهة، أمّا بعد أن جاء كشاهدٍ على الحكم الذي سأله السائل فإن السائل سأل هل يجوز أن أبيع أو لا ؟ فقال له الإمام:- هو حلالٌ، ثم استشهد بفعله عليه السلام، فإذن نفهم من هذا أنه يجوز مطلقاً وإلّا لاستفصل الإمام، فعدم استفصاله يكون شاهداً على الجواز المطلق من دون اشتراط ظروفٍ معيّنةٍ، وبالتالي يكون الشاهد شاهداً إما بالفقرة الأولى فقط أو حتى بالفقرة الثانية ولكن بعد ضمّها إلى الفقرة الأولى . وعلى أيّ حال دلالة الرواية لا إشكال فيها من هذه الناحية.
وإنما الإشكال من ناحيتين:-
الأولى:- لم يفترض في هذه الرواية أن الذي يصنعه خمراً يشربه أيضاً، إنه قد فرض في هذه الرواية أنه يبيع العنب ممّن يصنعه خمراً لا ممّن يشربه ولعلّ الصنع جائزٌ وإنما المحرّم هو خصوص الشرب . وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نفهم من هذه الرواية أن الاعانة على الحرامِ حرامٌ إذ كما تلتئم هذه الرواية مع هذه الفقرة - يعني أن الاعانة على الحرام ليست بحرام - تلتئم كذلك مع افتراض أن صنع الخمر ليس حرماً، فإذن لا تصلح أن تكون شاهداً للمطلوب.
والثانية:- إن نفس هذا المضمون الذي دلّت عليه هذه الرواية شيءٌ يصعب تقبّله، بل لا يمكن قبوله، فهل تحتمل في حقّ الإمام عليه السلام أنه يبيع العنب أو التمر ممّن يصنعه خمراً ؟! إنه وإن كان شيئاً جائزاً ولكن مثله لا يحتمل في حقّ الإمام، أنّه لا يُقدِمُ عليه، فالإنسان العادي منّا لا يليق به أن يُقدِم على مثل هذه الأمور، فالأنسب واللائق بالإمام أن يحول دون تحقّق الخمر في عالم الوجود فكيف يبيعه ممّن يصنعه خمراً ؟!! . إذن أصل مضمون الرواية لا يمكن قبوله لعدم تلائمه مع ما نعتقده في حقّ الإمام عليه السلام، خصوصاً إذا التفتانا إلى أنّ هناك بعض الروايات التي تلعن الخمر وغارسها وعاصرها[6] . ومن هنا قال الفقهاء إنّ كلّ ما يرتبط بالخمر هو لا يجوز استفادةً من هذه الرواية.
إذن اتضح من خلال هذا أن كلا هذين الوجهين اللذين يستدلّ بهما على عدم حرمة الاعانة يشكل التمسّك بهما، فما ذكرناه سابقاً - من أن المقدّمة إذا كانت قريبة فيحرم الاعانة تمسكاً بآية النهي عن التعاون على الاثم والعدوان
- يبقى بلا معارض.
الفرع الثالث:- من لم يطف طواف النساء وحصل على أولادٍ ما حكم أولاده ؟
الفرع الرابع:- النائب عن الميت يأتي بطواف النساء عمن ؟ فهل يأتي به عن الميت أو يأتي به عن نفسه ؟
وأما الوجهان اللذان قد يستدل بهما على عدم الحرمة:-
فالأوّل:- التمسّك بالسيرة، يعنى أن السيرة قد جرت على فعل مقدمات الحرام من دون احتمال أنها ناتجة عن تهاون، بل هي سيرة متشرعيّة مقبولة، والأمثلة لذلك كثيرة، فالخباز مثلاً يبيع الخبز على الناس وهو يعلم أن بعضهم يستفيد منه لأكله في نهار شهر رمضان - يعني يستعمله للإفطار به وارتكاب المحرّم -، إن هذا متحقّقٌ جزماً ولا يحتمل أحد أن ما يصنعه الخبّاز محرّم ؟!، وهكذا صاحب السيّارة فإنه يرُكِبُ فيها أشخاصاً وهو يعلم أن بعضهم حتماً سوف يركب لأجل أن يحقّق هدفاً محرّماً في سفره، وهل يحتمل أن ذلك محرّم وليس بجائز ؟!، وهكذا صاحب البريد فإنه يحمل الرسائل وهو يعلم أن بعضها تشتمل على كذب أو ما شاكل ذلك من المحرّمات وهل يحتمل أحد أن صنعة صاحب البريد محرمة ؟!، والعنب يبيعه صاحبه من أشخاص يعلم أن بعضهم سوف يجعله عصيراً ويغليه ويشربه قبل ذهاب الثلثين وهل يحتمل أحدٌ أنّ ذلك شيءٌ محرم ؟!، وهكذا الزوجة تمكن زوجها من نفسها وهي تعلم أنه قد يبقى على الجنابة ولا يغتسل ولا يصلي فهل يحتمل أن ذلك التمكين محرم ؟!، وهكذا المجالس والمحافل تعقد ويعلم أن بعض القادمين إليها سوف يغتابون أو يكذبون أو يهينون أحداً فهل يحتمل أن عقد تلك المجالس شيءٌ محرّم ؟!، .... والأمثلة على هذا المنوال كثيرة . إذن هناك سيرة لا يمكن أن نقول هي مرفوضة بل هي مقبولة، وليست هي سيرة جديدة في زمننا بل هي موجودة حتى في زمن المعصوم عليه السلام ومن قِبَلِ المتشرّعة . إذن هذه سيرةٌ ثابتةٌ حتى في عصر الأئمة عليهم السلام وهي سيرة للمتشرّعة وليست ناشئة عن تهاون وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على أن الاعانة على مقدّمة الحرام ليست محرّمة . هكذا جاء في بعض كلمات صاحب الجواهر(قده)[1]، وهكذا ذكر السيد الخوئي(قده) في المحاضرات[2] وفي كتاب النكاح من شرح العروة[3].
وفيه:- إنه هل المقصود بذلك أن صاحب السيّارة يُركِبُ أشخاصاً يعلم الآن أن بعضهم سوف يذهب لارتكاب المحرّم - يعني في هذا الاركاب وفي هذه الساعة - أو المقصود أنه على طول الزمان يعلم إمّا اليوم أو في الغد أو بعده ؟ فحتما هو في إحدى هذه المرّات التي يحمل فيها المسافرين يكون بعضهم قد سافر لأجل غاية محرّمة . وهكذا الحال بالنسبة إلى الخبّاز هل المقصود أنه يعلم الآن حينما يبيع الخبز أن هذا المشتري سوف يصنع به المحرّم أو المقصود أنه على طول الزمان ؟ وهكذا بالنسبة إلى الأمثلة الأخرى . فإن كان المقصود هو الأوّل فلا نسلّم مثل هذه السيرة، فمن أين لك أن السائق يعلم أنه في جملة المسافرين الذين يحملهم الآن يوجد فيهم من يسافر لارتكاب الحرام حتماً ؟! إن مثل هذه السيرة لا يمكن الجزم بتحقّقها، فلابد وأن يكون المقصود هو الثاني - يعني على طول الزمان - وإذا كان هذا هو المقصود فهو وجيهٌ، ولكن يرد عليه أنّ هذا لعله من جهة أن العلم الاجمالي في التدريجيات ليس حجّةً، فلنجعل هذه السيرة كاشفة عن أن العلم الاجمالي في باب الأمور التدريجية ليس حجّة . إذن هذه السيرة لا يمكن التمسّك بها بعد وجود هذا الاحتمال، فهي كما تلتئم مع الاحتمال الذي أشار إليه هؤلاء الأعلام وأن الاعانة على الحرام ليس بحرام تلتئم أيضاً مع هذا الاحتمال الذي نشير إليه وهو أن العلم الاجمالي في باب التدريجيات ليس حجّة، فمن باب عدم حجيته إذن لا مانع من الاركاب فإن هذا ليس إعانة على الحرام إذ المفروض أن العلم الإجمالي ليس حجّة في باب التدريجيات.
هذا مضافاً إلى أن هذه السيرة تصلح أن تكون رداً لو كنّا نقول إن الاعانة على مقدّمة الحرام حرامٌ مهما كانت تلك المقدّمة ولو كانت بعيدة، أمّا إذا أردنا أن نخصّص ذلك بالمقدّمات القريبة فلا يتمّ الاستشهاد بهذه السيرة فإن جميع الأمثلة التي ذكرت في هذا الوجه نرى أن المقدّمة فيها ليست قريبة، فإذن لا تصلح هذه الأمثلة كشاهدٍ على جواز الاعانة على الحرام بما في ذلك لو كانت المقدّمة قريبة، بل غاية ما تنفع هو أن المقدّمة لو كانت بعيدة فتوجد السيرة المذكورة، أمّا لو كانت قربية فلا تدلّ على ذلك. إذن اتضح من خلال هذا أن التمسّك بهذا الوجه مرفوضٌ لأجل هاتين المناقشتين.
الوجه الثاني:- ما ذكره السيد الخوئي(قده) في المحاضرات[4] ببعض الروايات التي منها صحيحة رفاعة:- ( سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن بيع العصير ممن يخمّره، قال:- حلالٌ، ألسنا نبيع تمرنا ممّن يجعله شراباً خبيثاً )[5]، وعلى منوالها روايات أخرى في نفس الباب، ولكن أحسن الروايات حالاً هي هذه الرواية، فإنها دلّت على أن بيع العصير ممّن يخمّره حلالٌ، فحكم الإمام عليه السلام بأنه حلال وفي نفس الوقت استشهد وذكر قوله ( ألسنا نبيع تمرنا ) يدلّ على كونه حلالاً . إذن يوجد موردان في هذه الرواية للاستشهاد الأوّل هو حكم الإمام عليه السلام بأنه حلال حينما سأله السائل، والثاني هو ( ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شراباً خبيثاً )، فهذه الفقرة أيضاً تدلّ على عدم حرمة الاعانة على الحرام.
وقد يستشكل:- بأن قول الامام عليه السلام:- ( ألسنا نبيع ترمنا ممن يجعله شراباً خبيثاً ) لا يصلح التمسّك به لأنه بيانٌ لقضيّة في واقعة، يعني أن الإمام عليه السلام يريد أن يقول نحن نفعل ذلك، ولكن لعلّ هناك ظروف خاصّة تستدعي أن يبيعه الإمام عليه السلام فلا يمكن أن يستشهد بذلك على الجواز المطلق، إن هذه قضيّة في واقعة . نعم لو كان الإمام يقول ( بع ممّن يصنعه شراباً خبيثاً ) فهذا يصحّ التمسّك به لأنه إعطاءٌ لقاعدةٍ كليّةٍ، أمّا أن يقول ( نحن نبيع ) فلعله كان هناك ظرف خاصّ طارئٌ، أمّا ملابسات ذلك الظرف ما هي ؟ نحن لا نعفرها . إذن لا يمكن أن نستنتج أن الاعانة على الحرام وفعل المقدّمة جائزٌ بشكلٍ مطلق وإنما هو جائز في ظروفٍ، أما مّا هي تلك الظروف ؟ إنها تبقى مجهولة لديناولعلها ظروف اضطرار أو غيره، فلا يمكن أن نستفيد من هذه الرواية.
ولكن يمكن دفعه:- بأن هذا لو كان قد جاء وحده في الرواية فله شيءٌ من الوجاهة، أمّا بعد أن جاء كشاهدٍ على الحكم الذي سأله السائل فإن السائل سأل هل يجوز أن أبيع أو لا ؟ فقال له الإمام:- هو حلالٌ، ثم استشهد بفعله عليه السلام، فإذن نفهم من هذا أنه يجوز مطلقاً وإلّا لاستفصل الإمام، فعدم استفصاله يكون شاهداً على الجواز المطلق من دون اشتراط ظروفٍ معيّنةٍ، وبالتالي يكون الشاهد شاهداً إما بالفقرة الأولى فقط أو حتى بالفقرة الثانية ولكن بعد ضمّها إلى الفقرة الأولى . وعلى أيّ حال دلالة الرواية لا إشكال فيها من هذه الناحية.
وإنما الإشكال من ناحيتين:-
الأولى:- لم يفترض في هذه الرواية أن الذي يصنعه خمراً يشربه أيضاً، إنه قد فرض في هذه الرواية أنه يبيع العنب ممّن يصنعه خمراً لا ممّن يشربه ولعلّ الصنع جائزٌ وإنما المحرّم هو خصوص الشرب . وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نفهم من هذه الرواية أن الاعانة على الحرامِ حرامٌ إذ كما تلتئم هذه الرواية مع هذه الفقرة - يعني أن الاعانة على الحرام ليست بحرام - تلتئم كذلك مع افتراض أن صنع الخمر ليس حرماً، فإذن لا تصلح أن تكون شاهداً للمطلوب.
والثانية:- إن نفس هذا المضمون الذي دلّت عليه هذه الرواية شيءٌ يصعب تقبّله، بل لا يمكن قبوله، فهل تحتمل في حقّ الإمام عليه السلام أنه يبيع العنب أو التمر ممّن يصنعه خمراً ؟! إنه وإن كان شيئاً جائزاً ولكن مثله لا يحتمل في حقّ الإمام، أنّه لا يُقدِمُ عليه، فالإنسان العادي منّا لا يليق به أن يُقدِم على مثل هذه الأمور، فالأنسب واللائق بالإمام أن يحول دون تحقّق الخمر في عالم الوجود فكيف يبيعه ممّن يصنعه خمراً ؟!! . إذن أصل مضمون الرواية لا يمكن قبوله لعدم تلائمه مع ما نعتقده في حقّ الإمام عليه السلام، خصوصاً إذا التفتانا إلى أنّ هناك بعض الروايات التي تلعن الخمر وغارسها وعاصرها[6] . ومن هنا قال الفقهاء إنّ كلّ ما يرتبط بالخمر هو لا يجوز استفادةً من هذه الرواية.
إذن اتضح من خلال هذا أن كلا هذين الوجهين اللذين يستدلّ بهما على عدم حرمة الاعانة يشكل التمسّك بهما، فما ذكرناه سابقاً - من أن المقدّمة إذا كانت قريبة فيحرم الاعانة تمسكاً بآية النهي عن التعاون على الاثم والعدوان
- يبقى بلا معارض.
الفرع الثالث:- من لم يطف طواف النساء وحصل على أولادٍ ما حكم أولاده ؟
الفرع الرابع:- النائب عن الميت يأتي بطواف النساء عمن ؟ فهل يأتي به عن الميت أو يأتي به عن نفسه ؟