1440/11/04
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
40/11/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- مسألة ( 68 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.
ثانياً:- إنَّ ما ذكره مبني على جواز التمسك بأصالة عدم التخصيص لإثبات التخصّص عند الدوران بينهما والمناسب عدم جواز ذلك ، وكيف أنَّ المورد من هذا القبيل ؟ لأنه في مقامنا نحن نعلم بأنَّ مقدار حصة هذه الصبية هو خارج عن عموم ( الناس مسلطون على أموالهم ) جزماً بمقتضى الرواية ولكن لا ندري هل هو خروج بنحو التخصيص أو بنحو التخصّص ، لأنه إذا كان المال هو مال الورثة فخروج مقدار هذه الحصة من عموم ( الناس مسلطون على أموالهم ) يكون خروجاً تخصيصياً يعني قلنا الاجازة ناقلة فحينئذٍ يلزم من ذلك إذا قلنا هو مال الورثة يلزم تخصيص عموم الناس مسلطون على أموالهم ، أما إذا قلنا هو ليس مال الورثة وإنما هو مالها وهذا مبني على أنَّ الاجازة كاشفة فإذا كانت كاشفة فمن البداية هو ملكها فيكون المورد خارجاً عن عموم ( الناس مسلطون على أموالهم ) بالتخصّص ، فجزماً مقدار حصة الصبية خارج من العموم إما للتخصيص أو للتخصّص ، فإن كان هو مال الورثة يعني بنينا على أنَّ الاجازة ناقلة فيلزم التخصيص ، أما إذا بنينا على أنها كاشفة فليس هو مال الورثة وإنما هو مال الصبية فلا يلزم التخصيص بل يكون خروج هذا المقدار خروجاً تخصّصياً.
إذاً المورد - أي مقدار الإرث ومهرها المحجوز للصبية - جزماً هو خارج عن هذا العموم ولكن لا ندري هل هو خارج بالتخصيص أو بالتخصص ، والشيخ الأعظم(قده) يريد أن يتمسّك بأصالة عدم التخصيص حتى يثبت التخصّص ، يعني البناء على الكشف لأنه بالبناء على الكشف يصير تخصّصاً ويصير المال مال الصبية ، فالشيخ يريد أن يتمسّك بأصالة عدم التخصيص لإثبات التخصّص.
فإذا عرفنا هذا فحينئذٍ نقول:- إنَّ أصالة عدم التخصيص إنما يتمسّك بها إذا دار الأمر بين التخصيص وعدمه - أي العموم - لا ما إذا دار الأمر بين التخصيص والتخصّص.
ومن أين لك أنَّ أصالة عدم التخصيص تجري إذا دار الأمر بين التخصيص وعدمه ولا تجري إذا درا الأمر بين التخصيص والتخصّص ؟
والجواب:- إنَّ مستند الأصول اللفظية التي منها أصالة عدم التخصيص - يعني أصالة العموم - لا آية ولا رواية وإنما سيرة عقلائية ، والقدر المتيقن من السيرة العقلائية ما إذا دار الأمر بين التخصيص وعدم التخصيص - يعني العموم - أما إذا كان المورد خارجاً من العموم جزماً ولكن لا يدرى بأنه خارج بهذا النحو أو بذاك النحو فالمراد آنذاك يكون واضحاً ولا ترديد فيه ، بخلاف ما إذا دار الأمر بين التخصيص وبين عدم التخصيص فهذا شك في أنَّ مراد المتكلم هو العموم أو التخصيص وهذا سوف يؤثر ، أما إذا علمنا بأنَّ هذا المورد خارج جزماً أما طريقة خروجه هنا كيف تكون فالعقلاء لا نجزم بأنهم يتمسّكون بأصالة عدم التخصيص لإثبات التخصّص ، إذ لا ثمرة عملية فيه ، وإنما توجد ثمرة علمية لتشخيص الاسلوب ، وإلا فلا توجد ثمرة عملية ، لأنك تعرف المراد ، والعقلاء إنما يتمسّكون بالأصول اللفظية لكي يشخّصون المرد ، أما إذا علم المراد ولكن لا يعرف طريقة الاستعمال بعد تشخيص المراد فإجراء الأصول وتطبيقها يكون ترفاً زائداً لا نجزم بمصير العقلاء إليه ، وهذا ينبغي أن يكون من المطالب الواضحة ، ولكن حصلت غفلة في كونه من موارد الدوران بين التخصص والتخصّص واعتقِدَ أنه من موارد الشك في العموم والخصوص ، وإلا إذا انكشف لنا الأمر وعرفنا أنَّ المورد من الدوران بين التخصيص والتخصّص فلا أظن أنَّ أصولياً يتوقف ويقول بإجراء أصالة التخصيص لإثبات التخصّص وأنها حجة.
وقد ذكر هذا المطلب في الكفاية[1] في مبحث العام ، حيث أن الشيخ الخراساني(قده) في ثنايا كلامه ذكره بعنوان ( بقي شيء وهو أنه هل يجوز التمسك بأصالة عدم التخصيص في احراز عدم كون ما شك في أنه .... ) ، ولكنه حينما ذكر المطلب لم يضرب له أمثلة عرفية وواقعية ، ومن الأمثلة الواقعية له ما ذكرناه في الرواية المتقدّمة ، فإنه يوجد دوران بين التخصيص والتخصّص لا بين التخصيص وعدم التخصيص ، وهذا يسجّل على الشيخ الأعظم(قده).
وبهذا اتضح أنَّ صحيحة أبي عبيدة يشكل استفادة فكرة الكشف منها.
وجوه أخرى قد تدّعى لإثبات الكشف:-الوجه الأول:- ما ذكره فخر الدين(قده)[2] وحاصله:- إنه بناءً على النقل يلزم تأثير المعدوم في الموجود وهو غير ممكن ، لأنَّ الملك يحصل حين الاجازة وليس من حين العقد ، وحين الاجازة لا يوجد عقد بل العقد حصل قبل سنة مثلاً فيلزم تأثير المعدوم في الموجود فإنَّ العقد معدومٌ حين تحقق الملكية - أي حين الاجازة - فمثلاً جرى العقد في الصباح والاجازة صارت ظهراً ، فإذا قلنا بالنقل فالملكية تحصل في الظهر والحال أنَّ العقد ليس بموجود ، فيلزم أن نبني على الكشف فلا يلزم هذا المحذور ، فبناءً على الكشف أنه صباحاً عند جريان العقد حصلت الملكية والعقد أثّر فيها ، فلا يلزم تأثير المعدوم في الموجود.
ونقل الشيخ الأنصاري(قده) هذا الدليل عن فخر الدين(قده) ولم ناقشه.
يردّه:-أوّلاً:- النقض ببعض العقود التي يتوقف النقل والانتقال فيها على شرطٍ متأخر كالقبض مثل القرض وبيع الصرف ، فالإشكال يلزم في هذه العقود مع أنَّ هذه القعود صحيحة جزماً وما به الجواب في هذه العقود به الجواب في موردنا.
ثانياً:- إنَّ هذا قياس للقضايا المرتبطة بالأمور التكوينية على الأمور الاعتبارية ، فإنه في باب التكوينيات صحيح أنَّ العلَّة لابد وأن تقارن المعلول ، أما في باب الاعتباريات فهي قضايا اعتبار فيمكن للمعتبِر اعتبار شيء الآن بينما المعتبَر يكون متأخراً وهذا لا مانع منه في باب الاعتباريات.