1440/10/20
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
40/10/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- مسألة ( 67 ) – اشتراط اللفظ في تحقق الاجازة – شروط المتعاقدين.
وأما من حيث السند:- فسندها ( محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن بنان بن محمد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ... ).
والكلام أولاً لابد أن يكون في طريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن علي بن محبوب يعني الأشعري ، فإنَّ محمد بن علي بن محبوب من أعاظم أصحابنا ولكن الكلام في الطريق ، فنرجع إلى مشيخة التهذيب ، فإذا رجعنا إليها وجدناه يقول:- ( وما ذكرته في هذا الكتاب عن محمد بن علي بن محبوب فقد أخبرني به الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه محمد بن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب )[1] ، ونأتي إلى هذا السند فهو يقول قد أخبرني به الحسين بن عبيد الله يعني ابن الغضائري الأب وليس الابن حتى تكون فيه مشكلة فالب ثقة لا إشكال فيه ، ثم قال عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار وقد قلنا يوجد أحمدان هما من مشايخ الاجازة ولكن لم يرد في حقهما توثيق ، فإذا بنينا على أنَّ مشايخ الاجازة لا أقل المعروفين منهم لا يحتاجون إلى توثيق فبها ونعمت ، وأما إذا صرنا مثل السيد الخوئي والسيد الهيد فهما يقولان إنَّ شيخوخة الاجازة لا تكفي في اثبات الوثاقة فهذا أحمد بن محمد بن يحيى العطار والثاني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد فهذا أيضاً قلنا لا يوجد في حقه توثيق ولكن والدي الأحمدين ثقتان أما نفس الأحمدين فهما من مشايخ الاجازة ولكن لم يرد في حقهما توثيق ، فعلى هذا الأساس هذا الطريق ضعيف على بعض المسالك ، فرب قائل يقول إذاً السند ضعيف وبالتالي لا يمكن قبول هذه الرواية[2] .
إذاً ثبت أنَّ هذا الطريق ضعيف لوجود أحمد بن محمد بن يحيى العطار فيه وهو أحد الأحمدين اللذين لم تثبت وثاقتهما وإن كاناً من مشايخ الاجازة.
وهل يوجد طيق ثانٍ لإثبات صحة السند ؟والجواب:- نذهب إلى الفهرست لأنَّ الشيخ الطوسي في الفهرست يذكر عادة ما في مشيخة التهذيب مع زيادة فيقول ( وكل ما ذكرته عن محمد بن علي بن محبوب مثلا فقد ذكرته بهذا الطريق وبذاك الطريق وبذاك الطريق ) فربما يذكر أكثر من طريق فلا تقتصر على طريق التهذيب ، وإذا ذهبنا إلى الفهرست نجد أنه يذكر ثلاث طرق إلى محمد بن علي بن محبوب ، قال في ترجمة محمد بن علي بن محبوب:- ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الحسين بن عبيد الله وابن أبي جيد عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن علي بن محبوب ) وهذه الطريق يوجد فيه أحمد بن محمد بن يحيى أيضاً ، ثم قال:- ( وأخبرنا جماعة عن أبي المفضّل عن ابن بطة عن محمد بن علي بن محبوب ) ، وهذا الطريق أيضاً فيه أبو المفضّل الشيباني وابن بطة وكليهما فيما كلام أما قوله ( أخبرنا جماعة ) فقد يقول قائل بادئ ذي بدء إنَّ هؤلاء الجماعة غير مشخصين فلعلهم كلهم ليسوا ثقات فيسقط هذا الطرق عن الاعتبار لأنَّ الجماعة أسماءهم ليست مشخصة ، ولكن يمكن أن يقال إنَّ اجتماع ثلاثة من مشايخ الشيخ الطوسي على الكذب في مثل كذا مورد شيء بعيد فيحصل الاطمئنان بالحقانية والصدق وهذه قضية نفسية وليست علمية فقد يقبلها شخص ويرفضها آخر ، فإذاً هذا السند فيه ضعف فلا ينفعنا ، ثم قال:- ( وأخبرنا جماعة عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه ومحمد بن الحسن عن احمد بن إدريس عن محمد بن علي بن محبوب )[3] ، وهذا الطريق لا بأس به ، لأنَّ ( جماعة عن محمد بن علي بن الحسين ) ، فمحمد بن علي بن الحسين يعني الشيخ الصدوق عن أبيه أي علي بن الحسين الصدوق ، ( ومحمد بن الحسن ) هو ابن الوليد شيخ الصدوق وهو من أعاظم أصحابنا ، ونحن لا نحتاج إلى وثاقته بل تكيفنا وثاقة والد الشيخ الصدوق ، أما ( أحمد بن إدريس ) فهو الأشعري القمي وهو من أجلة أصحابنا ، وكذلك ( أحمد بن علي بن محبوب ) ، تبقى المشكلة في ( جماعة ) وقد قلنا يمكن حلّها بالطريق الذي أشرنا إليه فعلى هذا الأساس تكون الرواية معتبرة من ناحية هذا الطريق الثالث ، فإذاً لا مشكلة في سندها.
وربما يخطر إلى الذهن:- أنَّ الشيخ حينما ذكر طرقاً ثلاثاً من قال إنه يروي كل ما رواه عن ابن محبوب هو بهذا الطريق ويرويه عن هذا الطريق أيضاً بل لعله يروي بعضه عن هذا الطريق وبعضه الآخر يرويه عن الطريق الثاني وبعضه عن الطريق الثالث ، فالشيخ حينما قال أنا أذكر طرقي ليس القصود إلى كل ما رويته بل يحتمل أنَّ مقصود الشيخ الطوسي هو أنه بالطريق الأول أروي بعض روايات محمد بن علي بن محبوب وبالطريق الثاني أروي القسم الثاني من رواياته وبالطريق الثالث أروي القسم الثالث فثلاثة أثلاث فهذا الاحتمال كيف ندفعه ؟
نقول:- إنَّ هذا الاحتمال يندفع بمراجعة الفهرست فإنَّ الشيخ قال في الفهرست في ترجمة كل واحد يقول ( أخبرنا بجميع وراياته وكتبه فلان عن فلان ) والظاهر من هذه العبارة أنه وصلتنا جميع رواياته وكتبه بهذا الطريق ووصلتنا جميع رواياته وكتبه بهذا الطريق لا أنه البعص وصلنا بهذا الطريق والبعض الآخر وصلنا بالطريق الثاني ، فإنه بهذا قد سلبت العرفية عنّا ، فظاهر كلام الشيخ الطوسي إن لم نقل صريحاً من قوله ( أخبرنا بجميع رواياته وكتبه ) أنَّ المقصود أنَّ كل الروايات قد رويت بالطريق الأول وكل الروايات رويت بالطريق الثاني ، فإذاً ما ذكرته من احتمال ضعيف جداً.
وأما ( بنان بن محمد ) فقد ذكر في ترجمته أنه أخو أحمد بن محمد بن عسى الأشعري القمي الثقة الجليل واسمه عبد الله فهو عبد الله بن محمد بن عيسى الشعري وهو لم يرد في حقه توثيق فيكون أمره مشكلاً إلا بناءً على أحد أمرين الأول إنه ورد في أسانيد كامل الزيارات فإذا بنيت على وثاقة كل من ورد في أسانيد كامل الزيارات فلا مشكلة فيه حينئذٍ وهذه مسألة مبنائية ، والثاني إنه قد روى عنه محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي صاحب كتاب نوادر الحكمة وهو من أجلة أصحابنا ولم يستثنَ فبناءً على أنَّ جميع رجال نوادر الحكمة ثقات إلا من استثني فهذا الرجل يدخل تحت هذا التوثيق ، فإذاً يوجد طريقان لإثبات وثاقته ، والمهم أردنا أن نبيّن أن هذا الرجل فيه قال وقيل والأمر من ناحيته ليس بجلي ، وأما ( موسى بن القاسم ) فهو البجلي وهو من أجلة أصحابنا وهو صاحب وراية الطواف عن الأئمة عليهم السلام التي رواها الشيخ الكليني محمد بن يعقوب عن أبي علي الشعير عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن مهزيار عن موسى بن القاسم ، والطريق معتبر ، فإن أبي علي الشعري هو محمد بن إدريس وهو من أجلة أصحابنا ، وأما الحسن بن علي الكوفي فهو الوشاء ابن بنت الياس وقد قال النجاشي في حقه ( من وجوه أصحابنا ) وقد قال البعض إن تعبير ( وجه ) لا دلالة فهي على التوثيق وإنما هو شخصية من الشخصيات ، ولكن نقول حينما يعبّر شخص ويقول ( فلان من وجوهنا ) فهل هو شخصية فقط أو أنه عالي الوثاقة ؟ الظاهر إنه الثاني ، وهذه قضية استظهارية وليست قضية علمية ، عن موسى بن القاسم:- ( قال قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام:- قد أردت أن أطوف عنك وعن أبيك فقيل لي إن الأوصياء لا يطاف عنهم ؟ فقالك- بلى طف ما أمكنك فإن ذلك جائز ، ثم قلت له بعد ذلك بثلاث سنين:- إني كنت استأذنتك في الطواف عنك وعن أبيك فأذنت لي في ذلك فطفت عنكما ما شاء الله ثم وقع في قلبي شيء فعملت به ، قال:- وما هو ؟ قلت: طفت يوماً عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال ثلاث مرات:- صلى الله على رسول الله صلى الله على رسول الله صلى الله على رسول الله ثم اليوم الثاني عن أمير المؤمنين عليه السلام ثم طفت اليوم الثالث عن الحسن عليه السلام والرابع عن الحسين عليه السلام والخامس عن علي بن الحسين واليوم السادس عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام واليوم السابع عن جعفر بن محمد عليهما السلام واليوم الثامن عن أبيك موسى عليه السلام واليوم التاسع عن أبيك علي واليوم العاشر عنك يا سدي وهؤلاء الذين أدين الله بولايتهم ، فقال:- إذاً والله تدين الله بالدين الذي لا يقبل من العباد غيره ، فقلت:- وربما طفت عن أمك فاطمة عليها السلام وربما لم أطف ، فقال:- استكثر من هذا فإنه أفضل ما أنت عامله إن شاء الله )[4] .