38/03/11
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/03/11
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: خــتــام.
ذكرنا ان التعارض بين صحيحتي عبد الرحمن مستقر لان كلتا الصحيحتين ظاهرة في ان المالك اعطى ماله ليقسمه في حوائج الناس او المساكين فان المال اذا اطلق ظاهر في المال الشخصي ، واما اذا كان المراد الزكاة او الخمس فلابد من التقييد ومن قيام قرينة على ذلك ، إذن المعارضة بينهما موجودة فان احدهما تدل على جواز أخذ المقسم من هذا المال والاخرى تدل على عدم الجواز ما لم يحرز اذن المالك فتقع المعارضة بينهما ولا تكون معارضة مع الطائفة الاولى من الروايات فان الطائفة الاولى من الروايات موردها الزكاة لا المال الشخصي ، وحينئذ تبقى المعارضة بين صحيحتي عبد الرحمن فتسقطان والمرجع هو القاعدة الفوقية والاطلاقات الفوقية وهي ان التصرف في مال الغير غير جائز ما لم يعلم بإذنه.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثامنة والعشرون: لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة دفعة أو تدريجا وبقيت عنده سنة وجب عليه إخراج زكاتها، وهكذا في سائر الأنعام والنقدين )[1] .
هذا هو مقتضى اطلاقات الادلة فان مقتضى اطلاقات الادلة ان من ملك اربعين شاة وبقيت عنده سنة وجبت عليه زكاتها والمفروض ان الفقير ملك اربعين شاة وهو مستحق وفرضنا انه بمقدار مؤونته لا اكثر منها بلا فرق بين ان يكون قبضها دفعة واحدة او تدريجا وبقيت عنده ولكن مؤونته كملت من طريق آخر مثل التبرع او ما شاكل ذلك فبطيعة الحال تجب عليه زكاتها.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): التاسعة والعشرون: لو كان مال الزكوي مشتركا بين اثنين مثلا وكان نصيب كل منهما بقدر النصاب فأعطى أحدهما زكاة حصته من مال آخر أو منه بإذن الآخر قبل القسمة ثم اقتسماه فإن احتمل المزكي أن شريكه يؤدي زكاته فلا إشكال، وإن علم أنه لا يؤدي ففيه إشكال من حيث تعلق الزكاة بالعين فيكون مقدار منها في حصته)[2] .
ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه ان الزكاة متعلقة بالعين فاذا كانت متعلقة بالعين فمع هذا التقسيم تبقى مقدار من الزكاة في حصة المزكيين موجودة.
فلو فرضنا ان زكاة المجموع عشر كما اذا كان عندهما حنطة مشتركة ونصيب كل منهما من الحنطة بلغ حد النصاب ولكن احدهما دفع زكاته وبقي من الزكاة في هذه الحنطة نصف العشر فاذا قسم هذه الحنطة بينها فحصة كل منهما مشتملة على الزكاة وهي نصف العشر فمن اجل ذلك هذا التقسيم غير صحيح إذ لا ولاية للمزكي على هذا التقسيم مع الغاصب فان الشريك الاخر غاصب لمال الفقير ولا ولاية للمزكي على هذا التقسيم مع الغاصب فهذا التقسيم غير صحيح هكذا ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه.
ولكن ذلك لا يخلو عن اشكال إذ لا قصور في ولاية المالك على هذا التقسيم كما هو المعروف والمشهور في جميع الشركاء كما اذا كان شريكا في التجارة فاحدهما ملتزم بدفع الخمس من حصته والاخر غير ملتزم ولا يدفع خمس ماله مع انه يصح هذا التقسيم وله ولاية على هذا التقسيم وان لم يتمكن من هذا التقسيم يرجع الى الحاكم الشرعي ولا شبهة ان للحاكم الشرعي ولاية على هذا التقسيم بان يفرز مال المزكي ويعطي له وتبقى الزكاة في مال الغاصب.
واما ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) وكذا السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) من ان الزكاة متعلقة بالعين تقدم الكلام في ذلك وهنا أقوال.
القول الاول:- ان الزكاة متعلقة بالعين بنحو الكلي في المعين في جميع اصناف الزكاة.
القول الثاني:- ان الزكاة متعلق بالعين بنحو الاشتراك في المالية لا في العين كما هو الحال في زكاة الابل وزكاة البقر فانه بنحو الاشتراك في المالية فان الفقير شريك في مالية خمس إبل بمقدار مالية شاة واحدة.
وذكرنا ان كلا القولين لا يمكن المساعدة عليهما فانه لابد من التفصيل بين اصناف الزكاة فان مقتضى روايات زكاة الغلاة الاربع ان الفقير شريك في العين بنحو الاشاعة حيث ان الوارد في لسان الروايات ان الزكاة عشر او نصف العشر ، وكذا زكاة الشعير وزكاة التمر والزبيب فان كلمة العشر ظاهرة في الشركة بنحو الاشاعة فان الفقير شريك في كل جزء من اجزاء الحنطة بمقدار العشر وتسعة اعشار للمالك ولهذا لا يجوز تصرف المالك في الحنطة قبل اخراج زكاتها وقبل دفع زكاتها لأنه مال مشترك بينه وبين الفقير ولا يجوز التصرف في المال المشترك الا بإذن صاحبه وشريكه ، وكذا في زكاة النقدين ايضا الفقير شريك بنحو الاشاعة في كل عشرين مثقال نصف مثقال وهذا ظاهر في انه شريك مع المالك فيه بنحو الاشاعة أي نصف المثقال في كل عشرين مثقال ، واما زكاة الاغنام فلا شبهة في انه بنحو الكلي في المعين فقد ورد في الروايات ان في كل اربعين شاة شاةٌ أي شاة من هذه الاربعين شاة ، اما زكاة الابقار فهو شيء اخر وليس من جنس المال الزكوي ففي ثلاثين بقرة تبيع او تبيعة وفي خمس ابل شاة.
وحمل هذه الروايات على ان الفقير شريك في مالية خمسِ إبل بمقدار مالية شاة فهذا بحاجة الى دليل والى قرينة والروايات لا تدل على ذلك بل لا تشعر بذلك ، وفي الروايات في خمسة ابل شاة وفي عشرة ابل شاتين وهكذا ، اذن لابد من التفصيل.
اما الزكاة اذا كانت بنحو الكلي في المعين فقد ذكرنا انه يجوز تصرف المالك في تسعة وثلاثين شاة ولا يجوز التصرف في شاة واحدة فقط وعلى هذا فاذا كانت الشركة في الاغنام فيجوز التقسيم باعتبار انه يجوز تصرف الغاصب في الاموال الزكوية في تسعة وثلاثين شاة غاية الامر الاربعين شاة من شريك واربعين شاة اخرى من شركه الاخر فالشريك الاول قد دفع زكاة ماله بشاة او بجنس اخر واما الشريك الثاني فلم يدفع ولكن مع ذلك يجوز تصرفه في تسعة وثلاثين شاة وحينئذ يجوز هذا التقسيم من الشريك المزكي مع الشريك الاخر الغاصب فان تصرف الغصب في المال الزكوي جائز باعتبار ان الزكاة بنحو الكلي في المعين فبمقدار الزكاة لا يجوز التصرف واما التصرف في الباقي فهو جائز ، وكذلك يجوز تصرف المالك في ثلاثين بقرة سواء اعطى زكاته او لم يعطي وكذا يجوز تصرفه في خمس ابل اعطى زكاته او لم يعطي لان الزكاة من جنس اخر.
ولكن لا يجوز هذا التقسيم في الغلاة الاربع وفي النقدين فقط واما في سائر اصناف الزكاة فيجوز تصرف الغاصب في الاموال الزكوية لان تصرف في ماله الخاص وليس الفقير شريكا معه في هذه الاموال.
اذن على تقدير التسليم بانه ليس للشريك المزكي ولاية على تقسيم مال الغصب فان هذا انما يأتي في الغلاة الاربعة وفي النقدين فقط ، واما في الاغنام وفي البقر والابل فلا يتم فانه يجوز التقسيم للغاصب لان الغاصب يجوز تصرفه في المال الزكوي.