37/08/08
تحمیل
الموضوع:- خــتــام.
الى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي ان المكلف اذا علم اجمالا بان ذمته مشغولة بالخمس او الزكاة ، فان كانا من جنس واحد وكانا متساويين بالقيمة فلا شبهة في تنجيز العلم الاجمالي وعدم انحلال هذا العلم الاجمالي ، وان كان احدهما أزيد من الاخر كما اذا علم ان ذمته مشغولة اما بزكاة الحنطة او بخمسها فان كانت ذمته مشغولة بخمسها فهو اكثر من الزكاة وان كانت مشغولة بالزكاة فهي الاقل فعندئذ ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي باشتغال ذمته بالجامع والزائد يكون موردا للشك البدوي فحينئذ يجب عليه الاتيان بالجامع من جهة العلم التفصيلي واصالة البراءة عن الزائد من جهة الشك البدوي ، كما ذا علم ان ذمته اذا كانت مشغولة بالزكاة فهي ثلاثة امنان واذا كانت مشغولة بالخمس فهي خمسة امان اذن العلم الاجمالي ينحل الى علم تفصيلي باشتغال ذمته بثلاثة امان على كل تقدير واما اشتغال ذمته بالمنين الزائدين فهو مشكوك بالشك البدوي فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة.
واما اذا كان متعلق العلم الاجمالي أمرين متباينين كما اذا علم اجمالا ان ذمته اما مشغولة بزكاة الحنطة او مشغولة بخمس الغنم فهما متباينان.
فالكلام تارة يكون على المشهور وأخرى بناء على ما اخترناه.
اما على المشهور فهذا العلم الاجمالي ايضا ينحل فهو ينحل الى علم تفصيلي بالجامع وشك بدوي في الزائد فالحنطة مثلي اذا تلفت انتقل مثلها في الذمة ، واما الشاة فان قلنا بانها مثلية انتقل مثلها في الذمة بعد تلفها بتقصير من المالك وان قلنا بانها قيمية انتقلت قيمتها الى الذمة وبما انه يجوز على المشهور تبديل الزكاة أي يعطي بدل الزكاة من جنس اخر سواء اكان الجنس الاخر من النقدين ام كانت من غيرهما واما الخمس فلا يجوز تبديله الا بالنقدين فلا يجوز اعطاء الخمس من جنس اخر ، نعم يجوز اعطاء الخمس اما من نفس العين او من النقدين ولا يجوز اعطاء الخمس من جنس اخر غير النقدين وعلى هذا فالعلم الاجمالي ينحل الى علم تفصيلي باشتغال ذمته احد بالنقدين مثلا بعشرة دنانير سواء اكانت زكاة ام كانت خمسا واما الزائد فاذا فرضنا ان زكاة الحنطة قيمتها عشرة دنانير وزكاة شاة واحدة قيمة الشاة عشرين دينار فعشر دنانير هو الجامع بينهما فالعلم الاجمالي ينحل الى علم تفصيلي باشتغال ذمته الى عشرة دنانير على كل تقدير سواء أكانت خمسا ، اما زكاة ام بالنسبة الى الزائد فهو مورد للشك البدوي فلا مانع من الرجوع الى صالة البراءة ، هذا على المشهور.
واما بناء على ما ذكرناه من انه لا يجوز ان يعطي بدل الزكاة الا من النقدين في خصوص زكاة الغلاة الاربع وزكاة النقدين واما في زكاة سائر الاصناف فلا يجوز ان يعطي النقدين ايضا بدلا للزكاة ولابد ان يكون اعطاء الزكاة من جنس النصاب او من جنس ما عينه الشارع كما في الابل فان الشارع عينه شاة فلا يجوز اعطاء قيمة الشاة بدلا عن الشاة او يعطي جنسا اخر بدلا عن الشاة فلا يجوز ولا يجزي ذلك.
وعلى هذا فاذا علم اجمالا ان ذمته اما مشغولة بزكاة الحنطة او بزكاة الغنم ، فان قلنا ان الغنم مثل فالمثل في ذمته ففي مثل ذلك لا ينحل العلم الاجمالي لان قيمة الشاة عشرين دينار وفرضنا ان قيمة زكاة الحنطة عشر دنانير ولكن على المالك ان يدفع شاة ولا يجزي ان يدفع عشرين دينار بدل الشاة بل لابد ان يعطي شاة ولا يجوز له ان يعطي بدل الشاة عشرين دينار هذا اذا كانت ذمته مشغولة بزكاة الغنم او بخمس الحنطة فان زكاة الغنم شاة واحدة وقيمة الشاة عشرين فلا يجزي ان يعطي قيمة الشاة وهي عشرين دينار بل لابد من اعطاء شاة ففي مثل ذلك لا ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي بالجامع لأنه ليس بينهما جامع بل العلم الاجمالي منجز ويجب الاحتياط حينئذ بالعطاء زكاة الحنطة او بدلها من النقدين او غيرها واعطاء شاة واحدة عن الاغنام.
واما اذا قلنا بان الشاة ليست مثليا بل هي قيمية وانتقلت في ذمة المالك قيمتها وقيمتها عشرين دينارا وقيمة زكاة الحنطة عشر دنانير فحينئذ ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي باشتغال ذمته بعشر دنانير وشك بدوي بالنسبة الى الزائد ولهذا يجب عليه اعطاء عشر دنانير ولا يجب عليه اعطاء العشرة الزائدة فانه تجري اصالة البراءة عن الزائد , فان العلم الاجمالي على هذا الفرض ينحل الى علم تفصيل بالجامع وشك بدوي بالنسبة الى الزائدة.
وقد يقال كما قيل واشرنا اليه يوم امس ان المالك اذا كان هاشميا فيدور امره بين التعيين والتخيير فانه علم اجمالا ان ذمته مشغولة بمال الخمس او الزكاة فان كانت مشغولة بالخمس فيتعين عليه اعطاءه للهاشمي ولا يجوز اعطائه لغير الهاشمي واما اذا كانت ذمته مشغولة بالزكاة فهو مخير بين ان يدفع الزكاة الى الهاشمي او يدفع زكاته الى غير الهاشمي فهو مخير بينهما فيدور امره بين التعيين والتخيير واذا دار الامر بين التعيين والتخيير فالمرجع اصالة البراءة عن التعيين والنتيجة هي التخيير في المقام.
ولكن هذا غير صحيح فان دوران الامر بين التعيين والتخيير هو فيما اذا كان الواجب واحدا ولكن المكلف لا يدري انه يجب عليه تطبيق هذا الواجب على هذا الفرد تعيينا او هو مخير بين تطبيق هذا الواجب على هذا الفرد او على غيره ففي مثل ذلك تجري اصالة البراءة عن التعيين والنتيجة هي التخيير وما نحن فيه ليس كذلك لان ما نحن فيه ليس الواجب هو الجامع بل الواجب اما خمس او زكاة وليس الواجب هو الجامع وذمته اما مشغولة بالخمس او مشغولة بالزكاة.
مضافا الى انه كما هو مخير في الزكاة بين دفعها الى الهاشمي او دفها الى غير الهاشمي كذا هو مخير في الخمس بين ان يدفع سهم الساده للساده وسهم الامام لغيرهم ولا يجب عليه اعطاء الخمس تماما للهاشمي بل يمكن ان يعطي سهم الساده للهاشمي وسهم الامام لغير الهاشمي فهنا ايضا مخير بينهما.
ومضافا الى انه اذا كان مخيرا بين ان يعطي زكاته الى الهاشمي او يعطيها الى غير الهاشمي فاذا فرضنا انه دفع زكاته الى غير الهاشمي او الى غير الهاشمي وشك في ان ذمته قد فرغت او لا؟ فان ذمته اما مشغولة بالخمس او بالزكاة فاذا جرت اصالة البراءة عن التعيين فالنتيجة هي التخيير فهو مخير بين دفع الزكاة الى الهاشمي او دفعها الى غير الهاشمي واذا دفع زكاته فبطبيعة الحال يشك في فراغ ذمته فان ذمته ان كانت مشغولة بالخمس فلم تفرغ ذمته عن الخمس فانه يشك في بقاء اشتغال ذمته فلا مانع من استصحاب بقاء اشتغال ذمته , هذا نظير استصحاب بقاء الكلي في القسم الثاني كما اذا علم المكلف اجمالا بدخول اما زيد او عمر في الدار وعلم تفصيلا بان الانسان موجود في هذا الدار اما في ضمن زيد او في ضمن عمر ثم رأى عمرا في خارج الدار وعلم بان عمر اذا كان في الدار قد خرج من الدار وشك في بقاء الانسان في الدار فلا مانع من استصحاب بقاء الكلي اذا ترتب اثر شرعي على بقاء الانسان , نعم الاستصحاب في الفرد لا يجري لعدم حالة سابقة واستصحاب بقاء الكلي لا يثبت ان الداخل في الدار هو زيد الا على القول بالاصل المثبت , فان كان للكلي اثر شرعي فالاستصحاب يجري في بقاء الكلي ويترتب عليه الاثر وان لم يكن له اثر شرعي فلا يجري هذا الاستصحاب ايضا وما نحن فيه من هذا القبيل فانه شاك في بقاء اشتغال ذمته فلا مانع من استصحاب بقائه ويترتب عليه وجوب تحصيل اليقين بفراغ الذمة ولا يمكن تحصيل اليقين الا بدفع ما في ذمته بعنون الخمس للهاشمي فاذا دفع ما في ذمته بعنون الخمس للهاشمي حصل له اليقين بفراغ ذمته.
ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): السابعة: إذا علم إجمالا أن حنطته بلغت النصاب أو شعيره ولم يتمكن من التعيين فالظاهر وجوب الاحتياط بإخراجهما إلا إذا أخرج بالقيمة فإنه يكفيه إخراج قيمة أقلهما قيمة على إشكال لأن الواجب أولا هو العين ومردد بينهما إذا كانا موجودين، بل في صورة التلف أيضا، لأنهما مثليان، وإذا علم أن عليه إما زكاة خمس من الإبل، أو زكاة أربعين شاة يكفيه إخراج شاة، وإذا علم أن عليه إما زكاة ثلاثين بقرة أو أربعين شاة وجب الاحتياط إلا مع التلف ، فإنه يكفيه قيمة شاة وكذا الكلام في نظائر المذكورات))[1] .
نتكلم في هذه المسالة ان شاء الله تعالى.