37/06/05
تحمیل
الموضوع: ذكر معارضات صحيحة البزنطي وجوابنا عليها.
الجهة الرابعة: ان هذه الرواية تعارضها رواية البزنطي الأخرى المروية عن محمد بن علي بن أبي عبد الله عن الرضا ع والتي ذكرناها اخيرا حيث جعلت نصاب المعدن دينارا واحدا وقد استند اليها الحلبي كما أشرنا الى هذا سابقا. وبالتالي لو سلِمت الرواية من الخدشة في سندها او دلالتها فهي لم تسلم من المعارضة.
واجيب عن دعوى المعارضة بعدة وجوه.
الاول: ضعف سند الرواية الاخيرة "بمحمد بن علي بن أبي عبد اللّه فإنه مجهول، بل لم يرد عنه في مجموع الفقه إلا روايتان إحداهما هذه التي يروي عنه البزنطي والأخرى ما يروى عنه علي بن أسباط.
نعم بناء على المسلك المعروف من أن أصحاب الإجماع ومنهم البزنطي لا يرسلون ولا يروون إلا عن الثقة فالرجل محكوم بالوثاقة، إذ الرواية عنه حينئذ توثيق له، ولكن المبنى بمراحل عن الواقع كما أشرنا إليه في مطاوي هذا الشرح مرارا إذا فالرواية ضعيفة ولا تصلح لمعارضة ما سبق"[1]
لكن الظاهر صحة المبنى المذكور كما ذكرنا ذلك مرارا. وبالتالي الرواية معتبرة.
الثاني: "أنها رواية شاذة وقد تفرد بالعمل بها الحلبي ولم يوافقه غيره، فلا تنهض للمقاومة مع تلك الرواية المشهورة بين الأصحاب"[2] .
وفيه: ان الحكم بمقدار النصاب الذي تضمنته وان اختص الحلبي بالقول به الا ان الرواية قد اعتمدها المشهور في الغوص فحكم على ضوئها بان النصاب فيه دينارا واحدا بل ادعي الاجماع عليه فيه، فلا مجال للقول بشذوذها المانع من الاخذ بمضمونها.
ولعله من هنا حاول بعض الاصحاب الجمع بين الروايتين بنحو يرتفع به التعارض فذكروا لذلك عدة احتمالات.
منها: حمل الرواية الدالة كون النصاب دينارا واحدا على الاستحباب[3] .
ويشكل اولا: بان الجمع بالاستحباب انما يتصور في الاحكام التكليفية. واما الاحكام الوضعية فلا يتصور فيها ذلك لأن الحكم الوضعي يبتني على فرض ملك اصحاب الخمس لحصتهم من المعدن فاذا زاد المستخرج من المعدن على الواحد ونقص عن العشرين كما لو كان المعدن المستخرج يساوي عشرة دنانير فالأمر يدور بين ملك اصحاب الخمس لمقدار حصتهم من المعدن إذا كان النصاب دينارا، وعدم ملكهم لشيء منه إذا كان النصاب عشرين دينارا. فالأمر يدور بين الوجود والعدم، فلا موقع لفرض الاستحباب. خصوصا مع القول بعدم وجود حكم تكليفي مع الحكم الوضعي. فتأمل جيدا.
وثانيا: بعد ما ذكر من عمل المشهور بمضمون الرواية في الغوص كيف يمكن القول بان الدينار الواحد نصاب استحبابي مع فرض انه نصاب للغوص والمعدن معا.
ومنها: حمل الصحيحة الدالة على نصاب العشرين على العفو الولائي من قبل الإمام عليه السّلام عما دون ذلك، فيمكن أن يكون الدينار في الواقع سببا لثبوت الخمس ولكنه عليه السّلام وسّع على الشيعة، وجعلهم في حلّ من ذلك، ولم يكلّفهم بشيء ما لم يبلغ عشرين دينارا
ومن الظاهر ان هذا لا دليل عليه فلا يصار اليه مع امكان الجمع بغيره على الاقل.
ومنها: حمل الرواية الاخيرة على سقوط لفظة "العشرين" منها.
وهو مشكل جدا بعد عمل الاصحاب بمضمونها في الغوص أعنى حكمهم بكون نصابه دينارا واحدا حتى ادعي الاجماع على ذلك.
ومنها: "إن الدلالة أيضا قاصرة وان الجواب ناظر إلى الغوص فقط دون المعدن كما أشار إليه في الوسائل، كما يكشف عنه تذكير الضمير في قوله: (قيمته) الراجع إلى ما يخرج من البحر دون المعادن، وإلا كان مقتضى القواعد تأنيثه كما لا يخفى.
فكأنه عليه السلام اعرض عن بيان حكم المعادن لوجود من يتقى منه بحيث لو بين الواقع وأن فيها النصاب عشرين دينارا لكان على خلاف التقية، ولو بين خلافه لكان كذبا، ومن ثمَّ أعرض واقتصر على حكم الأول"[4] .
والظاهر ان هذا الجمع أقرب جمع بينهما، بل هو يفسر ذهاب المشهور في نصاب المعدن الى العشرين وفي نصاب الغوص الى الدينار الواحد.
والحاصل انه لا معارضة بين النصين.