37/07/19
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
مر بنا استعراض الاقوال في قاعدة لا ضرر ومر بنا ان المشهور ذهبوا الى ان القاعدة ذات ثلاث مفادات فهي تدل على التحريم التكليفي وتدل على رفع الحكم التكليفي بتوسط الضرر الشخصي وتدل على رفع الضرر النوعي أي جعل الحكم بنحو الاثبات ، طبعا كيفية دلالة لا ضرر على هذه المفادات الثلاث فيه كلام طويل ، وقول آخر كما مر بنا وهو قول شيخ الشريعة الاصفهاني وانه يذهب الى ان قاعدة لا ضرر فقط دالة على الحرمة التكليفية وان لا هي ناهية وهي تفيد التحريم ليس الا ، وبغض النظر عن الاختلاف في الاقوال يوجد اختلاف بين الاعلام في ان لفظ (لا) التي في لا ضرر هل هي نافية او ناهية وهذا لا نسميه اختلاف في الاقوال بل نعبر عنه اختلاف في الوجوه وكيفية الاستلال وقد يعبر عنه الشهيد الثاني بمخرج القول ، وكذا قول ثالث وهو ان لا نافية وتفيد نفي الضرر الشخصي وهذا هو الذي ذهب اليه الميرزا النائيني (قدس سره) والسيد الخوئي (قدس سره) وجملة من الاعلام ، ويوجد قول رابع للفاضل التوني ذهب الى ان لا ضرر نافية وهي ترفع وتنفي الضرر النوعي وهي مثبتة وجاعلة للأحكام بتوسط رفع عدم الحكم وعدم الجعل مثلا البيع الغبني عدم جعل خيار الغبن ضرر فتاتي لا ضرر فترفع عدم الجعل فلما ترفع العدم لازمه اثبات الجعل أي جعل خيار الغبن ، وهذه صيغة قديمة قربها الفاضل التوني في كون لا ضرر او قل لا حرج او قل في القواعد الاخرى النافية في كونها مثبتة للأحكام لان في تصوير كيفية ان لا ضرر مثبتة للأحكام تصويرات متعددة وهذا واحد من تلك التصويرات ، ويوجد تفسير وهو كما مر بنا ان لا ضرر ميزان للحكم السياسي فانه توجد موازين في باب القضاء مثل البينة على المدعي واليمين على من انكر وغيرها فلا يمكن للفقيه ان يسري موازين باب القضاء لباب الفتيا لان موازين باب القضاء جعل عند المتنازعين اما في موارد كون الاطراف غير متنازعة فلا يجوز للفقيه ان يعمل موازين باب القضاء ، وكذا موازين باب الفتيا فهل يجوز للفقيه ان يعمل موازين باب الفتيا في باب القضاء؟ والجواب لا نعم مطلقا ولا لا مطلقا ، وحقيقة القضاء هو فتيا في التنظير الكلي مع زيادة تطبيق شرعي ، اذن حقيقة القضاء فتيا وزيادة.
اذن لدينا موازين باب الفتيا ولدينا موازين باب القضاء ولدينا موازين باب الحكم السياسي فهنا قول الفاضل التوني ان لا ضرر ترفع عدم الجعل بالدقة هو ميزان ماذا؟ وعلى قول من يقول ان لا ضرر ترفع عدم الضرر الشخصي مثل الميرزا النائيني هو ميزان ماذا وفي أي رتبة؟ فهذه الاقوال في الحقيقة مراتب لقاعدة لا ضرر.
اذن على القول بان لا ضرر ترفع الضرر الشخصي بالدقة تصير قاعدة لا ضرر قاعدة فقهية بحتة ومر بنا الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة التي من اصول القانون او قاعدة اصولية اخرى فان القاعدة الفقهية قاعدة تطبيقية بحتة يعني كأنما على وشك ان المكلف بنفسه يطبقها مثلا ولا اقصد ان تطبيقها من شؤون المكلف بل هو من شؤون الفقيه ولكن على هي على مقربة من وظيفة المكلف بينما لا ضرر اذا بني على انها رافعة لضرر النوعي فانه الضرر النوعي يصور من قبيل انه رفع عدم الجعل هنا تصير لا ضرر ميزان لأسس موازين الفتيا شبيه كأنما بميزان في الفقه الدستوري لا في الفقه الوزاري ، ففرق بين قواعد قانونية يستخدمها المقنن الوزاري وبين القواعد القانونية التي يستخدمها المقنن النيابي ، اذن القواعد التي يقنن منها القانون النيابي لا يمكن ان يقنن منها القانون الدستوري او القانون الوزاري وهكذا ، شبيه بقواعد باب المعاملات فلا ربط لها بقواعد باب العبادات مع انهما في عرض واحد فاذا كان الابواب الفقهية والقانونية التي في عرض واحد لا يدمج بينها ولابد من التمييز بين الابواب فكيف بطبقات ابواب قانونية طولية.
مثلا في فقه قانون القواعد الدولية قواعد الحرب فهذه القواعد تختلف عن قواعد السلم.
اذن قاعدة لا ضرر اذا كانت رافعة لعدم الجعل الكلي فهذا يعني ان لا ضرر ليست قاعدة فقهية تطبيقية جزئية بل هي ميزان لكيفية الجعل وميزان لضوابط الجعل الكلي شبيه بميزان وقاعدة للفقه الدستوري او الفقه البرلماني.
اذن قول الفاضل التوني بالدقة وهو ايضا قول المشهور تكون بمثابة قاعدة وضابطة في قواعد التشريع واسس التشريع الفوقية ، ولا يخفى ان التقريب الذي ذكره الفاضل التوني تقريب مشهور وهو ان لا نافية او رافعة وهذا الرفع او النفي لقاعدة لا ضرر هو رفع لعدم الحكم وعدم الجعل فمثلا في خيار العيب عدم الارث ضرر فتثبت الارش.
ولكن هذا القول الذي نقلناه عن الفاضل التوني سنبين انه لا ينحصر الوصول اليه بهذه الكيفية من الاستلال وان كانت هذه الكيفية لا باس بها وهي احد الوجوه.
اذن مراتب لا ضرر على قول شيخ الشريعة وهو ان لا ضرر حرمة تكليفية فيكون مستوى لا ضرر حكم فرعي نازل ليس الا ، وعلى القول ان لا ضرر هو الضرر الشخصي ورافع للحكم الضرري وهو قول الميرزا النائيني والسيد الخوئي فتكون لا ضرر قاعدة فقهية ، وعلى القول بانها ترفع عدم الجعل فتكون ميزان للفتوى ، وعلى بانها ميزان سياسي كما هو قول السيد الخميني (قدس سره) فتكون قاعدة فقهية ولكن مقلصة في باب الحكم السياسي ، اذن هذه مجموعة اقوال تختلف طبقات لا ضرر بلحاظها.