37/07/16
تحمیل
الموضوع:- مبحث الضد.
وفيه:- إنّ التضاد من شؤون عالم الخارج ولا يعمّ عالم الرتب، وأمّا ما استشهد به(قده) قائلاً " إذا كان التضاد من شؤون عالم الخارج فقط فلماذا لا تجتمع العلة مع المعلول بعلّةٍ واحدة "، فنجيب عليه:- بأنه قد فرض مسبقاً اختلاف الرتبة بين العلّة المعلول حيث إنّ العلّة مولّدة للمعلول ورتبة المولّد أسبق من رتبة المتولّد، وبعد أن فرضنا أنّ الرتبة مختلفة فلا يمكن أن نفترض اجتماعهما في رتبةٍ واحدة وإلا يلزم خلف ما فرض . إذن لا يجوز أن يجتمعا في رتبة واحدة من باب أنك قد فرضت أن رتبتهما مختلفة فكيف الآن تفترض أن رتبتهما واحدة فإن هذا مناقض لما قد فرضته !!
وإن شئت قلت:- إذا كان الشيآن متضادّين بحسب عالم الخارج كما في السواد والبياض ففي عالم الرتبة ربما يلزم أن نفترض التضادّ أيضاً وربما لا يلزم أن نفترضه، فمثلاً العلّة والمعلول بينهما تضادٌّ في عالم الخارج، فلا يمكن أن تكون العلّة نفس المعلول وإلا لزم أن يكون الشيء علّة لنفسه فيوجد تضادّ خارجي، وفي نفس الوقت يوجد تضاد رتبي فإنّ رتبة العلّة هي رتبة التوليد ورتبة المعلول هي رتبة المتولّد وبعد أن فرضا ذلك فلا يمكن أن نفترض وحدتهما من حيث الرتبة إذ قد فرضنا أنّ رتبتهما مختلفة، وهذا بخلاف السواد والبياض فإن تضادّهما هو في عالم الخارج وإلا ففي عالم الرتبة لا يوجد ما يقتضي تضادّهما بخلافه في العلّة والمعلول فإنه يوجد في عالم الرتبة ما يقتضي تضادهما حيث إنّ العلّة مولّدة فيلزم أن تكون رتبتها متقدّمة والمعلول متولّدٌ فيلزم أن تكون رتبته متأخّرة، فالتضاد يسري إلى عالم الرتبة . أما بالنسبة إلى السواد والبياض فلا يوجد ما يجوب سريان التضاد إلى عالم الرتبة فإنهما في عالم الخارج لا يمكن أن يجتمعا؛ إذ الشيء الواحد لا يمكن أن يكون أسوداً وابيضاً وأما في عالم الرتبة فلا يوجد ما يقتضي تضادّهما فليكونا في رتبةٍ واحدةٍ فإنه شيءٌ لا مانع منه.
بل يوجد عندنا دليل على جواز اجتماع المضادين في رتبة واحدة:- فإنّ المعروف هو أنّ النقيضين وهكذا بالنسبة إلى الضدّين هما في رتبةٍ واحدة وهذا شيء مسلّم عندهم تقريباً، وهذا بنفسه دليل على أنّ النقيضين يمكن أن يجتمعا في رتبةٍ واحدةٍ إذ كونهما في رتبة واحدة عبارة عن اجتماعهما في عالم الرتبة، وهكذا بالنسبة إلى الضدّين، فحيما يقال هما في رتبةٍ واحدةٍ يعني أنّهما قد اجتمعا في رتبةٍ واحدةٍ . إذن هذا ينبغي أن يكون من المسلّمات يعني أنّ التضاد والتناقض لا يعمّ عالم الرتب وإنما يختصّ بعالم الخارج، فإذن ما ذكره السيد الشهيد(قده) أمرٌ غريب.
هذا بالنسبة إلى الدليل الثاني على أنّ الضدّ مع عدم ضدّه ليس بينهما مقدّمية وقد اتضح وهنه.
الوجه الثالث:- ما ذكره السيد الخميني(قده)[1] وحاصله:- إنّ السواد لا يصدق عليه عنوان البياض، وإذا لم يصدق عليه البياض فإذن يصدق عليه عدم البياض، فالسواد نشير إليه ونقول ( هذا عدم بياضٍ ) وإذا صدق عليه أنه عدم بياضٍ فيثبت أنّ السواد وعدم البياض هما في رتبةٍ واحدةٍ وإلا كيف صدق عدم البياض على السواد ؟!
والتتمّة واضحة:- وهي أنه إذا كانا في رتبةٍ واحدة بطلت بذلك المقدّمية يعني أنَّ عدم الضدّ لا يكون مقدّمةً لوجود الضدّ الآخر يعني عدم البياض لا يكون مقدّمة للسواد؛ إذ لو كان مقدّمة لاختلفت الرتبة وقد أثبتنا أنّ الرتبة واحدة بسبب صدق عدم البياض على السواد.
ثم قال:- هكذا يمكن أن نفسّر عبارة الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية، وبه يندفع ما أفاده الشيخ الأصفهاني على الشيخ الخراساني(قده)، فإنّ الشيخ الخراساني(قده) قال في الكفاية إنّ الضدّ مع عدم ضدّه هما في رتبة واحدةٍ بدليل أنّ بينهما كمال الملاءمة وهذا لازمه أن تكون الرتبة واحدة وبه تبطل المقدّمية . وأشكل عليه الشيخ الأصفهاني(قده) وقال:- إنّ كمال الملاءمة لا يكشف عن وحدة الرتبة كما في العلّة والمعلول فإنّ بينهما كمال الملائمة بحيث لا يمكن العلّة بلا معلول ولا يمكن المعلول بلا علّة ولكن رغم كمال الملاءمة هذا لا يوجد بينهما اتّحاد في الرتبة بل الرتبة مختلفة . والسيد الخميني(قده) يريد أن ينتصر للشيخ الخراساني(قده) في مقابل الشيخ الأصفهاني(قده) فيقول:- ليس من البعيد أنّ مقصود الشيخ الخراساني(قده) ما أشرنا إليه وهو أنه يقصد من كمال الملائمة يعني الملاءمة العالية بأسمى درجاتها وهي إذا صدق هذا على هذا، وأسمى درجات الملاءمة ليست موجودة بين العلّة والمعلول فإنّ المعلول لا يصدق على العلّة والعلة لا تصدق على المعلول فليس بينهما كمال الملاءمة بأسمى وأعلى الدرجات، بخلافه بين الضدّ وعدم ضدّه - يعني بين السواد وعدم البياض - فإن بينهما كمال الملاءمة وأسماها بحيث يصدق عدم البياض على السواد، وهذا يكشف عن وحدة الرتبة وإلا لما صدق هذا على ذاك.
وفيه:- نحن نسلّم أنّ عدم البياض - أي عدم الضدّ - يصدق على الضدّ الآخر وهذا من أسمى درجات الملاءمة، ولكن من أين لك أنّ صدق أسمى درجات الملاءمة يقتضي وحدة الرتبة ؟!!! يعني ما أفاده(قده) هو مجرّد دعوى جميلة ولكن الجمال لا يصلح أن يكون سنداً علمياً لإثبات وحدة الرتبة، فإنّ وحدة الرتبة كاختلاف الرتبة يحتاج إلى ملاك، فإذا كان الملاك موجوداً يحكم بأن الرتبة واحدة أو مختلفة، فمثلاً إذا كانا معاً معلولين لعلّة واحدةٍ فنفس كونهما معلولان لعلة واحدة ونتاجٍ واحدٍ وولادة من واحدٍ فهذا يقتضي وحدة الرتبة، ونفس كون ذاك مولّد - أي العلّة - وهذا - أي المعلولان - متولّدان من ذاك فهذا يقتضي اختلاف الرتبة، أما أنّ أسمى درجات الملاءمة هل هو ملاك لوحدة الرتبة فإنّ هذه دعوى تحتاج إلى إثبات، نعم ربما تكون صحيحة ولكن لا مثبت لها، فزيدٌ مثلاً يصدق عليه أنه شيء وأنه عالمٌ وأنه موجودٌ ولكن هل هذا يعني أن زيد والشيئية أو العالمية أو الموجودية هما في رتبة واحدة ؟! أفهل هذا من مقتضيات وحدة الرتبة ؟!! إنّ هذه دعوى تحتاج إلى إثبات ولا مثبت لها.
وفيه:- إنّ التضاد من شؤون عالم الخارج ولا يعمّ عالم الرتب، وأمّا ما استشهد به(قده) قائلاً " إذا كان التضاد من شؤون عالم الخارج فقط فلماذا لا تجتمع العلة مع المعلول بعلّةٍ واحدة "، فنجيب عليه:- بأنه قد فرض مسبقاً اختلاف الرتبة بين العلّة المعلول حيث إنّ العلّة مولّدة للمعلول ورتبة المولّد أسبق من رتبة المتولّد، وبعد أن فرضنا أنّ الرتبة مختلفة فلا يمكن أن نفترض اجتماعهما في رتبةٍ واحدة وإلا يلزم خلف ما فرض . إذن لا يجوز أن يجتمعا في رتبة واحدة من باب أنك قد فرضت أن رتبتهما مختلفة فكيف الآن تفترض أن رتبتهما واحدة فإن هذا مناقض لما قد فرضته !!
وإن شئت قلت:- إذا كان الشيآن متضادّين بحسب عالم الخارج كما في السواد والبياض ففي عالم الرتبة ربما يلزم أن نفترض التضادّ أيضاً وربما لا يلزم أن نفترضه، فمثلاً العلّة والمعلول بينهما تضادٌّ في عالم الخارج، فلا يمكن أن تكون العلّة نفس المعلول وإلا لزم أن يكون الشيء علّة لنفسه فيوجد تضادّ خارجي، وفي نفس الوقت يوجد تضاد رتبي فإنّ رتبة العلّة هي رتبة التوليد ورتبة المعلول هي رتبة المتولّد وبعد أن فرضا ذلك فلا يمكن أن نفترض وحدتهما من حيث الرتبة إذ قد فرضنا أنّ رتبتهما مختلفة، وهذا بخلاف السواد والبياض فإن تضادّهما هو في عالم الخارج وإلا ففي عالم الرتبة لا يوجد ما يقتضي تضادّهما بخلافه في العلّة والمعلول فإنه يوجد في عالم الرتبة ما يقتضي تضادهما حيث إنّ العلّة مولّدة فيلزم أن تكون رتبتها متقدّمة والمعلول متولّدٌ فيلزم أن تكون رتبته متأخّرة، فالتضاد يسري إلى عالم الرتبة . أما بالنسبة إلى السواد والبياض فلا يوجد ما يجوب سريان التضاد إلى عالم الرتبة فإنهما في عالم الخارج لا يمكن أن يجتمعا؛ إذ الشيء الواحد لا يمكن أن يكون أسوداً وابيضاً وأما في عالم الرتبة فلا يوجد ما يقتضي تضادّهما فليكونا في رتبةٍ واحدةٍ فإنه شيءٌ لا مانع منه.
بل يوجد عندنا دليل على جواز اجتماع المضادين في رتبة واحدة:- فإنّ المعروف هو أنّ النقيضين وهكذا بالنسبة إلى الضدّين هما في رتبةٍ واحدة وهذا شيء مسلّم عندهم تقريباً، وهذا بنفسه دليل على أنّ النقيضين يمكن أن يجتمعا في رتبةٍ واحدةٍ إذ كونهما في رتبة واحدة عبارة عن اجتماعهما في عالم الرتبة، وهكذا بالنسبة إلى الضدّين، فحيما يقال هما في رتبةٍ واحدةٍ يعني أنّهما قد اجتمعا في رتبةٍ واحدةٍ . إذن هذا ينبغي أن يكون من المسلّمات يعني أنّ التضاد والتناقض لا يعمّ عالم الرتب وإنما يختصّ بعالم الخارج، فإذن ما ذكره السيد الشهيد(قده) أمرٌ غريب.
هذا بالنسبة إلى الدليل الثاني على أنّ الضدّ مع عدم ضدّه ليس بينهما مقدّمية وقد اتضح وهنه.
الوجه الثالث:- ما ذكره السيد الخميني(قده)[1] وحاصله:- إنّ السواد لا يصدق عليه عنوان البياض، وإذا لم يصدق عليه البياض فإذن يصدق عليه عدم البياض، فالسواد نشير إليه ونقول ( هذا عدم بياضٍ ) وإذا صدق عليه أنه عدم بياضٍ فيثبت أنّ السواد وعدم البياض هما في رتبةٍ واحدةٍ وإلا كيف صدق عدم البياض على السواد ؟!
والتتمّة واضحة:- وهي أنه إذا كانا في رتبةٍ واحدة بطلت بذلك المقدّمية يعني أنَّ عدم الضدّ لا يكون مقدّمةً لوجود الضدّ الآخر يعني عدم البياض لا يكون مقدّمة للسواد؛ إذ لو كان مقدّمة لاختلفت الرتبة وقد أثبتنا أنّ الرتبة واحدة بسبب صدق عدم البياض على السواد.
ثم قال:- هكذا يمكن أن نفسّر عبارة الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية، وبه يندفع ما أفاده الشيخ الأصفهاني على الشيخ الخراساني(قده)، فإنّ الشيخ الخراساني(قده) قال في الكفاية إنّ الضدّ مع عدم ضدّه هما في رتبة واحدةٍ بدليل أنّ بينهما كمال الملاءمة وهذا لازمه أن تكون الرتبة واحدة وبه تبطل المقدّمية . وأشكل عليه الشيخ الأصفهاني(قده) وقال:- إنّ كمال الملاءمة لا يكشف عن وحدة الرتبة كما في العلّة والمعلول فإنّ بينهما كمال الملائمة بحيث لا يمكن العلّة بلا معلول ولا يمكن المعلول بلا علّة ولكن رغم كمال الملاءمة هذا لا يوجد بينهما اتّحاد في الرتبة بل الرتبة مختلفة . والسيد الخميني(قده) يريد أن ينتصر للشيخ الخراساني(قده) في مقابل الشيخ الأصفهاني(قده) فيقول:- ليس من البعيد أنّ مقصود الشيخ الخراساني(قده) ما أشرنا إليه وهو أنه يقصد من كمال الملائمة يعني الملاءمة العالية بأسمى درجاتها وهي إذا صدق هذا على هذا، وأسمى درجات الملاءمة ليست موجودة بين العلّة والمعلول فإنّ المعلول لا يصدق على العلّة والعلة لا تصدق على المعلول فليس بينهما كمال الملاءمة بأسمى وأعلى الدرجات، بخلافه بين الضدّ وعدم ضدّه - يعني بين السواد وعدم البياض - فإن بينهما كمال الملاءمة وأسماها بحيث يصدق عدم البياض على السواد، وهذا يكشف عن وحدة الرتبة وإلا لما صدق هذا على ذاك.
وفيه:- نحن نسلّم أنّ عدم البياض - أي عدم الضدّ - يصدق على الضدّ الآخر وهذا من أسمى درجات الملاءمة، ولكن من أين لك أنّ صدق أسمى درجات الملاءمة يقتضي وحدة الرتبة ؟!!! يعني ما أفاده(قده) هو مجرّد دعوى جميلة ولكن الجمال لا يصلح أن يكون سنداً علمياً لإثبات وحدة الرتبة، فإنّ وحدة الرتبة كاختلاف الرتبة يحتاج إلى ملاك، فإذا كان الملاك موجوداً يحكم بأن الرتبة واحدة أو مختلفة، فمثلاً إذا كانا معاً معلولين لعلّة واحدةٍ فنفس كونهما معلولان لعلة واحدة ونتاجٍ واحدٍ وولادة من واحدٍ فهذا يقتضي وحدة الرتبة، ونفس كون ذاك مولّد - أي العلّة - وهذا - أي المعلولان - متولّدان من ذاك فهذا يقتضي اختلاف الرتبة، أما أنّ أسمى درجات الملاءمة هل هو ملاك لوحدة الرتبة فإنّ هذه دعوى تحتاج إلى إثبات، نعم ربما تكون صحيحة ولكن لا مثبت لها، فزيدٌ مثلاً يصدق عليه أنه شيء وأنه عالمٌ وأنه موجودٌ ولكن هل هذا يعني أن زيد والشيئية أو العالمية أو الموجودية هما في رتبة واحدة ؟! أفهل هذا من مقتضيات وحدة الرتبة ؟!! إنّ هذه دعوى تحتاج إلى إثبات ولا مثبت لها.