37/06/06
تحمیل
الموضوع: الأصول العمليّة / شرائط جريان الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر
كان الكلام في البحث الذي وقع في روايات الطائفة الثانية، وبالخصوص الروايات التي ترتبط بباب الشفعة وباب منع فضل الماء، وهذا البحث هو أنّه هل هناك ارتباط بين قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لا ضرر ولا ضرار) وبين القضاء بالشفعة، أو النهي عن منع فضل الماء في بعض التطبيقات ؟ هذا البحث أثير باعتبار ما قلناه من أنّ المحقق شيخ الشريعة الأصبهاني(قدّس سرّه) في كتابه قاعدة (لا ضرر) استظهر من القاعدة أنّ مفادها هو الحرمة التكليفية فقط لا غير. الارتباط المذكور في هذه الروايات ــــــ على تقديره ــــــ ينافي تفسير القاعدة بالحرمة التكليفية فقط؛ وذلك لأنّ الارتباط يعني أنّ الإمام(عليه السلام) يستدل بقاعدة نفي الضرر في باب الشفعة وباب منع فضل الماء، وهذا معنى التطبيق، بمعنى أنّه يطبّق كبرى (لا ضرر ولا ضرار) في هذين الموردين واستنتاج الحكم المناسب من هذا التطبيق، قد نفهم من هذا التطبيق إثبات حق شريك في منع بيع شريكه للحصة المشاعة، أو يثبت له خيار، أو نقول أنّه بإمكانه أن يملك تلك الحصة المشاعة باعتبار أنّ له حق الشفعة، فالمستفاد من الحديث الشريف عندما يطبّقه على مورد الشفعة هو إثبات حق الشفعة للشريك عندما يبيع الشريك الآخر الحصة المشاعة. هذا التطبيق لا يمكن أن نستفيده إذا كانت القاعدة دالة على الحرمة التكليفية فقط، مهما كان الحكم الذي يُستفاد عند تطبيق القاعدة على مورد الشفعة الذي سيأتي الكلام فيه، لكن على كل التقادير لا يمكن أن يُستفاد ذلك الحكم إذا قلنا أنّ المراد بالقاعدة الحرمة التكليفية فقط.
بناءً على هذا؛ حينئذٍ اضطر المحقق شيخ الشريعة الأصبهاني(قدّس سرّه) إلى دعوى عدم وجود ارتباط بين قاعدة (لا ضرر) وبين مورد الشفعة ومورد منع فضل الماء، وادّعى أنّ هذا من باب (الجمع في الرواية لا الجمع في المروي)، ومقصوده من الجمع في الرواية هو أنّ رواية (لا ضرر ولا ضرار) منفصلة عن رواية (القضاء بالشفعة) وعن(القضاء بمنع فضل الماء) فهذه قضايا منفصلة، وهذا الراوي جمع بينها في الرواية، فجمع بين عدّة أقضية صدرت منه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في رواية واحدة، وإلا لا ارتباط فيما بينها واقعاً، وإنما صدرت بشكل منفصل، النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قضا (لا ضرر ولا ضرار) وقضا بالشفعة، وقضا بالنهي عن منع فضل الماء، هذه اقضية متعددة، جمع الراوي بينها في الرواية، ليس الجمع جمع في المروي، وإنّما هو جمع في الرواية، فلا ارتباط بين هذه القضايا، وحاول أن يستدل على ذلك كما سيأتي.
قبل أن نذكر ما ذكره كدليل على مدّعاه من أنّ الجمع بين هذه الأمور هو من باب الجمع في الرواية بالمعنى الذي ذكرناه وأنه لا ارتباط فيما بينها أساساً، نريد أن ننبه إلى أنّ الذي دعاه إلى طرح هذا الكلام وأنّ الجمع هو من باب الجمع في الرواية، السبب في هذا هو أحد أمرين على سبيل منع الخلو:
الأمر الأوّل: هو ما أشرنا إليه من أنّ الشخص إذا تبنّا من البداية أنّ قاعدة (لا ضرر) مفادها هو الحكم التكليفية فقط، وإذا كان هذا هو مفاد القاعدة لا غير؛ فحينئذٍ نواجه مشكلة أنّ هذه الروايات ظاهرها التطبيق وتعليل الحكم بالشفعة في باب الشفعة، وفي باب منع فضل الماء، هذا من باب تطبيق كبرى (لا ضرر ولا ضرار) عليها، هذا التطبيق لاستنتاج الحكم المناسب من هذا التطبيق لا ينسجم مع افتراض أنّ مفاد القاعدة هو الحرمة التكليفية فقط؛ فلذا ادُعيت هذه الدعوى لفك الارتباط بين هذه الأقضية المتعددة المنقولة في هذه الروايات، يعني لا يوجد ارتباط بين (لا ضرر ولا ضرار) وبين الحكم بالشفعة أصلاً؛ حينئذٍ يبقى هناك مجال لأن يُدّعى بأنّ (لا ضرر ولا ضرار) لمّا كانت مستقلة وصدرت بشكلٍ منفصلٍ عن هذه الأقضية، يكون مفادها هو الحرمة التكليفية فقط، فهذا هو السبب الذي يدعو إلى هذه الدعوى.
الأمر الثاني: أن يقال هناك مشكلة في صحّة تطبيق القاعدة على هذين الموردين، هذا الإشكال في هذا التطبيق إذا استحكم ؛ حينئذٍ نضطر إلى أن نفصل بينهما ونقول أنّ هذا ليس من باب التطبيق، وذلك بأن ندّعي أنّ الجمع بين هذه الأمور هو من باب الجمع في الرواية وليس من باب الجمع في المروي، فليس هناك ارتباط فيما بينها؛ لأنّه لو كان هناك ارتباط فيما بينها، فهذا يعني أنّ هذه الكبرى الكلّية(لا ضرر ولا ضرار) يُراد تطبيقها على هذين الموردين، وهذا فيه إشكال سنبيّنه، فإذاً: لابدّ أن نقول أنّ الروايات التي تجمع بين هذه الأقضية هي من باب الجمع في الرواية ولا يوجد ارتباط بينها؛ لأنه لا يصح تطبيق هذه الكبرى على هذه الموارد. هذا السبب الثاني الذي دعا غير المحقق شيخ الشريعة الأصبهاني(قدّس سرّه) إلى أن يلتزم بعدم وجود ارتباط بين هذه الأقضية المنقولة في روايات الطائفة الثانية.
لماذا لا يصح التطبيق ؟
أولاً: في مسألة الشفعة، قيل: لا يصح تطبيق قاعدة (لا ضرر) في باب الشفعة؛ وذلك لأمرين:
الأمر الأول: نلاحظ أنه بين موارد ثبوت الشفعة فقهياً وبين تضرر الشريك يوجد عموم وخصوص من وجه، فليس دائماً ثبوت الشفعة يقارنه تضرر الشريك من البيع؛ وإنما في بعض الأحيان تثبت الشفعة ولا يتضرر الشريك، كما لو فرضنا أنّ الشريك الأول كان رجلاً مؤذياً لشريكه كأن يكون جاراً سيئاً يزاحمه في الأشياء ويؤذيه، وباع حصّته المشاعة على شخصٍ مؤمنٍ متدّين محسنٍ إلى الشريك، فهذا الشريك الأول لا يتضرر بهذا البيع؛ بل يتضرر من عدم البيع في هذا المثال، هنا تثبت الشفعة بلا إشكال، لكن ليس هناك تضرر للشريك من البيع. وفي بعض الأحيان يتضرر الشريك من البيع ولا تثبت الشفعة، كما لو فرضنا أنّ الشركاء كانوا أكثر من أثنين، أي كانوا ثلاثة أو أكثر، فليس هناك شفعة؛ لأنّ الشفعة إنما تثبت إذا كان هناك شريكان، أمّا إذا كان شركاء ثلاثة فأكثر لا تثبت الشفعة مع وجود التضرر، فهنا يكون التضرر موجوداً، لكن لا تثبت الشفعة، وفي بعض الأحيان يجتمعان فتثبت الشفعة ويتضرر الشريك من البيع.
إذاً: لا يوجد تلازم بين الأمرين، وإنما قد يحصل هذا وربما لا يحصل هذا. بناءً على هذا؛ حينئذٍ لا يمكننا إدراج الحكم بثبوت حق الشفعة تحت كبرى(لا ضرر ولا ضرار)، بحيث نستدل بالقاعدة على ثبوت حق الشفعة؛ لأنّه في بعض الأحيان قد لا يكون ثبوت حق الشفعة مقترناً بوجود ضرر أصلاً، فكيف نثبت حق الشفعة ؟ فإذاً: ثبوت حق الشفعة هي قضية منفصلة عن (لا ضرر ولا ضرار)، قضا بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس من باب تطبيق كبرى(لا ضرر ولا ضرار) عليها؛ لأنّ هذا التطبيق يواجه هذه المشكلة التي ذكرناها.
الأمر الثاني: سيأتي في مقام تفسير القاعدة أنّ مفاد القاعدة هو إمّا نفي الحكم الضرري مباشرة، أو نفي الحكم بتوسط نفي الموضوع الضرري، على الخلاف المعروف بين الشيخ وبين صاحب الكفاية(قدّس سرّهما). في مورد الشفعة الضرر الذي يرِد على الشريك عندما يبيع شريكه الحصة المشاعة ينشأ من بيع الشريك حصّته المشاعة، فإذا فرضنا أنّ هذا كان مورداً للقاعدة، وأردنا تطبيق القاعدة عليه؛ حينئذٍ لابدّ أن نحكم ببطلان البيع؛ لأنّنا إذا قلنا بأنّ هذا البيع صحيح ونافذ، يلزم منه إيقاع الضرر بالشريك، وقاعدة (لا ضرر) تقول أنّ الحكم الضرري الذي هو صحّة البيع، وجواز البيع وضعاً يلزم منه الضرر، فالقاعدة ترفع هذا الحكم الضرري، فهي ترفع صحة البيع، فلابدّ أن يُلتزم ببطلان البيع أساساً.
إذا نوقش في ذلك بأنّ ما ينشأ منه الضرر ليس هو صحة البيع، وإنّما الضرر ينشأ من كون البيع بيعاً لازماً، فإذا أردنا تطبيق قاعدة (لا ضرر) فأنّها ترفع اللّزوم، فيثبت الخيار لذلك الشريك. إذاً: تطبيق القاعدة في محل الكلام سوف يؤدي بنا إمّا إلى الالتزام ببطلان البيع، أو الالتزام بصحة البيع، لكن مع ثبوت الخيار للشريك.
نعم، هذا مقتضى تطبيق قاعدة (لا ضرر) في محل الكلام، لكن ليس مقتضى تطبيقها في محل الكلام أن نعطي حق الشفعة للشريك حتى يجبر الضرر ويتدارك الضرر، وحق الشفعة في المقام بأن نعطي الحق للشريك بأن ينقل المبيع إلى ملكه، ولا يُحكم ببطلان البيع، فالبيع صحيح، ولا نعطيه الخيار بأن يفسخ البيع؛ لأنّ معنى الخيار هو أن يرجع المبيع إلى البائع، حق الشفعة لا يعني هذا، وإنّما يعني أن يدخل المبيع في ملك الشريك صاحب حق الشفعة. تطبيق قاعدة (لا ضرر) في محل الكلام لا ينتج أن يتملّك الشريك الحصّة التي باعها شريكه ويدخلها في ملكه بأن يُعمل حق الشفعة ويدخلها في ملكه، قاعدة (لا ضرر) لا تقتضي هذا، وإنّما تقتضي نفي صحة البيع، فيثبت البطلان، أو تقتضي نفي لزوم هذا البيع، وهذا يقتضي ثبوت خيار الفسخ للشريك ويرجع المبيع إلى مالكه لا أن يرجع إلى صاحب الحق. بينما المطلوب في المقام من حق الشفعة هو الثاني، وهذا لا يمكن إثباته بتطبيق قاعدة (لا ضرر). فهناك إشكال في التطبيق، وهذا الإشكال في التطبيق يجبرنا على أن نقول أنّ الروايات ليست من باب تطبيق القاعدة، وإنّما من باب(الجمع في الرواية) يعني ليس هناك ارتباط بين القاعدة وبين هذين الموردين، فالقاعدة وردت بشكلٍ مستقلٍ في الواقع، والناقل جمع بينهما في الرواية، فلا تطبيق على القاعدة حتى نواجه هذه المشكلة؛ فلذا ادّعوا نفس هذه الدعوى التي ذهب إليها المحقق شيخ الشريعة الأصبهاني(قدّس سرّه).
أمّا بالنسبة إلى منع فضل الماء، أيضاً قيل بأنّ تطبيق قاعدة (لا ضرر) على منع فضل الماء يواجه مشكلة، وهذه المشكلة تنشأ من أمرين:
الأمر الأول: أنّ الضرر في مسألة منع فضل الماء لا ينشأ من منع المالك فضل مائه عن الغير، باعتبار أنّ منع المالك غيره من الانتفاع بمائه لا يُعد ضرراً بالنسبة إلى الغير، وإنّما هو تفويت منفعة على الغير، والقاعدة لا تشمل عدم الانتفاع وإنما تشمل الضرر، فلابدّ من فرض وجود ضرر حتى ترفع القاعدة الحكم الضرري، أو الموضوع الضرري، فكيف يمكن تطبيق القاعدة في هذا المورد ؟! بحيث نقول هذا ليس له أن يمنع فضل مائه عن الغير؛ لأنّ منعه فضل مائه عن الغير فيه ضرر، فلا نجوّز له منع فضل مائه عن الغير. هذا التطبيق يواجه هذه المشكلة.
الأمر الثاني: لا يمكن الالتزام بأنّ النهي عن منع فضل الماء عن الغير هو نهي تحريمي، وإنّما هو نهي تنزيهي أو نهي كراهتي، فغاية ما يمكن الالتزام به هو كراهة أن يمنع الإنسان فضل مائه عن الغير، أمّا حرمة ذلك، فهذا مما لا يمكن الالتزام به. ومن هنا يظهر عدم إمكان تطبيق القاعدة عليه وإدراج هذا المورد في كبرى (لا ضرر ولا ضرار)؛ لأنّ مقتضى ذلك هو أن نثبت حرمة منع فضل الماء عن الغير؛ باعتبار أنّ الضرر ينشأ من جواز المنع، والمقصود بالجواز هو الجواز بالمعنى الأعم، لا الجواز بالمعنى الأخص، أي لا ينشأ من الإباحة في قبال سائر الأحكام الأخرى التكليفية حتى يقال أنّ حديث (لا ضرر) يرفع الإباحة، ورفع الإباحة لا يعني التحريم، وإنما الضرر ينشأ من الجواز بالمعنى الأعم، أي الجواز الذي يشمل سائر الأحكام الأخرى ما عدا التحريم، يعني كما أنه إذا قلنا يباح لهذا أن يمنع فضل مائه يُلحق الضرر بالغير ــــــ بعد التنزّل عن الملاحظة الأولى ــــــ كذلك إذا قلنا يُستحب له، أو يكره له، بالنتيجة كل هذا يكون موجباً لإلحاق الضرر بالشريك، فالضرر ينشأ من الجواز بالمعنى الأعم، وقاعدة (لا ضرر) هنا ترفع منشأ الضرر الذي هو الجواز بالمعنى الأعم، ومن الواضح أنّه إذا ارتفع الجواز بالمعنى الأعم يثبت التحريم بلا إشكال.
إذاً مقتضى تطبيق القاعدة على هذا المورد هو الالتزام بحرمة منع فضل الماء عن الغير، ولا يمكن الالتزام بهذا؛ إذ لا إشكال في عدم الحرمة؛ لأنّ هذا ماله وهو مسلّط على ماله، وإنما غايته أن يقال بالكراهة، وهذه الكراهة التي يجب الالتزام بها لا يمكن إثباتها عن طريق تطبيق هذه القاعدة في محل الكلام؛ لأنّ هذا التطبيق يستدعي الالتزام بالتحريم لا بالكراهة.
إذاً: تطبيق قاعدة (لا ضرر) على هذين الموردين فيه إشكال، فإذا عجزنا عن توجيه هذا الإشكال؛ فحينئذٍ ليس هناك حل إلاّ أن نلتزم بعدم الارتباط بين هذه القواعد المذكورة في روايات الطائفة الثانية. هذا هو السبب الذي دعاهم إلى دعوى عدم الارتباط فيما بينها.
ما استدل به المحقق شيخ الشريعة الأصفهاني(قدّس سرّه) على دعواه.
خلاصة كلامه هو أنّه يقول أنا كنت مقتنعاً بأنّ حديث (لا ضرر ولا ضرار) مفاده هو الحرمة التكليفية فقط، لكن كانت لدي مشكلة التطبيق، أنّه في روايات كثيرة الإمام(عليه السلام) طبّق قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) على باب الشفعة، أو على باب منع فضل الماء أيضاً وهذا التطبيق لا ينسجم مع افتراض أنّ مفاد الحديث هو الحرمة التكليفية، لكن بعد ذلك التفتّ إلى منع وجود ارتباط في هذه الروايات، وأنّ (لا ضرر ولا ضرار) المذكورة في هذه الروايات بشكلٍ يوحي بالارتباط هي في الواقع ليست مرتبطة بالموارد والأقضية الأخرى، وإنما هي منفصلة عنها. ويثبت هذا بقوله: أننا لاحظنا أنّ هناك روايات يرويها العامّة موجودة في مسند احمد بن حنبل وغيره منقولة عن عبادة بن الصامت، ينقل فيها أقضية للرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كثيرة قد تصل إلى أكثر من عشرين، ومن جملة الأقضية التي نقلها عبادة بن الصامت هي ما نحن فيه، يعني (لا ضرر ولا ضرار)، و(الشفعة) و(منع فضل الماء). نقل عبادة بن الصامت لهذه الأقضية التي تشمل محل الكلام ظاهر في أنّه نقل لأقضية منفصلة وليس هناك ارتباط فيما بينها، وهذا معناه أنّ قضاء الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بــ(لا ضرر ولا ضرار) منفصل عن قضائه في باب الشفعة وعن قضائه في باب منع فضل الماء.
يقول: إذا جئنا إلى رواياتنا المتقدّمة في الطائفة الثانية جميعها يرويها عقبة بن خالد نجد هناك تشابه كبير جداً وحتى في الألفاظ في الأقضية التي ينقلها عقبة بن خالد وما ينقله عبادة بن الصامت بحيث يحصل الاطمئنان بأنّ ما يريد نقله عقبة بن خالد هو نفس ما يريد نقله عبادة بن الصامت. نعم، بطريق آخر حيث ينقلها عن الإمام(عليه السلام)، لكن الوقائع واحدة نقلها عبادة بن الصامت ونقلها عقبة بن خالد، باعتبار أنّ عبادة بن الصامت ثقة، وأميناً في النقل؛ حينئذٍ يحصل اطمئنان في أنّ هذا الخلاف الموجود الذي نلاحظه بين ما يرويه عبادة بن الصامت وبين ما يرويه عقبة بن خالد في أنّ ما يرويه عبادة بن الصامت واضح في عدم الارتباط، بينما ما يرويه عقبة بن خالد له ظهور في الارتباط، هذه القرائن التي ذكرناها توجب حصول الاطمئنان بأنّ هذا الاختلاف بينهما من هذه الجهة لا أصل له، بمعنى أنّ ما هو ظاهر نقل عقبة بن خالد في وجود ارتباط نرفع اليد عنه، ويحصل الاطمئنان بعدم الارتباط في ما ينقله عقبة بن خالد؛ لأنّه ينقل نفس ما ينقله عبادة بن الصامت، وعبادة بن الصامت ثقة وأمين في النقل، ونقل هذه الأقضية بلا ارتباط فيما بينها؛ بل هي أقضية منفصلة لا يوجد بينها ارتباط؛ ولذا لم يذكر هذا الحديث بعد قضائه في الشفعة؛ بل حتى في التسلسل لا يوجد ارتباط بين (لا ضرر ولا ضرار) وبين باب الشفعة وبين باب منع فضل الماء.