37/06/12
تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, المورد التاسع.
الفرع السادس: قوله (كما لا يلحق بالإدخال في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره وإن كان أحوط في الأمرين)
الكلام في الحاق الاستنشاق بالمضمضة في وجوب القضاء, وهو تارة يقع في الحاق الاستنشاق في غير الوضوء بالمضمضة في غير الوضوء, واخرى في الحاق الاستنشاق في الوضوء بالمضمضة في الوضوء.
أما الكلام في الاول: فيقال أن عمدة الادلة على وجوب القضاء في المضمضة في غير الوضوء عبارة عن موثقة سماعة ورواية الريان بن الصلت عن يونس بناء على كون مفادها التفصيل بين المضمضة في وضوء الصلاة فلا يجب القضاء وبين المضمضة في غيره فيجب القضاء, والاولوية العرفية المستفادة من صحيحة الحلبي.
وموثقة سماعة ـ( في حديث ـ قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ؟ قال : عليه قضاؤه ، وإن كان في وضوء فلا بأس به)[1]
المذكور فيها عبارة عن المضمضة من عطش ولا يمكن التعدي منها إلى الاستنشاق لصعوبة تصور الاستنشاق من عطش, وبقطع النظر عن هذه النكتة يحتاج التعدي من المضمضة إلى الاستنشاق _حتى من غير عطش_ إلى دليل وجزم بإلغاء الخصوصية وهو لا يخلو من صعوبة, مضافاً إلى أن الروايات تفرق بين نوعين من المضمضة بين مضمضة الوضوء للفريضة وبين مضمضة الوضوء للنافلة, وكذلك بين مضمضة للوضوء وبين مضمضة للتبرد, فيظهر أن المسألة لابد أن تؤخذ من الشارع ولا ضير في أن يقول أن المضمضة للتبرد توجب القضاء والاستنشاق للتبرد لا يوجب القضاء.
أما رواية الريان بن الصلت، عن يونس (قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء ، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه (فليس عليه شيء ) وقد تم صومه ، وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة ، والافضل للصائم أن لا يتمضمض) [2]
وتذكر فيها المضمضة صريحاً ولا يمكن التعدي منها إلى الاستنشاق فهي بنفسها تفرق بين نوعين من المضمضة, فالتعدي بحاجة إلى دليل والجزم بإلغاء الخصوصية وهو غير حاصل فينبغي الاقتصار على مورد الرواية.
أما الاولوية التي استدل بها على وجوب القضاء في باب المضمضة العبثية, فهي مبنية على دعوى نكتة مستفادة من صحيحة الحلبي, وهي إن عدم وجوب القضاء في وضوء صلاة الفريضة لمراعاة الاهمية, ويجب القضاء في المضمضة لوضوء النافلة عند سبق الماء لأنها اقل اهمية, لكن هذه النكتة لا توجب التعدي بحكم وجوب القضاء إلى الاستنشاق.
ومن هنا يتبين _ما عليه الاكثر من_ أن الاستنشاق لا يلحق بالمضمضة.
أما الكلام في الثاني: قيل أن الاكثر ذهب إلى عدم الالحاق كما ذهب السيد الماتن, وخالف جماعة من المحققين منهم الشهيد في الدروس, والذي ينبغي أن يقال أنه لا اشكال في أن نصوص الباب قاصرة عن الشمول للاستنشاق لأنها تذكر المضمضة صريحاً _الا رواية واحدة_ كرواية الريان بن الصلت ، عن يونس (قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء ، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه (فليس عليه شيء ) وقد تم صومه ، وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة ، والافضل للصائم أن لا يتمضمض) [3]
وموثقة سماعة ـ( في حديث ـ قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ؟ قال : عليه قضاؤه ، وإن كان في وضوء فلا بأس به)[4]
وموثقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم ؟ قال : ليس عليه شيء إذا لم يتعمد ذلك ، قلت : فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء ؟ قال : ليس عليه شيء ، قلت : فان تمضمض الثالثة قال : فقال قد أساء ، ليس عليه شيء ولا قضاء) [5]
فهذه الروايات ليس فيها القابلية بنفسها_ بغض النظر عن تنقيح المناط_ على شمول الاستنشاق.
أما دليل القول الاخر (الذي يقول بالإلحاق) فتذكر له وجوه:-
الوجه الاول: الغاء خصوصية المضمضة والتعدي إلى الاستنشاق, وهو غير واضح بأعتبار احتياجه إلى تنقيح المناط وهو يحتاج إلى معرفة الملاك في وجوب القضاء عند ادخال الماء إلى الفم وسبقه إلى الجوف, ومن الصعب جداً التعدي ما لم نجزم بإلغاء الخصوصية أو نستظهر ذلك من الدليل, وكل من الجزم والاستظهار غير موجود في محل الكلام.
الوجه الثاني: الاستدلال بصحيحة الحلبي أو صحيحة حماد (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه ، فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء ، وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء)[6]
حيث لم يذكر فيها المضمضة بل ذكر فيها عنوان الوضوء, ولا داعي لتقييدها بما اذا كان دخول الماء الحلق عن طريق الفم فكما أن المضمضة مستحبة في الوضوء كذلك الاستنشاق, ومقتضى اطلاق الرواية إن دخول الماء اذا حصل في وضوء نافلة يجب فيه القضاء, سواء كان بالمضمضة أو الاستنشاق, ومنه نتعدى بالأولوية إلى ما لو دخل الماء بالاستنشاق للتبرد أو عبثاً.
وقد استدل بهذا الاطلاق جماعة من المحققين واخرهم السيد الخوئي (قد) ولذا فرق بين الاستنشاق في الفرع الاول فلم يحكم فيه بالإلحاق بالمضمضة وبين الاستنشاق في الفرع الثاني حيث حكم فيه بالإلحاق اعتماداً على اطلاق هذه الرواية.
وهذا الدليل يتوقف على الالتزام بوجوب القضاء في المضمضة في وضوء النافلة.
ويناقش في هذا الدليل:-
اولاً: أن هذه الرواية اعرض عنها الاصحاب فتسقط عن الحجية.
لكن هذا الاعراض محل تأمل وقد ناقش فيه جملة من المحققين بل نقلوا العمل بالرواية ومضمونها عن جماعة من الفقهاء_ بل نسب ذلك إلى الشيخ الطوسي وكثير من المحققين المتأخرين_ وسيأتي الكلام عن ذلك في التفصيل بين الفريضة والنافلة( كما هو مدلول هذه الصحيحة).
نعم ذهب الاكثر إلى عدم التفصيل وعدم وجوب القضاء في الوضوء مطلقاً وهذا يعني الاعراض عن هذه الرواية الصريحة في التفصيل بينهما.
ثانياً: أن هذه الرواية منصرفة إلى خصوص ادخال الماء عن طريق الفهم بالمضمضة, فهو المتعارف والمعهود لا الادخال عن طريق الانف.
وقد يجاب أن ذلك وان كان القدر المتيقن من الرواية لكنه لا يمنع من اطلاقها لدخوله عن طريق الانف, فشيوع الفرد خارجاً وتعارفه لا يمنع من الاطلاق ولا يوجب الانصراف, بل يمنع من الاطلاق ما كان في الفاظ الرواية من خصوصية أو نكتة حيث يكون انس ذهني بينها وبين هذه الحصة من افراد الطبيعة.
لكن قد يقال بأن الوضوء وان لم يوجب الانصراف إلى خصوص المضمضة لكن قوله (فيدخل الماء حلقه) يمكن أن يوجبه, وكأن العرف يفترض أن ارادة دخول الماء للجوف عن طريق الانف يحتاج إلى مؤنة زائدة, ولا يكتفى لذلك بقول(فيدخل الماء حلقه).
وقد يقال ايضاً أن الرواية ليس فيها اشارة إلى المضمضة ومقتضى الجمود على الفاظها يجب الالتزام بأن دخول الماء الجوف قهراً اذا كان بسبب الوضوء لا بسبب مقدماته يكون موجباً للتفصيل بين وضوء الفريضة ووضوء النافلة.
لكن يتعين حمل الرواية على المضمضة بأعتبار أن السبب المعهود لدخول الماء إلى الجوف في الوضوء عن طريق المضمضة, ودخوله إلى الجوف من دونها وان كان ممكناً لكنه ليس متعارفاً, وحينئذ لا يمكن التعدي إلى الاستنشاق لأنه ليس سبباً متعارفاً, ومن هنا يتبين عدم تمامية الادلة على وجوب القضاء في باب الاستنشاق, فيكون مندرجاً تحت القاعدة الثانوية.
ومن هنا يظهر أن الصحيح عدم الحاق الاستنشاق بالمضمضة مطلقاً.