34/07/23
تحمیل
الموضوع:لايصح الصوم من المجنون والسكران والمغمى عليه
كان الكلام في الأمر الثاني من مفطرات الصوم
الثاني: العقل فلا يصح من المجنون ولو أدوارا وإن كان جنونه في جزء من النهار فالمجنون غير مكلف بالصوم والصلاة وغير ذلك
ولا من السكران ولا من المغمى عليه ولو في بعض النهار وإن سبقت منه النية على الأصح وهذه الفتوى الحقت السكران والمغمى عليه بالمجنون وقالوا ان هذا هو قول مشهور
ولكن هذا مشكل فانه من قياس المجنون على السكران والمغمى عليه ولكن هناك فرق بينهما فان المجنون فيه نص ودليل على انه لايصح منه الصوم بينما السكران والمغمى عليه لادليل على عدم صحة صومه
بل ذهب المشهور والسيد الحكيم في المستمسك والسيد الخوئي الى ان المغمى عليه والسكران أيضا يلحقان بالنائم وهو يعني صحة صومهما
فهنا قولان مشهوران: أحدهما ان السكران والمغمى عليه يلحقان بالمجنون وهو يعني عدم صحة صومهما، وقول مشهور آخر وهو ان السكران والمغمى عليه يلحقان بالنائم وهو يعني صحة صومهما
ودليل السيد الخوئي والسيد الحكيم على ان المغمى عليه والسكران يلحقان بالنائم هو ان التكليف مشروط بالعقل أو ان الدليل دلّ على صحة العمل بالعقل وان السكران والمغمى عليه عاقلان ومعه فيصح منهما الصوم
نعم يبقى الاشكال من ناحية النية والنية في الصوم تختلف عن بقية العبادات فان النية في الصوم معناها لاينافي النوم فان الامساك مع النية يكفي لصحة الصوم فان النوم ينسجم مع صحة الصوم، وأضاف السيد الحكيم بأن حصول النية الفاعلية تكفي لتحقق الصوم وان لم تكن نية فعلية وان النوم يوجب زوال النية الفعلية وهذا لايضر في صحة الصوم
فاذا قلنا ان السكران والمغمى عليه صومهما باطل فان هذا الحكم حكم احتياطي
نحن نقول ان الحاق المغمى عليه بالمجنون ذهب اليه المشهور فضلا عن الاجماعات ولكن هذه الاجماعات غير ثابتة فاننا نشكك بهذه الاجماعات فلابد من دليل آخر على بطلان صوم المغمى عليه
هنا نقول ان البعض ذهب الى عدم قضاء المغمى عليه لورود الروايات في ذلك وهذا يعني انه لايجب عليه فقالوا بوجود ملازمة بين عدم القضاء وعدم الوجوب والروايات في ذلك:
صحيحة أيوب بن نوح [1] كتبت الى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي مافاته أو لا؟ فكتب لايقضي الصوم ولايقضي الصلاة فقالوا ان لايقضي معناه انه لايجب عليه فهو ليس بمأمور بالصوم
وصحيحة اخرى [2] عن الامام الصادق (عليه السلام) سأله عن المغمى عليه شهرا أو أربعين ليلة؟ قال: فقال ان شئت اخبرتك بما آمر به نفسي وولدي ان تقضي كل مافاتك وهذه الرواية واردة في الاستحباب على انه لابد من حملها على الاستحباب لوجود الرواية المتقدمة الصريحة في عدم القضاء
وهذا الاستدلال كله باطل لعدم الملازمة بين عدم وجوب القضاء ووجوب الأداء فان الملازمة غيرتامة وباطلة، فالكافر حسب رأي المشهور ليس عليه قضاء لكنه مخاطب بالفروع ومعه فلاتوجد ملازمة بين عدم القضاء وعدم الوجوب، وكذا الكلام في النائم أو الناسي في أول شهر رمضان فهو يقضي ولكنه لايمكن تكليفة لأنه غافل وناسي فهنا غير مخاطب خطابا شخصيا لكنه يقضي
فلابد من القول هنا بأن القضاء حصل بأمر جديد وعدم القضاء حصل أيضا بأمر جديد ففيما نحن فيه الدليل يقول بعدم القضاء لكنه لاينافي كونه مخاطب، فالقول بأن المغمى عليه لاخطاب له لأنه غير مكلف بالقضاء هو قول باطل فقد ورد الدليل الخاص بخصوص ذلك كما في الكافر
وثانيا ان كلامنا في صحة صوم المغمى عليه إذا سبقت منه النية بينما هاتين المعتبرتين تقول الاولى بعدم وجوب القضاء والثانية تقول باستحباب القضاء ولاربط لهما فيما نحن فيه فكلامنا ان المغمى عليه اذا صام فهل يصح منه أو لايصح منه
نحن هنا نستدل على الصحة بعدم توجه الأمر الى المغمى عليه فإن توجه الأمر الى المغمى عليه هو أمر قبيح سواء كان الأمر وجوبيا أو استحبابيا وهذا الدليل لاباس في صورة كون الاغماء قبل الفجر ولكن اذا نوى الصوم وصام واغمي عليه وسط النهار فلماذا يكون حكمه البطلان ولايكون حكمه حكم النائم؟
نقول لايكون حكمه هذا حكم النائم لأن المغمى عليه وان كان وسط النهار فان مخاطبته وتكليفه يقبح عقلا فلايتوجه اليه الخطاب فهو من هذه الناحية كالنائم ولكن بخصوص النائم ورد الدليل على صحة صومه وهو إما الاجماع أو الأمر بالقيلولة أو ان نومه تسبيح أو ان السيرة قائمة على ذلك فلذا اختلف النوم عن الإغماء
فماذهب اليه السيد الخوئي من ان المغمى عليه كالنائم غير صحيح فالنائم يصح منه الصوم لوجود الأدلة الخاصة في ذلك ولايوجد ذلك في المغمى عليه فالصحيح ماذهب اليه المشهور من عدم صحة صوم المغمى عليه سواء كان اغمائه قبل الفجر أو بعد الفجر
قد يقال ان صوم المغمى عليه صحيح للأولوية من صوم النائم فاذا صح الصوم من النائم مع شدته ففي المغمى عليه أيضا يصح
ولكن هذا الكلام غير صحيح فان الأولوية في الشديد تكون في صورة بطلان صوم النائم أما في صورة الصحة فالأولوية هنا تكون معكوسة
[1] وسائل الشيعة، الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث الأول
[2] وسائل الشيعة، الباب 24 من ابواب من يصح منه الصوم، الحديث 4