37/04/16
تحمیل
الموضوع:- ثمرة وجوب المقدّمة - مقدّمة الواجب.
ولأجدر في ردّ هذه الثمرة أن يقال:- إنّ الوفاء وعدمه ليس حكماً شرعياً ، وإنما الحكم الشرعي هو وجوب الوفاء - ﴿ وليوفوا نذورهم ﴾[1] يعني يجب الوفاء - فالوجوب هو الحكم الشرعي لا أنّه هل تحقّق وفاءٌ أو لم يتحقّق فهذا ليس حكماً شرعياً وإنما هو متعلّق الحكم الشرعي ، والمسألة الأصولية ثمرتها لابدّ وأن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي وليس في طريق استنباط متعلّق الحكم.
الثمرة الثامنة:- أن نقول:- لو فرض أنّ شخصاً ترك واجباً له مقدّمات متعدّدة فهل تزول عنه العدالة ؟ ، ومن الواضح أنه لابد وأن نفترض أنّ ترك ذلك الواجب ليس من الكبائر وإلا فتركه وحده بلا حاجة إلى ترك المقدّمة ، مثل الصلاة ، فالصلاة لو تركتها ولو واحدة كصلاة الصبح تزول بتركها العادالة.
فيحنئذٍ إذا بنينا على أنّ مقدّمة الواجب واجبة فيصدق أنّه ترك واجباً - يعني ذا المقدّمة - وتَرَكَ المقدّمات التي هي واجبات أيضاً فيصدق الاصرار على فعل الصغيرة - يعني أنّه خالف عشر مخالفات مثلاً واحدة على ترك ذي المقدّمة وتسعة على ترك المقدّمات - ، أما إذا لم نبن عل وجوب المقدّمة شرعاً فهو قد ترك واجباً واحداً - أعني الواجب النفسي - فلا يصدق عنوان الاصرار على الصغائر.
وأورد صاحب الكفاية(قده)[2] عليها وقال:- إنَّ هذه الثمرة باطلة ، فإنّ المكلّف لو ترك المقدّمة الأولى فقد تعذّر عليه فعل ذو المقدّمة ، فسقط وجوبها ، وبالتالي سقط وجوب سائر المقدّمات ، فلا يصدق عنوان الاصرار.
وجوابه:- إنّ هذا السقوط سقوط عصياني ، والسقوط العصياني يؤثر على عدالة الشخص ، والذي لا يؤثر هو السقوط الذي لا يكون بسبب العصيان وهذا سقوط عصاني ، فبالتالي يصدق عليه أنّه عاصٍ بلحاظ المقدّمة لأنّه هو الذي اسقط وجوبه باختياره ، مثل ما لو فرض أنّ المكلف حلّ عليه الوقت وهو يستطيع الصلاة ولكنه صنع فعلاً بنفسة بعد حلول الوقت جعله لا يتمكن من الصلاة فهذا سقوطٌ عصاني لا ينافي الذنب والمعصية الفسق ، وإذا كان السقوط العصياني بنظره لا يوجب الفسق فيلزم حتى المقدّمة الأولى أنّه لا يوجد بلحاظها محذور ، بينما هو سلّم الحذور بلحاظها ، ونحن نقول يلزم بلحاظ المقدّمة الاولى أن لا محذور لأنّه حينما تركها سقط وجوب ذي المقدّمة فسقط وجوب كلّ المقدّمات بما في ذلك الأولى ، فلا يمكن حينئذٍ الاتيان بذي المقدّمة ، وبالتالي سقط وجوب حتى المقدّمة الأولى ولا يوجد عصيان بلحاظها.
والأجدر أن يجاب بنفس ما ناقشنا به سابقاً:- من أنّ الفسق وعدمه موضوعٌ أو متعلّقٌ للحكم الشرعي وليس بنفسه حكماً شرعياً.
الثمرة التاسعة:- إنّه بناءً على عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب لو بنينا على أن مقدّمات الواجب واجبة فسوف لا يجوز أخذ الأجرة عليها ، وأمّا إذا لم نبنِ على ذلك فيجوز أخذ الأجرة عليها.
والجواب هو الجواب:- يعني نقول:- إنَّ الحكم الشرعي هو عدم جواز أخذ الأجرة أمّا أنّ هذا واجبٌ أو ليس بواجبٍ فهو ليس حكماً شرعياً وإنما هو متعلّقٌ للحكم الشرعي ، وإذا بنينا على أنّ مقدّمة الواجب واجبة فسوف يثبت أنّ هذا واجب - يعني غسل الثوب لأجل الصلاة هو واجب وتحضير بطاقة الطائرة واجب - لا أنّه لا يجوز أخذ الأجرة عليه فإنّ عدم جواز أخذ الأجرة عليه ثابت بدليله الخاص ومسألة أن مقدّمة الواجب واجبة لا تثبت هذا الحكم ، فالقول بالملازمة بين وجوب الشيء وبين وجوب مقدّمته لا يثبت لنا عدم جواز أخذ الأجرة على الواجبات ،بل يثبت لنا أنّ هذا واجبٌ - أي المقدمة كبطاقة الطائرة - ، وإذا ثبت أنّ هذا واجبٌ فسوف يأتي ذلك الدليل من إجماعٍ أو آية أو رواية فلا يجوز ولكنّه من ذلك الدليل الخاص.
هذا مضافاً[3] إلى أنّ مسألة عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب هي محلّ نقاش طويل ، ولكن لو بنينا على عدم الجواز فمستند عدم الجواز هو الإجماع أو الآية أو الرواية وليس مسألة وجوب مقدّمة الواجب.
فاتضح من خلال ما ذكرنا أنّه لا توجد ثمرة سالمة من التأمل والإشكال.