37/01/17
تحمیل
الموضوع:- إجزاء
الأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي الأوّلي الاختياري -مبحث الإجـــزاء.
الأصل العملي:- إذا فرض أنه لم يتم لدينا دليل على الإجزاء ولا دليل على عدم الاجزاء فالنوبة تصل إلى الأصل العملي، وهو ماذا يقتضي ؟
وكلامنا في الأصل تارة إذا ارتفع العذر داخل الوقت وأخرى إذا ارتفع العذر خارج الوقت:-
فإذا ارتفع العذر داخل الوقت:- فلا جاجة إلى الاعادة تمسكاً بأصل البراءة، كما ذكر الشيخ الخراساني(قده)[1]، بمعنى أنه يقال إنّه حينما صلّيت مع التيمم والمفروض أننا بنينا على جواز البدار وبعد ذلك بساعة وقبل انقضاء الوقت تمكنت من الوظيفة اختيارية فالاعادة تحتاج إلى دليلٍ ونشكّ في وجوب الاعادة فيكون منفيّاً بأصل البراءة.
هذا ولكن قد تذكر وجوهٌ لاثبات وجوب الاعادة:-
الوجه الأوّل:- التمسّك بقاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ) فيقال إنّ المكلّف لو اقتصر على ما أتى به من الوظيفة الاضطرارية يشك في فراغ ذمته بعد علمه بأنّها مشتغلة والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فلابد حينئذٍ من الاعادة بالاتيان بالصلاة مع الوضوء مثلاً.
وفيه:- إنّه ذكرنا أكثر من مرّة أنّ الفراغ اليقيني يجب بمقدار الاشتغال اليقيني، فالعقل يحكم بأنّ ما اشتغلت به الذّمة يقيناً يلزم التفريغ منه يقيناً، أمّا التفريغ اليقيني ممّا يحتمل اشتغال الذمة به فلا يجب، وفي المقام نقول الذمّة يقيناً بم مشتغلة ؟ هل تتمكن أن تقول هي مشتغلة يقيناً بالوظيفة الاختيارية ؟ كلّا لا تجزم بذلك، وإنما هي مشتغلة جزماً بصلاةٍ أعمّ من كونها مع الوضوء أو مع التيمم، أمّا بخصوص الوضوء فلا أتمكن أن أجزم بذلك، وهذا التكليف الذي أجزم باشتغال الذمة به الذي هو اشتغال الذمة بالجامع - إن صحّ التعبير -، فأنا أعرف أنّ ذمتي مشتغلة بإحدى الصلاتين إمّا الاختيارية فقط أو بالاضطرارية فقط أو واحدةٍ منهما، فذمّتي مشتغلة بواحدةٍ جزماً، وهذا المقدار الذي اشتغلت به يقيناً أنا قد فرّغت الذمة منه يقيناً إذ أنّي أتيت بصلاةٍ واحدةٍ وهي الصلاة الاضطرارية، فما اشتغلت الذمة به يقيناً - وهو الصلاة واحدة بنحو الجامع - قد فرغت الذمة منه يقيناً، وأمّا ما زاد على ذلك فأشك في أصل الاشتغال به فلا حاجة إلى البراءة اليقينية فإنّ البراءة اليقينية تجب عمّا اشتغلت به الذمة يقيناً لا عمّا يحتمل اشتغال الذمة به.
الوجه الثاني:- إنّه بناء على أنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدورٌ كما هو الصحيح فيقال في المقام:- إنّ المكلّف يمكن أن يكون مشغول الذمّة بالصلاة الوضوئية إمّا حالة الاضطرار أو حالة ارتفاع الاضطرار بعد ذلك، والصلاة الوضوئية في أوّل الوقت وإن لم تكن مقدوراً لكن الطرف الثاني مقدورٌ - وهو الصلاة الوضوئية في آخر الوقت لأنا فرضنا أنّ الماء صار مقدوراً آخر الوقت -.
فإذن النتيجة هي أنّ أحد الفردين وإن لم يكن مقدوراً وهو الصلاة الوضوئية أوّل الوقت ولكن الفرد الثاني وهو الصلاة الوضوئية آخر الوقت مقدورٌ والجامع بين المقدور وغير المقدور لا بأس بالتكليف به، كأن اقول ( يا فلان إمّا أن تجلس في مكانك وتسكت أو تطير إلى السماء ) فإن هذا تكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور والتكليف بالجامع بينهما إذا بنينا على كونه مقدوراً فالتكليف به ممكنٌ.
وهنا أيضاً كذلك فيكون هذا الشخص مكلفاً بالصلاة الوضوئية في أحد الوقتين فلابد من تفريغ الذمّة منه يقيناً وذلك لا يحصل إلّا بالإتيان بالصلاة الوضوئية في آخر الوقت.
وفيه:- إنّ هذا احتمال وجيهٌ وشيءٌ ممكنٌ، ولكن مجرد الامكان لا ينفع إذ من الممكن أنّا كُلِّفنا بالصلاة التيمّميّة الاضطرارية في أوّل الوقت بحيث إذا أتينا بها كفت، إنّ هذا الاحتمال موجودٌ، فكما أنَّ ذاك الاحتمال ممكنٌ فهذا ممكن أيضاً ولا يمكن أن تبني تفريغ الذمّة يقيناً على الامكان والاحتمال وذلك بإعادة الصلاة فإنّ هذا غير صحيح.
بل يمكن أن نصعّد اللهجة ونقول:- المفروض أنّا بنينا على جواز البدار، ومع البناء على جواز البدار فهذا يعني أننا كُلِّفنا بالصلاة الاضطرارية في أوّل الوقت ولا معنى لإبداء احتمال أنّا كُلِّفنا بالصلاة الاختيارية مع الوضوء في أوّل الوقت أو في آخره فإنّ هذا لا معنى له بعد فرض أن البدار جائزٌ، يعني أنّا كُلِّفنا بالصلاة الاضطرارية مع التيمّم أوّل الوقت.
الوجه الثالث:- التمسّك بالاستصحاب التعليقي بناءً على حجيته، وحينئذٍ نقول:- هذا المكلّف لو كان لم يأتِ بالصلاة التيمّميّة - يعني الوظيفة الاضطرارية - قبل ارتفاع العذر فعند ارتفاع العذر تجب عليه الصلاة الاختيارية جزماً، فإذا شككنا وافترضنا أنّه أتى بالصلاة الاضطرارية في أوّل الوقت ثم ارتفع العذر، يعني شككنا في أنّه هل تجب الاعادة أو لا ؟ فمقتضى الاستصحاب التعليقي وجوب الاعادة.
يعني هذا مثل قضيّة العنب مع الزبيب، فنشير إلى الزبيب ونقول هذا قبل أن يصير زبيباً إن غلى لحرم، والآن - حينما صار زبيباً - نشك هل أنّ تلك الحرمة باقية أو لا ؟
فهنا أيضاً كذلك نشير إلى الشخص ونقول هذا الشخص كان يجب عليه الاتيان بالوظيفة الاختيارية عند ارتفاع العذر إن لم يأتِ بالوظيفة الاضطرارية، فلو أتى بها وشككنا في سقوط الوظيفة الاختيارية - بعد ارتفاع العذر- فنستصحب بقاء وجوب الوظيفة الاختيارية.
الأصل العملي:- إذا فرض أنه لم يتم لدينا دليل على الإجزاء ولا دليل على عدم الاجزاء فالنوبة تصل إلى الأصل العملي، وهو ماذا يقتضي ؟
وكلامنا في الأصل تارة إذا ارتفع العذر داخل الوقت وأخرى إذا ارتفع العذر خارج الوقت:-
فإذا ارتفع العذر داخل الوقت:- فلا جاجة إلى الاعادة تمسكاً بأصل البراءة، كما ذكر الشيخ الخراساني(قده)[1]، بمعنى أنه يقال إنّه حينما صلّيت مع التيمم والمفروض أننا بنينا على جواز البدار وبعد ذلك بساعة وقبل انقضاء الوقت تمكنت من الوظيفة اختيارية فالاعادة تحتاج إلى دليلٍ ونشكّ في وجوب الاعادة فيكون منفيّاً بأصل البراءة.
هذا ولكن قد تذكر وجوهٌ لاثبات وجوب الاعادة:-
الوجه الأوّل:- التمسّك بقاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ) فيقال إنّ المكلّف لو اقتصر على ما أتى به من الوظيفة الاضطرارية يشك في فراغ ذمته بعد علمه بأنّها مشتغلة والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فلابد حينئذٍ من الاعادة بالاتيان بالصلاة مع الوضوء مثلاً.
وفيه:- إنّه ذكرنا أكثر من مرّة أنّ الفراغ اليقيني يجب بمقدار الاشتغال اليقيني، فالعقل يحكم بأنّ ما اشتغلت به الذّمة يقيناً يلزم التفريغ منه يقيناً، أمّا التفريغ اليقيني ممّا يحتمل اشتغال الذمة به فلا يجب، وفي المقام نقول الذمّة يقيناً بم مشتغلة ؟ هل تتمكن أن تقول هي مشتغلة يقيناً بالوظيفة الاختيارية ؟ كلّا لا تجزم بذلك، وإنما هي مشتغلة جزماً بصلاةٍ أعمّ من كونها مع الوضوء أو مع التيمم، أمّا بخصوص الوضوء فلا أتمكن أن أجزم بذلك، وهذا التكليف الذي أجزم باشتغال الذمة به الذي هو اشتغال الذمة بالجامع - إن صحّ التعبير -، فأنا أعرف أنّ ذمتي مشتغلة بإحدى الصلاتين إمّا الاختيارية فقط أو بالاضطرارية فقط أو واحدةٍ منهما، فذمّتي مشتغلة بواحدةٍ جزماً، وهذا المقدار الذي اشتغلت به يقيناً أنا قد فرّغت الذمة منه يقيناً إذ أنّي أتيت بصلاةٍ واحدةٍ وهي الصلاة الاضطرارية، فما اشتغلت الذمة به يقيناً - وهو الصلاة واحدة بنحو الجامع - قد فرغت الذمة منه يقيناً، وأمّا ما زاد على ذلك فأشك في أصل الاشتغال به فلا حاجة إلى البراءة اليقينية فإنّ البراءة اليقينية تجب عمّا اشتغلت به الذمة يقيناً لا عمّا يحتمل اشتغال الذمة به.
الوجه الثاني:- إنّه بناء على أنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدورٌ كما هو الصحيح فيقال في المقام:- إنّ المكلّف يمكن أن يكون مشغول الذمّة بالصلاة الوضوئية إمّا حالة الاضطرار أو حالة ارتفاع الاضطرار بعد ذلك، والصلاة الوضوئية في أوّل الوقت وإن لم تكن مقدوراً لكن الطرف الثاني مقدورٌ - وهو الصلاة الوضوئية في آخر الوقت لأنا فرضنا أنّ الماء صار مقدوراً آخر الوقت -.
فإذن النتيجة هي أنّ أحد الفردين وإن لم يكن مقدوراً وهو الصلاة الوضوئية أوّل الوقت ولكن الفرد الثاني وهو الصلاة الوضوئية آخر الوقت مقدورٌ والجامع بين المقدور وغير المقدور لا بأس بالتكليف به، كأن اقول ( يا فلان إمّا أن تجلس في مكانك وتسكت أو تطير إلى السماء ) فإن هذا تكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور والتكليف بالجامع بينهما إذا بنينا على كونه مقدوراً فالتكليف به ممكنٌ.
وهنا أيضاً كذلك فيكون هذا الشخص مكلفاً بالصلاة الوضوئية في أحد الوقتين فلابد من تفريغ الذمّة منه يقيناً وذلك لا يحصل إلّا بالإتيان بالصلاة الوضوئية في آخر الوقت.
وفيه:- إنّ هذا احتمال وجيهٌ وشيءٌ ممكنٌ، ولكن مجرد الامكان لا ينفع إذ من الممكن أنّا كُلِّفنا بالصلاة التيمّميّة الاضطرارية في أوّل الوقت بحيث إذا أتينا بها كفت، إنّ هذا الاحتمال موجودٌ، فكما أنَّ ذاك الاحتمال ممكنٌ فهذا ممكن أيضاً ولا يمكن أن تبني تفريغ الذمّة يقيناً على الامكان والاحتمال وذلك بإعادة الصلاة فإنّ هذا غير صحيح.
بل يمكن أن نصعّد اللهجة ونقول:- المفروض أنّا بنينا على جواز البدار، ومع البناء على جواز البدار فهذا يعني أننا كُلِّفنا بالصلاة الاضطرارية في أوّل الوقت ولا معنى لإبداء احتمال أنّا كُلِّفنا بالصلاة الاختيارية مع الوضوء في أوّل الوقت أو في آخره فإنّ هذا لا معنى له بعد فرض أن البدار جائزٌ، يعني أنّا كُلِّفنا بالصلاة الاضطرارية مع التيمّم أوّل الوقت.
الوجه الثالث:- التمسّك بالاستصحاب التعليقي بناءً على حجيته، وحينئذٍ نقول:- هذا المكلّف لو كان لم يأتِ بالصلاة التيمّميّة - يعني الوظيفة الاضطرارية - قبل ارتفاع العذر فعند ارتفاع العذر تجب عليه الصلاة الاختيارية جزماً، فإذا شككنا وافترضنا أنّه أتى بالصلاة الاضطرارية في أوّل الوقت ثم ارتفع العذر، يعني شككنا في أنّه هل تجب الاعادة أو لا ؟ فمقتضى الاستصحاب التعليقي وجوب الاعادة.
يعني هذا مثل قضيّة العنب مع الزبيب، فنشير إلى الزبيب ونقول هذا قبل أن يصير زبيباً إن غلى لحرم، والآن - حينما صار زبيباً - نشك هل أنّ تلك الحرمة باقية أو لا ؟
فهنا أيضاً كذلك نشير إلى الشخص ونقول هذا الشخص كان يجب عليه الاتيان بالوظيفة الاختيارية عند ارتفاع العذر إن لم يأتِ بالوظيفة الاضطرارية، فلو أتى بها وشككنا في سقوط الوظيفة الاختيارية - بعد ارتفاع العذر- فنستصحب بقاء وجوب الوظيفة الاختيارية.