36/11/21
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة 11.[1]
قلنا أن الظاهر أن هذه المسألة (عروض المانع هل يبطل الصوم من حينه أو من البداية) مرتبطة ببحثٍ, وهو أن وجوب الصوم حدوثاً هل يتوقف على عدم الموانع في طيلة الوقت الممتد من الفجر إلى غروب الشمس بحيث أن حدوث المانع في آخر الوقت يوجب نفي وجوب الصوم حدوثاً, لأنه منوط بأن لا يكون هناك مانع حتى في آخر الوقت؟؟
أو أن حدوث الوجوب في البداية لا يتوقف على عدم المانع في جميع الوقت فيثبت الوجوب في اول الوقت عند حدوث المانع في آخر الوقت أو وسطه, ويبقى الوجوب بعد حدوثه مستمراً إلى أن يحدث المانع, فالمانع يوجب نفي الوجوب في مرحلة البقاء لا نفيه حدوثاً.
ومن هنا يتضح ابتناء احد الاحتمالين في الأمر الاول على هذا الأمر فأنه على الاول يثبت الكشف لأن عروض المانع في آخر الوقت أو في وسطه يوجب نفي الوجوب حدوثاً, أي أن الوجوب منتفٍ من البداية.
بينما على الثاني يكون كل شيء منوطاً في وقته فعروض المانع في وسط النهار أو في اخره لا يوجب نفي التكليف حدوثاً, وإنما يوجب انتفاءه بقاءاً وهذا يعني أن عروض المانع يوجب بطلان الصوم من حينه لا من البداية.
ولابد من تحقيق هذه الجهة.
وقد يقال بالأول (أي أن حدوث الوجوب منوط بعدم المانع مطلقاً الذي يلزم منه الكشف) ويستدل لذلك بدليلين:
الدليل الاول :مسألة الارتباطية بين الامساكات المتعددة في الانات المتعددة من الفجر إلى الغروب.
الدليل الثاني: مسألة أن عدم هذه الموانع (الحيض النفاس السفر) كما انها شروط للواجب هي شروط للوجوب (وسيأتي التعرض لذلك فأن السيد الماتن يذكر هذه الامور في شرائط الواجب ويذكرها في شرائط الوجوب أي أن وجوب الصوم مشروط بعدم الحيض وكذلك صحة الصوم (وهذا ما يعني أنه شرط للواجب) مشروطة بعدم الحيض, كما أن هناك شروط لا تكون للوجوب لكنها شروط في الصحة.
ويستدل بالدليل الاول: بأن يقال أن الشارع اوجب الصوم من الفجر إلى الغروب, والصوم يعني الامساك عن المفطرات وهذا ينحل إلى وجوبات متعددة بعدد الآنات الزمانية التي تحصل في الوقت المحدد, ففي الآن الاول يجب الامساك وفي الآن الثاني يجب الامساك وهكذا, وهذه الوجوبات مترابطة في ما بينها بالامتثال والعصيان, أي أن امتثال وجوب الامساك في اول النهار مرتبط بأمتثال وجوب الامساك في وسط النهار وفي آخره.
وهذه الارتباطية تنتج لنا الاحتمال الاول في الأمر الاول (أي تنتج أن عصيان الامساك (بطلان الصوم) في وسط النهار أو في اخره سيؤدي إلى بطلان الصوم من البداية, فإذا لم يأتي بالإمساك في وسط النهار أو في اخره فأن هذا يعني إمساكه في اول النهار كلا امساك, وهذا يعني أن عروض المانع الموجب لبطلان الصوم في الاثناء يوجب بطلان الصوم من البداية.
وبعبارة اخرى
نقول أن الشارع اوجب علينا الصوم وهو عبارة عن الامساك عن المفطرات في وقت مخصوص, وقد دلت الادلة على أن الحيض مانع من الصوم أي أن الحيض يمنع من اصل الصوم اذا وقع في أي جزء محدد, وهذا يعني أن عروض المانع يوجب البطلان وعدم الوجوب وعدم المشروعية من البداية وهذا هو معنى الكشف.
الدليل الثاني: مسألة أن عدم السفر(الحضر) وعدم الحيض وما شابه ذلك شرط في الوجوب, أي عند حصول الحيض مثلاً لا وجوب للصوم وان حدث في الاثناء, لأن عدم الحيض ليس شرطاً للصحة لكي يقال بأن الوجوب باقٍ لكن الصوم لا يصح منها, فأنتفاء الشرط (عدم الحيض) يوجب انتفاء الحكم والتكليف, أي أن هذا ليس مكلفاً بالصوم, فيكون الصوم غير مشروع في حقه والافطار فيه لا يكون موجباً للكفارة.
وقد يجاب عن الدليل الاول (مسألة الارتباطية) بجواب نقضي.
وهو يقول أن البناء على مسألة الارتباطية بما ذُكر يلزم منه النقض بجملة من الموارد, منها ما اذا علم الصائم بأنه سيسافر بعد ساعتين, ومنها ما اذا علمت المرأة بأنها ستحيض في اثناء النهار ومنها ما اذا علم الصائم بأنه سيقتل بعد ساعة (كما لو كان محكوماً بالإعدام), فأن هؤلاء يجب عليهم الصوم ويحرم عليهم الافطار قطعاً, مع انهم يعلمون بعروض المانع, والمفروض بناءً على فكرة الكشف أن هذا يقتضي الالتزام بعدم وجوب الصوم وجواز الافطار, لأنه يقول بأن عروض المانع يكون ملازماً لنفي التكليف من البداية, وهذا يعني أن هناك ملازمة بين العلم بعروض المانع وبين العلم بعدم التكليف من البداية, ولا معنى لوجوب الصوم على الشخص الذي يعلم بأنه غير مكلف بالصوم, فينبغي الالتزام بعدم وجوب الصوم وجواز الافطار لهؤلاء.
ولكن هذا لا يمكن الالتزام به اذ لا اشكال بأن هؤلاء يجب عليهم الصوم ويحرم عليهم الافطار بالرغم من كونهم عالمين بعروض المانع, ولو صاموا واتفق عدم عروض المانع يصح صومهم ولا يجب عليهم القضاء, وهذا لا يمكن تفسيره الا على اساس عدم الكشف(الاحتمال الثاني) حيث يقول بأن عروض المانع يوجب البطلان من حينه وقبل ذلك فالصوم صحيح ومشروع وواجب.
الكلام عن مسألة الارتباطية
قد يقال بأن الارتباطية في باب الصوم لا يراد بها ما ذكر من المعنى السابق وإنما يراد بها عدم مشروعية صوم بعض النهار, أي أن الصوم المشروع هو صوم تمام النهار, لا انها يراد بها بأن امتثال الامساك في الآن الاول يتوقف على امتثال الامساك في آخر النهار.
وهذا التفسير للارتباطية خلاف ظاهر الادلة وخلاف ظاهر الارتباطية المقصودة في محل الكلام فالأدلة دلت على وجوب الصوم وهو شرعاً عبارة عن الامساك عن مفطرات وامور معينة حددها الشارع في وقت يمتد من طلوع الفجر إلى الغروب.
وقد قال الشارع أن هذا الصوم له موانع كالحيض, وظاهر الادلة أن هذا الصوم لا يكون مشروعاً _عند حدوث المانع_ من بدايته إلى نهايته, والارتباطية بهذا المعنى, لا بمعنى أن هذا المانع يمنع من الصوم في آن حدوثه.
وما يلاحظ على الدليل الثاني الذي يقول بأن الحضر من شروط الوجوب كما أنه من شروط الواجب, ولازم ذلك انتفاء الوجوب عند انتفاء الشرط (عدم الحيض أو عدم السفر), لكن من قال بأن حدوث الحيض يلزم منه انتفاء الوجوب من اول الأمر, بل يمكن أن يكون موجباً لانتفاء الوجوب من حين حدوثه, وهذا لا ينافي كونه شرطاً في الوجوب, فأن كونه شرطاً في الوجوب لا يعني أن انتفاءه يستلزم انتفاء الوجوب من بداية الأمر , لكي يترتب عليه ما ذكروا, بل يمكن افتراض أنه شرط في الوجوب وانتفاءه يوجب انتفاء الوجوب من حين حدوثه.
ومن هذا الكلام يتبين أن هناك مسألتين متعارضتين, مسألة الارتباطية بالمعنى الذي ينتج الكشف وفي مقابلها النقوض المتقدمة
قلنا أن الظاهر أن هذه المسألة (عروض المانع هل يبطل الصوم من حينه أو من البداية) مرتبطة ببحثٍ, وهو أن وجوب الصوم حدوثاً هل يتوقف على عدم الموانع في طيلة الوقت الممتد من الفجر إلى غروب الشمس بحيث أن حدوث المانع في آخر الوقت يوجب نفي وجوب الصوم حدوثاً, لأنه منوط بأن لا يكون هناك مانع حتى في آخر الوقت؟؟
أو أن حدوث الوجوب في البداية لا يتوقف على عدم المانع في جميع الوقت فيثبت الوجوب في اول الوقت عند حدوث المانع في آخر الوقت أو وسطه, ويبقى الوجوب بعد حدوثه مستمراً إلى أن يحدث المانع, فالمانع يوجب نفي الوجوب في مرحلة البقاء لا نفيه حدوثاً.
ومن هنا يتضح ابتناء احد الاحتمالين في الأمر الاول على هذا الأمر فأنه على الاول يثبت الكشف لأن عروض المانع في آخر الوقت أو في وسطه يوجب نفي الوجوب حدوثاً, أي أن الوجوب منتفٍ من البداية.
بينما على الثاني يكون كل شيء منوطاً في وقته فعروض المانع في وسط النهار أو في اخره لا يوجب نفي التكليف حدوثاً, وإنما يوجب انتفاءه بقاءاً وهذا يعني أن عروض المانع يوجب بطلان الصوم من حينه لا من البداية.
ولابد من تحقيق هذه الجهة.
وقد يقال بالأول (أي أن حدوث الوجوب منوط بعدم المانع مطلقاً الذي يلزم منه الكشف) ويستدل لذلك بدليلين:
الدليل الاول :مسألة الارتباطية بين الامساكات المتعددة في الانات المتعددة من الفجر إلى الغروب.
الدليل الثاني: مسألة أن عدم هذه الموانع (الحيض النفاس السفر) كما انها شروط للواجب هي شروط للوجوب (وسيأتي التعرض لذلك فأن السيد الماتن يذكر هذه الامور في شرائط الواجب ويذكرها في شرائط الوجوب أي أن وجوب الصوم مشروط بعدم الحيض وكذلك صحة الصوم (وهذا ما يعني أنه شرط للواجب) مشروطة بعدم الحيض, كما أن هناك شروط لا تكون للوجوب لكنها شروط في الصحة.
ويستدل بالدليل الاول: بأن يقال أن الشارع اوجب الصوم من الفجر إلى الغروب, والصوم يعني الامساك عن المفطرات وهذا ينحل إلى وجوبات متعددة بعدد الآنات الزمانية التي تحصل في الوقت المحدد, ففي الآن الاول يجب الامساك وفي الآن الثاني يجب الامساك وهكذا, وهذه الوجوبات مترابطة في ما بينها بالامتثال والعصيان, أي أن امتثال وجوب الامساك في اول النهار مرتبط بأمتثال وجوب الامساك في وسط النهار وفي آخره.
وهذه الارتباطية تنتج لنا الاحتمال الاول في الأمر الاول (أي تنتج أن عصيان الامساك (بطلان الصوم) في وسط النهار أو في اخره سيؤدي إلى بطلان الصوم من البداية, فإذا لم يأتي بالإمساك في وسط النهار أو في اخره فأن هذا يعني إمساكه في اول النهار كلا امساك, وهذا يعني أن عروض المانع الموجب لبطلان الصوم في الاثناء يوجب بطلان الصوم من البداية.
وبعبارة اخرى
نقول أن الشارع اوجب علينا الصوم وهو عبارة عن الامساك عن المفطرات في وقت مخصوص, وقد دلت الادلة على أن الحيض مانع من الصوم أي أن الحيض يمنع من اصل الصوم اذا وقع في أي جزء محدد, وهذا يعني أن عروض المانع يوجب البطلان وعدم الوجوب وعدم المشروعية من البداية وهذا هو معنى الكشف.
الدليل الثاني: مسألة أن عدم السفر(الحضر) وعدم الحيض وما شابه ذلك شرط في الوجوب, أي عند حصول الحيض مثلاً لا وجوب للصوم وان حدث في الاثناء, لأن عدم الحيض ليس شرطاً للصحة لكي يقال بأن الوجوب باقٍ لكن الصوم لا يصح منها, فأنتفاء الشرط (عدم الحيض) يوجب انتفاء الحكم والتكليف, أي أن هذا ليس مكلفاً بالصوم, فيكون الصوم غير مشروع في حقه والافطار فيه لا يكون موجباً للكفارة.
وقد يجاب عن الدليل الاول (مسألة الارتباطية) بجواب نقضي.
وهو يقول أن البناء على مسألة الارتباطية بما ذُكر يلزم منه النقض بجملة من الموارد, منها ما اذا علم الصائم بأنه سيسافر بعد ساعتين, ومنها ما اذا علمت المرأة بأنها ستحيض في اثناء النهار ومنها ما اذا علم الصائم بأنه سيقتل بعد ساعة (كما لو كان محكوماً بالإعدام), فأن هؤلاء يجب عليهم الصوم ويحرم عليهم الافطار قطعاً, مع انهم يعلمون بعروض المانع, والمفروض بناءً على فكرة الكشف أن هذا يقتضي الالتزام بعدم وجوب الصوم وجواز الافطار, لأنه يقول بأن عروض المانع يكون ملازماً لنفي التكليف من البداية, وهذا يعني أن هناك ملازمة بين العلم بعروض المانع وبين العلم بعدم التكليف من البداية, ولا معنى لوجوب الصوم على الشخص الذي يعلم بأنه غير مكلف بالصوم, فينبغي الالتزام بعدم وجوب الصوم وجواز الافطار لهؤلاء.
ولكن هذا لا يمكن الالتزام به اذ لا اشكال بأن هؤلاء يجب عليهم الصوم ويحرم عليهم الافطار بالرغم من كونهم عالمين بعروض المانع, ولو صاموا واتفق عدم عروض المانع يصح صومهم ولا يجب عليهم القضاء, وهذا لا يمكن تفسيره الا على اساس عدم الكشف(الاحتمال الثاني) حيث يقول بأن عروض المانع يوجب البطلان من حينه وقبل ذلك فالصوم صحيح ومشروع وواجب.
الكلام عن مسألة الارتباطية
قد يقال بأن الارتباطية في باب الصوم لا يراد بها ما ذكر من المعنى السابق وإنما يراد بها عدم مشروعية صوم بعض النهار, أي أن الصوم المشروع هو صوم تمام النهار, لا انها يراد بها بأن امتثال الامساك في الآن الاول يتوقف على امتثال الامساك في آخر النهار.
وهذا التفسير للارتباطية خلاف ظاهر الادلة وخلاف ظاهر الارتباطية المقصودة في محل الكلام فالأدلة دلت على وجوب الصوم وهو شرعاً عبارة عن الامساك عن مفطرات وامور معينة حددها الشارع في وقت يمتد من طلوع الفجر إلى الغروب.
وقد قال الشارع أن هذا الصوم له موانع كالحيض, وظاهر الادلة أن هذا الصوم لا يكون مشروعاً _عند حدوث المانع_ من بدايته إلى نهايته, والارتباطية بهذا المعنى, لا بمعنى أن هذا المانع يمنع من الصوم في آن حدوثه.
وما يلاحظ على الدليل الثاني الذي يقول بأن الحضر من شروط الوجوب كما أنه من شروط الواجب, ولازم ذلك انتفاء الوجوب عند انتفاء الشرط (عدم الحيض أو عدم السفر), لكن من قال بأن حدوث الحيض يلزم منه انتفاء الوجوب من اول الأمر, بل يمكن أن يكون موجباً لانتفاء الوجوب من حين حدوثه, وهذا لا ينافي كونه شرطاً في الوجوب, فأن كونه شرطاً في الوجوب لا يعني أن انتفاءه يستلزم انتفاء الوجوب من بداية الأمر , لكي يترتب عليه ما ذكروا, بل يمكن افتراض أنه شرط في الوجوب وانتفاءه يوجب انتفاء الوجوب من حين حدوثه.
ومن هذا الكلام يتبين أن هناك مسألتين متعارضتين, مسألة الارتباطية بالمعنى الذي ينتج الكشف وفي مقابلها النقوض المتقدمة