36/02/09
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الاول ــــ تنبيهات البراءة ــــ الأصول
العملية.
كانا الكلام في التنبيه الاول وقلنا ان هذا المبحث ليس مختصا بالبراءة بل هو بحث يعم كل ابواب علم الاصول، بل يعم كل ابواب الفقه وهو عبارة عن عملية مراعاة الترتيب في القضايا الشرعية والقوانين الشرعية وان ملاحظة هذا الترتيب من الامور الاساسية للولوج في كل باب فقهي.
وبقيت هذه النقطة التي وقفنا عليها بالامس وهي ان هذا الترتيب في ترامي القضايا الشرعية ــ كما مر ــ بنا وكما اشير اليه في علم المنطق فانه بالدقة ان المحمول ولنفرضه ما قبل الاخير الذي وقع موضوعا للمحمول الاخير ليس بمفرده موضوع بل هذا المحمول وما قبله من الموضوعات او المحمولات ــ ما شئت فعبر ــ كلها في الحقيقة مكدسة مدمجة في هذا الموضوع الاخير وهذا ما عرف في علم المنطق ان الموضوع للمحمول كما هو موضوع للمحمول فان موضوع الموضوع ايضا موضوع، ففي الحقيقة الموضوع ينطوي على سلسلة طولية من الموضوعات وهذا امر نفيس سواء في العلوم العقلية او في المعارف او في علوم الفقه لانه يلفت نظر الباحث الى دخالة الموضوعات المطوية في الموضوع واستخراج تلك الموضوعات المطوية ليس استذواق واستمزاج في الاستنباط بل هو صناعة تحليلية مارسها وامتاز بها بشكل دقيق من بين فقهائنا المحقق الحلي + وهو المحقق الاول والمحقق الكركي + وهو المحقق الثاني ولعل سر تسميتهما بالمحققين هو من هذه الجهة ففي ابواب الفقه مارس هذان العلمان منهج التحليل في ماهيات عناوين الابواب بشكل دؤوب واحد آليات تحليل العناوين هو تحليل الموضوع واستخراج الموضوعات المطوية فيه، وهنا لابد من الالتفات الى ان انطواء تلك الموضوعات السابقة في الموضوع الاخير ليس من الضروري ان يكون انطواء ماهوي سيّما في القضايا الاعتبارية والقضايا القانونية وانما هو انطواء بحسب جعل الشارع.
هذا تمام الكلام في هذا التنبيه بشكل كلي والان نخوض في هذا المثال التفصيلي لهذا التنبيه.
المثال الذي يذكره الاعلام في المقام:-
وهذا المثال ذكره الشيخ صاحب الكفاية + وبقية الاعلام.
وحاصله:- اذا شككنا في تذكية لحم او جلد سواء كانت الشبهة شبهة موضوعية او شبهة حكمية، والشبهة الموضوعية تكون بالشك بان هذا اللحم هل جرت عليه التذكية او ان هذا اللحم ميتة[1]، ومع الشبهة الموضوعية في التذكية هل تجري اصالة عدم التذكية اولا؟ فاذا جرت اصالة عدم التذكية فلا تجري البراءة لان البراءة اصل حكمي واصالة عدم التذكية اصل ينقح الموضوع فيتقدم على البراءة هذا اذا كانت الشبهة موضوعية[2] وقد تكون الشبهة حكمية مثل الشك في قابلية الحيوان للتذكية ــ وان كان لها صور عديدة ــ وهذا اذا لم يكن لدينا عموم اجتهادي في باب الاطعمة والاشربة فتصل النوبة الى الاصول العملية ومقتضى الاصول العملية ما هو؟ البراءة او اصالة الحل وكلاهما اصل حكمي فاذا جرت اصالة عدم التذكية فيكون حاكم على الاصل الحكمي وهذه صورة من صور الشبهة الحكمية وتوجد صور اخرى للشبهة الحكمية اذن الشك في التذكية ليس من الضروري ان يكون في الشك في وقوع شرائط التذكية فقد يكون من جهة قابلية الحيوان للتذكية سواء كانت الشبهة موضوعية او حكمية ويستطرد البحث عند الاعلام في هذا المثال الى بحث حلية وحرمة الاكل او حلية وحرمة الصلاة او حلية وحرمة وضعية اخرى وهي الطهارة والنجاسة فتوجد عدة اثار للبحث.
هذا البحث سواء كان في الشبهة الحكمية او الموضوعية له زوايا عديدة فقهية وهناك زوايا اصولية وقبل الدخول في هذه الزوايا فان تنقيح البحث في هذه المسالة بشكل عام وبصوره العديدة بالدقة في بعدين اساسيين البعد الاول تنقيح وتحرير عنوان الميتة وما المراد به؟ وهناك ثلاثة اقوال رئيسية سنذكرها والبعد الثاني يقع في تنقيح ان الاحكام الثلاثة التي مرت بنا وهي حكم الصلاة وحكم الاكل وحكم الطهارة والنجاسة هل هي مرتبة على الميتة والمذكى او بعضها مرتبة على الميتة وبعضها على عدم المذكى وبعضها على المذكى الذي هو في قبال الميتة وعدم المذكى، وقبل الدخول في هذه الجهات دعونا نشرح الاقوال في البعدين.
الاقوال في البعد الاول:-
القول الاول:- ان عنوان الميتة هو ما مات حتف انفه وهذا ما ذهب اليه بعض الاعلام وقد حكاه الخونساري وهو صاحب نجاة العباد وهي الرسالة العملية لصاحب الجواهر + شرحها الشيخ ابو تراب الخونساري+ وهو السبب في تنبه السيد الخوئي+ والسيد الحكيم + من قبله الى انه يكفي رؤية واحدة في كل الكرة الارضية للهلال.
القول الثاني:- مطلق ما زهق روحه سواء كان بسبب شرعي وغير شرعي وهذا القول حكاه النراقي+ في العوائد عن بعض مشايخه.
القول الثالث:- وهو قول المشهور وهو الصحيح لدينا كما سنرى وهو ان الميتة عنوان لمطلق ما مات بسبب غير شرعي أي بغير تذكية سواء مات حتف انفه او مات بسبب الخطاء[3] فهذا يقال له ميتة.
ملاحظة مهمة:-
لاحظوا ان هذا البحث وهو الترديد بين البعدين هو بحث صناعي لنكتة اخرى غير التنبيه الذي نحن فيه وهي ان هذا الترديد في البعدين ــ والتي ذكرنا ان جملة من الاعلام ربما يخلطون بينهما ــ في الابواب الفقهية غالبا لدينا عناوين متضادة مثل غصبي او مباح ومثل طهارة او نجاسة والسؤال هو ان الاحكام التي في ذلك الباب هل رتبت على العنوانين او على عناوين ثلاثة فيها فمثلا هل ترتب الاحكام ليس على النجاسة والطهارة فقط بل على النجاسة والطهارة وعد الطهارة؟ ومثلا على الحلال والغصب وعدم الغصب وهذا البحث يأتي في كل باب فلاحظوا هذه الدقة في تحرير العناوين في الابواب الفقهية فلا يظن الباحث ان الاحكام فقط مرتبة على الضدين وكذا السؤال ان هذا ثبوتا واثباتا؟ والتتمة تاتي إذا ان شاء الله تعالى.
كانا الكلام في التنبيه الاول وقلنا ان هذا المبحث ليس مختصا بالبراءة بل هو بحث يعم كل ابواب علم الاصول، بل يعم كل ابواب الفقه وهو عبارة عن عملية مراعاة الترتيب في القضايا الشرعية والقوانين الشرعية وان ملاحظة هذا الترتيب من الامور الاساسية للولوج في كل باب فقهي.
وبقيت هذه النقطة التي وقفنا عليها بالامس وهي ان هذا الترتيب في ترامي القضايا الشرعية ــ كما مر ــ بنا وكما اشير اليه في علم المنطق فانه بالدقة ان المحمول ولنفرضه ما قبل الاخير الذي وقع موضوعا للمحمول الاخير ليس بمفرده موضوع بل هذا المحمول وما قبله من الموضوعات او المحمولات ــ ما شئت فعبر ــ كلها في الحقيقة مكدسة مدمجة في هذا الموضوع الاخير وهذا ما عرف في علم المنطق ان الموضوع للمحمول كما هو موضوع للمحمول فان موضوع الموضوع ايضا موضوع، ففي الحقيقة الموضوع ينطوي على سلسلة طولية من الموضوعات وهذا امر نفيس سواء في العلوم العقلية او في المعارف او في علوم الفقه لانه يلفت نظر الباحث الى دخالة الموضوعات المطوية في الموضوع واستخراج تلك الموضوعات المطوية ليس استذواق واستمزاج في الاستنباط بل هو صناعة تحليلية مارسها وامتاز بها بشكل دقيق من بين فقهائنا المحقق الحلي + وهو المحقق الاول والمحقق الكركي + وهو المحقق الثاني ولعل سر تسميتهما بالمحققين هو من هذه الجهة ففي ابواب الفقه مارس هذان العلمان منهج التحليل في ماهيات عناوين الابواب بشكل دؤوب واحد آليات تحليل العناوين هو تحليل الموضوع واستخراج الموضوعات المطوية فيه، وهنا لابد من الالتفات الى ان انطواء تلك الموضوعات السابقة في الموضوع الاخير ليس من الضروري ان يكون انطواء ماهوي سيّما في القضايا الاعتبارية والقضايا القانونية وانما هو انطواء بحسب جعل الشارع.
هذا تمام الكلام في هذا التنبيه بشكل كلي والان نخوض في هذا المثال التفصيلي لهذا التنبيه.
المثال الذي يذكره الاعلام في المقام:-
وهذا المثال ذكره الشيخ صاحب الكفاية + وبقية الاعلام.
وحاصله:- اذا شككنا في تذكية لحم او جلد سواء كانت الشبهة شبهة موضوعية او شبهة حكمية، والشبهة الموضوعية تكون بالشك بان هذا اللحم هل جرت عليه التذكية او ان هذا اللحم ميتة[1]، ومع الشبهة الموضوعية في التذكية هل تجري اصالة عدم التذكية اولا؟ فاذا جرت اصالة عدم التذكية فلا تجري البراءة لان البراءة اصل حكمي واصالة عدم التذكية اصل ينقح الموضوع فيتقدم على البراءة هذا اذا كانت الشبهة موضوعية[2] وقد تكون الشبهة حكمية مثل الشك في قابلية الحيوان للتذكية ــ وان كان لها صور عديدة ــ وهذا اذا لم يكن لدينا عموم اجتهادي في باب الاطعمة والاشربة فتصل النوبة الى الاصول العملية ومقتضى الاصول العملية ما هو؟ البراءة او اصالة الحل وكلاهما اصل حكمي فاذا جرت اصالة عدم التذكية فيكون حاكم على الاصل الحكمي وهذه صورة من صور الشبهة الحكمية وتوجد صور اخرى للشبهة الحكمية اذن الشك في التذكية ليس من الضروري ان يكون في الشك في وقوع شرائط التذكية فقد يكون من جهة قابلية الحيوان للتذكية سواء كانت الشبهة موضوعية او حكمية ويستطرد البحث عند الاعلام في هذا المثال الى بحث حلية وحرمة الاكل او حلية وحرمة الصلاة او حلية وحرمة وضعية اخرى وهي الطهارة والنجاسة فتوجد عدة اثار للبحث.
هذا البحث سواء كان في الشبهة الحكمية او الموضوعية له زوايا عديدة فقهية وهناك زوايا اصولية وقبل الدخول في هذه الزوايا فان تنقيح البحث في هذه المسالة بشكل عام وبصوره العديدة بالدقة في بعدين اساسيين البعد الاول تنقيح وتحرير عنوان الميتة وما المراد به؟ وهناك ثلاثة اقوال رئيسية سنذكرها والبعد الثاني يقع في تنقيح ان الاحكام الثلاثة التي مرت بنا وهي حكم الصلاة وحكم الاكل وحكم الطهارة والنجاسة هل هي مرتبة على الميتة والمذكى او بعضها مرتبة على الميتة وبعضها على عدم المذكى وبعضها على المذكى الذي هو في قبال الميتة وعدم المذكى، وقبل الدخول في هذه الجهات دعونا نشرح الاقوال في البعدين.
الاقوال في البعد الاول:-
القول الاول:- ان عنوان الميتة هو ما مات حتف انفه وهذا ما ذهب اليه بعض الاعلام وقد حكاه الخونساري وهو صاحب نجاة العباد وهي الرسالة العملية لصاحب الجواهر + شرحها الشيخ ابو تراب الخونساري+ وهو السبب في تنبه السيد الخوئي+ والسيد الحكيم + من قبله الى انه يكفي رؤية واحدة في كل الكرة الارضية للهلال.
القول الثاني:- مطلق ما زهق روحه سواء كان بسبب شرعي وغير شرعي وهذا القول حكاه النراقي+ في العوائد عن بعض مشايخه.
القول الثالث:- وهو قول المشهور وهو الصحيح لدينا كما سنرى وهو ان الميتة عنوان لمطلق ما مات بسبب غير شرعي أي بغير تذكية سواء مات حتف انفه او مات بسبب الخطاء[3] فهذا يقال له ميتة.
ملاحظة مهمة:-
لاحظوا ان هذا البحث وهو الترديد بين البعدين هو بحث صناعي لنكتة اخرى غير التنبيه الذي نحن فيه وهي ان هذا الترديد في البعدين ــ والتي ذكرنا ان جملة من الاعلام ربما يخلطون بينهما ــ في الابواب الفقهية غالبا لدينا عناوين متضادة مثل غصبي او مباح ومثل طهارة او نجاسة والسؤال هو ان الاحكام التي في ذلك الباب هل رتبت على العنوانين او على عناوين ثلاثة فيها فمثلا هل ترتب الاحكام ليس على النجاسة والطهارة فقط بل على النجاسة والطهارة وعد الطهارة؟ ومثلا على الحلال والغصب وعدم الغصب وهذا البحث يأتي في كل باب فلاحظوا هذه الدقة في تحرير العناوين في الابواب الفقهية فلا يظن الباحث ان الاحكام فقط مرتبة على الضدين وكذا السؤال ان هذا ثبوتا واثباتا؟ والتتمة تاتي إذا ان شاء الله تعالى.
[1] طبعا هذا مبني على ان ارض
المسلين ليست امارة وانه ليس مأخوذ من يد المسلم كما لو كان مأخوذ من بلاد الكفر
او اختلط بالحلال وعلمنا انه لا تجري الامارات الموضوعية.
[2] طبعا صور الشك في الشبهة
الموضوعية متعددة تجري فيها صالة عدم التذكية فقد يكون الشك من جهة الحيوان هل هو
من الانعام او خنزير او نشك انه جلال اولا او ان المكلف جاء بشرائط الذبح او لا.
[3] أي الذي لم تراعى فيه
شرائط التذكية عمداً.