36/05/19
تحمیل
الموضوع:- أصالة الاشتغال ــــ الاصول العملية.
ذكرنا بالأمس جملة من الفوائد والثمرات في بحث حقيقة العلم الاجمالي وقبل اكمال الكلام في الأفول في حقيقة العلم الاجمالي نضيف اليوم ثمرة اخرى مهمة فنقول:-
اولاً نبين الفرق بين التعارض بين الحجيتين الاقتضائيتين والتعارض بين الحجة والا حجة؟ واذا اتضح الفرق بين القسمين من التعارض سيتبين ان دراسة حقيقة العلم الاجمالي يؤثر في تشخيص كون التعارض الذي يقع بين الاصول العملية في اطراف العلم الاجمالي هل هو من قبيل القسم الاول او من قبيل القسم الثاني، باعتبار ان الاصول العملية اذا جرت في اطراف العلم الاجمالي فانه مسوغ للمخالفة القطعية فيقع بينها تعارض.
وقد يقال:- ما الثمرة في معرفة ان التعارض بينها هو من قبيل التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين او من قبيل تعارض الحجة والا حجة؟
فيقال:- الثمرة هي أننا لو افترضنا وجود اصل عملي يجري في بعض الاطراف بلا معارض، فبناءً على انه من قبيل تعارض الحجة بالا حجة فلا يجري الاصل المنفرد لان التعارض ليس بين الحجة والحجة، نعم لو كان التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين فما ان تنحسر احدى الحجتين فان الحجة الاخرى تتفعل فتجري.
وبعبارة اخرى:- لو كان التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين فيمكن ان تنفرد احدى الحجتين بالجريان (أي يجري اصل عملي منفرد) اذا لم يجري اصل عملي آخر معارضٍ له، لان معنى تعارض الحجتين انه لولا كل منهما لجرت الاخرى سيما اذا كان سنخ التعارض بين حجيتين إقتضائيتين سواء كانا أمارتين او اصلين عمليين.
وأما لو كان التعارض بين الحجة والا حجة فلو انفرد احدهما فلا تجري لان المفروض انه من الاول انه لا يعلم ايهما حجة فقد تكون هذه التي انفردت بلا معارض هي الا حجة فان منشأ التعارض هو اشتباه الحجة بالا حجة كما لو علمت ان أحد الخبرين الصحيحين موضوع ومدلس فحتى لو فقد احد الخبرين وبقي الاخر فلا يمكن العمل بالباقي المنفرد لان المفروض انه من الاول أنّ كلاً منهما مردد بين الحجة او الا حجة سواء انفرد او لم ينفرد، اذن هذا من موارد افتراق تعارض الحجة بالا حجة وتعارض حجيتين إقتضائيتين، فان تعارض الحجتين الاقتضائيتين كل منهما لولا الآخر لوصل كلٌ منهما الى الحجية الفعلية و التنجيز ولكن احدهما يمانع الاخر عن الوصول الى التنجيز او الفعلية.
اذن سبب التعارض بين الحجة والا حجة ليس هو التنافي والتدافع بل انما سببه الترديد بين ما هو حجة وما هو لا حجة حتى لو كان بين المتعارضين تمام الوئام، اذن تعارض الحجة بالا حجة لا يدور مدار وجود تدافع وتنافي بينهما.
وأما التعارض الاصطلاحي (الذي هو بين حجيتين إقتضائيتين) سببه التنافي والتضاد والتناقض سواء بين أمارتين او بين اصلين عمليين او بين دليلين عقليين.
ونعود الى محل الكلام وهو ان التعارض بين الاصول العملية في اطراف العلم الاجمالي هل هو من قبيل تعارض الحجة بالا حجة او من قبيل تعارض الحجتين الاقتضائيتين؟ وان كان الاصل في التعارض ان يكون تعارض الحجيتين الاقتضائيتين ولكن يجب على الباحث ان يدقق في كل الابواب عن نوع التعارض وانه من أي قبيل فقد يكون منشاء التعارض هو الترديد في الحجة منهما. فان كان التعارض بين الاصول في اطراف العلم الاجمالي من قبيل التعارض بين حجيتين إقتضائيتين فاذا انفرد بعض الاطراف بأصل عملي فانه يجري، اما اذا كان من قبيل تعارض الحجة بالا حجة فانه حتى لو انفرد بعض الاطراف بأصل عملي فانه لا يجري.
وبناءً على هذا اذا كان التعارض بين اطراف العلم الاجمالي من قبيل تعارض الحجة بالا حجة يكون العلم الاجمالي علة للمرتبة الثانية (وجوب الموافقة القطعية) أي ان العلم الاجمالي يمنع من جريان الاصل العملي حتى لو انفرد في بعض الاطراف لان العلم الاجمالي سبب اشتباه الحجة بالا حجة وهنا يكون تصوير العلية للعلم الاجمالي لكلا المرتبتين لا فقط للمرتبة الاولى واضح.
بعض الاعلام في باب التعارض في آخر علم الاصول إدعى ان كل تعارض بين حجتين إقتضائيتين ينجر الى تعارض الحجة بالا حجة وهذه الدعوى لا نقبلها وان كان لها رواج في عصرنا الاخير.
ما هو الاصل في سنخ التعارض:-
ويوجد اختلاف بين الاعلام في ان الاصل ما هو؟ فبعض قال ان الاصل هو ان يكون من قبيل تعارض الحجتين الاقتضائيتين وقال بعض ان الاصل هو ان يكون التعارض من قبيل تعارض الحجة بالا حجة، وتنقيح هذا المطلب ليس محله هنا.
اذن لا بد ان نلتفت الى ان التعارض الذي فرض بين الاصول العملية في جميع اطراف العلم الاجمالي في المرتبة الاولى من أي قسم من اقسام التعارض؟؟؟؟؟
لكي يثمر التنجيز للمرتبة الثانية لأنه لو كان من قبيل تعارض الحجة بالا حجة فانه يمنع من جريان الاصل العملي ولو انفرد في بعض الاطراف.
الجواب:- قال الاصوليون ان تشخيص حقيقة العلم الاجمالي هو المفتاح للجواب عن هذا، فعلى بعض الاقوال والنظريات في تصوير حقيقة العلم الاجمالي (مثل نظرية الشبح للمحقق العراقي (قدس سره) او غيرها) يكون التعارض من قبيل تعارض الحجة بالا حجة وليس هو من قبيل التعارض بين حجتين إقتضائيتين وحينئذ حتى لو إنفرد اصل عملي في بعض الاطراف المعين فلا يمكن لهذا الاصل ان يجري. فالعلم يكون علة للتنجيز في كلا المرتبتين على حذوٍ واحد ــــ وهو صحيح ــــ لأنه العلم الاجمالي يسبب اشتباه الحجة بالا حجة وهو كما في المرتبة الاولى فانه موجود في المرتبة الثانية . بخلاف تفسير حقيقة العم الاجمالي على اقوال ونظريات اخرى فانه يكون من قبيل التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين لا من قبيل تعارض الحجة بالا حجة وحينئذ اذا انفرد الاصل العملي في بعض اطراف العلم الاجمال فانه يجري لأنه في نفسه واجد لشرائط الحجية. اذن من نفائس البحوث المتأخرة هو اكتشاف نمطين من انواع التعارض.
ان قلت:- كيف يكون التعارض من قبيل تعارض الحجة بالا حجة بناء على نظرية المحقق العراقي (قدس سره)؟
قلت:- لان المحقق العراقي (قدس سره) يقول ان العلم الاجمالي هو نفسه العلم التفصيلي فان الشبح الذي تراه من بعيد هو في الحقيقة مشخص ولكن بسبب البعد يحصل الاجمال واذا كان هكذا فيكون من تعارض الحجة بالا حجة لان بعض اطراف العلم يعلم بها تفصيلا بان الحكم الواقعي منجز غاية الامر حصل ترديد فيه فالحكم الواقعي في طرف من الاطراف وصل لك بعلم تفصيلي وحينئذ ليس مجال للحكم الظاهري الا ان وصوله سبب اشتباه ولكن هذا لا يعني عدم الوصول، فان العلم التفصيلي يمنع تحقق موضوع الحكم الظاهري.
وكذا الشيخ الانصاري (قدس سره) كما سياتي عنده نظرية في بحث انه هل لأدلة الاصول العملية عموم يشمل اطراف العلم الاجمالي او لا؟ وهذا المبنى يؤدي الى ان التعارض بين الاصول العملية هو تعارض الحجة بالا حجة.
ولاحظوا ان هذا التدافع بين الامارات ليس فقط على الصعيد الاصولي بل حتى على الصعيد الفقهي فمثلا حقيقة التزاحم او حقيقة اجتماع الامر والنهي هل هو من قبيل تعارض الحجة والا حجة او من قبيل تعارض الحجتين الاقتضائيتين
ذكرنا بالأمس جملة من الفوائد والثمرات في بحث حقيقة العلم الاجمالي وقبل اكمال الكلام في الأفول في حقيقة العلم الاجمالي نضيف اليوم ثمرة اخرى مهمة فنقول:-
اولاً نبين الفرق بين التعارض بين الحجيتين الاقتضائيتين والتعارض بين الحجة والا حجة؟ واذا اتضح الفرق بين القسمين من التعارض سيتبين ان دراسة حقيقة العلم الاجمالي يؤثر في تشخيص كون التعارض الذي يقع بين الاصول العملية في اطراف العلم الاجمالي هل هو من قبيل القسم الاول او من قبيل القسم الثاني، باعتبار ان الاصول العملية اذا جرت في اطراف العلم الاجمالي فانه مسوغ للمخالفة القطعية فيقع بينها تعارض.
وقد يقال:- ما الثمرة في معرفة ان التعارض بينها هو من قبيل التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين او من قبيل تعارض الحجة والا حجة؟
فيقال:- الثمرة هي أننا لو افترضنا وجود اصل عملي يجري في بعض الاطراف بلا معارض، فبناءً على انه من قبيل تعارض الحجة بالا حجة فلا يجري الاصل المنفرد لان التعارض ليس بين الحجة والحجة، نعم لو كان التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين فما ان تنحسر احدى الحجتين فان الحجة الاخرى تتفعل فتجري.
وبعبارة اخرى:- لو كان التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين فيمكن ان تنفرد احدى الحجتين بالجريان (أي يجري اصل عملي منفرد) اذا لم يجري اصل عملي آخر معارضٍ له، لان معنى تعارض الحجتين انه لولا كل منهما لجرت الاخرى سيما اذا كان سنخ التعارض بين حجيتين إقتضائيتين سواء كانا أمارتين او اصلين عمليين.
وأما لو كان التعارض بين الحجة والا حجة فلو انفرد احدهما فلا تجري لان المفروض انه من الاول انه لا يعلم ايهما حجة فقد تكون هذه التي انفردت بلا معارض هي الا حجة فان منشأ التعارض هو اشتباه الحجة بالا حجة كما لو علمت ان أحد الخبرين الصحيحين موضوع ومدلس فحتى لو فقد احد الخبرين وبقي الاخر فلا يمكن العمل بالباقي المنفرد لان المفروض انه من الاول أنّ كلاً منهما مردد بين الحجة او الا حجة سواء انفرد او لم ينفرد، اذن هذا من موارد افتراق تعارض الحجة بالا حجة وتعارض حجيتين إقتضائيتين، فان تعارض الحجتين الاقتضائيتين كل منهما لولا الآخر لوصل كلٌ منهما الى الحجية الفعلية و التنجيز ولكن احدهما يمانع الاخر عن الوصول الى التنجيز او الفعلية.
اذن سبب التعارض بين الحجة والا حجة ليس هو التنافي والتدافع بل انما سببه الترديد بين ما هو حجة وما هو لا حجة حتى لو كان بين المتعارضين تمام الوئام، اذن تعارض الحجة بالا حجة لا يدور مدار وجود تدافع وتنافي بينهما.
وأما التعارض الاصطلاحي (الذي هو بين حجيتين إقتضائيتين) سببه التنافي والتضاد والتناقض سواء بين أمارتين او بين اصلين عمليين او بين دليلين عقليين.
ونعود الى محل الكلام وهو ان التعارض بين الاصول العملية في اطراف العلم الاجمالي هل هو من قبيل تعارض الحجة بالا حجة او من قبيل تعارض الحجتين الاقتضائيتين؟ وان كان الاصل في التعارض ان يكون تعارض الحجيتين الاقتضائيتين ولكن يجب على الباحث ان يدقق في كل الابواب عن نوع التعارض وانه من أي قبيل فقد يكون منشاء التعارض هو الترديد في الحجة منهما. فان كان التعارض بين الاصول في اطراف العلم الاجمالي من قبيل التعارض بين حجيتين إقتضائيتين فاذا انفرد بعض الاطراف بأصل عملي فانه يجري، اما اذا كان من قبيل تعارض الحجة بالا حجة فانه حتى لو انفرد بعض الاطراف بأصل عملي فانه لا يجري.
وبناءً على هذا اذا كان التعارض بين اطراف العلم الاجمالي من قبيل تعارض الحجة بالا حجة يكون العلم الاجمالي علة للمرتبة الثانية (وجوب الموافقة القطعية) أي ان العلم الاجمالي يمنع من جريان الاصل العملي حتى لو انفرد في بعض الاطراف لان العلم الاجمالي سبب اشتباه الحجة بالا حجة وهنا يكون تصوير العلية للعلم الاجمالي لكلا المرتبتين لا فقط للمرتبة الاولى واضح.
بعض الاعلام في باب التعارض في آخر علم الاصول إدعى ان كل تعارض بين حجتين إقتضائيتين ينجر الى تعارض الحجة بالا حجة وهذه الدعوى لا نقبلها وان كان لها رواج في عصرنا الاخير.
ما هو الاصل في سنخ التعارض:-
ويوجد اختلاف بين الاعلام في ان الاصل ما هو؟ فبعض قال ان الاصل هو ان يكون من قبيل تعارض الحجتين الاقتضائيتين وقال بعض ان الاصل هو ان يكون التعارض من قبيل تعارض الحجة بالا حجة، وتنقيح هذا المطلب ليس محله هنا.
اذن لا بد ان نلتفت الى ان التعارض الذي فرض بين الاصول العملية في جميع اطراف العلم الاجمالي في المرتبة الاولى من أي قسم من اقسام التعارض؟؟؟؟؟
لكي يثمر التنجيز للمرتبة الثانية لأنه لو كان من قبيل تعارض الحجة بالا حجة فانه يمنع من جريان الاصل العملي ولو انفرد في بعض الاطراف.
الجواب:- قال الاصوليون ان تشخيص حقيقة العلم الاجمالي هو المفتاح للجواب عن هذا، فعلى بعض الاقوال والنظريات في تصوير حقيقة العلم الاجمالي (مثل نظرية الشبح للمحقق العراقي (قدس سره) او غيرها) يكون التعارض من قبيل تعارض الحجة بالا حجة وليس هو من قبيل التعارض بين حجتين إقتضائيتين وحينئذ حتى لو إنفرد اصل عملي في بعض الاطراف المعين فلا يمكن لهذا الاصل ان يجري. فالعلم يكون علة للتنجيز في كلا المرتبتين على حذوٍ واحد ــــ وهو صحيح ــــ لأنه العلم الاجمالي يسبب اشتباه الحجة بالا حجة وهو كما في المرتبة الاولى فانه موجود في المرتبة الثانية . بخلاف تفسير حقيقة العم الاجمالي على اقوال ونظريات اخرى فانه يكون من قبيل التعارض بين الحجتين الاقتضائيتين لا من قبيل تعارض الحجة بالا حجة وحينئذ اذا انفرد الاصل العملي في بعض اطراف العلم الاجمال فانه يجري لأنه في نفسه واجد لشرائط الحجية. اذن من نفائس البحوث المتأخرة هو اكتشاف نمطين من انواع التعارض.
ان قلت:- كيف يكون التعارض من قبيل تعارض الحجة بالا حجة بناء على نظرية المحقق العراقي (قدس سره)؟
قلت:- لان المحقق العراقي (قدس سره) يقول ان العلم الاجمالي هو نفسه العلم التفصيلي فان الشبح الذي تراه من بعيد هو في الحقيقة مشخص ولكن بسبب البعد يحصل الاجمال واذا كان هكذا فيكون من تعارض الحجة بالا حجة لان بعض اطراف العلم يعلم بها تفصيلا بان الحكم الواقعي منجز غاية الامر حصل ترديد فيه فالحكم الواقعي في طرف من الاطراف وصل لك بعلم تفصيلي وحينئذ ليس مجال للحكم الظاهري الا ان وصوله سبب اشتباه ولكن هذا لا يعني عدم الوصول، فان العلم التفصيلي يمنع تحقق موضوع الحكم الظاهري.
وكذا الشيخ الانصاري (قدس سره) كما سياتي عنده نظرية في بحث انه هل لأدلة الاصول العملية عموم يشمل اطراف العلم الاجمالي او لا؟ وهذا المبنى يؤدي الى ان التعارض بين الاصول العملية هو تعارض الحجة بالا حجة.
ولاحظوا ان هذا التدافع بين الامارات ليس فقط على الصعيد الاصولي بل حتى على الصعيد الفقهي فمثلا حقيقة التزاحم او حقيقة اجتماع الامر والنهي هل هو من قبيل تعارض الحجة والا حجة او من قبيل تعارض الحجتين الاقتضائيتين