33/07/28
تحمیل
الموضوع: الثابت والمتغير في الشريعة
تقدم ان تكلمنا حول الارتباط بين العقل العملي والعقل النظري وان أحد وجوه التأليف بين العقل والنقل هو ان العقل على الدوام حجة ومايمكن الغاء حجية العقل في أي فرض من الفروض
ولكن كما قلنا ان نمط حجية العقل يختلف عن نمط حجية الوحي أو النقل فان نمط حجية العقل هو الفهم بينما نمط حجية النقل والوحي هو حكم الانشاء
ففهم العقل لايمكن الغائه في صعيد من الأصعدة لأن المخاطب الأول للوحي هو العقل فبالتالي ليس هناك الغاء لحجية العقل بل هناك تنويع لاعتبار الحجية
وقد تقدم ان حجية الحجج ليست هي حجة مستقلة بل ان كل الحجج مجموعية بالدقة وعليه فمن ثم سيكون حجية العقل سيما العقل النظري دائما دوره دور الفهم ودور حجية الوحي من نمط آخر وهي الآمرية أو المولوية وما شابه ذلك وان كان العقل العملي له نوع من الامرية في الحقيقة فهذا نوع من التاليف بين حجية العقل والنقل
وكما مر بنا فان حجية النقل غير حجية الوحي فان حجية النقل هو طريق وممر للوحي بينما الوحي هو مولوية وآمرية وماشابه ذلك وهذا فرق بين الوحي والنقل
فالتعارض بين النقل والعقل غير التعارض بين الوحي والعقل والاّ فان كل من النقل والعقل هما طريقان للوحي
وقد تقدم ان في التدافع بين الحجج لابد من مراجعة مقدمات الحجج أي لابد من مراجعة الأدلة التفصيلة في الحجج وليس هناك ميزان دائم بان يقدم هذا على ذاك باعتبار ان كل منهما قنوات لاستقاء الوحي فقد تكون ظنية وقد تكون قطعية
لاسيما على مامر من انه يمكن للانسان ان يراجع مقدمات اليقين ومقدمات القطع وخصوصا كما تقدم من ان العلم واليقين درجات وليس درجة واحدة فهذه امور تعبد الطريق على انه ليس هناك ضابطة لتقديم أحدها على الآخر
اما بالنسبة للعقل العملي والعقل النظري حيث قسم العلم الى تصور والى تصديق وان آخر التحقيقات في التصديق حيث ذكرؤه الملا صدرا ووافقه العلامة الطباطبائي هو ان التصديق يمكن ان يعرف بأنه عملية عملانية يقوم بها العقل العملي وذلك بدمج صورة الموضوع مع المحمول في ضمن صورة واحدة فمادامت القضية قضية فهي ليس فيها تصديق فالقضية هي المركبة من الموضوع والمحمل
أما اذا أرادت النفس أن تقدم على التصديق فانها تقوم بدمج الموضوع والمحمول بصورة واحدة وهذا الدمج لاتقوم به النفس الاّ بعد عملية التسليم والإخبات والتصديق والإذعان ففي الحقيقة هي أفعال مترابطة ومتمازجة يقوم بها العقل العملي في عالم الإبداع العقلي وعالم الفعل المجرد عن المادة وهو بطبيعته كن فيكون لأنه إبداعي
وعندما يقوم العقل العملي بمثل هذه الاعفال المتعلقة بالقضية يقوم بعمل نهائي وهو دمج صورة المحمول في صورة الموضوع وهذا لايقدم عليه العقل العملي إلاّ اذا اُذعن وسلم بالاتحاد بين الموضوع والمحمول
وعلى هذا التعريف الذي ذكره متأخري فلافسفة الامامية وربما الغربيين الى هذا الحد فانهم اقتبسوا هذه المطالب كثيرا حيث ترجموا كتب الامامية فيتضح من ذلك ان التصديق هو شأن العقل العملي وليس هو من أفعال العقل النظري حتى لو كانت المعلومة في البحوث والحكمة النظرية فلا يستغني النظري عن العملي في معلومة من المعلومات
ومن ثم فان الصفات العملية فيس النفس هي مؤثرة على إدراك الانسان ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب فتهذيب النفس هنا قُدّم على الإيمان
ومن جانب آخر فان التعريف القديم للتصور وتفكيكه عن التصديق سيتضح انه غير دقيق فان التحقيقات التي ذكرها الملا صدرا وغيره من الأعلام يتبين منها انه دائما الصورة الواحدة قابلة للتحليل والتفكيك الى صور عديدة تحمل في طياتها الى ماشاء الله من تصديقات لأن المفروض ان الصورة الواحدة هي صورة صورة واحدة لكنها حقيقة الى ماشاء الله
فلايمكن الاتيان بصور ليس فيه تصديق في الممكنات على الأقل بل سيأتي هكذا الحال في واجب الوجود وان لم يكن تركيب في البين فدائما التصورات مطوية فيها التصديقات وعليه فان التصور هو تصديق متقدم فلا حدّ لتشابك التصور والتصديق
وما عرف قديما من ان التصور في مقابل التصديق فيه مسامحات بهذا اللحاظ
وقد أشرنا سابقا في جهات القطع ان هاتان القوتان في الانسان العملي والنظري ان مساحة ادراكهما واحدة وليست منفكة ومنعزلة عن بعضهما البعض فمتى ماأمكن ادراك العملي أمكن إدراك النظري وبالعكس لاكما ادعاه ابن سينا وجرى عليه الفلاسفة طيلة عشرة قرون فهذا غير صحيح
ومن باب المثال ان الفصل بين العاطفة والعقل أي بين الجانب الفكري والجانب العاطفي يتبن انه غير تام فلا يمكن انفكاكهما أبدا بل هناك تلاحم واشتباك شديد بين العاطفة والفكر فالبكاء يؤثر على الفكر والفكر يؤثر على البكاء وهذا لايعني عدم تنشيط الفكر التفصيلي
والبحوث كثيرة يمكن ان يستعين بها الانسان عبر هذه القاعدة والحقيقة من انه بين العقل العملي والعقل النظري ترابط كبير جدا غير ماذكر سابقا
الثابت والمتغير في الشريعة
وهذا بحث جديد ولو عنوانا والاّ فان هناك نكات كثيرة بحث عنها في قديما في علم الاصول أو يعبر عنه بتأثير الزمان والمكان في الشريعة
فلهذا البحث عناوين وزوايا عديدة جدا
ولابد ان نستعرض النتائج والنقاط الأساسية كفهرست فانه ذات أهمية وفيه أقوال كثيرة
والنقاط هي
النقطة الاولى: لابد من الالتفات الى ان هناك حسب منطق الوحي وفهم العقل ان هناك دين وشريعة وقد بحثنا ذلك في كتاب الامامية الالهية
وإجمالا ان الدين هو عقائد أو أركان الفروع أو أركان الآداب والأخلاق وهذا الدين خلافا لمايتصورة الكثيرين ان الدين لم يتغير مثل آدم الى الوصي الخاتم وان زعم النصارى واليهود والصابئة خلاف ذلك إنما الذي تغير فهو الشريعة وهو عبارة عنم تفاصيل الفروع أو تفاصيل آداب وهيات السنن الاخلاقية الجزئية المنتشرة
وبحسب منطق القران وروايات أهل البيت (عليهم السلام) ان الشريعة والطريقة هي المنهاج والهدي وهي الامامة والولاية وهو الدين بالتالي فالذي حصل فيه النسخ هو الشرايع
فالدين اذن ثابت والشريعة متغيرة اجمالا وان الذي حصل فيه النسخ هو الشرائع وليس الدين بل الدين ثابت
النقطة الثانية: ليس التغيير كما يتوهمه الكثير من الحداثويون والعلمانيون والسفسطيون فليس التغيير يساوي النسخ وسنبين ان هناك اقسام وانشعابات من الاحكام كثيرة ليست من نمط النسخ
وهذا من أكبر الاشتباهات التي يقع فيها العلمانيون أو الحداثويون أو حتى المسيحيون واليهود بل وحتى بعض مذاهب الخلاف فان النسخ هو أحد أنماط التغيير فانه هناك أبواب وأنماط للتغيير لاترتبط بصلة مع النسخ وهذه نقطة جدا مهمة
النقظة الثالثة: ان الانسان كموجود والبيئآت المحيطة بالانسان كالبيئة الحيوانية والبيئة النباتية والبيئة الملكية والبيئة الجمادية والبيئة الروحية والبيئة الملكوتية فالانسان بما تحيط به سلسلة موجودات وعوالم هي الاخرى فيه جانب ثابت وفيه جانب متغير فليس كله ثابت وليس كله متغير