36/03/29
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
1 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
الاحتمال الرابع:- إنّ الحديث ناظر إلى التصرّف غير الناقل فإذا كان التصرف لا يستبطن النقل وخروج الشيء عن ملك المتصرّف فالحديث يشمله ويقول لا يتوّقف هذا على إذن أحد، كما لو كان عندي طعامٌ واردت أن آكله فهنا يأتي الحديث ويقول كلّ هذه التصرفات جائزة لك بلا حاجة إلى كسب الإذن من أحد مادام لم تنقلها عن ملكك، أمّا إذا كان التصرف مستلزماً للنقل فالحديث لا يشمله باعتبار أنّ الحديث يشتمل على إضافة حيث قال ( الناس مسلطون على أموالهم )[1] فأموال مضاف والضير مضاف إليه فهذه الإضافة لابد وأن تحفظ، فمتى ما كانت هذه الإضافة محفوظة يعني يصدق أنّه مالكٌ فإذا صدق أنّه مالكٌ فهذا فرع بقاء الموضوع، أمّا إذا أردت أن تبيعه فسوف تُسلَب الإضافة فهو لم يصر مالك بل صار مالاً للغير، فالإضافة لابدّ من التحفّظ عليها وبعد التحفظ عليها حينئذٍ يجوز لك التصرف من دون حاجةٍ إلى كسب الإذن من أحد.
وهذا أضيق التفاسير ولا ننتفع به لأنّه لم ينظر إلى الناقل ونحن نريد أن نثبت شرعيّة الناقل كمّاً وكيفاً، وهذا ما ذهب إليه الحاج ميرزا علي الايرواني في حاشيته على المكاسب حيث قال ما نصّه:- ( إنّ أقصى مدلول هذه العبارة ثبوت السلطنة في موضوع المال دون السلطنة على إذهاب هذا الموضوع وإزالة السلطان )[2].
هذه احتمالات أربعة وقد قلنا أنّ النافع منها الأوّلان دون الأخيرين.
وما هو ظاهر الحديث وأيّ واحدٍ من هذه الاحتمالات هو المناسب ؟
والجواب:- نتمكن أن نقول إنّ الحديث ليس ظاهراً في الأوّلين بل يحتمل أن يكون المقصود هو الأوّل أو الثاني أمّا كظهورٍ فيهما فلا، فلعل المقصود هو الاحتمال الثالث، بل يمكن أن نترقّى ونقول لا يمكن المصير إلى الاحتمالين الأوّلين لأنّ لازم ذلك هو أنّه لو شككنا في أنّه هل يجوز أكل بعض أجزاء الذبيحة كحدقة العين والمثانة أو لا - وواضح أنّ هذا يكون مع عدم وجود وراية تدلّ على عدم الجواز أما مع وجودها فتنحلّ المشكلة - ؟ فقد يقول قائل توجد طريقة لإثبات أنّ أكل هذا حلال وذلك بأن يقال إنّ هذا الحيوان ملكي والناس مسلّطون على أموالهم فأيّ تصرفٍ من التصرفات هو جائزٌ وأحد هذه التصرفات هو أن آكل مثانة هذه الذبيحة مثلاً، وهكذا لو كان عندي أرنب شككنا في أنّ أكله جائزٌ أو لا فهل يمكن لأحدٍ أن يقول توجد طريقة لإثبات الجواز وذلك بأن يقول هو من أموالي والناس مسلّطون على أموالهم فلو ذكّي فيثبت بمقتضى الحديث أنّي مسلّط على أيّ تصرفٍ ومنه أن آكله !!.
إذن ثبت الجواز بإطلاق الحديث - وواضح أنّ هذا يكون بعد فرض عدم وجود مخصّصٍ يخرجه -.
وهل هذه الطريقة مقبولة ؟
والجواب:- إنّها ليست مقبولةٌ بحسّنا العرفي والعقلائي والوجداني والمتشرّعي، وهذا يدلّ على أنّ هذا الحديث ليس في صدد إثبات الشرعيّة لجميع التصرّفات إلا ما خرج بالدليل إذ لو كان في هذا الصدد لصحّ هذا الاستدلال.
وعلى هذا الأساس مادام الحديث مجملاً فيلزم الاقتصار على القدر المتيقّن، والظاهر أن القدر المتيقّن هو الاحتمال الثالث الذي أفاده الشيخ الخراساني وأمّا الذي أفاده الحاج ميرزا علي وإن كان أضيق من الثالث لكنّه متقيّدٌ بالألفاظ بأكثر ممّا هو المناسب، وعلى أساسه سوف لا ننتفع من الحديث شيئاً.
وأمّا من حيث السند:-
فالحديث رواه ابن أبي جمهور الاحسائي في عوالي اللآلي بشكلٍ مرسلٍ، وقد رواه في مواضع أربعة في كتابه - ولعله أكثر - فتارةً نسبه إلى بعض كتب الأصحاب، وأخرى نسبه إلى بعض كتب الشهيد، وثالثةً نسبه إلى الفاضل المقداد، ورابعةً نسه إلى ابن فهد الحلّي ولكنه ذكر في الجميع مجرّد نسبة من دون ذكر السند[3] [4] [5] [6]، فالحديث إذن مرسلٌ لا يمكن الاعتماد عليه.
وربما يقول قائل:- توجد طريقة لتصحيح الحديث وهي مركّبة من مقدماتٍ ثلاث:-
الأولى:- إنّ ابن أبي جمهور في مقدّمة كتابه ذكر طرقه إلى العلّامة الحلّي وهي سبعة[7] وغالبها صحيحٌ إنّ لم تكن كلّها.
الثانية:- إنّ العلامة له طرقٌ إلى الشيخ الطوسي وعلى الأقل بعضها صحيح .
ولكن من أين عرفت أن العلامة له طرقٌ صحيحة ؟
والجواب:- إنّ بعض تلك الطرق ذكرها نفس ابن أبي جمهور الأحسائي في مقدّمة العوالي.
وأضيف شيئاً وأقول:- إنّه حتى لو فرض أن ابن أبي جمهور لم يذكر طرقاً للعلامة إلى الشيخ الطوسي فنحن عندنا طريقة نحصّل بها طرق العلّامة إلى الشيخ الطوسي وذلك بمراجعة مجلّد الاجازات من البحار فهناك نتمكن أن نستخرج من الاجازات الصادرة من العلامة أو غيره طرقاً للعلّامة منه إلى الشيخ الطوسي والطريقة ليست صعبة، وعلى هذا الأساس يمكن الاستغناء عن الطرق التي ذكرت في مقدّمة العوالي.
الثالثة:- إنّ الشيخ الطوسي له طرقٌ صحيحةٌ إلى كتب أصحابنا - أصحاب الأصول الأربعمئة - وهي طرقٌ صحيحةٌ في الغالب.
وبعد ضمّ طريقٍ إلى طريقٍ فمن ابن فهد إلى العلّامة - بمقتضى المقدّمة الأولى -، ومن العلّامة إلى الشيخ الطوسي، ومن الشيخ الطوسي إلى أصحاب الأصول، وحيث أنّ كلّ هذه الطرق صحيحة فسوف يثبت لنا طريقٌ أو طرقٌ صحيحةٌ بين ابن فهد وكتب الأصحاب التي سُجِّلت فيها هذه الرواية.
وإذا تمّت هذه الطريقة فيمكن أن ننتفع بها في مجالاتٍ أخرى، وربما أشرنا إلى روحها في بعض الأبحاث.
وفيه:-
أوّلاً:- يرد ما أشرنا إليه أكثر من مرّة خصوصاً أنَّ الطرق المتأخرة هي تبركيّة عادة ولا تكون على نسخةٍ معيّنةٍ، فمثلاً كما ذكرنا أنّ أغا بزرك الطهراني(قده) كان يعطي الإجازات الكثيرة ولكن ليست على نسخةٍ وإنما الهدف منها هو اتصال السند بأهل العصمة والطهارة عليهم السلام، والمهمّ هو إثبات صحّة النسخة المنقول عنها الحديث أمّا وجود طريقٍ معتبرٍ إلى كتب الأصحاب من دون أن يكون على نسخة معيّنة فهذا لا ينفعنا شيئاً، وهذه قضيّة يجدر الالتفات إليها.
فعلى هذا الأساس لا تنفعنا هذه الطريقة.
ثانياً:- لو تنزّلنا وقلنا أنّ الاجازات والطرق كانت كلّها على نسخةٍ معيّنةٍ ولكن نناقش في المقدّمة الأخيرة ونقول:- نسلّم أنّ الشيخ الطوسي له طرقٌ إلى الأصول الأربعمئة ولكن هل جميع تلك صحيحة ؟ فإن ثبت أنها صحيحةٌ بأجمعها فحينئذٍ يثبت المطلوب، وإن فرض أنّ بعضها لم تكن صحيحة فلعلّ هذه الرواية نقلت بالسند الذي هو ليس بصحيح.
إذن هذه الطريقة تتوقّف على أن تكون جميع طرق الشيخ الطوسي إلى الأصول الأربعمئة صحيحة، وكيف تثبت ذلك ؟ إنّه شيءٌ صعب.
والنتيجة من كلّ هذا اتضح أنّ الاعتماد على هذه الرواية سنداً وروايةً شيءٌ مشكلٌ، هذا مع غضّ النظر عن ابن أبي جمهور الأحسائي وإن حاول البعض أن يقول هو مجهولٌ ولكن نحن في غنىً عن ذلك ويكفينا كون الرواية مرسلة.
بقي شيءٌ ينبغي الالتفات إليه:- وهو أنّا وإن شكّكنا في هذا الحديث من جهة السند ولكن نقول إنّ مضمونه ثابتٌ عقلائياً وبمقتضى السيرة العقلائيّة، فمن الأمور الواضحة في مرتكزات العقلاء أنّ كلّ إنسانٍ مسلّطٌ على ماله وهذا ليس فيه شكٌّ.
وإذا قال قائل:- إنّ الحديث يمكن أن يكون مدعوماً بهذا الارتكاز وأنّهم أرسلوه إرسال المسلّمات.
فنقول:- هو شيءٌ صحيحٌ ولكن ينبغي أن لا يكون التعامل مع ألفاظه كما تعامل أعلامنا وإنما نتعامل مع ما هو ثابتٌ بحسب المرتكزات وآنذاك ينبغي أن نأخذ دائماً بالقدر المتيقّن ولا معنى لأن نقول ( إنّ الحديث مطلقٌ من هذه الناحية وقد ذكرت فيه الإضافة ومقتضى الاضافة ... الخ ) بل ينبغي أن نقتصر على ما يقتضيه الارتكاز، ونحن في أبحاثنا نتمسّك بحديث السلطنة رغم أننا نشكّك في سنده ولكنّا نتمسّك به كمضمونٍ عقلائيٍّ لا بما أنه رواية، فلا نتعامل مع ألفاظ الرواية لأنها لم تثبت وإنما نتعامل مع المرتكز ودائماً نقتصر على القدر المتيقّن.
الاحتمال الرابع:- إنّ الحديث ناظر إلى التصرّف غير الناقل فإذا كان التصرف لا يستبطن النقل وخروج الشيء عن ملك المتصرّف فالحديث يشمله ويقول لا يتوّقف هذا على إذن أحد، كما لو كان عندي طعامٌ واردت أن آكله فهنا يأتي الحديث ويقول كلّ هذه التصرفات جائزة لك بلا حاجة إلى كسب الإذن من أحد مادام لم تنقلها عن ملكك، أمّا إذا كان التصرف مستلزماً للنقل فالحديث لا يشمله باعتبار أنّ الحديث يشتمل على إضافة حيث قال ( الناس مسلطون على أموالهم )[1] فأموال مضاف والضير مضاف إليه فهذه الإضافة لابد وأن تحفظ، فمتى ما كانت هذه الإضافة محفوظة يعني يصدق أنّه مالكٌ فإذا صدق أنّه مالكٌ فهذا فرع بقاء الموضوع، أمّا إذا أردت أن تبيعه فسوف تُسلَب الإضافة فهو لم يصر مالك بل صار مالاً للغير، فالإضافة لابدّ من التحفّظ عليها وبعد التحفظ عليها حينئذٍ يجوز لك التصرف من دون حاجةٍ إلى كسب الإذن من أحد.
وهذا أضيق التفاسير ولا ننتفع به لأنّه لم ينظر إلى الناقل ونحن نريد أن نثبت شرعيّة الناقل كمّاً وكيفاً، وهذا ما ذهب إليه الحاج ميرزا علي الايرواني في حاشيته على المكاسب حيث قال ما نصّه:- ( إنّ أقصى مدلول هذه العبارة ثبوت السلطنة في موضوع المال دون السلطنة على إذهاب هذا الموضوع وإزالة السلطان )[2].
هذه احتمالات أربعة وقد قلنا أنّ النافع منها الأوّلان دون الأخيرين.
وما هو ظاهر الحديث وأيّ واحدٍ من هذه الاحتمالات هو المناسب ؟
والجواب:- نتمكن أن نقول إنّ الحديث ليس ظاهراً في الأوّلين بل يحتمل أن يكون المقصود هو الأوّل أو الثاني أمّا كظهورٍ فيهما فلا، فلعل المقصود هو الاحتمال الثالث، بل يمكن أن نترقّى ونقول لا يمكن المصير إلى الاحتمالين الأوّلين لأنّ لازم ذلك هو أنّه لو شككنا في أنّه هل يجوز أكل بعض أجزاء الذبيحة كحدقة العين والمثانة أو لا - وواضح أنّ هذا يكون مع عدم وجود وراية تدلّ على عدم الجواز أما مع وجودها فتنحلّ المشكلة - ؟ فقد يقول قائل توجد طريقة لإثبات أنّ أكل هذا حلال وذلك بأن يقال إنّ هذا الحيوان ملكي والناس مسلّطون على أموالهم فأيّ تصرفٍ من التصرفات هو جائزٌ وأحد هذه التصرفات هو أن آكل مثانة هذه الذبيحة مثلاً، وهكذا لو كان عندي أرنب شككنا في أنّ أكله جائزٌ أو لا فهل يمكن لأحدٍ أن يقول توجد طريقة لإثبات الجواز وذلك بأن يقول هو من أموالي والناس مسلّطون على أموالهم فلو ذكّي فيثبت بمقتضى الحديث أنّي مسلّط على أيّ تصرفٍ ومنه أن آكله !!.
إذن ثبت الجواز بإطلاق الحديث - وواضح أنّ هذا يكون بعد فرض عدم وجود مخصّصٍ يخرجه -.
وهل هذه الطريقة مقبولة ؟
والجواب:- إنّها ليست مقبولةٌ بحسّنا العرفي والعقلائي والوجداني والمتشرّعي، وهذا يدلّ على أنّ هذا الحديث ليس في صدد إثبات الشرعيّة لجميع التصرّفات إلا ما خرج بالدليل إذ لو كان في هذا الصدد لصحّ هذا الاستدلال.
وعلى هذا الأساس مادام الحديث مجملاً فيلزم الاقتصار على القدر المتيقّن، والظاهر أن القدر المتيقّن هو الاحتمال الثالث الذي أفاده الشيخ الخراساني وأمّا الذي أفاده الحاج ميرزا علي وإن كان أضيق من الثالث لكنّه متقيّدٌ بالألفاظ بأكثر ممّا هو المناسب، وعلى أساسه سوف لا ننتفع من الحديث شيئاً.
وأمّا من حيث السند:-
فالحديث رواه ابن أبي جمهور الاحسائي في عوالي اللآلي بشكلٍ مرسلٍ، وقد رواه في مواضع أربعة في كتابه - ولعله أكثر - فتارةً نسبه إلى بعض كتب الأصحاب، وأخرى نسبه إلى بعض كتب الشهيد، وثالثةً نسبه إلى الفاضل المقداد، ورابعةً نسه إلى ابن فهد الحلّي ولكنه ذكر في الجميع مجرّد نسبة من دون ذكر السند[3] [4] [5] [6]، فالحديث إذن مرسلٌ لا يمكن الاعتماد عليه.
وربما يقول قائل:- توجد طريقة لتصحيح الحديث وهي مركّبة من مقدماتٍ ثلاث:-
الأولى:- إنّ ابن أبي جمهور في مقدّمة كتابه ذكر طرقه إلى العلّامة الحلّي وهي سبعة[7] وغالبها صحيحٌ إنّ لم تكن كلّها.
الثانية:- إنّ العلامة له طرقٌ إلى الشيخ الطوسي وعلى الأقل بعضها صحيح .
ولكن من أين عرفت أن العلامة له طرقٌ صحيحة ؟
والجواب:- إنّ بعض تلك الطرق ذكرها نفس ابن أبي جمهور الأحسائي في مقدّمة العوالي.
وأضيف شيئاً وأقول:- إنّه حتى لو فرض أن ابن أبي جمهور لم يذكر طرقاً للعلامة إلى الشيخ الطوسي فنحن عندنا طريقة نحصّل بها طرق العلّامة إلى الشيخ الطوسي وذلك بمراجعة مجلّد الاجازات من البحار فهناك نتمكن أن نستخرج من الاجازات الصادرة من العلامة أو غيره طرقاً للعلّامة منه إلى الشيخ الطوسي والطريقة ليست صعبة، وعلى هذا الأساس يمكن الاستغناء عن الطرق التي ذكرت في مقدّمة العوالي.
الثالثة:- إنّ الشيخ الطوسي له طرقٌ صحيحةٌ إلى كتب أصحابنا - أصحاب الأصول الأربعمئة - وهي طرقٌ صحيحةٌ في الغالب.
وبعد ضمّ طريقٍ إلى طريقٍ فمن ابن فهد إلى العلّامة - بمقتضى المقدّمة الأولى -، ومن العلّامة إلى الشيخ الطوسي، ومن الشيخ الطوسي إلى أصحاب الأصول، وحيث أنّ كلّ هذه الطرق صحيحة فسوف يثبت لنا طريقٌ أو طرقٌ صحيحةٌ بين ابن فهد وكتب الأصحاب التي سُجِّلت فيها هذه الرواية.
وإذا تمّت هذه الطريقة فيمكن أن ننتفع بها في مجالاتٍ أخرى، وربما أشرنا إلى روحها في بعض الأبحاث.
وفيه:-
أوّلاً:- يرد ما أشرنا إليه أكثر من مرّة خصوصاً أنَّ الطرق المتأخرة هي تبركيّة عادة ولا تكون على نسخةٍ معيّنةٍ، فمثلاً كما ذكرنا أنّ أغا بزرك الطهراني(قده) كان يعطي الإجازات الكثيرة ولكن ليست على نسخةٍ وإنما الهدف منها هو اتصال السند بأهل العصمة والطهارة عليهم السلام، والمهمّ هو إثبات صحّة النسخة المنقول عنها الحديث أمّا وجود طريقٍ معتبرٍ إلى كتب الأصحاب من دون أن يكون على نسخة معيّنة فهذا لا ينفعنا شيئاً، وهذه قضيّة يجدر الالتفات إليها.
فعلى هذا الأساس لا تنفعنا هذه الطريقة.
ثانياً:- لو تنزّلنا وقلنا أنّ الاجازات والطرق كانت كلّها على نسخةٍ معيّنةٍ ولكن نناقش في المقدّمة الأخيرة ونقول:- نسلّم أنّ الشيخ الطوسي له طرقٌ إلى الأصول الأربعمئة ولكن هل جميع تلك صحيحة ؟ فإن ثبت أنها صحيحةٌ بأجمعها فحينئذٍ يثبت المطلوب، وإن فرض أنّ بعضها لم تكن صحيحة فلعلّ هذه الرواية نقلت بالسند الذي هو ليس بصحيح.
إذن هذه الطريقة تتوقّف على أن تكون جميع طرق الشيخ الطوسي إلى الأصول الأربعمئة صحيحة، وكيف تثبت ذلك ؟ إنّه شيءٌ صعب.
والنتيجة من كلّ هذا اتضح أنّ الاعتماد على هذه الرواية سنداً وروايةً شيءٌ مشكلٌ، هذا مع غضّ النظر عن ابن أبي جمهور الأحسائي وإن حاول البعض أن يقول هو مجهولٌ ولكن نحن في غنىً عن ذلك ويكفينا كون الرواية مرسلة.
بقي شيءٌ ينبغي الالتفات إليه:- وهو أنّا وإن شكّكنا في هذا الحديث من جهة السند ولكن نقول إنّ مضمونه ثابتٌ عقلائياً وبمقتضى السيرة العقلائيّة، فمن الأمور الواضحة في مرتكزات العقلاء أنّ كلّ إنسانٍ مسلّطٌ على ماله وهذا ليس فيه شكٌّ.
وإذا قال قائل:- إنّ الحديث يمكن أن يكون مدعوماً بهذا الارتكاز وأنّهم أرسلوه إرسال المسلّمات.
فنقول:- هو شيءٌ صحيحٌ ولكن ينبغي أن لا يكون التعامل مع ألفاظه كما تعامل أعلامنا وإنما نتعامل مع ما هو ثابتٌ بحسب المرتكزات وآنذاك ينبغي أن نأخذ دائماً بالقدر المتيقّن ولا معنى لأن نقول ( إنّ الحديث مطلقٌ من هذه الناحية وقد ذكرت فيه الإضافة ومقتضى الاضافة ... الخ ) بل ينبغي أن نقتصر على ما يقتضيه الارتكاز، ونحن في أبحاثنا نتمسّك بحديث السلطنة رغم أننا نشكّك في سنده ولكنّا نتمسّك به كمضمونٍ عقلائيٍّ لا بما أنه رواية، فلا نتعامل مع ألفاظ الرواية لأنها لم تثبت وإنما نتعامل مع المرتكز ودائماً نقتصر على القدر المتيقّن.