36/07/28
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
15 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
إذن كيف الموقف ازاء هاتين الطائفتين ؟
والجواب:- هناك ثلاثة مواقف:-
الموقف الأوّل:- أن نحمل الطائفة المانعة - أي الثانية - على حالة الاشتراط، يعني إذا اشترط ذلك في متن العقد.
الموقف الثاني:- أن نحمل الطائفة الثانية على الكراهة.
وواضح أنَّ الموقف الأوّل نتيجته التحريم حالة الاشتراط والجواز حالة عدم الاشتراط، أمّا هذا فنتيجته الكراهة - يعني الجواز حينئذٍ - ولكنه ناظر إلى حالة عدم الاشتراط فتوجد كراهة في حالة عدم الاشتراط.
وتوجيهه الفنّي واضٌح:- وهو إمّا لقاعدة ( كلّما اجتمع صريح مع ظاهر أُوِّل الظاهر لحساب الصريح ) فنؤول لفظ ( لا ) الوارد في الطائفة الثانية بأنّ المقصود منه أنّه مكروه بقرينة الأولى لأنّ الأولى قالت ( لا بأس ) وهي صريحة في الجواز ولا يوجد احتمال ثانٍ - أو لعلّ بعضها صرّح بأكثر من لفظ ( لا بأس ) - بخلاف كلمة ( لا ) فإنها تجتمع مع الحرام والمكروه غايته أنها ظاهرة هو الحرمة فنطبّق قاعدة الظاهر والصريح.
أو لنكتةٍ خاصّة بالمورد، فإنّه الطائفة الأولى توجد رواية ربما تشهد بالحمل على الكراهة وأقصد بذلك الصحيحة الثانية للحلبي وهي:- ( سئل أبو عبد الله عليه الله عن بيع العنب ممن يصنعه خمراً، فقال:- بيعه ممّن يطبخه أو يصنعه خلّاً أحبُّ إليَّ ) [1]، وكلمة ( أحب ) تعني أنّه لا أحب أن تبعيه ممّن يصنعه خمراً ولكنّ بيعه لمن يصنعه خلّاً هو أحبّ إليَّ وهذا يفهم منه أنّ البيع على من يصنعه خمراً فيه نوع من الحزازة الضعيفة والأحبُّ هو بيعه على من يصنعه خلّاً.
الموقف الثالث:- أن نقول إنَّ كل واحدة تبقى في محلّها لمناسب، فالأولى تبقى على موردها التي جوّزت فيه وهو بيع التمر والعنب ممّن يصنعه خمراً، والثانية مورده الخشب يصنع منه الصنم والصليب، فنبقي كلّ واحدة على موردها من دون أيّ معارضةٍ فلا توجد معارضة حتى نحتاج إلى حلّ.
نعم هذا يتمّ إذا فرضنا أنّ الفقهاء لم يتّفقوا على عدم التفصيل بين الموردين - أي لم يتفقوا على وحدة حكم الموردين -، فإذا اتفقوا على أنهما من وادٍ واحدٍ ومن حكمٍ واحدٍ فهذا لا يمكن، أمّا إذا فرضنا أنّه لم يثبت ذلك - ويكفينا عدم الجزم بثبوت ذلك - فحينئذٍ كلّ واحدةٍ تبقى في محلّها المناسب.
أقول:-
أمّا الموقف الأوّل:- فهو قابل للمناقشة بما يلي:-
أوّلاً:- هو تبرّعيٌّ إذ حمل الطائفة الثانية على الاشتراط لا يوجد عليه شاهد فإنّه لا دليل عليه.
ثانياً:- من البعيد أن يشترط المسلم صنع الخشب صنماً أو صليباً.
ثالثاً:- بقطع النظر عن حالة الاسلام فالبائع العادي لا غرض له في أن يُصنَع الخشب صليباً أو صنما، فنحن لا نحتاج إلى حيثيّة الإسلام إذ بقطع النظر عنها البائع عادةً يشترط شيئاً ينتفع به وهذا شرطٌ لا ينتفع به فالحمل عليه بعيدٌ، اللهم إلا إذا كان يهودياً أو نصرانياً ولكنه لم يفترض ذلك إذ الرواية - كرواية عمرو بن حريث - فرض فيها أنّه:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التوت أبيعه يصنع للصليب .. )[2]، وهل البائع يشترط ذلك ؟!! إنّه لا هدف له في ذلك.
رابعاً:- إنّ الرواية الأولى من الطائفة الثانية ورد فيها سؤالان الأوّل ( كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أساله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه برابط، فقال:- لا بأس ) [3]، والثاني ( وعن رجل له خشب فباعه ممّن يتخذه صلباناً، فقال:- لا ) وإذا أردنا أن نحمل الرواية على حالة الاشتراط فلابد من حمل كِلا السؤالين على ذلك، أمّا أن نحمل السؤال الثاني - الذي قال ( لا ) - على حالة الاشتراط ونحمل السؤال الأوّل - يعني ( يصنعه برابط ) - على حالة عدم الاشتراط فهذا تفكيكٌ مخالفٌ للظاهر فإنها رواية واحدة قد ذكر فيها سؤالان فإمّا أن يحمل كِلا السؤالين على حالة الاشتراط أو يحملان على حالة عدم الاشتراط أمّا أن يحمل السؤال الأول على حالة عدم الاشتراط حيث فرض أنّ الإمام أجاب وقال ( لا بأس ) ويحمل الثاني الوارد في بيع الصنم على حالة الاشتراط فهو تفكيكٌ بعيد.
إذن هذا الموقف الأوّل بعيدٌ، لا أقل هو جمعٌ تبرّعيٌّ وبلا شاهد.
وأما الموقف الثاني فقد يقال:- إنّ ذلك لا يمكن الالتزام به لوجود قرينةٍ خاصّة تأبى ذلك، فإنّه ورد في الطائفة الأولى في صحيحة رفاعة:- ( سئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمراً، فقال:- حلال، ألسنا نبيع تمرنا ممّن يجعله شراباً خبيثاً )، فهذه الرواية تدلّ على أنّ الأئمة عليهم السلام كانوا يبيعون التمر ممّن يجعله شراباً خبيثاً فلو حملنا ذلك على المكروه فذلك يعني أنّ الإمام عليه السلام قد صنع المكروه وهذا باطلٌ عندنا.
نعم قد نلتزم في بعض الموارد أن الإمام يصنع المكروه كما لو كان قضيّة في واقعة صنع الإمام مكروها كما لو فرضنا أنّه يكره أن يشرب الإنسان الماء وهو واقف مثلاً وجاءت الرواية وقالت إنّ الإمام شرب الماء وهو واقف، إنّ هذا مكروهٌ فكيف صنعه الإمام ؟! نستطيع أن نقول:- هذه قضيّة في واقعة، فلعل الإمام عليه السلام لديه مانعٌ من الجلوس ولعلّه توجد نكتة معيّنة لذلك وهذا فعلٌ وهو مجملٌ فيمكن وجود نكتة برّرت فعل المكروه.
ولكن هنا لا يأتي مثل ذلك لأنه عليه السلام قال:- ( ألسنا نبيع تمرنا .... ) فيظهر أنّ ذلك كان حالةً متداولةً لا أنّه صدر مرّةً واحدة، فعلى هذا الأساس لا يمكن الحمل على الكراهة إذ لازمه صدور المكروه من الإمام عليه السلام مراراً ومسألة قضيّةٍ في واقعةٍ لا تأتي هنا وإنما تأتي فيما لو فرض أّن الفعل وقع مرّةً واحدة.
ولكن في المقابل قد يجاب:- بأنّ تعبير ( ألسنا ) فيه احتمالان الأوّل إنّ المعنى هو ( ألسنا نحن معاشر الأئمة )، والثاني هو أن المعنى هو ( ألسنا نحن معاشر المجتمع الاسلامي أو الشيعي )، ومادام يحتمل كِلا هذين الاحتماليين فهذه الرواية لا يمكن أن تقف أمام الحمل على الكراهة، فالإمام يريد أن يقول هو حلالٌ غايته أنه مكروه فيكون المعنى ( ألسنا نحن المجتمع الذي يدّعي الإسلام نفعل ذلك ؟!! ).
إذن هذه الرواية لا تقف مانعاً أمام الحمل على الكراهة، وبهذا اتضح أنّ الحمل على الكراهة شيء لا بأس به.
وبهذا نحصل على موقفين سالمين من الأشكال، الأوّل الحمل على الكراهة، والثاني هو أنّ كلّ واحدةٍ تبقى في موردها المناسب، ونتيجة الموقف الأوّل هو الجواز في العنب لصنعه خمراً وفي الخشب لنصعه صنماً أو صليباً، ونتيجة الموقف الثاني هو أنّ بيع العنب لمن يصنع خمراً جائز ولكن بيع الخشب لمن يصنعه صنماً أو صليباً لا يجوز.
ثم إنّه لو فرض التسليم بالتعارض - يعني لو قلنا أنّ التعارض مستقرّ - فما هو المناسب آنذاك ؟
والجواب:- هو ترجيح الطائفة الأولى المجوّزة لموافقتها لإطلاقات أو عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ [4]أو ﴿ تجارة عن تراض ﴾[5]ويكون إمّا مرجّحاً إذا كان عموماً أو إطلاقاً على غير مبنى السيد الخوئي(قده) لأنّا نرفض مبناه الذي يقول إنَّ الإطلاق ليس من الكتاب وإنما هو من مقدّمات الحكمة فلا بأس بأن يكون مرجحاً، أو إذا أردنا أن نتساير مع السيد الخوئي(قده) فسوف يكون ذلك مرجعاً.
إذن النتيجة على هذا الأساس هي الجواز في بيع العنب لصنعه خمراً غايته إمّا أن نقول على كراهةٍ - هذا هو مقتضى الموقف الثاني الذي قلنا بأنّه وجيه -، أو نقول تبقى كلٌّ في محلّها - وهذا هو الأحوط -، يعني أنَّ نتيجته هي تحريم بيع الخشب ممّن يصنعه صنماً، أمّا على الموقف الثاني فالبيع جائزٌ لكنه مكروه.
إذن مقتضى القاعدة هو جواز بيع هذه الأمور لمن يعلم أنه يصرفه على الحرام سواء كان صنماً أو غير ذلك غايته أنّه مكروهٌ، لكن الأحوط إبقاء كلّ واحدةٍ على محلّها المناسب فتصير النتيجة هي أن بيع الخشب ممّن يصنعه صنماً حرام.
إذن كيف الموقف ازاء هاتين الطائفتين ؟
والجواب:- هناك ثلاثة مواقف:-
الموقف الأوّل:- أن نحمل الطائفة المانعة - أي الثانية - على حالة الاشتراط، يعني إذا اشترط ذلك في متن العقد.
الموقف الثاني:- أن نحمل الطائفة الثانية على الكراهة.
وواضح أنَّ الموقف الأوّل نتيجته التحريم حالة الاشتراط والجواز حالة عدم الاشتراط، أمّا هذا فنتيجته الكراهة - يعني الجواز حينئذٍ - ولكنه ناظر إلى حالة عدم الاشتراط فتوجد كراهة في حالة عدم الاشتراط.
وتوجيهه الفنّي واضٌح:- وهو إمّا لقاعدة ( كلّما اجتمع صريح مع ظاهر أُوِّل الظاهر لحساب الصريح ) فنؤول لفظ ( لا ) الوارد في الطائفة الثانية بأنّ المقصود منه أنّه مكروه بقرينة الأولى لأنّ الأولى قالت ( لا بأس ) وهي صريحة في الجواز ولا يوجد احتمال ثانٍ - أو لعلّ بعضها صرّح بأكثر من لفظ ( لا بأس ) - بخلاف كلمة ( لا ) فإنها تجتمع مع الحرام والمكروه غايته أنها ظاهرة هو الحرمة فنطبّق قاعدة الظاهر والصريح.
أو لنكتةٍ خاصّة بالمورد، فإنّه الطائفة الأولى توجد رواية ربما تشهد بالحمل على الكراهة وأقصد بذلك الصحيحة الثانية للحلبي وهي:- ( سئل أبو عبد الله عليه الله عن بيع العنب ممن يصنعه خمراً، فقال:- بيعه ممّن يطبخه أو يصنعه خلّاً أحبُّ إليَّ ) [1]، وكلمة ( أحب ) تعني أنّه لا أحب أن تبعيه ممّن يصنعه خمراً ولكنّ بيعه لمن يصنعه خلّاً هو أحبّ إليَّ وهذا يفهم منه أنّ البيع على من يصنعه خمراً فيه نوع من الحزازة الضعيفة والأحبُّ هو بيعه على من يصنعه خلّاً.
الموقف الثالث:- أن نقول إنَّ كل واحدة تبقى في محلّها لمناسب، فالأولى تبقى على موردها التي جوّزت فيه وهو بيع التمر والعنب ممّن يصنعه خمراً، والثانية مورده الخشب يصنع منه الصنم والصليب، فنبقي كلّ واحدة على موردها من دون أيّ معارضةٍ فلا توجد معارضة حتى نحتاج إلى حلّ.
نعم هذا يتمّ إذا فرضنا أنّ الفقهاء لم يتّفقوا على عدم التفصيل بين الموردين - أي لم يتفقوا على وحدة حكم الموردين -، فإذا اتفقوا على أنهما من وادٍ واحدٍ ومن حكمٍ واحدٍ فهذا لا يمكن، أمّا إذا فرضنا أنّه لم يثبت ذلك - ويكفينا عدم الجزم بثبوت ذلك - فحينئذٍ كلّ واحدةٍ تبقى في محلّها المناسب.
أقول:-
أمّا الموقف الأوّل:- فهو قابل للمناقشة بما يلي:-
أوّلاً:- هو تبرّعيٌّ إذ حمل الطائفة الثانية على الاشتراط لا يوجد عليه شاهد فإنّه لا دليل عليه.
ثانياً:- من البعيد أن يشترط المسلم صنع الخشب صنماً أو صليباً.
ثالثاً:- بقطع النظر عن حالة الاسلام فالبائع العادي لا غرض له في أن يُصنَع الخشب صليباً أو صنما، فنحن لا نحتاج إلى حيثيّة الإسلام إذ بقطع النظر عنها البائع عادةً يشترط شيئاً ينتفع به وهذا شرطٌ لا ينتفع به فالحمل عليه بعيدٌ، اللهم إلا إذا كان يهودياً أو نصرانياً ولكنه لم يفترض ذلك إذ الرواية - كرواية عمرو بن حريث - فرض فيها أنّه:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التوت أبيعه يصنع للصليب .. )[2]، وهل البائع يشترط ذلك ؟!! إنّه لا هدف له في ذلك.
رابعاً:- إنّ الرواية الأولى من الطائفة الثانية ورد فيها سؤالان الأوّل ( كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أساله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه برابط، فقال:- لا بأس ) [3]، والثاني ( وعن رجل له خشب فباعه ممّن يتخذه صلباناً، فقال:- لا ) وإذا أردنا أن نحمل الرواية على حالة الاشتراط فلابد من حمل كِلا السؤالين على ذلك، أمّا أن نحمل السؤال الثاني - الذي قال ( لا ) - على حالة الاشتراط ونحمل السؤال الأوّل - يعني ( يصنعه برابط ) - على حالة عدم الاشتراط فهذا تفكيكٌ مخالفٌ للظاهر فإنها رواية واحدة قد ذكر فيها سؤالان فإمّا أن يحمل كِلا السؤالين على حالة الاشتراط أو يحملان على حالة عدم الاشتراط أمّا أن يحمل السؤال الأول على حالة عدم الاشتراط حيث فرض أنّ الإمام أجاب وقال ( لا بأس ) ويحمل الثاني الوارد في بيع الصنم على حالة الاشتراط فهو تفكيكٌ بعيد.
إذن هذا الموقف الأوّل بعيدٌ، لا أقل هو جمعٌ تبرّعيٌّ وبلا شاهد.
وأما الموقف الثاني فقد يقال:- إنّ ذلك لا يمكن الالتزام به لوجود قرينةٍ خاصّة تأبى ذلك، فإنّه ورد في الطائفة الأولى في صحيحة رفاعة:- ( سئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمراً، فقال:- حلال، ألسنا نبيع تمرنا ممّن يجعله شراباً خبيثاً )، فهذه الرواية تدلّ على أنّ الأئمة عليهم السلام كانوا يبيعون التمر ممّن يجعله شراباً خبيثاً فلو حملنا ذلك على المكروه فذلك يعني أنّ الإمام عليه السلام قد صنع المكروه وهذا باطلٌ عندنا.
نعم قد نلتزم في بعض الموارد أن الإمام يصنع المكروه كما لو كان قضيّة في واقعة صنع الإمام مكروها كما لو فرضنا أنّه يكره أن يشرب الإنسان الماء وهو واقف مثلاً وجاءت الرواية وقالت إنّ الإمام شرب الماء وهو واقف، إنّ هذا مكروهٌ فكيف صنعه الإمام ؟! نستطيع أن نقول:- هذه قضيّة في واقعة، فلعل الإمام عليه السلام لديه مانعٌ من الجلوس ولعلّه توجد نكتة معيّنة لذلك وهذا فعلٌ وهو مجملٌ فيمكن وجود نكتة برّرت فعل المكروه.
ولكن هنا لا يأتي مثل ذلك لأنه عليه السلام قال:- ( ألسنا نبيع تمرنا .... ) فيظهر أنّ ذلك كان حالةً متداولةً لا أنّه صدر مرّةً واحدة، فعلى هذا الأساس لا يمكن الحمل على الكراهة إذ لازمه صدور المكروه من الإمام عليه السلام مراراً ومسألة قضيّةٍ في واقعةٍ لا تأتي هنا وإنما تأتي فيما لو فرض أّن الفعل وقع مرّةً واحدة.
ولكن في المقابل قد يجاب:- بأنّ تعبير ( ألسنا ) فيه احتمالان الأوّل إنّ المعنى هو ( ألسنا نحن معاشر الأئمة )، والثاني هو أن المعنى هو ( ألسنا نحن معاشر المجتمع الاسلامي أو الشيعي )، ومادام يحتمل كِلا هذين الاحتماليين فهذه الرواية لا يمكن أن تقف أمام الحمل على الكراهة، فالإمام يريد أن يقول هو حلالٌ غايته أنه مكروه فيكون المعنى ( ألسنا نحن المجتمع الذي يدّعي الإسلام نفعل ذلك ؟!! ).
إذن هذه الرواية لا تقف مانعاً أمام الحمل على الكراهة، وبهذا اتضح أنّ الحمل على الكراهة شيء لا بأس به.
وبهذا نحصل على موقفين سالمين من الأشكال، الأوّل الحمل على الكراهة، والثاني هو أنّ كلّ واحدةٍ تبقى في موردها المناسب، ونتيجة الموقف الأوّل هو الجواز في العنب لصنعه خمراً وفي الخشب لنصعه صنماً أو صليباً، ونتيجة الموقف الثاني هو أنّ بيع العنب لمن يصنع خمراً جائز ولكن بيع الخشب لمن يصنعه صنماً أو صليباً لا يجوز.
ثم إنّه لو فرض التسليم بالتعارض - يعني لو قلنا أنّ التعارض مستقرّ - فما هو المناسب آنذاك ؟
والجواب:- هو ترجيح الطائفة الأولى المجوّزة لموافقتها لإطلاقات أو عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ [4]أو ﴿ تجارة عن تراض ﴾[5]ويكون إمّا مرجّحاً إذا كان عموماً أو إطلاقاً على غير مبنى السيد الخوئي(قده) لأنّا نرفض مبناه الذي يقول إنَّ الإطلاق ليس من الكتاب وإنما هو من مقدّمات الحكمة فلا بأس بأن يكون مرجحاً، أو إذا أردنا أن نتساير مع السيد الخوئي(قده) فسوف يكون ذلك مرجعاً.
إذن النتيجة على هذا الأساس هي الجواز في بيع العنب لصنعه خمراً غايته إمّا أن نقول على كراهةٍ - هذا هو مقتضى الموقف الثاني الذي قلنا بأنّه وجيه -، أو نقول تبقى كلٌّ في محلّها - وهذا هو الأحوط -، يعني أنَّ نتيجته هي تحريم بيع الخشب ممّن يصنعه صنماً، أمّا على الموقف الثاني فالبيع جائزٌ لكنه مكروه.
إذن مقتضى القاعدة هو جواز بيع هذه الأمور لمن يعلم أنه يصرفه على الحرام سواء كان صنماً أو غير ذلك غايته أنّه مكروهٌ، لكن الأحوط إبقاء كلّ واحدةٍ على محلّها المناسب فتصير النتيجة هي أن بيع الخشب ممّن يصنعه صنماً حرام.