34/05/12
تحمیل
الموضوع: مبطلية الحدث
مرّ بنا الروايات المعارضة حيث كان محملها على التقية ظاهرا وذلك لأجل معارضة الأخبار المستفيضة وتلويح الفاظ الرواية بالتّقية لما هو مبنى العامة أيضا
مع ان التأويل الذي ذكره الشيخ الطوسي في محله ولايظن ان هذه التأويلات التي يذكرها الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار هي تأويلات تمحلية وتكلفية بل ان هذا النمط من التأويل موجود عند أهل البيت (عليهم السلام)
الرواية المعارضة الاخرى معتبرة أبي سعيد القماط
[1]
قال سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول وهو في الصلاة المكتوبة وهو في الركعة الاولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة؟ فقال اذا أصاب شيء من ذلك فلابأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضئ ثم ينصرف الى مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته مالم ينقض الصلاة بالكلام، قال قلت وان التفت يمينا أو شمالا أو ولىّ عن القبلة؟ قال نعم كل ذلك واسع إنما هو بمنزلة رجل سهى فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فإنما عليه ان يبني على صلاته ثم في تتمة الحديث ذكر سهو النبي (صلى الله عليه واله) في الصلاة
وهذه الرواية تفوح منها رائحة التقية لأن سهو النبي (صلى الله عليه واله) مردود وفي الصلاة أعظم وان كان الصدوق لايبني على السهو بل على الإسهاء وان الإسهاء غير السهو لكن كليهما مرفوض ومردود
فهذه الرواية ملغمة ونكات التقية فيها واضح ومن شواهد التقية هوان يذكر الفرض الموجود عند العامة
صحيح زرارة وقد استثنى البعض من مبطلية الحدث مفاد هذا الصحيح ومرّ انه قول الشيخ المفيد والشيخ الطوسي وابن أبي عقيل والمحقق الحلي حيث ذهبوا الى ان المتيمم اذا أحدث في الصلاة ووجد الماء فان حدثه لايبطل الصلاة بل يتوضئ ويبني على صلاته أما لو كان متوضأ واحدث ووجد الماء فانهم لايبنون على صحة صلاته
صحيح زرارة
[2]
انه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم احدث فاصاب ماء؟ قال يخرج ويتوضئ ثم يبني على مامضى من صلاته التي صلى بالتيمم وهذه صريحة في ان الحدث في خصوص هذه الصورة غير مبطل
وان المحقق الحلي مال الى كلام الشيخ المفيد والطوسي ودعم قولهم بمقتضى القاعدة فقال ان صحيحة زرارة هذه تخصص عمومات مبطلية الحدث فهي على مقتضى القاعدة فإن التيمم لايرفع الحدث باعتبار ان التيمم هو مبيح للصلاة فعندما يحدث المتيمم لم يزد على الحدث الذي عنده فان المرتفع بالحدث هو الإباحة
ولكن هذا الكلام مخدوش مبنائيا لأنه أولاً ان الصحيح هو ان التيمم ليس مبيح فقط بل التيمم رافع لدرجة من الحدث وموجد لدرجة من الطهارة فماذكره المحقق مبنائي مخدوش
أما الصحيحة فلايمكن التعويل والبناء عليها لأنه كما التزم به الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والمحقق الحلي وهو ان المتوضئ مسلم عندهم انه اذا أحدث فان صلاته باطلة ولم تسوّغ كل الروايات التوضئ والبناء على الصلاة وعليه فهذه الرواية محمولة على التقية ولايمكن العمل بها باعتبارها معارضة لما هو أولى
بقيت مجموعة اخرى من الروايات الواردة في الحدث الذي يصدر من الانسان بعد السجدتين من الركعة الأخيرة حيث مفادها عدم بطلان الصلاة ومورد هذه المجموعة الحدث في الركعة الأخيرة بعد السجدتين وقد حمل هذه الروايات جملة من الأعلام على التقية وان مفاد هذه الروايات هو عدم وجوب التشهد أو التسليم كما هو مذهب العامة
لكن الصحيح في هذه الروايات وقد استعرضناها مفصلا في بحث التشهد والتسليم وهي في أبواب التشهد الباب 13 وأبواب التسليم الباب 3 وأبواب قواطع الصلاة الباب الأول الحديث 6
وسابقا في التشهد والتسليم ذكرنا ان هذه الروايات ليست موافقة للعامة كما يتخيل ولاهي في صدد نفي وجوب التشهد والتسليم بل بالعكس فان هذه الروايات تبين ان التشهد سنة وليس فريضة والمراد منه انها من تشريع رسول الله (صلى الله علية واله) وليس من تشريع الله ولايعني انه مستحب فان السنة لاتنقض الفريضة وان هذه القاعدة هي الأصل لقاعدة لاتعاد فان لاتعاد هي قاعدة متولدة تماما من قاعدة أكبر منها وهي السنة لاتنقض الفريضة
وذكر في لاتعاد لان القراءة سنة والتشهد سنة وبقية الاذكار سنة الاّخمس فانها فريضة وهي الطهور والوقت والركوع والسجود والقبلة فهي فريضة فإن قاعدة لاتعاد متولّدة من هذه القاعدة فلا تقية في البين
وهذه الرواية ليست بصدد نفي التشهد بل لان التشهد في نفسه ليس بفريضة فالخلل في التشهد لايبطل الصلاة وان التسليم لأنه ليس بفريضة فالخلل فيه لايبطل الفريضة
وقد استعرض الأعلام بحثا صناعيا مفصلا من انه هل مقتضى القاعدة بطلان الصلاة او صحتها من جهة وجهين فوجه يقول بان الحدث مبطل اذا صدر في السجدة الثانية من الركعة الأخيرة ووجه الصحة هو ان التشهد والتسليم ليس بركن ومعهفالحدث يكون خارج الصلاة ومقتضى القاعدة الصحة لا البطلان
فهذه الروايات ليست في صدد عدم مبطلية الحدث بل هي في صدد ان الحدث اذا أتى من دون اختيار فإنه يقع خارج الصلاة فالصحيح ان الحدث اذا صدر بعد السجدة الثانية
وان الروايات بعضها يجعل المدار على صدور الحدث بعد السجدة الثانية فاذا صدر بعدها تصح الصلاة والاّ فلا وبعض هذه الروايات تجعل المدار على صدور الحدث بعد التشهد فتصح الصلاة وان كان قبل التشهد او اثنائة فتبطل الصلاة ومقتضى الاطلاق والتقييد هو يعني التقييد وتقديم الضابطة الاولى
هنا يوجد لسانين أحدهما يقول اذا أتم السجدتين فتصح الصلاة واللسان الآخر يقول اذا اتم التشهد فتصح الصلاة هنا أيهما أخص وأيهما أعم؟ هنا كل منهما أخص وأعم
فانه منطوقا اذا أتم التشهد أخص ومفهوما أعم واذا أتم السجدتين منطوقا أعم ومفهوما أخص وذلك فإنه يقول اذا أتم السجدتين واحدث فتصح صلاته وهذا من جهة المفهوم بينما اذا أتم التشهد فمفهومه اذا لم يتم التشهد سواء كان قبل التشهد أو أثناء التشهد فلو كنا نحن وبلحاظ صناعة الاطلاق والتقييد فالمدار في السجدتين هو الإتمام وعدم الاتمام
هذا تمام الكلام في مبطلية الحدث
[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص236، ابواب قواطع الصلاة، الباب الخامس، الحديث 11، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص237، ابواب قواطع الصلاة، الباب الخامس، الحديث10، ط آل البيت.