35/11/10
تحمیل
الموضوع:- الأخبار
العلاجية /مقتضى القاعدة الثانوية في المتعارضين / أحكام التعارض المستقر.
وأما المرجّح الثاني - أعني مخالفة القوم -:- فتوجد بعض المطالب المرتبطة به أيضاً:-
المطلب الأوّل:- إن الوارد في الرواية المذكورة - أعني رواية الراوندي - أنّه بعد فقدان المرجّح الأول يُنظر إلى أخبارهم فما خالف أخبارهم يكون هو المقدّم، ونصّ العبير هكذا:- ( فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبارهم فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه )، إنّ المدار قد جُعِل على مخالفة أخبارهم وليس على مخالفة فتاواهم والحال أنّ المتعارف بين الفقهاء هو تقديم المخالف لما هم عليه من الفتوى فكيف نُخرّج ذلك ونوجهه ؟
والجواب:- صحيحٌ أن مورد الرواية هو مخالفة أخبار القوم ولكن هذا المرجّح ليس مرجّحاً تعبّدياً بل هو لنكتةٍ عقلائية حيث إنّ الموافق لأخبارهم يحتمل فيه التقيّه، إنه بهذا الاعتبار قد جُعِل ذلك مرجّحاً، وهذا الاحتمال بنفسه موجودٌ بل لعلّه بدرجةٍ أقوى فيما إذا كان الخبر مخالفاً لفتاواهم . إذن نتعدّى إلى مخالفة فتاواهم من باب عموم النكتة العقلائية كما أشرنا . ويؤكد هذا ما عليه فقهاءنا فإنه لم نسمع أن فقيهاً يجعل المدار على مخالفة أخبارهم دون مخالفة فتاواهم بل على العكس فالمعروف بين فقهائنا هو أنّ المدار في الحمل على التقيّة على مخالفة فتاواهم . إذن هذا يؤكد أنه لا خصوصيّة لمخالفة أخبارهم.
المطلب الثاني:- إنّ المدار على الفتوى للقوم التي تكون شيئاً معروفاً بينهم دون الفتوى التي تكون في زاويةٍ أو لشخصٍ غير معروفٍ، فمتى ما كانت الفتوى معروفة في أوساطهم فحينئذٍ يكون مخالفة هذه الفتوى موجبا للترجيح أمّا إذا فرض أنّ أحد علمائهم في زاويةٍ وليس معروفاً ولم يكن مع السلطة كان يرى هذا الرأي فحينئذٍ موافقة الرواية لرأيه أو مخالفتها لا يكون موجباً لترجيحها أو لردّها، والنكتة واضحةٌ فإنّه رغم أنّ رواية الراوندي لم تفصّل ولم تشِر إلى هذا ولكن نحن ينبغي لنا أن نفصّل هكذا لأجل أنّ الأمام عليه السلام إذا كان يحذر فهو يحذر من الرأي المشهور أمّا الراي الذي يكون في زاويةٍ ولا يعتّد به فلا داعي إلى الاتقاء منه.
من خلال هذا نعرف أيضاً أنّ الفتوى إذا كانت سابقة على عهد الإمام ولم تكن معاصرة لزمانه أو كانت متأخرةً عن زمانه فلا معنى لحمل الخبر على التقيّة إذ الاتقاء مما مضى أو مما يأتي لا معنى له . إذن ينبغي أن نفصّل هذا التفصيل فإن الفتوى المعاصرة لزمان الإمام هي التي تكون موجبة للترجيح أو الردّ دون الفتوى السابقة أو اللاحقة، وهكذا دون الفتوى التي تكون معاصرةً ولكنها في زاويةٍ كما أشرنا.
ومع الأسف إنّ سيرة بعض فقهائنا لعلّها مبنيّة على التسامح من هذه الناحية، فهو يذهب إلى كتب القوم ويرى فتوىً لبعضٍ تطابق الرواية فيحمل الرواية على التقيّة من دون بحثٍ عن أنّ هذه الفتوى هل هي معاصرة لزمن الإمام أو لا وهل هي فتوىً عامّة أو هي فتوى في زاوية، إنّ هذا تساهل واضحٌ وينبغي البحث التدقيق من هذه الناحية، وهذه قضية مهمّة ينبغي الالتفات إليها، ومن هذا نفهم أن الاستنباط يحتاج إلى تتبّعٍ تاريخيٍّ، وهذا من موارد حاجة الفقيه إلى التاريخ.
المطلب الثالث:- إنّ لصاحب الحدائق(قده) كلامٌ في هذا المجال ذكره في المقدّمة الأولى من مقدّمات الحدائق وهو أنّ الحمل على التقيّة لا يستدعي وجود فتوىً من القوم في المسألة بل حتى إذا لم يكن لهم فتوىً مخالفة لنا فمع ذلك يمكن أن نحمل الرواية على التقيّة فرغم أنّ فتواهم ليست مخالفة نحمل الرواية على التقيّة إذا حصل اختلافٌ بين الروايات، فليس شرط حمل الرواية على التقيّة هو وجود فتوىً من القوم في المسألة.
ومستنده في ذلك عدّة روايات:-
منها:- الرواية المعروفة عن زرارة والتي جاء فيها:- ( سالته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل وسأله نفس السؤال فأجابه بخلاف ما أجابني، وهكذا جاء ثالث وسأله نفس السؤال فأجابه بجواب ثالث، فسألته:- كيف تجيب بثلاث أجوبةٍ مختلفة لسؤالٍ واحد ؟ فأجابه الامام عليه السلام:- يا زرارة أنّ هذا خيرٌ لنا وأبقى لكم )، يعني أنّ الامام عليه السلام يريد أن يقول لا أريد أن أجعلكم على كلمة واحدة فتُعرَفوا بسبب وحدة كلمتكم.
إذن صاحب الحدائق(قده) قال:- نحن من هذه الرواية وما كان على شاكلتها نفهم أنّ بعض الروايات تصدر من الإمام تقيةً رغم أنّه لا توجد فتوى من قبل القوم في المسألة.
وفيه:- تارةً نريد أن نفهم أنّه لماذا حصل التعارض بين أخبارنا وما هو المنشأ الموضوعي لهذا الاختلاف ؟ وتارةً نسأل السؤال بشكلٍ آخر ونقول:- إذا جاءت روايتان مختلفتان فأيّ الروايتين نرجّح ؟ فإذا كان السؤال بالشكل الأوّل فلا بأس أن يكون أحد المناشئ هو هذا، فالإمام عليه السلام يلقي الخلاف بين أصحابه، وهذا كلام جميلٌ من صاحب الحدائق . وأمّا إذا كان السؤال هو بالشكل الثاني - وهذا هو المهم وبتلاء الفقيه بهذا لأن الفقيه لا يأتي عن المنشأ التاريخي بل عنده واقع مبتلى به فعند تعارض الروايات باي رواية يأخذ ؟ - فما أفاده صاحب الحدائق(قده) لا يسمن ولا يغني من جوع، فعمليّة الترجيح تحتاج إلى وجود رأيٍ معروفٍ من قبل القوم حتى نحمل الرواية الموافقة له على التقيّة فنتركها والمخالفة نأخذ بها والإمام عليه السلام في صحيحة الراوندي ناظرٌ إلى ذلك، ولو كان يكفي ما أفاده صاحب الحدائق(قده) لما كان هنا حاجة للإمام بعد أن يقول أنظر إلى أخبارهم وخذ بالمخالف واطرح الموافق فهذا كله لا داعي إليه . فإذن الإمام عليه حينما ذكر قاعدةً وضابطاً وأنّه يُؤخَذ بالمخالف لهم دون الموافق نفهم من هذا الضابط أنّه لابد من وجود فتوىً للقوم ولابد من النظر إلى تلك الفتوى لا أنّه نحمل الرواية على التقيّة كيفما اتفق وما ذكره(قده) ينفع في توضيح منشأ هذه الظاهرة التاريخية لا أكثر.
المطلب الرابع:- لو فرض أنّ رأي العامة في مسألةٍ كان بشكلٍ معيّن كنجاسة الخمر مثلاً وطهارته، فلو فرضنا أنّ الرأي المعروف عندهم أنه نجسٌ فحينئذٍ لو جاءنا خبرٌ يدلّ على طهارة الخمر فلا يمكن حمله على التقيّة لفرض أنهم يقولون بالنجاسة دون الطهارة حتى يفترض أنّ الخبر للتقيّة.
ولكن قد يقول قائل:- إنّ سلاطينهم إذا فرض أنهم كانوا يشربون الخمر فهل يمكن أن تكون فتوى الأمام بالطهارة في الرواية الناقلة للطهارة محمولة على التقيّة - أعني التقية من جهة عمل سلاطينهم - ؟ فالاتقاء ليس من فتواهم وإنما الاتقاء من عملهم فالإمام أفتى وحكم بالطهارة تقيّةً من عمل سلاطينهم، فهل هذا الكلام مقبولٌ أو لا ؟ ذكر جماعة في هذا المجال منهم السيد الخوئي(قده) في التنقيح[1] أنّه توجد عندنا في مسألة طهارة الخمرة ونجاسته طائفتان طائفة تدلّ على طهارة الخمر وطائفة تدلّ على نجاسته فماذا نصنع علاجاً للموقف ؟ قد يقول قائل[2]:- نحمل أخبار النجاسة على التقيّة باعتبار أنّ فتواهم المعروفة هي على النجاسة فنحمل أخبار النجاسة على التقيّة لأن فتواهم المعروفة هي كذلك وبالتالي نأخذ بأخبار الطهارة.
أجاب وقال:- صحيحٌ أنّ أخبار النجاسة هي موافقة للتقيّة من ناحية فتواهم ولكن أخبار الطهارة أيضاً موافقة للتقيّة من ناحية عمل سلاطينهم لأن سلاطينهم يشربون الخمر ويستحلونه عملاً، فروايات الطهارة يمكن أن تكون تقيّةً . إذن كما تحتمل التقيّة في أخبار النجاسة لأجل فتواهم تحتمل التقيّة أيضاً في أخبار الطهارة من ناحية عمل سلاطينهم وبالتالي لا يمكن الترجيح من ناحية التقيّة، فلابد من ملاحظة مرجّحاتٍ أخرى أمّا هذا المرجّح فنغضّ النظر عنه.
وأما المرجّح الثاني - أعني مخالفة القوم -:- فتوجد بعض المطالب المرتبطة به أيضاً:-
المطلب الأوّل:- إن الوارد في الرواية المذكورة - أعني رواية الراوندي - أنّه بعد فقدان المرجّح الأول يُنظر إلى أخبارهم فما خالف أخبارهم يكون هو المقدّم، ونصّ العبير هكذا:- ( فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبارهم فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه )، إنّ المدار قد جُعِل على مخالفة أخبارهم وليس على مخالفة فتاواهم والحال أنّ المتعارف بين الفقهاء هو تقديم المخالف لما هم عليه من الفتوى فكيف نُخرّج ذلك ونوجهه ؟
والجواب:- صحيحٌ أن مورد الرواية هو مخالفة أخبار القوم ولكن هذا المرجّح ليس مرجّحاً تعبّدياً بل هو لنكتةٍ عقلائية حيث إنّ الموافق لأخبارهم يحتمل فيه التقيّه، إنه بهذا الاعتبار قد جُعِل ذلك مرجّحاً، وهذا الاحتمال بنفسه موجودٌ بل لعلّه بدرجةٍ أقوى فيما إذا كان الخبر مخالفاً لفتاواهم . إذن نتعدّى إلى مخالفة فتاواهم من باب عموم النكتة العقلائية كما أشرنا . ويؤكد هذا ما عليه فقهاءنا فإنه لم نسمع أن فقيهاً يجعل المدار على مخالفة أخبارهم دون مخالفة فتاواهم بل على العكس فالمعروف بين فقهائنا هو أنّ المدار في الحمل على التقيّة على مخالفة فتاواهم . إذن هذا يؤكد أنه لا خصوصيّة لمخالفة أخبارهم.
المطلب الثاني:- إنّ المدار على الفتوى للقوم التي تكون شيئاً معروفاً بينهم دون الفتوى التي تكون في زاويةٍ أو لشخصٍ غير معروفٍ، فمتى ما كانت الفتوى معروفة في أوساطهم فحينئذٍ يكون مخالفة هذه الفتوى موجبا للترجيح أمّا إذا فرض أنّ أحد علمائهم في زاويةٍ وليس معروفاً ولم يكن مع السلطة كان يرى هذا الرأي فحينئذٍ موافقة الرواية لرأيه أو مخالفتها لا يكون موجباً لترجيحها أو لردّها، والنكتة واضحةٌ فإنّه رغم أنّ رواية الراوندي لم تفصّل ولم تشِر إلى هذا ولكن نحن ينبغي لنا أن نفصّل هكذا لأجل أنّ الأمام عليه السلام إذا كان يحذر فهو يحذر من الرأي المشهور أمّا الراي الذي يكون في زاويةٍ ولا يعتّد به فلا داعي إلى الاتقاء منه.
من خلال هذا نعرف أيضاً أنّ الفتوى إذا كانت سابقة على عهد الإمام ولم تكن معاصرة لزمانه أو كانت متأخرةً عن زمانه فلا معنى لحمل الخبر على التقيّة إذ الاتقاء مما مضى أو مما يأتي لا معنى له . إذن ينبغي أن نفصّل هذا التفصيل فإن الفتوى المعاصرة لزمان الإمام هي التي تكون موجبة للترجيح أو الردّ دون الفتوى السابقة أو اللاحقة، وهكذا دون الفتوى التي تكون معاصرةً ولكنها في زاويةٍ كما أشرنا.
ومع الأسف إنّ سيرة بعض فقهائنا لعلّها مبنيّة على التسامح من هذه الناحية، فهو يذهب إلى كتب القوم ويرى فتوىً لبعضٍ تطابق الرواية فيحمل الرواية على التقيّة من دون بحثٍ عن أنّ هذه الفتوى هل هي معاصرة لزمن الإمام أو لا وهل هي فتوىً عامّة أو هي فتوى في زاوية، إنّ هذا تساهل واضحٌ وينبغي البحث التدقيق من هذه الناحية، وهذه قضية مهمّة ينبغي الالتفات إليها، ومن هذا نفهم أن الاستنباط يحتاج إلى تتبّعٍ تاريخيٍّ، وهذا من موارد حاجة الفقيه إلى التاريخ.
المطلب الثالث:- إنّ لصاحب الحدائق(قده) كلامٌ في هذا المجال ذكره في المقدّمة الأولى من مقدّمات الحدائق وهو أنّ الحمل على التقيّة لا يستدعي وجود فتوىً من القوم في المسألة بل حتى إذا لم يكن لهم فتوىً مخالفة لنا فمع ذلك يمكن أن نحمل الرواية على التقيّة فرغم أنّ فتواهم ليست مخالفة نحمل الرواية على التقيّة إذا حصل اختلافٌ بين الروايات، فليس شرط حمل الرواية على التقيّة هو وجود فتوىً من القوم في المسألة.
ومستنده في ذلك عدّة روايات:-
منها:- الرواية المعروفة عن زرارة والتي جاء فيها:- ( سالته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل وسأله نفس السؤال فأجابه بخلاف ما أجابني، وهكذا جاء ثالث وسأله نفس السؤال فأجابه بجواب ثالث، فسألته:- كيف تجيب بثلاث أجوبةٍ مختلفة لسؤالٍ واحد ؟ فأجابه الامام عليه السلام:- يا زرارة أنّ هذا خيرٌ لنا وأبقى لكم )، يعني أنّ الامام عليه السلام يريد أن يقول لا أريد أن أجعلكم على كلمة واحدة فتُعرَفوا بسبب وحدة كلمتكم.
إذن صاحب الحدائق(قده) قال:- نحن من هذه الرواية وما كان على شاكلتها نفهم أنّ بعض الروايات تصدر من الإمام تقيةً رغم أنّه لا توجد فتوى من قبل القوم في المسألة.
وفيه:- تارةً نريد أن نفهم أنّه لماذا حصل التعارض بين أخبارنا وما هو المنشأ الموضوعي لهذا الاختلاف ؟ وتارةً نسأل السؤال بشكلٍ آخر ونقول:- إذا جاءت روايتان مختلفتان فأيّ الروايتين نرجّح ؟ فإذا كان السؤال بالشكل الأوّل فلا بأس أن يكون أحد المناشئ هو هذا، فالإمام عليه السلام يلقي الخلاف بين أصحابه، وهذا كلام جميلٌ من صاحب الحدائق . وأمّا إذا كان السؤال هو بالشكل الثاني - وهذا هو المهم وبتلاء الفقيه بهذا لأن الفقيه لا يأتي عن المنشأ التاريخي بل عنده واقع مبتلى به فعند تعارض الروايات باي رواية يأخذ ؟ - فما أفاده صاحب الحدائق(قده) لا يسمن ولا يغني من جوع، فعمليّة الترجيح تحتاج إلى وجود رأيٍ معروفٍ من قبل القوم حتى نحمل الرواية الموافقة له على التقيّة فنتركها والمخالفة نأخذ بها والإمام عليه السلام في صحيحة الراوندي ناظرٌ إلى ذلك، ولو كان يكفي ما أفاده صاحب الحدائق(قده) لما كان هنا حاجة للإمام بعد أن يقول أنظر إلى أخبارهم وخذ بالمخالف واطرح الموافق فهذا كله لا داعي إليه . فإذن الإمام عليه حينما ذكر قاعدةً وضابطاً وأنّه يُؤخَذ بالمخالف لهم دون الموافق نفهم من هذا الضابط أنّه لابد من وجود فتوىً للقوم ولابد من النظر إلى تلك الفتوى لا أنّه نحمل الرواية على التقيّة كيفما اتفق وما ذكره(قده) ينفع في توضيح منشأ هذه الظاهرة التاريخية لا أكثر.
المطلب الرابع:- لو فرض أنّ رأي العامة في مسألةٍ كان بشكلٍ معيّن كنجاسة الخمر مثلاً وطهارته، فلو فرضنا أنّ الرأي المعروف عندهم أنه نجسٌ فحينئذٍ لو جاءنا خبرٌ يدلّ على طهارة الخمر فلا يمكن حمله على التقيّة لفرض أنهم يقولون بالنجاسة دون الطهارة حتى يفترض أنّ الخبر للتقيّة.
ولكن قد يقول قائل:- إنّ سلاطينهم إذا فرض أنهم كانوا يشربون الخمر فهل يمكن أن تكون فتوى الأمام بالطهارة في الرواية الناقلة للطهارة محمولة على التقيّة - أعني التقية من جهة عمل سلاطينهم - ؟ فالاتقاء ليس من فتواهم وإنما الاتقاء من عملهم فالإمام أفتى وحكم بالطهارة تقيّةً من عمل سلاطينهم، فهل هذا الكلام مقبولٌ أو لا ؟ ذكر جماعة في هذا المجال منهم السيد الخوئي(قده) في التنقيح[1] أنّه توجد عندنا في مسألة طهارة الخمرة ونجاسته طائفتان طائفة تدلّ على طهارة الخمر وطائفة تدلّ على نجاسته فماذا نصنع علاجاً للموقف ؟ قد يقول قائل[2]:- نحمل أخبار النجاسة على التقيّة باعتبار أنّ فتواهم المعروفة هي على النجاسة فنحمل أخبار النجاسة على التقيّة لأن فتواهم المعروفة هي كذلك وبالتالي نأخذ بأخبار الطهارة.
أجاب وقال:- صحيحٌ أنّ أخبار النجاسة هي موافقة للتقيّة من ناحية فتواهم ولكن أخبار الطهارة أيضاً موافقة للتقيّة من ناحية عمل سلاطينهم لأن سلاطينهم يشربون الخمر ويستحلونه عملاً، فروايات الطهارة يمكن أن تكون تقيّةً . إذن كما تحتمل التقيّة في أخبار النجاسة لأجل فتواهم تحتمل التقيّة أيضاً في أخبار الطهارة من ناحية عمل سلاطينهم وبالتالي لا يمكن الترجيح من ناحية التقيّة، فلابد من ملاحظة مرجّحاتٍ أخرى أمّا هذا المرجّح فنغضّ النظر عنه.