36/03/25
تحمیل
الموضوع:- الأحكام الشرعية مجعولة
بنحو القضية الحقيقية – مباحث الحكم.
أما البيان الثاني - وهو أنّ الشخص يتحرّك نحو مقدّمات المراد قبل تحقّق الشرط خارجاً - فيردّه:- أنّه يتمّ لو فرضنا أنّ الإنسان بعد أن شبع من الطعام مثلاً لا توجد عنده سوى إرادة الطعام عند الجوع فيكون لما ذكره الشيخ العراقي(قده) وجاهة فإن تهيئة المقدّمات يدلّ على أنّ الارادة فعليّة وإلا فلماذا نقوم بتهيئة الطعام وبالتالي يثبت أنّ شرط الارادة الفعليّة هو تصوّر الجوع لا واقع الجوع - أو بتعبيرٍ آخر الجوع الخارجي -.
ولكنّا نقول:- إنّه يمكن أن يقال يوجد شيءٌ آخر إلى جنب تلك الارادة هو السبب للتحرّك نحو المقدّمات هو كراهة الجوع بلا طعام، فتوجد كراهة عند كلّ واحدٍ منّا أن يجوع ولا يوجد لديه أكلٌ موجودٌ بالفعل، إنّ هذه الكراهة الموجودة إلى جنب تلك الارادة هي فعليّة لأنّها ليست مشروطة بشيءٍ، فهذه الكراهة يمكن أن نقول هي المحرّكة نحو تهيئة وجبة العشاء إذ لو لم نهيئ وجبة العشاء يلزم أن نجوع بلا طعامٍ يصحّ أكله، فهذه الكراهة هي التي تبعثنا نحو تهيئة المقدّمات لا تلك الارادة - يعني إرادة الطعام على تقدير الجوع - فإذا كانت تلك الارادة هي الموجودة فقط وهي المحركة فالحقّ مع الشيخ العراقي(قده) إذ يلزم أن تكون فعليّة وإلّا كيف تُحرِّك ؟! ويلزم أن يكون شرطها هو تصوّر الجوع لا الجوع الخارجي، ولكن نقول:- يمكن أن ندّعي - وهذا ما نشعر به بالوجدان - أنه توجد كراهة إلى جنب تلك الارادة وهي فعليّة فهي التي تحرّك نحو تهيئة المقدّمات من الآن، وهذا شيءٌ ظريف فالتفت إليه.
وأمّا البيان الثالث - وهو ما أفاده السيد الحكيم(قده) من أنه لو كان الشرط هو الوجود الخارجي يلزم الانفكاك بين الجعل والمجعول وهو مستحيلٌ بل هو أوضح استحالةً من الانفكاك بين العلّة والمعلول - فيردّه:- إنّ هذا يتمّ في الأمور الحقيقة دون الاعتبارية، ومن الخطأ قياس الأمور الاعتباريّة على الأمور الحقيقيّة، فإنه في الأمور الحقيقية مثل الكسر والانكسار أقول ( كسرته فانكسر ) وعمليّة الانكسار والكسر عمليّة حقيقيّة، فالشيء لو انكسر خارجاً هنا لا يمكن انفكاك الانكسار عن الكسر بل يلزم أن يكون بينهما اتّحادٌ من حيث الوقت، فمتى ما تحقّق الكسر تحقّق الانكسار ولا يمكن أن يحصل الكسر الآن ثم بعد ذلك يتحقّق الانكسار، وأمّا الجعل والمجعول فهما من الأمور الاعتباريّة فأنا الآن أعتبر وأجعل وجوب الحجّ إذا تحقّقت الاستطاعة في زمن المستقبل فالجعل الآن والمجعول يكون فيما يأتي وهذا شيءٌ ممكنٌ في الأمور الاعتباريّة، وقياس الأمور الاعتبارية على الامور الحقيقيّة ليس بصحيح، وهذا من الأمور الواضحة.
إذن لا بأس بأن يحصل الانفكاك في الأمور الاعتباريّة وذلك واقعٌ في مثل التدبير والوصيّة ففيهما يوصي الإنسان الآن وأما الموصى به هو الملكيّة بعد الوفاة فالجعل الآن والمجعول والمعتبر هو بعد الوفاة وهذا أمر معقولٌ لابأس به ولا محذور فيه.
وبهذا يندفع إشكالٌ قد يخطر إلى الذهن وحاصله:- إنّ الوجوب الفعلي إذا كان يحصل بعد تحقّق الشرط خارجاً - يعني وجوب الحجّ فعلاً يحصل بعد تحقّق الاستطاعة خارجاً كما يقول المشهور غير الشيخ العراقي فإن هذا الوجوب الفعلي والذي ننسبه إلى المستطيع ونقول هذا المكلف وجب عليه الحج الآن حينما حصلت الاستطاعة - هو من أين حصل ؟ هل جعله المولى جعله الآن - أي حينما تحقّق الشرط - أو أنّه جُعِل وتحقّق بسبب ذلك الجعل السابق أو أنّه تحقّق بلا هذا ولا ذاك ؟
أما الأوّل:- فهو باطلٌ فإن المولى قد يكون نائماً فيما إذا كان في الأمور العقلائيّة - لأنّ هذا الكلام يأتي حتى في الجعول العقلائيّة ولا يختصّ بصاحب الأحكام الشرعيّة فأنت تقول لأهلك متى ما جاء الضيف فعليكم أن تطبخوا ثم ذهبت إلى النوم وبعد ذلك جاء الضيف فالآن يجب عليهم الطبخ رغم أن الآمر نائم -فكيف يتحقّق جعل الوجوب من قبل المولى الآن . مضافاً إلى أنّه لا نحتمل أنّ الوجوب يثبت لكلّ شخصٍ شخصٍ حصلت له الاستطاعة فإنَّ احتمال تعدّد الوجوبات ليس بموجودٍ في حدّ نفسه، فهذا الاحتمال باطلٌ في حدّ نفسه.
وأمّا الاحتمال الثاني - وهو أنه يتحقّق بذلك الجعل - فنقول:- إنّ ذلك الجعل متقدّمٌ وهذا متأخّر فكيف يتحقّق المتأخّر بذلك المتقدّم أوليس تلزم المعاصرة بين العلّة والمعلول ؟!! فهذا الاحتمال باطلٌ أيضاً.
وأمّا الاحتمال الثالث - يعني أنّه تحقّق بلا هذا ولا ذاك -:- وهذا أوضح بطلاناً لأنّه يلزم صدور المعلول بلا علّة - يعني أنَّ الوجوب الفعلي يتحقّق وحده من دون نكتة وعلّة -.
وهذا إشكالٌ علميٌّ فكيف تجيب عنه ؟ وواضحٌ أنّ الشيخ العراقي(قده) في راحةٍ لأنه يقول إنّ الوجوب الفعلي موجودٌ - وهو يفسّره بالإرادة - غايته ليس له التحريك.
إنّ الجواب عن ذلك قد اتضح حيث نقول:- إنَّ الصحيح هو الاحتمال الثاني - يعني أن الوجوب الفعلي يتحقّق بذلك الجعل السابق - فالمولى يجعل الوجوب الفعلي على تقدير تحقّق الشرط فيقول ( متى ما تحققت الاستطاعة فأنا جاعلٌ وجوباً فعلياً ) والآن لا توجد استطاعة فلا وجوب فعليّ وإنما تتحقّق الاستطاعة بعد فترةٍ فآنذاك يتحقّق الوجوب الفعلي، وأقصى ما يلزم من إشكالٍ هو أنّه كيف انفك المجعول عن الجعل ؟! والجواب:- هو أنَّ الانفكاك إنّما يكون بين العلّة والمعلول في الأمور الحقيقيّة، وأمّا في الأمور الاعتباريّة فلا إذ المفروض أنّ الوجوب الذي يحصل بعد ذلك هو مجرّد اعتبار لا أنّه يحصل شيءٌ في الخارج، والعقلاء يرون أنَّ هذا الاعتبار صار فعليّاً - وفعليّته هي على مستوى الاعتبار العقلائي - وينسبون الوجوب لك ويقولون ( أنت الآن صار الحج واجباً عليك ) ولا بأس بأن يتحقّق هذا الاعتبار المتأخّر بذلك الاعتبار المتقدّم مادامت القضيّة كلّها مبنيّة على الاعتبار وليس على الحقيقة.
والخلاصة من كلّ ما ذكرنا:- أنّ الحكم في حقيقته اعتبارٌ وله مرحلة جعلٍ ومجعولٍ كما أفاد الشيخ العراقي(قده) ولكن عنصر الاعتبار ليس عنصراً ضرورياً وإنّما هو قضيّة عقلائيّة متداولة بين العقلاء.
واتضح أنّ الشرط ليس هو مجرّد اللحاظ بما هو لحاظٌ بل هو اللحاظ بما هو عين الخارج، وبالتالي يصير المدار في فعليّة الحكم على الخارج وليس على مجرّد اللحاظ.
وأتضح أيضاً أنّه لا محذور في الانفكاك بين الجعل والمجعول لما أشرنا إليه.
أما البيان الثاني - وهو أنّ الشخص يتحرّك نحو مقدّمات المراد قبل تحقّق الشرط خارجاً - فيردّه:- أنّه يتمّ لو فرضنا أنّ الإنسان بعد أن شبع من الطعام مثلاً لا توجد عنده سوى إرادة الطعام عند الجوع فيكون لما ذكره الشيخ العراقي(قده) وجاهة فإن تهيئة المقدّمات يدلّ على أنّ الارادة فعليّة وإلا فلماذا نقوم بتهيئة الطعام وبالتالي يثبت أنّ شرط الارادة الفعليّة هو تصوّر الجوع لا واقع الجوع - أو بتعبيرٍ آخر الجوع الخارجي -.
ولكنّا نقول:- إنّه يمكن أن يقال يوجد شيءٌ آخر إلى جنب تلك الارادة هو السبب للتحرّك نحو المقدّمات هو كراهة الجوع بلا طعام، فتوجد كراهة عند كلّ واحدٍ منّا أن يجوع ولا يوجد لديه أكلٌ موجودٌ بالفعل، إنّ هذه الكراهة الموجودة إلى جنب تلك الارادة هي فعليّة لأنّها ليست مشروطة بشيءٍ، فهذه الكراهة يمكن أن نقول هي المحرّكة نحو تهيئة وجبة العشاء إذ لو لم نهيئ وجبة العشاء يلزم أن نجوع بلا طعامٍ يصحّ أكله، فهذه الكراهة هي التي تبعثنا نحو تهيئة المقدّمات لا تلك الارادة - يعني إرادة الطعام على تقدير الجوع - فإذا كانت تلك الارادة هي الموجودة فقط وهي المحركة فالحقّ مع الشيخ العراقي(قده) إذ يلزم أن تكون فعليّة وإلّا كيف تُحرِّك ؟! ويلزم أن يكون شرطها هو تصوّر الجوع لا الجوع الخارجي، ولكن نقول:- يمكن أن ندّعي - وهذا ما نشعر به بالوجدان - أنه توجد كراهة إلى جنب تلك الارادة وهي فعليّة فهي التي تحرّك نحو تهيئة المقدّمات من الآن، وهذا شيءٌ ظريف فالتفت إليه.
وأمّا البيان الثالث - وهو ما أفاده السيد الحكيم(قده) من أنه لو كان الشرط هو الوجود الخارجي يلزم الانفكاك بين الجعل والمجعول وهو مستحيلٌ بل هو أوضح استحالةً من الانفكاك بين العلّة والمعلول - فيردّه:- إنّ هذا يتمّ في الأمور الحقيقة دون الاعتبارية، ومن الخطأ قياس الأمور الاعتباريّة على الأمور الحقيقيّة، فإنه في الأمور الحقيقية مثل الكسر والانكسار أقول ( كسرته فانكسر ) وعمليّة الانكسار والكسر عمليّة حقيقيّة، فالشيء لو انكسر خارجاً هنا لا يمكن انفكاك الانكسار عن الكسر بل يلزم أن يكون بينهما اتّحادٌ من حيث الوقت، فمتى ما تحقّق الكسر تحقّق الانكسار ولا يمكن أن يحصل الكسر الآن ثم بعد ذلك يتحقّق الانكسار، وأمّا الجعل والمجعول فهما من الأمور الاعتباريّة فأنا الآن أعتبر وأجعل وجوب الحجّ إذا تحقّقت الاستطاعة في زمن المستقبل فالجعل الآن والمجعول يكون فيما يأتي وهذا شيءٌ ممكنٌ في الأمور الاعتباريّة، وقياس الأمور الاعتبارية على الامور الحقيقيّة ليس بصحيح، وهذا من الأمور الواضحة.
إذن لا بأس بأن يحصل الانفكاك في الأمور الاعتباريّة وذلك واقعٌ في مثل التدبير والوصيّة ففيهما يوصي الإنسان الآن وأما الموصى به هو الملكيّة بعد الوفاة فالجعل الآن والمجعول والمعتبر هو بعد الوفاة وهذا أمر معقولٌ لابأس به ولا محذور فيه.
وبهذا يندفع إشكالٌ قد يخطر إلى الذهن وحاصله:- إنّ الوجوب الفعلي إذا كان يحصل بعد تحقّق الشرط خارجاً - يعني وجوب الحجّ فعلاً يحصل بعد تحقّق الاستطاعة خارجاً كما يقول المشهور غير الشيخ العراقي فإن هذا الوجوب الفعلي والذي ننسبه إلى المستطيع ونقول هذا المكلف وجب عليه الحج الآن حينما حصلت الاستطاعة - هو من أين حصل ؟ هل جعله المولى جعله الآن - أي حينما تحقّق الشرط - أو أنّه جُعِل وتحقّق بسبب ذلك الجعل السابق أو أنّه تحقّق بلا هذا ولا ذاك ؟
أما الأوّل:- فهو باطلٌ فإن المولى قد يكون نائماً فيما إذا كان في الأمور العقلائيّة - لأنّ هذا الكلام يأتي حتى في الجعول العقلائيّة ولا يختصّ بصاحب الأحكام الشرعيّة فأنت تقول لأهلك متى ما جاء الضيف فعليكم أن تطبخوا ثم ذهبت إلى النوم وبعد ذلك جاء الضيف فالآن يجب عليهم الطبخ رغم أن الآمر نائم -فكيف يتحقّق جعل الوجوب من قبل المولى الآن . مضافاً إلى أنّه لا نحتمل أنّ الوجوب يثبت لكلّ شخصٍ شخصٍ حصلت له الاستطاعة فإنَّ احتمال تعدّد الوجوبات ليس بموجودٍ في حدّ نفسه، فهذا الاحتمال باطلٌ في حدّ نفسه.
وأمّا الاحتمال الثاني - وهو أنه يتحقّق بذلك الجعل - فنقول:- إنّ ذلك الجعل متقدّمٌ وهذا متأخّر فكيف يتحقّق المتأخّر بذلك المتقدّم أوليس تلزم المعاصرة بين العلّة والمعلول ؟!! فهذا الاحتمال باطلٌ أيضاً.
وأمّا الاحتمال الثالث - يعني أنّه تحقّق بلا هذا ولا ذاك -:- وهذا أوضح بطلاناً لأنّه يلزم صدور المعلول بلا علّة - يعني أنَّ الوجوب الفعلي يتحقّق وحده من دون نكتة وعلّة -.
وهذا إشكالٌ علميٌّ فكيف تجيب عنه ؟ وواضحٌ أنّ الشيخ العراقي(قده) في راحةٍ لأنه يقول إنّ الوجوب الفعلي موجودٌ - وهو يفسّره بالإرادة - غايته ليس له التحريك.
إنّ الجواب عن ذلك قد اتضح حيث نقول:- إنَّ الصحيح هو الاحتمال الثاني - يعني أن الوجوب الفعلي يتحقّق بذلك الجعل السابق - فالمولى يجعل الوجوب الفعلي على تقدير تحقّق الشرط فيقول ( متى ما تحققت الاستطاعة فأنا جاعلٌ وجوباً فعلياً ) والآن لا توجد استطاعة فلا وجوب فعليّ وإنما تتحقّق الاستطاعة بعد فترةٍ فآنذاك يتحقّق الوجوب الفعلي، وأقصى ما يلزم من إشكالٍ هو أنّه كيف انفك المجعول عن الجعل ؟! والجواب:- هو أنَّ الانفكاك إنّما يكون بين العلّة والمعلول في الأمور الحقيقيّة، وأمّا في الأمور الاعتباريّة فلا إذ المفروض أنّ الوجوب الذي يحصل بعد ذلك هو مجرّد اعتبار لا أنّه يحصل شيءٌ في الخارج، والعقلاء يرون أنَّ هذا الاعتبار صار فعليّاً - وفعليّته هي على مستوى الاعتبار العقلائي - وينسبون الوجوب لك ويقولون ( أنت الآن صار الحج واجباً عليك ) ولا بأس بأن يتحقّق هذا الاعتبار المتأخّر بذلك الاعتبار المتقدّم مادامت القضيّة كلّها مبنيّة على الاعتبار وليس على الحقيقة.
والخلاصة من كلّ ما ذكرنا:- أنّ الحكم في حقيقته اعتبارٌ وله مرحلة جعلٍ ومجعولٍ كما أفاد الشيخ العراقي(قده) ولكن عنصر الاعتبار ليس عنصراً ضرورياً وإنّما هو قضيّة عقلائيّة متداولة بين العقلاء.
واتضح أنّ الشرط ليس هو مجرّد اللحاظ بما هو لحاظٌ بل هو اللحاظ بما هو عين الخارج، وبالتالي يصير المدار في فعليّة الحكم على الخارج وليس على مجرّد اللحاظ.
وأتضح أيضاً أنّه لا محذور في الانفكاك بين الجعل والمجعول لما أشرنا إليه.