36/07/29
تحمیل
الموضوع:- تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في
الحجية -قواعد وفوائد.
القضية الثالثة:- هناك قولان في هذه المسألة، الأوّل يرى عدم التبعيّة وقد تبنّاه الشيخ النائيني(قده)، والثاني يرى التبعيّة وقد تبنّاه السيد الخوئي والسيد الشهيد(قده).
أما القول الأوّل:- فقد استدل له(قد) بأنّه توجد دلالتان أحداهما مطابقيّة والثانية التزاميّة وسقوط المطابقيّة عن الحجيّة لمانعٍ ولنكتةٍ لا يبرّر سقوط الثانية عن الحجيّة بل تبقى مشمولةً لدليل الحجيّة.
كلامه هذا يوجد فيه احتمالان:-
الاحتمال الأول:- أن يكون مقصوده هو أنه عندنا خبران في الحقيقة وليس خبراً واحداً، فهو في الشكل والصورة وإن كان واحداً لكن بحسب الواقع هو خبران خبرٌ عن المدلول المطابقي وخبرٌ عن المدلول الالتزامي، ومن الواضح أنّه إذا كان عندك خبران وعلمت بكذب أحدهما هل يصلح ذلك مبرراً لسقوط الثاني عن الحجيّة الذي لا تعلم بكذبه ؟! كلّا فإن هذا غير مقبول، كما إذا جاء زيدٌ وأخبرنا بخبرين وعلمنا أنّ الخبر الأوّل كان كاذباً فنرفع اليد عنه وأمّا الثاني فلم نعلم بأنّه كاذب فلماذا نرفع اليد عنه ؟!!
الاحتمال الثاني:- إنَّ الخبر واحدٌ لا يتعدّد بتعدّد المدلول ولكن له دلالتان مطابقيّة التزاميّة وسقوط الأولى عن الحجيّة لا يستوجب سقوط الثانية عن الحجيّة.
وإذا كان مقصوده الأوّل فربما ويناقش ويقال:- إنَّ صدق عنوان الخبر عرفاً فرع القصد فإذا لم يكن المتكلّم قاصداً للإخبار فلا يصدق عنوان الخبر، فمثلاً لو جاء شخصٌ وقال ( نزل المطر ) فهنا يوجد قصد للإخبار عن نزول المطر فيصدق عنوان الخبريّة، ولكن للمطر لوازم منها أنه طهّر الأرض النجسة وأنّه نزل من الميزاب وخرّب البيوت الضعيفة وغير ذلك، فهنا المتكلّم عرفاً ماذا يصدق عليه هل يصدق أنّه أخبر بإخبارٍ واحدٍ وهو المدلول المطابقي أو أنّه أخبر عن المدلول المطابقي بخبرٍ وأخبر عن المدلول الالتزامي الأوّل بخبرٍ وعن المدلول الالتزامي الثاني بخبرٍ ثانٍ ... وهكذا ؟ فهل تتعدّد الأخبار بتعدّد المداليل الالتزاميّة أو يبقى الخبر واحداً بلحاظ المدلول المطابقي لا أكثر ؟
عرفاً ربما يقال إنّ صدق عنوان الخبر فرع القصد والمتكلّم قد قصد الإخبار عن المدلول المطابقي وأمّا المدلول الالتزامي فربما هو غافلٌ عنه بشكلٍ كلّي وبالتالي لم يقصد الإخبار عنه ومن ثم لا يصدق أنه أخبر.
وإنما قلت ( ربما ) لأنّ هذه القضيّة محلّ كلام - وهي أنّ صدق عنوان الخبر هل هي فرع القصد أو لا - فقد نبني على أنّه فرع القصد وهو ليس ببعيدٍ، وقد لا يقول شخص هو ليس فرع القصد، وأنا أردت أن أشير فقط إلى أنه لو كان مقصوده هو الاحتمال الأوّل فهذا الإشكال ربما يورد عليه بناءً على أنّ صدق عنوان الخبر فرع الالتفات والقصد.
إذن لعلّ الأنسب من هذه الناحية أن يكون مقصوده هو الثاني:- فإنّ الثاني لا يرد عليه هذا الاشكال إذ المقصود من الدلالة عبارة عن الظهور والظهور لا يتوقّف على القصد وإنما الذي يتوقّف على القصد هو عنوان الخبر والإخبار دون عنوان الظهور.
هذا توضيح ما افاده الشيخ النائيني(قده)[1]، وسوف يتّضح فيما بعد وجه المناقشة فانتظر.
وأمّا بالنسبة إلى القول الثاني الذي تبنّاه العلمان:- فقد استدل كلّ واحدٍ منهما على التبعيّة بدليلٍ:-
أمّا السيد الخوئي(قده) فحاصل ما ذكره[2]:- هو أنّ من أخبر عن المدلول المطابقي فقد أخبر عن المدلول الالتزامي المساوي، فالمخبَر عنه هو المدلول الالتزامي المساوي، يعني صحيحٌ هو في حدّ ذاته أعم لكن مادام الإخبار عنه كان بتوسّط الإخبار عن المدلول المطابقي فيصير المدلول الالتزامي هو الحصّة الخاصّة المساوية للمدلول المطابقي، ومادام المخبَر عنه هو المدلول الالتزامي المساوي للمطابقي فمتى ما اتضح كذب المتكلّم بلحاظ المدلول المطابقي يلزم أن يتّضح كذبه بلحاظ المدلول الالتزامي لأنّ ذلك لازم فرض المساواة، وإذا اتضح كذب المدلول الالتزامي فلا يمكن أن يكون حجّة فإن الحجّة لا يمكن أن تثبت لمعلوم الكذب.
يعني يريد أن يقول:- لو افترضنا أننا علمنا بكذب المدلول الالتزامي بسبب علمنا بكذب المدلول المطابقي فكيف يمكن أن تثبت له الحجيّة ويعبّدنا به الشارع فإنّه لا يمكن التعبّد والحجيّة بمعلوم الكذب وإنما يمكن ذلك لمشكوك الكذب ؟!!
وكلامه هذا ينحل ّإلى مقدمتين:-
الأولى:- إنّ المدلول الالتزامي هو دائماً مساوٍ للمدلول المطابقي وإن كان في حدّ ذاته هو أعمّ لكنّ من أخبر عن المدلول المطابقي فهو قد أخبر عن الحصّة المساوية دون الأعم.
الثانية:- إنّه متى ما علم بكذب الخبر المطابقي يلزم العلم بكذب الخبر بلحاظ مدلوله الالتزامي لأنّ ذلك لازم فرض المساواة.
وأمّا ما أفاده أخيراً فلا حاجة لجعله مقدّمة ( وهو أنّه ما علم كذبه لا يمكن إثبات الحجيّة له ).
يبقى كيف يثبت المقدّمة الاولى فإنها هي المهمة ؟
والجواب:- يمكن توجيه ذلك بأنّ من أخبر بوقوع قطرة بول في الماء فهو لم يخبر عن النجاسة الكلّية، يعني لم يقل ( إذن الماء نجسٌ ) وإنما أخبر عن الحصّة المساوية يعني هو أخبر عن التنجّس بالبول وعن النجاسة البوليّة وكأنه قال ( أيها الناس إنّ الماء قد تنجّس بنجاسةٍ بوليّةٍ وليس بذات النجاسة ) فالمخبَر عنه الالتزامي هو الحصّة الخاصّة - أي النجاسة البولية وليس ذات النجاسة - فإنَّ البول سببٌ وبالتالي من أخبر عن السبب - أي وقوع البول الذي هو سبب النجاسة - فقد أخبر عن المسبب - والمسبب هو النجاسة البولية -.
وأما المقدّمة الثانية:- فقلنا هي واضحة فإنّه مادام قد فرضنا المساواة فيلزم عند العلم بكذب المدلول المطابقي العلم بكذب المدلول الالتزامي لأنّ ذلك لازم فرض المساواة.
ويرد عليه:- إنّ كلتا المقدّمتين قابلتان للمناقشة:-
أمّا المقدّمة الأولى:- فيمكن مناقشتها بأمرين:-
الأمر الأوّل:- إنهّ ذكر أنّ من أخبر عن السبب يلزم أن يخبر عن المسبّب المساوي لذلك السبب، يعني أنَّ المخبر عن وقوع قطرة البول هو مخبرٌ عن النجاسة البوليّة فإنّ المسبّب هو النجاسة البوليّة.
ونحن نقول:- هذا لو تمّ فهو يتمّ إذا فرض أنّ المورد من السبب والمسبّب، يعني كان المدلول المطابقي سبباً والمدلول الالتزامي مسبّباً فإنه مادام كانت قطرة البول سبباً فالمسبّب هو النجاسة البوليّة، ولكن نقول:- أحياناً لا تكون هناك سببيّة أبداً - يعني أنّ المدلول المطابقي ليس سبباً والمدلول الالتزامي ليس مسبّباً بل بعيدان كلّ البعد عن مسألة السببيّة والمسبّبية - أو تكون هناك سببية ومسببيّة ولكن بالعكس - يعني يكون المدلول المطابقي مسبّباً والإلتزامي سبباً - فلا يتمّ آنذاك ما أفاده(قده).
القضية الثالثة:- هناك قولان في هذه المسألة، الأوّل يرى عدم التبعيّة وقد تبنّاه الشيخ النائيني(قده)، والثاني يرى التبعيّة وقد تبنّاه السيد الخوئي والسيد الشهيد(قده).
أما القول الأوّل:- فقد استدل له(قد) بأنّه توجد دلالتان أحداهما مطابقيّة والثانية التزاميّة وسقوط المطابقيّة عن الحجيّة لمانعٍ ولنكتةٍ لا يبرّر سقوط الثانية عن الحجيّة بل تبقى مشمولةً لدليل الحجيّة.
كلامه هذا يوجد فيه احتمالان:-
الاحتمال الأول:- أن يكون مقصوده هو أنه عندنا خبران في الحقيقة وليس خبراً واحداً، فهو في الشكل والصورة وإن كان واحداً لكن بحسب الواقع هو خبران خبرٌ عن المدلول المطابقي وخبرٌ عن المدلول الالتزامي، ومن الواضح أنّه إذا كان عندك خبران وعلمت بكذب أحدهما هل يصلح ذلك مبرراً لسقوط الثاني عن الحجيّة الذي لا تعلم بكذبه ؟! كلّا فإن هذا غير مقبول، كما إذا جاء زيدٌ وأخبرنا بخبرين وعلمنا أنّ الخبر الأوّل كان كاذباً فنرفع اليد عنه وأمّا الثاني فلم نعلم بأنّه كاذب فلماذا نرفع اليد عنه ؟!!
الاحتمال الثاني:- إنَّ الخبر واحدٌ لا يتعدّد بتعدّد المدلول ولكن له دلالتان مطابقيّة التزاميّة وسقوط الأولى عن الحجيّة لا يستوجب سقوط الثانية عن الحجيّة.
وإذا كان مقصوده الأوّل فربما ويناقش ويقال:- إنَّ صدق عنوان الخبر عرفاً فرع القصد فإذا لم يكن المتكلّم قاصداً للإخبار فلا يصدق عنوان الخبر، فمثلاً لو جاء شخصٌ وقال ( نزل المطر ) فهنا يوجد قصد للإخبار عن نزول المطر فيصدق عنوان الخبريّة، ولكن للمطر لوازم منها أنه طهّر الأرض النجسة وأنّه نزل من الميزاب وخرّب البيوت الضعيفة وغير ذلك، فهنا المتكلّم عرفاً ماذا يصدق عليه هل يصدق أنّه أخبر بإخبارٍ واحدٍ وهو المدلول المطابقي أو أنّه أخبر عن المدلول المطابقي بخبرٍ وأخبر عن المدلول الالتزامي الأوّل بخبرٍ وعن المدلول الالتزامي الثاني بخبرٍ ثانٍ ... وهكذا ؟ فهل تتعدّد الأخبار بتعدّد المداليل الالتزاميّة أو يبقى الخبر واحداً بلحاظ المدلول المطابقي لا أكثر ؟
عرفاً ربما يقال إنّ صدق عنوان الخبر فرع القصد والمتكلّم قد قصد الإخبار عن المدلول المطابقي وأمّا المدلول الالتزامي فربما هو غافلٌ عنه بشكلٍ كلّي وبالتالي لم يقصد الإخبار عنه ومن ثم لا يصدق أنه أخبر.
وإنما قلت ( ربما ) لأنّ هذه القضيّة محلّ كلام - وهي أنّ صدق عنوان الخبر هل هي فرع القصد أو لا - فقد نبني على أنّه فرع القصد وهو ليس ببعيدٍ، وقد لا يقول شخص هو ليس فرع القصد، وأنا أردت أن أشير فقط إلى أنه لو كان مقصوده هو الاحتمال الأوّل فهذا الإشكال ربما يورد عليه بناءً على أنّ صدق عنوان الخبر فرع الالتفات والقصد.
إذن لعلّ الأنسب من هذه الناحية أن يكون مقصوده هو الثاني:- فإنّ الثاني لا يرد عليه هذا الاشكال إذ المقصود من الدلالة عبارة عن الظهور والظهور لا يتوقّف على القصد وإنما الذي يتوقّف على القصد هو عنوان الخبر والإخبار دون عنوان الظهور.
هذا توضيح ما افاده الشيخ النائيني(قده)[1]، وسوف يتّضح فيما بعد وجه المناقشة فانتظر.
وأمّا بالنسبة إلى القول الثاني الذي تبنّاه العلمان:- فقد استدل كلّ واحدٍ منهما على التبعيّة بدليلٍ:-
أمّا السيد الخوئي(قده) فحاصل ما ذكره[2]:- هو أنّ من أخبر عن المدلول المطابقي فقد أخبر عن المدلول الالتزامي المساوي، فالمخبَر عنه هو المدلول الالتزامي المساوي، يعني صحيحٌ هو في حدّ ذاته أعم لكن مادام الإخبار عنه كان بتوسّط الإخبار عن المدلول المطابقي فيصير المدلول الالتزامي هو الحصّة الخاصّة المساوية للمدلول المطابقي، ومادام المخبَر عنه هو المدلول الالتزامي المساوي للمطابقي فمتى ما اتضح كذب المتكلّم بلحاظ المدلول المطابقي يلزم أن يتّضح كذبه بلحاظ المدلول الالتزامي لأنّ ذلك لازم فرض المساواة، وإذا اتضح كذب المدلول الالتزامي فلا يمكن أن يكون حجّة فإن الحجّة لا يمكن أن تثبت لمعلوم الكذب.
يعني يريد أن يقول:- لو افترضنا أننا علمنا بكذب المدلول الالتزامي بسبب علمنا بكذب المدلول المطابقي فكيف يمكن أن تثبت له الحجيّة ويعبّدنا به الشارع فإنّه لا يمكن التعبّد والحجيّة بمعلوم الكذب وإنما يمكن ذلك لمشكوك الكذب ؟!!
وكلامه هذا ينحل ّإلى مقدمتين:-
الأولى:- إنّ المدلول الالتزامي هو دائماً مساوٍ للمدلول المطابقي وإن كان في حدّ ذاته هو أعمّ لكنّ من أخبر عن المدلول المطابقي فهو قد أخبر عن الحصّة المساوية دون الأعم.
الثانية:- إنّه متى ما علم بكذب الخبر المطابقي يلزم العلم بكذب الخبر بلحاظ مدلوله الالتزامي لأنّ ذلك لازم فرض المساواة.
وأمّا ما أفاده أخيراً فلا حاجة لجعله مقدّمة ( وهو أنّه ما علم كذبه لا يمكن إثبات الحجيّة له ).
يبقى كيف يثبت المقدّمة الاولى فإنها هي المهمة ؟
والجواب:- يمكن توجيه ذلك بأنّ من أخبر بوقوع قطرة بول في الماء فهو لم يخبر عن النجاسة الكلّية، يعني لم يقل ( إذن الماء نجسٌ ) وإنما أخبر عن الحصّة المساوية يعني هو أخبر عن التنجّس بالبول وعن النجاسة البوليّة وكأنه قال ( أيها الناس إنّ الماء قد تنجّس بنجاسةٍ بوليّةٍ وليس بذات النجاسة ) فالمخبَر عنه الالتزامي هو الحصّة الخاصّة - أي النجاسة البولية وليس ذات النجاسة - فإنَّ البول سببٌ وبالتالي من أخبر عن السبب - أي وقوع البول الذي هو سبب النجاسة - فقد أخبر عن المسبب - والمسبب هو النجاسة البولية -.
وأما المقدّمة الثانية:- فقلنا هي واضحة فإنّه مادام قد فرضنا المساواة فيلزم عند العلم بكذب المدلول المطابقي العلم بكذب المدلول الالتزامي لأنّ ذلك لازم فرض المساواة.
ويرد عليه:- إنّ كلتا المقدّمتين قابلتان للمناقشة:-
أمّا المقدّمة الأولى:- فيمكن مناقشتها بأمرين:-
الأمر الأوّل:- إنهّ ذكر أنّ من أخبر عن السبب يلزم أن يخبر عن المسبّب المساوي لذلك السبب، يعني أنَّ المخبر عن وقوع قطرة البول هو مخبرٌ عن النجاسة البوليّة فإنّ المسبّب هو النجاسة البوليّة.
ونحن نقول:- هذا لو تمّ فهو يتمّ إذا فرض أنّ المورد من السبب والمسبّب، يعني كان المدلول المطابقي سبباً والمدلول الالتزامي مسبّباً فإنه مادام كانت قطرة البول سبباً فالمسبّب هو النجاسة البوليّة، ولكن نقول:- أحياناً لا تكون هناك سببيّة أبداً - يعني أنّ المدلول المطابقي ليس سبباً والمدلول الالتزامي ليس مسبّباً بل بعيدان كلّ البعد عن مسألة السببيّة والمسبّبية - أو تكون هناك سببية ومسببيّة ولكن بالعكس - يعني يكون المدلول المطابقي مسبّباً والإلتزامي سبباً - فلا يتمّ آنذاك ما أفاده(قده).