35/01/21
تحمیل
الموضوع:- تنبيهات / التنبيه الرابع ( الأصل
المثبت ) / الاستصحـاب / الأصول العملية.
وقد ذكر(قده) ذلك في مسألة رقم (1 ) التي تأتي بعد الفصل العاشر- الذي هو المطهر العاشر - حيث قال ما نصّه:- ( إذا شك في كون شيء من الباطن أو الظاهر يحكم ببقائه على النجاسة بعد زوال العين على الوجه الأوّل من الوجهين ، ويبني على طهارته على الوجه الثاني لأن الشك عليه يرجع إلى الشك في أصل التنجس ) ، ثم ذكرنا أنه نحن نسحب هذا الذي ذكره في مورد الشك من الباطن أو الظاهر إلى جسم الحيوان ، وكيف ؟ قلنا:- إنه كما إذا فرضنا هناك جسم أصابته نجاسة جزماً وكان الجو مظلماً وهذا الجسم لا نعلم هل هو جسم حيوانٍ أو هو شيء ثانٍ كالجدار فالأمر يدور بين أن هذا جسم حيوان أو أنه جدار والنجاسة حتماً زالت أو نشك في زوالها - وقلنا أنه لا فرق في ذلك فالاستصحاب جارٍ على كلا التقديرين - ففي مثل هذه الحالة بناءً على أن جسم الحيوان يتنجّس نقول إن هذه النجاسة كانت ثابتة جزماً سواء كان هو جسم حيوان - بناءً على أنه يتنجّس - أو كان جداراً فهو قد تنجّس ونشك في زوال النجاسة لأنه إذا كان حيواناً فحينئذٍ تزول النجاسة عنه وإذا كان جداراً فلا تزول النجاسة عنه فنستصحب بقاء النجاسة بناءً على أنه يتنجس ، أما بناءً على أن جسم الحيوان لا يتنجّس فلا يمكن أن نقول إن هذا الجسم قد تنجس جزماً بل لاحتمال أنه حيوان والحيوان يحتمل أنه لا يتنجّس فالاستصحاب آنذاك لا يجري للشك في أصل التنجّس سابقاً . إذن سحبنا هذه الثمرة إلى جسم الحيوان ولكن بهذا الشكل الذي ذكرناه.
هذا وربما يشكل على الثمرة التي ذكرها السيد اليزدي(قده) في مسألة الشك في أن الجزء ظاهر أو باطن مثل الشفتين ويقال:-إن المناسب هو الحكم بالنجاسة على جميع التقادير خلافاً للسيد اليزدي(قده) والوجه في ذلك هو أنه يلزم أن نفترض مسبقاً وجود عمومٍ يدلّ على أن كلّ جسمٍ لاقته النجاسة فهو يتنجس ، إن هذا العموم ثابت وهو عمومٌ اجتهاديٌّ وحينئذٍ نقول إذا شككنا في أن مطبق الشفتين هل هو من الظاهر أو هو من الباطن فالشك تارةً يصير بنحو الشبهة المفهوميّة أخرى يكون بنحو الشبهة الموضوعيّة . والمقصود من كون الشك بنحو الشبهة المفهوميّة هو أن يكون مفهوم الباطن والظاهر مردّداً بين السعة والضيق فلا ندري أن مفهوم الباطن هل هو وسيعٌ يشمل مثل مطبق الشفتين أو هو ضيّق لا يشمله ، إن الشبهة في مثل ذلك مفهوميّة ومتى ما كان الشك في سعة المفهوم وضيقة فالشبهة مفهوميّة حتماً ، وهنا لو فرضنا ذلك فحينئذٍ يكون المناسب في القدر المتيقن هو أن نبني على حكمه كأعماق الفم فإنه قدر متيقن من الباطن وهو أنه مثلاً لا يتنجّس أما في مورد الشك - وهو محلّ كلامنا - فالمناسب الرجوع إلى العموم كما تعلّمناه من أنه إذا كان لدينا عمومٌ وشُكّ في وجود مخصّص له أزيد من المتيقن فإنه يوجد مخصص جزمي وهو ما كان من الباطن جزماً أما ما زاد على ذلك فهذا شكّ في التخصيص الزائد فنرجع إلى العموم فالمناسب هو الحكم بالنجاسة هنا من دون فرقٍ بين أن نبني على أن بدن الحيوان يتنجّس أو لا يتنجّس فالمورد من موارد التمسّك بعموم العام وليس من موارد التمسك بالاستصحاب.
والمقصود من كون الشبهة موضوعيّة هو أن يكون المفهوم واضحاً فنحن نعرف أن المفهوم محدّد ويشمل داخل الفم ولا يشمل خارجه ولكن الشفة لا يشملها ولكن اللسان بما أنه داخل الفم فيشمله والنجاسة قد أصابت هذا الجسم ولكن لا ندري أنها أصابت اللسان الذي هو جزماً من البواطن أو أنها أصابت الشفة التي هي جزماً من الظاهر فالشك بنحو المفهوم ليس موجوداً فالمفهوم محدّد ولكن لا ندري الموضوع بسبب الظلام وأنا أعلم أن النجاسة قد أصابته ولكنها هل أصابت الظاهر أو الباطن ففي مثل هذه الحالة لا يجوز التمسك بعموم العام لصيرورة المورد من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعيّة أو المصداقيّة وهو لا يجوز فإن العام لا يثبت موضوع نفسه وهذا واضح ولكن إذا صارت الشبهة موضوعيّة فيمكن التمسك آنذاك باستصحاب العدم الأزلي ومورد استصحاب العدم الأزلي عادة هو أن تكون الشبهة موضوعيّة فعلى هذا الأساس نقول إن الذي خرج من العام هو عنوان الباطن ونشك أن هذا باطنٌ أو لا وقبلاً - أي قبل أن أخلق - لا ذاتي موجودة ولا وصف الباطن موجودٌ ولا اللسان موجودٌ ولا غير ذلك وبعد أو وجدت فذات الشيء قد وُجِدَ أما وصف كونه باطناً فأشك في وجوده فاستصحب عدمه الأزلي الثابت قبل الخلقة فيثبت بذلك أنه ليس بباطن - بناءً على جريان استصحاب العدم الأزلي - فحينئذ بناءً على جريان العدم الأزلي يجري استصحاب عدم كونه باطناً وبالتالي يتنقّح موضوع الدليل العام - أي أن هذا ليس من الباطن - لأن الذي خرج من العموم هو عنوان الباطن وهذا لم يخرج منه عنوان الباطن ، وعلى هذا الأساس نتمسك بعموم العام بعد جريان استصحاب العدم الأزلي فيثبت بذلك النجاسة أيضاً . إذن المناسب بعد وجود هذا العموم هو التمسك بهذا العموم سواء كانت الشبهة موضوعيّة أو مفهوميّة ولا فرق من هذه الناحية.
والخلاصة:- إنه يحكم بالنجاسة على كلا التقديرين - هذا بناءً على أن الباطن لا يتنجّس - فنتمسك بهذا العموم ، وأما بناءً على تنجّس الباطن فيجري استصحاب بقاء النجاسة . إذن سواءً بُني على تنجّس بدن الحيوان أو بُني على عدم تنجّسه يكون الحكم هو النجاسة ، وهذا إشكال سُجّل على السيد اليزدي(قده) ، أما بناءً على تنجّس الباطن فنستصحب النجاسة السابقة المتيقّنة وهذا هو قد اعترف به وأما بناءً على عدم التنجّس فللتمسك بعموم العام إذا كانت الشبهة مفهوميّة بل حتى إذا كانت موضوعيّة بعد إجراء استصحاب العدم الأزلي ، هكذا قد يشكل على هذه الثمرة.
وقد يقال:- إن هذا إن تمّ فهو يتمّ هناك لا يتمّ في محلّ كلامنا.
ولكن يمكن أن يجاب:- بأن ما ذكر يأتي في موردنا أيضاً وذلك لأنه يوجد عندنا عمومٌ يدلّ على أن كل جسم إذا أصابته نجاسة يتنجّس وقد خرج منه الحيوان ونحن تارةً نشكّ في كون هذا حيوانٌ أو ليس بحيوانٍ بنحو الشبهة المفهوميّة - لو تصوّرنا ذلك - وأخرى بنحو الشبهة الموضوعيّة ، فإن كان بنحو الشبهة المفهوميّة ففي الزائد على المتيقن نرجع إلى العموم ونحكم بالنجاسة ، وإذا كان بنحو الشبهة الموضوعيّة - وهي الحالة التي يمكن تصورها - فنجري استصحاب العدم الأزلي - أي عدم كونه حيواناً - لأن الخارج من العام هو عنوان الحيوان - فإنه خرج بالسيرة - فنستصحب بنحو العدم الأزلي أنه ليس بحيوانٍ ونقول إن هذا الشيء قبل خلقته لم تكن ذاته موجودة كما لم يكن وصف كونه حيواناً ثابتاً وبعد أن وجدت الذات نشك هل وجد وصف كونه حيواناً أو لم يوجد فنستصحب عدم وجوده . إذن نفس الكلام الذي يأتي هناك يأتي هنا أيضاً.
ولا تقل[1]:- لماذا لا نستصحب العدم الأزلي لكونه جداراً ؟
أجبنا وقلنا:- إن هذا ذكرناه في مبحث استصحاب العدم الأزلي فإن عنوان كونه جداراً أو ليس بجدارٍ ليس محطاً للآثار ، بل الخارج من عموم العام هو عنوان الحيوان أما عنوان الجدار فهو ليس له مدخليّة وإنما المدخليّة هي لعنوان ( شيء ) - كل شيء - وأما الجدار فليس بمهم وهذا هو شيءٌ جزماً . إذن إذا كنت تريد أن تستصحب عدم كونه جداراً حتى تثبت أنه ليس بجدارٍ فهذا لا ينفع لأنه ليس محطاً للآثار ، وإذا كنت تريد أن تثبت أنه إذا لم يكن جدار فهو إذن حيوانٌ فهذا أصلٌ مثبت.
نعم الذي يرد على هذه الثمرة هو أنها ليست من حيث الروح ثمرة مغايرة للثمرة الأولى بل هي من حيث الروح عين الأولى التي فرض فيها أنه يوجد حيوان جزماً وأصابته نجاسة جزماً وشك في زوال النجاسة فحينئذٍ بناءً على تنجّس الجسم نشير إلى الجسم ونقول إن الجسم قد تنجّس جزماً والآن نشك في زوال تنجّسه فنستصحبه وأما بناءً على عدم تنجّس الجسم فلا يمكن الإشارة إلى الجسم ونقول إنه قد تنجّس فالاستصحاب لا يجري ، إن هذه الثمرة التي بأيدينا هي عين الثمرة السابقة من حيث الروح . نعم هناك اختلافٌ من حيث بعض المفردات ولكن هذا الاختلاف الجزئي لا يؤثر على الروح فمثلاً في الثمرة الأولى كنّا نفترض وجود جسم حيوان فقط أما هنا فقد افترضنا أن الشيء مردّد بين أن يكون جسم حيوانٍ أو أن يكون جداراً إن هذا الفارق موجود ولكنّه ليس فارقاً مؤثراً على روح الثمرة ، وهكذا مثلاً كنا نفترض فيما سبق أن اليد لاقت الجسم وكنا نشك في أن اليد هل تنجّست أو لم تتنجّس أما هنا فلم نفترض أن اليد لاقت ذلك الجسم المردّد بين كونه جداراً أو كونه حيواناً وإنما نحن نتكلّم مع نفس هذا المشكوك بقطع النظر عن إصابة اليد بيد أن هذا لا يؤثر أيضاً على روح الثمرة ، وهكذا قد يوجد اختلاف آخر وهو أن الاستصحاب في الثمرة الأولى استصحاب جزئي حيث نشير إلى جزء الجسم ونقول إن هذا الجسم قد تنجّس سابقاً والآن نشك أما هنا فلا نفترض أن الشيء معيّن وأنه جسم الحيوان بل هو مردّد بين أن يكون جسم حيوان أو يكون مثلاً هو الجدار فيكون أشبه بالفرد الطويل والفرد القصير والاستصحاب ربما يكون من استصحاب الكليّ من القسم الثاني بيد أن هذا كما قلت لا يؤثر على روح الثمرة بل إن هذه الثمرة هي عين السابقة بل إن صاحب هذه الثمرة - لو فرضنا أن لها صاحب – قد جلس ولاحظ تلك الثمرة وعلى منوالها حاول أن يحصل ثمرة جديدة ولكنّها ليست جديدة فلا تستحق الذكر.
وقد ذكر(قده) ذلك في مسألة رقم (1 ) التي تأتي بعد الفصل العاشر- الذي هو المطهر العاشر - حيث قال ما نصّه:- ( إذا شك في كون شيء من الباطن أو الظاهر يحكم ببقائه على النجاسة بعد زوال العين على الوجه الأوّل من الوجهين ، ويبني على طهارته على الوجه الثاني لأن الشك عليه يرجع إلى الشك في أصل التنجس ) ، ثم ذكرنا أنه نحن نسحب هذا الذي ذكره في مورد الشك من الباطن أو الظاهر إلى جسم الحيوان ، وكيف ؟ قلنا:- إنه كما إذا فرضنا هناك جسم أصابته نجاسة جزماً وكان الجو مظلماً وهذا الجسم لا نعلم هل هو جسم حيوانٍ أو هو شيء ثانٍ كالجدار فالأمر يدور بين أن هذا جسم حيوان أو أنه جدار والنجاسة حتماً زالت أو نشك في زوالها - وقلنا أنه لا فرق في ذلك فالاستصحاب جارٍ على كلا التقديرين - ففي مثل هذه الحالة بناءً على أن جسم الحيوان يتنجّس نقول إن هذه النجاسة كانت ثابتة جزماً سواء كان هو جسم حيوان - بناءً على أنه يتنجّس - أو كان جداراً فهو قد تنجّس ونشك في زوال النجاسة لأنه إذا كان حيواناً فحينئذٍ تزول النجاسة عنه وإذا كان جداراً فلا تزول النجاسة عنه فنستصحب بقاء النجاسة بناءً على أنه يتنجس ، أما بناءً على أن جسم الحيوان لا يتنجّس فلا يمكن أن نقول إن هذا الجسم قد تنجس جزماً بل لاحتمال أنه حيوان والحيوان يحتمل أنه لا يتنجّس فالاستصحاب آنذاك لا يجري للشك في أصل التنجّس سابقاً . إذن سحبنا هذه الثمرة إلى جسم الحيوان ولكن بهذا الشكل الذي ذكرناه.
هذا وربما يشكل على الثمرة التي ذكرها السيد اليزدي(قده) في مسألة الشك في أن الجزء ظاهر أو باطن مثل الشفتين ويقال:-إن المناسب هو الحكم بالنجاسة على جميع التقادير خلافاً للسيد اليزدي(قده) والوجه في ذلك هو أنه يلزم أن نفترض مسبقاً وجود عمومٍ يدلّ على أن كلّ جسمٍ لاقته النجاسة فهو يتنجس ، إن هذا العموم ثابت وهو عمومٌ اجتهاديٌّ وحينئذٍ نقول إذا شككنا في أن مطبق الشفتين هل هو من الظاهر أو هو من الباطن فالشك تارةً يصير بنحو الشبهة المفهوميّة أخرى يكون بنحو الشبهة الموضوعيّة . والمقصود من كون الشك بنحو الشبهة المفهوميّة هو أن يكون مفهوم الباطن والظاهر مردّداً بين السعة والضيق فلا ندري أن مفهوم الباطن هل هو وسيعٌ يشمل مثل مطبق الشفتين أو هو ضيّق لا يشمله ، إن الشبهة في مثل ذلك مفهوميّة ومتى ما كان الشك في سعة المفهوم وضيقة فالشبهة مفهوميّة حتماً ، وهنا لو فرضنا ذلك فحينئذٍ يكون المناسب في القدر المتيقن هو أن نبني على حكمه كأعماق الفم فإنه قدر متيقن من الباطن وهو أنه مثلاً لا يتنجّس أما في مورد الشك - وهو محلّ كلامنا - فالمناسب الرجوع إلى العموم كما تعلّمناه من أنه إذا كان لدينا عمومٌ وشُكّ في وجود مخصّص له أزيد من المتيقن فإنه يوجد مخصص جزمي وهو ما كان من الباطن جزماً أما ما زاد على ذلك فهذا شكّ في التخصيص الزائد فنرجع إلى العموم فالمناسب هو الحكم بالنجاسة هنا من دون فرقٍ بين أن نبني على أن بدن الحيوان يتنجّس أو لا يتنجّس فالمورد من موارد التمسّك بعموم العام وليس من موارد التمسك بالاستصحاب.
والمقصود من كون الشبهة موضوعيّة هو أن يكون المفهوم واضحاً فنحن نعرف أن المفهوم محدّد ويشمل داخل الفم ولا يشمل خارجه ولكن الشفة لا يشملها ولكن اللسان بما أنه داخل الفم فيشمله والنجاسة قد أصابت هذا الجسم ولكن لا ندري أنها أصابت اللسان الذي هو جزماً من البواطن أو أنها أصابت الشفة التي هي جزماً من الظاهر فالشك بنحو المفهوم ليس موجوداً فالمفهوم محدّد ولكن لا ندري الموضوع بسبب الظلام وأنا أعلم أن النجاسة قد أصابته ولكنها هل أصابت الظاهر أو الباطن ففي مثل هذه الحالة لا يجوز التمسك بعموم العام لصيرورة المورد من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعيّة أو المصداقيّة وهو لا يجوز فإن العام لا يثبت موضوع نفسه وهذا واضح ولكن إذا صارت الشبهة موضوعيّة فيمكن التمسك آنذاك باستصحاب العدم الأزلي ومورد استصحاب العدم الأزلي عادة هو أن تكون الشبهة موضوعيّة فعلى هذا الأساس نقول إن الذي خرج من العام هو عنوان الباطن ونشك أن هذا باطنٌ أو لا وقبلاً - أي قبل أن أخلق - لا ذاتي موجودة ولا وصف الباطن موجودٌ ولا اللسان موجودٌ ولا غير ذلك وبعد أو وجدت فذات الشيء قد وُجِدَ أما وصف كونه باطناً فأشك في وجوده فاستصحب عدمه الأزلي الثابت قبل الخلقة فيثبت بذلك أنه ليس بباطن - بناءً على جريان استصحاب العدم الأزلي - فحينئذ بناءً على جريان العدم الأزلي يجري استصحاب عدم كونه باطناً وبالتالي يتنقّح موضوع الدليل العام - أي أن هذا ليس من الباطن - لأن الذي خرج من العموم هو عنوان الباطن وهذا لم يخرج منه عنوان الباطن ، وعلى هذا الأساس نتمسك بعموم العام بعد جريان استصحاب العدم الأزلي فيثبت بذلك النجاسة أيضاً . إذن المناسب بعد وجود هذا العموم هو التمسك بهذا العموم سواء كانت الشبهة موضوعيّة أو مفهوميّة ولا فرق من هذه الناحية.
والخلاصة:- إنه يحكم بالنجاسة على كلا التقديرين - هذا بناءً على أن الباطن لا يتنجّس - فنتمسك بهذا العموم ، وأما بناءً على تنجّس الباطن فيجري استصحاب بقاء النجاسة . إذن سواءً بُني على تنجّس بدن الحيوان أو بُني على عدم تنجّسه يكون الحكم هو النجاسة ، وهذا إشكال سُجّل على السيد اليزدي(قده) ، أما بناءً على تنجّس الباطن فنستصحب النجاسة السابقة المتيقّنة وهذا هو قد اعترف به وأما بناءً على عدم التنجّس فللتمسك بعموم العام إذا كانت الشبهة مفهوميّة بل حتى إذا كانت موضوعيّة بعد إجراء استصحاب العدم الأزلي ، هكذا قد يشكل على هذه الثمرة.
وقد يقال:- إن هذا إن تمّ فهو يتمّ هناك لا يتمّ في محلّ كلامنا.
ولكن يمكن أن يجاب:- بأن ما ذكر يأتي في موردنا أيضاً وذلك لأنه يوجد عندنا عمومٌ يدلّ على أن كل جسم إذا أصابته نجاسة يتنجّس وقد خرج منه الحيوان ونحن تارةً نشكّ في كون هذا حيوانٌ أو ليس بحيوانٍ بنحو الشبهة المفهوميّة - لو تصوّرنا ذلك - وأخرى بنحو الشبهة الموضوعيّة ، فإن كان بنحو الشبهة المفهوميّة ففي الزائد على المتيقن نرجع إلى العموم ونحكم بالنجاسة ، وإذا كان بنحو الشبهة الموضوعيّة - وهي الحالة التي يمكن تصورها - فنجري استصحاب العدم الأزلي - أي عدم كونه حيواناً - لأن الخارج من العام هو عنوان الحيوان - فإنه خرج بالسيرة - فنستصحب بنحو العدم الأزلي أنه ليس بحيوانٍ ونقول إن هذا الشيء قبل خلقته لم تكن ذاته موجودة كما لم يكن وصف كونه حيواناً ثابتاً وبعد أن وجدت الذات نشك هل وجد وصف كونه حيواناً أو لم يوجد فنستصحب عدم وجوده . إذن نفس الكلام الذي يأتي هناك يأتي هنا أيضاً.
ولا تقل[1]:- لماذا لا نستصحب العدم الأزلي لكونه جداراً ؟
أجبنا وقلنا:- إن هذا ذكرناه في مبحث استصحاب العدم الأزلي فإن عنوان كونه جداراً أو ليس بجدارٍ ليس محطاً للآثار ، بل الخارج من عموم العام هو عنوان الحيوان أما عنوان الجدار فهو ليس له مدخليّة وإنما المدخليّة هي لعنوان ( شيء ) - كل شيء - وأما الجدار فليس بمهم وهذا هو شيءٌ جزماً . إذن إذا كنت تريد أن تستصحب عدم كونه جداراً حتى تثبت أنه ليس بجدارٍ فهذا لا ينفع لأنه ليس محطاً للآثار ، وإذا كنت تريد أن تثبت أنه إذا لم يكن جدار فهو إذن حيوانٌ فهذا أصلٌ مثبت.
نعم الذي يرد على هذه الثمرة هو أنها ليست من حيث الروح ثمرة مغايرة للثمرة الأولى بل هي من حيث الروح عين الأولى التي فرض فيها أنه يوجد حيوان جزماً وأصابته نجاسة جزماً وشك في زوال النجاسة فحينئذٍ بناءً على تنجّس الجسم نشير إلى الجسم ونقول إن الجسم قد تنجّس جزماً والآن نشك في زوال تنجّسه فنستصحبه وأما بناءً على عدم تنجّس الجسم فلا يمكن الإشارة إلى الجسم ونقول إنه قد تنجّس فالاستصحاب لا يجري ، إن هذه الثمرة التي بأيدينا هي عين الثمرة السابقة من حيث الروح . نعم هناك اختلافٌ من حيث بعض المفردات ولكن هذا الاختلاف الجزئي لا يؤثر على الروح فمثلاً في الثمرة الأولى كنّا نفترض وجود جسم حيوان فقط أما هنا فقد افترضنا أن الشيء مردّد بين أن يكون جسم حيوانٍ أو أن يكون جداراً إن هذا الفارق موجود ولكنّه ليس فارقاً مؤثراً على روح الثمرة ، وهكذا مثلاً كنا نفترض فيما سبق أن اليد لاقت الجسم وكنا نشك في أن اليد هل تنجّست أو لم تتنجّس أما هنا فلم نفترض أن اليد لاقت ذلك الجسم المردّد بين كونه جداراً أو كونه حيواناً وإنما نحن نتكلّم مع نفس هذا المشكوك بقطع النظر عن إصابة اليد بيد أن هذا لا يؤثر أيضاً على روح الثمرة ، وهكذا قد يوجد اختلاف آخر وهو أن الاستصحاب في الثمرة الأولى استصحاب جزئي حيث نشير إلى جزء الجسم ونقول إن هذا الجسم قد تنجّس سابقاً والآن نشك أما هنا فلا نفترض أن الشيء معيّن وأنه جسم الحيوان بل هو مردّد بين أن يكون جسم حيوان أو يكون مثلاً هو الجدار فيكون أشبه بالفرد الطويل والفرد القصير والاستصحاب ربما يكون من استصحاب الكليّ من القسم الثاني بيد أن هذا كما قلت لا يؤثر على روح الثمرة بل إن هذه الثمرة هي عين السابقة بل إن صاحب هذه الثمرة - لو فرضنا أن لها صاحب – قد جلس ولاحظ تلك الثمرة وعلى منوالها حاول أن يحصل ثمرة جديدة ولكنّها ليست جديدة فلا تستحق الذكر.
[1]
وهذا استدراك وتصحيح في هذا الموضع ذكره الشيخ الاستاذ في الدرس
اللاحق لهذا الدرس فراجع التسجيل الصوتي.