35/04/29
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الثامن ( وجه تقديم الأمارات
على الأصول ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
ويحتمل أن يكون وجه التقدّم هو التخصيص:- وفي توجيه ذلك قد يذكر البيان التالي:- إنه لو لم نقدّم الأمارة على الاستصحاب بل عكسنا وقدّمنا الاستصحاب فيلزم من ذلك لغويّة تشريع حجّيّة الأمارة ؛ إذ ما من موردٍ توجد فيه أمارة عادةً إلا ويوجد في موردها استصحاب، فلو أردنا أن نقدّم الاستصحاب فهذا يعني طرح الأمارات بشكلٍ كاملٍ أو شبه الكامل عن الاعتبار والحجّيّة، فليزم لغوية تشريعها في هذه الموارد، بينما لو عكسنا وقدّمنا الأمارة على الاستصحاب فلا يلزم المحذور المذكور ؛ إذ لو قدّمنا الأمارة يبقى المجال واسعاً للاستصحاب، كما نصنعه نحن الآن حيث نجري الاستصحاب كثيراً عندما لا توجد أمارة، فموارد الاستصحاب من دون وجود أمارة ليست شيئاً قليلاً، بخلاف موارد الأمارة بلا استصحاب فإنه شيء قليل، فلو قدّمنا الاستصحاب على الأمارة يلزم لغويّة تشريعها . وعليه يلزم تقديم الأمارة وتخصيص دليل حجيّة الاستصحاب بغير مورد وجود الأمارة، فالتقديم للتخصيص، أي يقال:- نحن نسلّم أن دليل الاستصحاب مطلقٌ وشاملٌ حتى لمورد الأمارة ولكن نخصّصه ونخرج منه موارد وجود الأمارة فإنه تكون الأمارة آنذاك حجّة دون الاستصحاب، فالاستصحاب حجّة في غير مورد الأمارة وإلا يلزم لغويّة تشريعها.
وإن شئت قلت:- كما لو أردنا تقديم مجموع الأصول العمليّة - لا خصوص الاستصحاب - على الأمارات يلزم أن لا يبقى مورد للأمارة إذ ما من موردٍ إلّا وفيه أصلٌ من الأصول العمليّة الأربعة عادةً، فكما أنه لو قدّمنا مجموع الأصول العمليّة على الأمارات يلزم لغوية تشريع الأمارات، كذلك لو قدّمنا الاستصحاب بخصوصه فإنه يلزم نفس المحذور، فإن الموارد التي يجري فيها الاستصحاب وتوجد فيها الأمارات كثيرة فلو قُدّم الاستصحاب لزم لغويّة الأمارة في مساحة كبيرة وهذا شيء غير محتمل، فيلزم تخصيص دليل الاستصحاب.
وأورد السيد الخوئي(قده)[1]:- بأن دليل الاستصحاب يشتمل على التعليل بنكتة ارتكازيّة حيث جاء في بعض روايات الاستصحاب هكذا:- ( فإنه لا ينبغي نقض اليقين بالشك )،والتعبير بعبارة ( لا ينبغي ) إشارة إلى النكتة الارتكازيّة، فإذا عرفنا هذا نقول:- حيث إن النكات الارتكازية لا تقبل التخصيص فإنها موجودة في جميع موارد الاستصحاب فلا معنى حينئذٍ للتخصيص - أي لا يمكن التخصيص بعد الاشتمال على النكتة الارتكازية -.
وهذا نظير ما يقال من أنه إذا ذُكِرَت العلّة للحكم فيكون آبياً عن التخصيص؛ لأنه مع ذكر العلّة يأبى الدليل عن التخصيص لأن العلّة سارية في جميع الموارد، نظير أن يقال ( احترم العالم لعلمه ) فإن العلم يقتضي الاحترام، ومثل هذا العليل يأبى عن التخصيص فلا يمكن أن يقال ( إلّا العالم الفلاني )، وهذه قضيّة عرفيّة.
إذن لا يمكن التخصيص في المقام بعدما كان التعليل بالنكتة الارتكازية، فلا يمكن أن يقال إن الأمارة تقدّم على الاستصحاب من باب الخصيص - أي تخصّص دليل الاستصحاب - فإن دليل الاستصحاب يشتمل على نكتة ارتكازية وهي لا تقبل التخصيص.
إن قلت:- إن جميع روايات الاستصحاب لم تذكر هذه النكتة الارتكازية بل بعضها قد ذكر ذلك فنحن نجري عمليّة التخصيص بلحاظ هذا البعض الذي لم يذكر هذه النكتة الارتكازيّة.
قلت:- يكفي لعدم إمكان التخصيص وجود رواية واحدة تشتمل على هذا النكتة الارتكازيّة، فبالتالي تبقى هذه الرواية الواحدة آبية عن التخصيص، فبذلك يكون التخصيص أمراً مرفوضاً لإباء هذه الرواية عن ذلك، فتصير هذه الرواية معارضة لدليل حجّيّة الأمارة، فالمعارضة تبقى ثابتة . وعليه فهذا الاقتراح لا معنى له.
هذا محصّل توضيح وجه التخصيص ووجه المناقشة، ولكن فيما بعد انشاء الله تعالى يأتي منّا بيانٌ نذكر فيه وجهاً آخر للتخصيص لا ترد عليه هذه المناقشة فانتظر، وأما الآن فنحن بصدد ذكر تقريباتٍ لكلّ احتمالٍ من الاحتمالات الأربعة مع المناقشة التي قد تقال، أمّا ما يستقر عليه رأينا فهو ما سنذكره فيما بعد انشاء الله تعالى.
وأما وجه احتمال الورود:- فيمكن استفادته من كلام صاحب الكفاية(قده) أيضاً وذلك بأن يقال:- إن روايات الاستصحاب التي قالت:- ( لا تنقض اليقين بالشك ) يراد من اليقين فيها هو مطلق الحجّة لا خصوص اليقين الوجداني . وإذا أخذنا بهذا التفسير يصير المعنى هو ( لا تنقض الحجّة بالشك ) - أي بغير الحجّة -، وحينئذٍ نقول:- إذا كانت عندنا أمارة والمفروض أنها حجّة قطعاً فبالتالي يكون دليل حجّيّة الأمارة وارداً على دليل الاستصحاب أعني رافعاً لموضوعه حقيقةً غايته أن هذا الرفع الحقيقي حصل بسبب التعبّد - يعني بسبب أن الشارع حكم بحجّيّة الأمارة -، فالمورد إذن هو من موارد الورود . هكذا قد يفهم من كلام صاحب الكفاية(قده)، أمّا أين ذكر صاحب الكفاية هذا الطلب ؟ إنه ذكره في نفس المورد السابق الذي استفدنا منه التخصّص حيث ذكر عبارةً يستفاد من صدرها التخصّص ويستفاد من ذيلها الورود، ونصّها:- ( والتحقيق:- أنه للورود فإن رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشك بل باليقين )[2]، وإلى هنا استفدنا منها التخصّص وإن عبَّر هو بالورود، ولكنّ هذا تخصّص إذ المورد يصير بعد قيام الأمارة من نقض اليقين باليقين أي باليقين بحجّيّة الأمارة، ولكن هذه العبارة لها تكملة وهي:- ( وعدم رفع اليد عنه مع الأمارة على وفقه ليس لأجل أن لا يلزم نقضه به بل من جهة لزوم العمل بالحجّة )، إنه يظهر من تعبيره هذا أنه يفسّر اليقين بالحجّة فيصير المورد حينئذٍ من موارد الورود . إذن صدر عبارته يوحي بالتخصّص وذيلها يوحي بالورود.
وبكلمة أخرى:- إن صدر عبارته يظهر منه أنه يفسّر اليقين باليقين غايته وسّع اليقين إلى اليقين بحجّيّة الأمارة، أما في الذيل فقد فسّر اليقين بالحجّة فيصير من الورود.
وقد يشكل عليه:- بأنه وجيهٌ إن تمّ تفسير اليقين بالحجّة، ولكن من أين لك ذلك ؟ فإنه مخالفٌ للظاهر فإن ظاهر اليقين هو اليقين، وحمله على الحجّة يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة ؟
وقد بنى على هذه المناقشة السيد الخوئي(قده)[3]، وهكذا السيد الشهيد(قده)[4].
هذا توجيه الورود مع ما قيل، وسيأتي التعليق على ذلك فانتظر.
وأما الحكومة فقد توجّه بما ذكره الشيخ النائيني(قده) والسيد الخوئي(قده):- وهو أنه حيث كان المجعول في باب الأمارات هو العلميّة فيرتفع الشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب - لأنه يشترط في موضوع الاستصحاب يقين سابق وشك لاحق - ويصير بسبب الأمارة علماً بالبقاء أو بالارتفاع ولكنه علم تعبّدي وهو عبارة عن الحكومة.
وهذا أيضاً من ثمرات مسلك جعل العلميّة، يعني نستفيد منه تقدّم الأمارات على الاستصحاب وبقيّة الأصول.
إن قلت:- هذا شيءٌ وجيهٌ، ولكنّه يتمّ إذا لم نقل إن المجعول في باب الاستصحاب هو العلميّة، أما إذا قلنا إن المجعول في باب الاستصحاب بخصوصه من بين الأصول العمليّة هو العلميّة كما ذهب إلى ذلك السيد الخوئي(قده) - بتقريب أن المستفاد من قوله عليه السلام ( لا تنقض اليقين بالشك ) أني أعتبرك أيّها الشاكّ في البقاء عالماً بالبقاء - فيصير الاستصحاب من الأمارات، وبالتالي يكون الاستصحاب أمارة وما يقابله أمارة ولا وجه لترجيح أمارةٍ على أمارة إذ المجعول في كليهما هو العلميّة فلماذا ولأيّ شيءٍ نقدّم الأمارة على الاستصحاب بعدما كان الاستصحاب أمارة أيضاً ؟
وهناك سؤال آخر وهو أنه قد تقول:- أوليس الشيخ النائيني(قده) يقول بأن المجعول في باب الاستصحاب هو العلميّة أيضاً ولذلك عدّه أصلاً محرزاً، فبالتالي يكون الاستصحاب أمارة حيث إن المجعول فيه هو العلميّة على رأي العلمين الخوئي والنائيني فلماذا خصّصت الأماريّة بالأمارة دون الاستصحاب ؟
ويحتمل أن يكون وجه التقدّم هو التخصيص:- وفي توجيه ذلك قد يذكر البيان التالي:- إنه لو لم نقدّم الأمارة على الاستصحاب بل عكسنا وقدّمنا الاستصحاب فيلزم من ذلك لغويّة تشريع حجّيّة الأمارة ؛ إذ ما من موردٍ توجد فيه أمارة عادةً إلا ويوجد في موردها استصحاب، فلو أردنا أن نقدّم الاستصحاب فهذا يعني طرح الأمارات بشكلٍ كاملٍ أو شبه الكامل عن الاعتبار والحجّيّة، فليزم لغوية تشريعها في هذه الموارد، بينما لو عكسنا وقدّمنا الأمارة على الاستصحاب فلا يلزم المحذور المذكور ؛ إذ لو قدّمنا الأمارة يبقى المجال واسعاً للاستصحاب، كما نصنعه نحن الآن حيث نجري الاستصحاب كثيراً عندما لا توجد أمارة، فموارد الاستصحاب من دون وجود أمارة ليست شيئاً قليلاً، بخلاف موارد الأمارة بلا استصحاب فإنه شيء قليل، فلو قدّمنا الاستصحاب على الأمارة يلزم لغويّة تشريعها . وعليه يلزم تقديم الأمارة وتخصيص دليل حجيّة الاستصحاب بغير مورد وجود الأمارة، فالتقديم للتخصيص، أي يقال:- نحن نسلّم أن دليل الاستصحاب مطلقٌ وشاملٌ حتى لمورد الأمارة ولكن نخصّصه ونخرج منه موارد وجود الأمارة فإنه تكون الأمارة آنذاك حجّة دون الاستصحاب، فالاستصحاب حجّة في غير مورد الأمارة وإلا يلزم لغويّة تشريعها.
وإن شئت قلت:- كما لو أردنا تقديم مجموع الأصول العمليّة - لا خصوص الاستصحاب - على الأمارات يلزم أن لا يبقى مورد للأمارة إذ ما من موردٍ إلّا وفيه أصلٌ من الأصول العمليّة الأربعة عادةً، فكما أنه لو قدّمنا مجموع الأصول العمليّة على الأمارات يلزم لغوية تشريع الأمارات، كذلك لو قدّمنا الاستصحاب بخصوصه فإنه يلزم نفس المحذور، فإن الموارد التي يجري فيها الاستصحاب وتوجد فيها الأمارات كثيرة فلو قُدّم الاستصحاب لزم لغويّة الأمارة في مساحة كبيرة وهذا شيء غير محتمل، فيلزم تخصيص دليل الاستصحاب.
وأورد السيد الخوئي(قده)[1]:- بأن دليل الاستصحاب يشتمل على التعليل بنكتة ارتكازيّة حيث جاء في بعض روايات الاستصحاب هكذا:- ( فإنه لا ينبغي نقض اليقين بالشك )،والتعبير بعبارة ( لا ينبغي ) إشارة إلى النكتة الارتكازيّة، فإذا عرفنا هذا نقول:- حيث إن النكات الارتكازية لا تقبل التخصيص فإنها موجودة في جميع موارد الاستصحاب فلا معنى حينئذٍ للتخصيص - أي لا يمكن التخصيص بعد الاشتمال على النكتة الارتكازية -.
وهذا نظير ما يقال من أنه إذا ذُكِرَت العلّة للحكم فيكون آبياً عن التخصيص؛ لأنه مع ذكر العلّة يأبى الدليل عن التخصيص لأن العلّة سارية في جميع الموارد، نظير أن يقال ( احترم العالم لعلمه ) فإن العلم يقتضي الاحترام، ومثل هذا العليل يأبى عن التخصيص فلا يمكن أن يقال ( إلّا العالم الفلاني )، وهذه قضيّة عرفيّة.
إذن لا يمكن التخصيص في المقام بعدما كان التعليل بالنكتة الارتكازية، فلا يمكن أن يقال إن الأمارة تقدّم على الاستصحاب من باب الخصيص - أي تخصّص دليل الاستصحاب - فإن دليل الاستصحاب يشتمل على نكتة ارتكازية وهي لا تقبل التخصيص.
إن قلت:- إن جميع روايات الاستصحاب لم تذكر هذه النكتة الارتكازية بل بعضها قد ذكر ذلك فنحن نجري عمليّة التخصيص بلحاظ هذا البعض الذي لم يذكر هذه النكتة الارتكازيّة.
قلت:- يكفي لعدم إمكان التخصيص وجود رواية واحدة تشتمل على هذا النكتة الارتكازيّة، فبالتالي تبقى هذه الرواية الواحدة آبية عن التخصيص، فبذلك يكون التخصيص أمراً مرفوضاً لإباء هذه الرواية عن ذلك، فتصير هذه الرواية معارضة لدليل حجّيّة الأمارة، فالمعارضة تبقى ثابتة . وعليه فهذا الاقتراح لا معنى له.
هذا محصّل توضيح وجه التخصيص ووجه المناقشة، ولكن فيما بعد انشاء الله تعالى يأتي منّا بيانٌ نذكر فيه وجهاً آخر للتخصيص لا ترد عليه هذه المناقشة فانتظر، وأما الآن فنحن بصدد ذكر تقريباتٍ لكلّ احتمالٍ من الاحتمالات الأربعة مع المناقشة التي قد تقال، أمّا ما يستقر عليه رأينا فهو ما سنذكره فيما بعد انشاء الله تعالى.
وأما وجه احتمال الورود:- فيمكن استفادته من كلام صاحب الكفاية(قده) أيضاً وذلك بأن يقال:- إن روايات الاستصحاب التي قالت:- ( لا تنقض اليقين بالشك ) يراد من اليقين فيها هو مطلق الحجّة لا خصوص اليقين الوجداني . وإذا أخذنا بهذا التفسير يصير المعنى هو ( لا تنقض الحجّة بالشك ) - أي بغير الحجّة -، وحينئذٍ نقول:- إذا كانت عندنا أمارة والمفروض أنها حجّة قطعاً فبالتالي يكون دليل حجّيّة الأمارة وارداً على دليل الاستصحاب أعني رافعاً لموضوعه حقيقةً غايته أن هذا الرفع الحقيقي حصل بسبب التعبّد - يعني بسبب أن الشارع حكم بحجّيّة الأمارة -، فالمورد إذن هو من موارد الورود . هكذا قد يفهم من كلام صاحب الكفاية(قده)، أمّا أين ذكر صاحب الكفاية هذا الطلب ؟ إنه ذكره في نفس المورد السابق الذي استفدنا منه التخصّص حيث ذكر عبارةً يستفاد من صدرها التخصّص ويستفاد من ذيلها الورود، ونصّها:- ( والتحقيق:- أنه للورود فإن رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشك بل باليقين )[2]، وإلى هنا استفدنا منها التخصّص وإن عبَّر هو بالورود، ولكنّ هذا تخصّص إذ المورد يصير بعد قيام الأمارة من نقض اليقين باليقين أي باليقين بحجّيّة الأمارة، ولكن هذه العبارة لها تكملة وهي:- ( وعدم رفع اليد عنه مع الأمارة على وفقه ليس لأجل أن لا يلزم نقضه به بل من جهة لزوم العمل بالحجّة )، إنه يظهر من تعبيره هذا أنه يفسّر اليقين بالحجّة فيصير المورد حينئذٍ من موارد الورود . إذن صدر عبارته يوحي بالتخصّص وذيلها يوحي بالورود.
وبكلمة أخرى:- إن صدر عبارته يظهر منه أنه يفسّر اليقين باليقين غايته وسّع اليقين إلى اليقين بحجّيّة الأمارة، أما في الذيل فقد فسّر اليقين بالحجّة فيصير من الورود.
وقد يشكل عليه:- بأنه وجيهٌ إن تمّ تفسير اليقين بالحجّة، ولكن من أين لك ذلك ؟ فإنه مخالفٌ للظاهر فإن ظاهر اليقين هو اليقين، وحمله على الحجّة يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة ؟
وقد بنى على هذه المناقشة السيد الخوئي(قده)[3]، وهكذا السيد الشهيد(قده)[4].
هذا توجيه الورود مع ما قيل، وسيأتي التعليق على ذلك فانتظر.
وأما الحكومة فقد توجّه بما ذكره الشيخ النائيني(قده) والسيد الخوئي(قده):- وهو أنه حيث كان المجعول في باب الأمارات هو العلميّة فيرتفع الشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب - لأنه يشترط في موضوع الاستصحاب يقين سابق وشك لاحق - ويصير بسبب الأمارة علماً بالبقاء أو بالارتفاع ولكنه علم تعبّدي وهو عبارة عن الحكومة.
وهذا أيضاً من ثمرات مسلك جعل العلميّة، يعني نستفيد منه تقدّم الأمارات على الاستصحاب وبقيّة الأصول.
إن قلت:- هذا شيءٌ وجيهٌ، ولكنّه يتمّ إذا لم نقل إن المجعول في باب الاستصحاب هو العلميّة، أما إذا قلنا إن المجعول في باب الاستصحاب بخصوصه من بين الأصول العمليّة هو العلميّة كما ذهب إلى ذلك السيد الخوئي(قده) - بتقريب أن المستفاد من قوله عليه السلام ( لا تنقض اليقين بالشك ) أني أعتبرك أيّها الشاكّ في البقاء عالماً بالبقاء - فيصير الاستصحاب من الأمارات، وبالتالي يكون الاستصحاب أمارة وما يقابله أمارة ولا وجه لترجيح أمارةٍ على أمارة إذ المجعول في كليهما هو العلميّة فلماذا ولأيّ شيءٍ نقدّم الأمارة على الاستصحاب بعدما كان الاستصحاب أمارة أيضاً ؟
وهناك سؤال آخر وهو أنه قد تقول:- أوليس الشيخ النائيني(قده) يقول بأن المجعول في باب الاستصحاب هو العلميّة أيضاً ولذلك عدّه أصلاً محرزاً، فبالتالي يكون الاستصحاب أمارة حيث إن المجعول فيه هو العلميّة على رأي العلمين الخوئي والنائيني فلماذا خصّصت الأماريّة بالأمارة دون الاستصحاب ؟