35/07/21
تحمیل
الموضوع:- أحكام التعارض
المستقر.
نفي الاحتمال الثالث:-
إذا فرضنا ورود دليلين متعارضين من قبيل ( تجب الجمعة ) و ( تحرم الجمعة ) فإنهما متعارضان ولا يمكن الجمع بينهما فيتساقطان وهذا شيء واضح، والكلام هو أنّه هل يمكن نفي الاحتمال الثالث - أعني الحكم بالاستحباب - فنقول هو منفيٌّ شرعاً باعتبار أنَّ الدليلين قد دلّا إمّا على الوجوب أو الحرمة فالاحتمال الثالث منفيٌّ، فهل يمكن هذا أو نقول إنهما ماداما قد تساقطا فلا يمكن نفي الاحتمال الثالث ؟، وهذه مسألة مستقلة جديرة بالبحث.
قد يقال:- إنه يمكن نفي الاحتمال الثالث وذلك لأحد الوجوه الثلاثة التالية:-
الوجه الأوّل:- ما يخطر إلى الذهن وهو أنَّ الواقع لا يخلو من احتمالين إمّا الوجوب أو الحرمة، وعلى تقدير أن يكون الوجوب هو الواقع فالاحتمال الثالث منفيٌّ، وعلى احتمال أن يكون الحرمة هو الواقع فالاحتمال الثالث منفيٌّ أيضاً . إذن حيث إنَّ الواقع لا يخلو من أحد الاحتمالين اللذين تعارض فيهما النصّان فيمكن آنذاك نفي الاحتمال الثالث.
وفيه:- إنَّ هذا وجيهٌ لو فرض أنا كنّا نجزم جزماً واقعياً وعلماً واقعياً بذلك - يعني أنَّ الواقع لا يخلو إمّا من الوجوب أو الحرمة - فإذا كنا نجزم بذلك فهذا وجيهٌ إذ لازم العلم الوجداني بعدم خلوّ الواقع من أحد هذين الاحتمالين هو انتفاء الاحتمال الثالث، بيد أنَّه لا يوجد لدينا علم وجدانيّ بذلك لأنَّ مستند الوجوب والحرمة هو حجيّة الخبر فإذا فرضنا أنّ دليل حجيّة الخبر لا يشمل المورد فكيف تثبت أنّ الواقع لا يخلو من أحدهما ؟!! فالمهمّ إذن هو ملاحظة دليل الحجيّة وليس هناك علم وجدانيّ وهذه المحاولة إنما تتم فيما إذا كان هناك علم وجدانيّ والمفرض أنّه ليس بموجودٍ، وإذا لاحظنا دليل الحجيّة فقد فرضنا أنَّه لا يشمل المورد فكيف ننفي الاحتمال الثالث !!!
اللهم إلا أن يقول قائل:- صحيحٌ إنَّ المدرك هو دليل حجيّة الخبر وهو لا يشملهما ولكن أنا يحصل لي اطمئنانٌ بأن اللوح المحفوظ إما قد سُجِّل فيه الوجوب أو سُجِّل فيه الحرمة، إنّه إذا قال فقيهٌ ذلك فهذه قضيّة شخصيّة خاصّة به وليست قضيّة موضوعيّة برهانيّة وجدانيّة، نعم قد يتّفق هذا لشخصٍ في موردٍ ما.
الوجه لثاني:- ما أشار إليه صاحب الكفاية(قده)[1] وحاصله:- إن أحد الخبرين نجزم ببطلانه وكذبه ولكن الفرد الآخر من الخبرين لا نجزم ببطلانه، وإذا قبلنا بهذا فلنطبق دليل حجيّة الخبر على هذا - أي غير معلوم الكذب - ولا مانع من تطبيقه عليه فإنه واحدٌ فنطبّق عليه دليل الحجيّة بعنوان غير معلوم الكذب، ودليل الحجيّة صالحٌ لأن يشمله، وإذا ثبت حجيّة هذا الخبر فينتفي بذلك الاحتمال الثالث بالدلالة الالتزامية سواء كان ذاك الخبر الذي هو غير معلوم الكذب هو الخبر الدال على الوجوب أو هو الدال على الحرمة فهذا لا يؤثر إذ بالتالي نحن سوف نطبّق دليل الحجيّة على ذلك الخبر.
وفيه:- إن تطبيق دليل الحجيّة على العنوان المذكور - يعني غير معلوم الكذب - هو تطبيقٌ لدليل للحجيّة على الجامع وقد قلنا إنَّ هذا خلاف ظاهر الدليل لأن ظاهر دليل الحجيّة هو التطبيق على كلّ فردٍ.
ولكن من حقّ صاحب الكفاية أن يجيب ويقول:- إنّكم فيما سبق تغلّبتم على هذه المشكلة وقلتم لنطبق دليل الحجية على كلّ فردٍ شريطة أن يكون معلوم الكذب هو الطرف الثاني، فأنا أطبّقه على هذا بشرط أن يكون ذاك هو معلوم الكذب، وأطبّقه على ذاك بشرط أن يكون هذا هو معلوم الكذب، إنَّ هذا تطبيقٌ لدليل الحجيّة على الأفراد ولكن النتيجة هي أنّ الجامع - أي الأحد - صار حجّة ولكن لا بتطبيق دليل الحجيّة عليه ابتداءً يقال إنَّ هذا خلاف ظاهر الدليل بل هو تطبيقٌ له على كلِّ فردٍ بشرط أن يكون الأخر هو معلوم الكذب، إنّه بهذا الشكل تصير هذه المحاولة ظريفة ولكن بعد أن تعاونا معه فهو(قده) لم يذكرها.
ولكن الذي يرد عليه:- هو ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ هذه المحاولة تتمّ إذا كان دليل الحجيّة لفظياً، أمّا بعد كوهنه لبيّاً - أعني السيرة - فلا معنى لتطبيقه بهذا الشكل فإنّ هذا من شؤون الأدلة اللفظيّة وأمّا الدليل اللبّي فهو من البداية لا يشملهما ويكفينا عدم الجزم لو لم نجزم بالعدم، فهذه المحاولة باطلة أيضاً.
نفي الاحتمال الثالث:-
إذا فرضنا ورود دليلين متعارضين من قبيل ( تجب الجمعة ) و ( تحرم الجمعة ) فإنهما متعارضان ولا يمكن الجمع بينهما فيتساقطان وهذا شيء واضح، والكلام هو أنّه هل يمكن نفي الاحتمال الثالث - أعني الحكم بالاستحباب - فنقول هو منفيٌّ شرعاً باعتبار أنَّ الدليلين قد دلّا إمّا على الوجوب أو الحرمة فالاحتمال الثالث منفيٌّ، فهل يمكن هذا أو نقول إنهما ماداما قد تساقطا فلا يمكن نفي الاحتمال الثالث ؟، وهذه مسألة مستقلة جديرة بالبحث.
قد يقال:- إنه يمكن نفي الاحتمال الثالث وذلك لأحد الوجوه الثلاثة التالية:-
الوجه الأوّل:- ما يخطر إلى الذهن وهو أنَّ الواقع لا يخلو من احتمالين إمّا الوجوب أو الحرمة، وعلى تقدير أن يكون الوجوب هو الواقع فالاحتمال الثالث منفيٌّ، وعلى احتمال أن يكون الحرمة هو الواقع فالاحتمال الثالث منفيٌّ أيضاً . إذن حيث إنَّ الواقع لا يخلو من أحد الاحتمالين اللذين تعارض فيهما النصّان فيمكن آنذاك نفي الاحتمال الثالث.
وفيه:- إنَّ هذا وجيهٌ لو فرض أنا كنّا نجزم جزماً واقعياً وعلماً واقعياً بذلك - يعني أنَّ الواقع لا يخلو إمّا من الوجوب أو الحرمة - فإذا كنا نجزم بذلك فهذا وجيهٌ إذ لازم العلم الوجداني بعدم خلوّ الواقع من أحد هذين الاحتمالين هو انتفاء الاحتمال الثالث، بيد أنَّه لا يوجد لدينا علم وجدانيّ بذلك لأنَّ مستند الوجوب والحرمة هو حجيّة الخبر فإذا فرضنا أنّ دليل حجيّة الخبر لا يشمل المورد فكيف تثبت أنّ الواقع لا يخلو من أحدهما ؟!! فالمهمّ إذن هو ملاحظة دليل الحجيّة وليس هناك علم وجدانيّ وهذه المحاولة إنما تتم فيما إذا كان هناك علم وجدانيّ والمفرض أنّه ليس بموجودٍ، وإذا لاحظنا دليل الحجيّة فقد فرضنا أنَّه لا يشمل المورد فكيف ننفي الاحتمال الثالث !!!
اللهم إلا أن يقول قائل:- صحيحٌ إنَّ المدرك هو دليل حجيّة الخبر وهو لا يشملهما ولكن أنا يحصل لي اطمئنانٌ بأن اللوح المحفوظ إما قد سُجِّل فيه الوجوب أو سُجِّل فيه الحرمة، إنّه إذا قال فقيهٌ ذلك فهذه قضيّة شخصيّة خاصّة به وليست قضيّة موضوعيّة برهانيّة وجدانيّة، نعم قد يتّفق هذا لشخصٍ في موردٍ ما.
الوجه لثاني:- ما أشار إليه صاحب الكفاية(قده)[1] وحاصله:- إن أحد الخبرين نجزم ببطلانه وكذبه ولكن الفرد الآخر من الخبرين لا نجزم ببطلانه، وإذا قبلنا بهذا فلنطبق دليل حجيّة الخبر على هذا - أي غير معلوم الكذب - ولا مانع من تطبيقه عليه فإنه واحدٌ فنطبّق عليه دليل الحجيّة بعنوان غير معلوم الكذب، ودليل الحجيّة صالحٌ لأن يشمله، وإذا ثبت حجيّة هذا الخبر فينتفي بذلك الاحتمال الثالث بالدلالة الالتزامية سواء كان ذاك الخبر الذي هو غير معلوم الكذب هو الخبر الدال على الوجوب أو هو الدال على الحرمة فهذا لا يؤثر إذ بالتالي نحن سوف نطبّق دليل الحجيّة على ذلك الخبر.
وفيه:- إن تطبيق دليل الحجيّة على العنوان المذكور - يعني غير معلوم الكذب - هو تطبيقٌ لدليل للحجيّة على الجامع وقد قلنا إنَّ هذا خلاف ظاهر الدليل لأن ظاهر دليل الحجيّة هو التطبيق على كلّ فردٍ.
ولكن من حقّ صاحب الكفاية أن يجيب ويقول:- إنّكم فيما سبق تغلّبتم على هذه المشكلة وقلتم لنطبق دليل الحجية على كلّ فردٍ شريطة أن يكون معلوم الكذب هو الطرف الثاني، فأنا أطبّقه على هذا بشرط أن يكون ذاك هو معلوم الكذب، وأطبّقه على ذاك بشرط أن يكون هذا هو معلوم الكذب، إنَّ هذا تطبيقٌ لدليل الحجيّة على الأفراد ولكن النتيجة هي أنّ الجامع - أي الأحد - صار حجّة ولكن لا بتطبيق دليل الحجيّة عليه ابتداءً يقال إنَّ هذا خلاف ظاهر الدليل بل هو تطبيقٌ له على كلِّ فردٍ بشرط أن يكون الأخر هو معلوم الكذب، إنّه بهذا الشكل تصير هذه المحاولة ظريفة ولكن بعد أن تعاونا معه فهو(قده) لم يذكرها.
ولكن الذي يرد عليه:- هو ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ هذه المحاولة تتمّ إذا كان دليل الحجيّة لفظياً، أمّا بعد كوهنه لبيّاً - أعني السيرة - فلا معنى لتطبيقه بهذا الشكل فإنّ هذا من شؤون الأدلة اللفظيّة وأمّا الدليل اللبّي فهو من البداية لا يشملهما ويكفينا عدم الجزم لو لم نجزم بالعدم، فهذه المحاولة باطلة أيضاً.