33/07/19
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وأما روايات الطائفة الثانية والثالثة:- فهي محل تأمل سنداً من ناحية محمد بن عبد الله بن هلال وعقبة بن خالد فانهما لم يذكرا بتوثيق وقد جاءت الطائفتان من خلالهما ، وهذه المشكلة موجودة سواء أخذنا برواية الشيخ الكليني أو الطوسي أو الصدوق فانا قد ذكرنا أن المحمدين الثلاثة قد رووا هاتين الروايتين.
بل نقول:- ان رواية الشيخ الصدوق مبتلاة بمشكلة ثانية غير مشكلة ابن هلال وعقبة فان الصدوق قال ما نصه ( وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام ...... )
[1]
، وإذا رجعنا إلى مشيخته لم نجد له طريقاً إلى عقبة . إذن المشكلة على رواية الشيخ الصدوق هي من ناحيتين احداهما من ناحية عقبة والأخرى ان طريقه إلى عقبة مجهول.
ولكن قد يقال:- ان طريق الصدوق إلى عقبة وان كان غير مذكور في مشيخته ولكن يمكن تحصيل طريق له وذلك بأن يقال:- لو رجعنا إلى فهرست الشيخ الطوسي عندما يذكر عقبة بن خالد وجدناه يقول ( عقبة بن خالد له كتاب ، أخبرنا عدة من أصحابنا عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد اله بن هلال عن عقبة بن خالد ) فمن خلال طريق للشيخ الطوسي هذا يمكن أن نحصل على طريق للشيخ الصدوق أيضاً فان الشيخ الطوسي قال ( أخبرنا عدّة ) والعدّة قد أخبرت عن محمد بن علي بن الحسين - والذي هو الشيخ الصدوق - عن ...عن... عن عقبة فنحصل على طريق للشيخ الصدوق ينتهي إلى كتاب عقبة بعد ملاحظة أن العدّة قد أخبرت عن محمد بن علي بن الحسين - الصدوق - فنحصل على طريق من الصدوق إلى عقب.
والجواب:- ان هذه الطريقة تتم فيما لو فرض أن الشيخ الصدوق قد التزم بأنه حينما يبتدئ السند في الفقيه فهو يبتدئ بصاحب الكتاب وينقل عن نفس الكتاب لأنه حينما قال ( روى عقبة ) - يعني أنه روى في كتابه - وحيث أن له الطريق المذكور إلى كتاب عقبة فنحصل بذلك على طريق من الشيخ الصدوق إلى كتاب عقبة وتكون هذه المحاولة ناجحة ، ولكن كيف تثبت ذلك ؟ فان الشيخ الصدوق لم يلتزم في مقدمة مشيخته بذلك وإنما قال فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ، ما أرويه عن فلان فبهذا الطريق ...... الخ ) من دون أن يقول ( اني لا أبتدئ السند إلا بصاحب الكتاب وأنقل من كتابه ) ، وهذا بخلافه في الشيخ الطوسي فانه في بداية مشيخته قد التزم بذلك ولا يمكن أن نسّري التزام الشيخ الطوسي إلى الصدوق ، ومعه فنحتمل أن الشيخ الصدوق حينما نقل عن عقبة لم ينقل من كتابه - وان كان عنده كتاب عقبة وعنده طريق إليه - ولكن لعله نقل من كتب مشايخه من قبيل محمد بن الحسن بن الوليد أو سعد بن عبد الله الذين ينقلون عن عقبة ولعل طريق هذا الشيخ كمحمد بن الحسن بن الوليد أو غيره مجهول أو مرسل ، وبالتالي لا نجرز أن الشيخ الصدوق حينما نقل هذه الرواية قد نقلها بهذا الطريق الذي ذكر في فهرست الشيخ الطوسي بل لعله نقلها من كتب بعض مشايخه من الذين لم يردوا في هذا السند وكان ذلك الطريق مجهولاً أو مرسلاً ، ان هذا الاحتمال موجود فكيف نتغلب عليه ؟ وعليه فهذه المحاولة لا تجدي شيئاً بعد هذا الاحتمال.
إذن اتضح ان تصحيح هاتين الطائفتين أمر مشكل.
وأما بالنسبة إلى الطائفة الرابعة:- فقد تبرز محاولة لتصحيح مرسلة الصدوق ، وحاصلها
[2]
:- التفصيل بين ما كان بلسان ( روي ) وبين ما كان بلسان ( قال )
[3]
فإذا كان بلسان ( قال ) فيمكن تصحيحه ببيان أن التعبير بـ( قال ) يدل على النسبة الجزمية إلى الامام عليه السلام وهذا يكشف عن كون الصدوق قد حصل على طريق جزمي ينتهي إلى الامام عليه السلام والا كان كاذباً إذ نسب شيئاً إلى امامه بنحو الجزم والحال أنه لا يوجد له طريق جزمي ، وهذا باطل جزماً فحتماً يوجد للشيخ الصدوق طريق جزمي وبذلك تثبت صحة المرسلة . ولكن هذه المحاولة هي فقط وفقط في دائرة ما إذا كان الإرسال بلفظ ( قال ) إذ النسبة الجزمية موجودة فيها ولا توجد في كلمة ( روي ).
[1] الفقيه 3 45.
[2] وهذه المحاولة بنى عليها السيد الخوئي(قده) في دورته الاصولية ( دراسات اصولية ) 3 520.
[3] وقد أشرت إلى هذا مراراً.