33/07/13
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
ثم انه قد تبرز بعض المحاولات لتصحيح سند بعض الروايات ، من قبيل رواية الحسن الصيقل عن أبي عبيدة الحذّاء التي رواها الشيخ الصدوق في الفقيه فانا قد قلنا بأنها تشتمل على اشكالين من حيث السند اشكال من ناحية أن طريق الصدوق إلى الصيقل يشتمل على محمد بن موسى بن المتوكل والسعدابادي وهما لم يوثقا ، والاشكال الآخر من حيث الصيقل.
أما من حيث ابن المتوكل والسعدابادي:- فقد تذكر محاولتان للتغلب على المشكلة من ناحيتهما وهاتان المحاولتان لو تمتا فيمكن أن نستفيد منهما في مجالات أخرى ولا تختصان بالمقام.
المحاولة الأولى:-
ما أشار إليه شيخ الشريعة الاصفهاني(قده)
[1]
، وحاصل ما ذكره:- ان الصدوق في الفقيه بدأ السند بالحسن الصيقل حيث قال ( وروى الصيقل عن أبي عبيدة الحذّاء ..... )
[2]
، وإذا أردنا أن نعرف طريقه الى الصيقل رجعنا إلى المشيخة حيث ورد ما نصه ( وما كان فيه عن الحسن بن زياد
[3]
فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه عن علي بن الحسين السعدابادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسن بن زياد الصيقل )
[4]
، وهنا نرى أن السند يشتمل على ابن المتوكل والسعدابادي وفي مثل ذلك نلاحظ بقيّة السند - يعني ممن قبل
[5]
هذين - وننتخب شخصاً من رجال هذه القطعة من السند والذي يوجد إلى الصدوق طريق إليه ولننتخب البرقي الوالد - أي محمد بن خالد البرقي - وإذا انتخبناه وجدنا أنه يوجد للصدوق في المشيخة طريق صحيح إلى البرقي ، وإذا رجعنا إلى الشيخة وجدنا أن الصدوق يقول في طريقه إلى البرقي هكذا( وما كان فيه عن محمد بن خالد البرقي فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي الله عنه عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن خالد البرقي )
[6]
، وهو طريق صحيح ، وحينئذ نعوّض عن تلك القطعة التي فيها اشكال سندي بهذا الطريـق فنحصل على طريـق جديـد إلـى الصيقـل وهـو بهـذا الشكـل بعـد التعـويض ( الصدوق عن محمد بن الحسن رضي الله عنه عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن خالد البرقي عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسن بن زياد الصيقل ) . إذن ببركة عملية التعويض حصلنا على سند جديد للشيخ الصدوق إلى الصيقل لا يمر بذينك الرجلين وهذه الطريقة لو تمت فسوف نستفيد منها في موارد أخرى.
وحاول السيد الخوئي(قده) في بعض كلماته
[7]
أن يطبقها للتغلب على مشكلة أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد الأشعري الذي يروي عنه الشيخ المفيد فان الشيخ المفيد يروي بعض أصول أصحابنا بتوسط أحمد هذا أو أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري وكلاهما لم يوثقا - وواضح أنه بناء على كفاية شيخوخة الاجازة أو بناء على كفاية الترضي أو غير ذلك فالمشكلة منحلة ، أما إذا رفضنا تلك الطرق فنأتي بهذه الطريقة التي ذكرها شيخ الشريعة وحاول ان يطبقها السيد الخوئي هناك
[8]
-.
وقبلها السيد الشهيد(قده) أيضاً بعد ادخال تعديل عليها
[9]
، وحاصل التعديل هو:- انه يلزم أن يكون الطريق السابق الذي أردنا حذفه والتعويض عنه قد ذكره الشيخ الطوسي مثلاً في المشيخة عند ذكر طرقه إلى البرقي ، فان طريقة الشيخ في الفهرست أنه يذكر صاحب الأصل فيقول مثلاً ( محمد بن خالد البرقي له كذا كتاب ويعددها ثم يقول:- أروي جميع روايات البرقي وكتبه بهذا الطريق وبهذا الطريق ) ويوصل الطريق إلى البرقي وربما يذكر ثلاث طرق أو أكثر أو أقل ، فإذا فرضنا أن أحد تلك الطرق هو الطريق القديم الذي أردنا التعويض عنه والذي هو في مثالنا كان ( محمد بن موسى بن المتوكل عن السعدابادي عن أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه ) قد ذكره وذكر بعده هذا الطريق الجديد - أعني ( محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن خالد البرقي ) - فأقبل طريقة التعويض ، أما إذا لم يذكر الطريق القديم بل ذكر طرقاً جديدة من دون ذكر الطريق القديم فلا أقبل هذه الطريقة . هذا ما ذكره السيد الشهيد(قده).
وما هي النكتة العلمية والسند العلمي لهذه الطريقة ؟ وهذا مطلب لم يشر إليه شيخ الشريعة ونصّ عبارته هكذا ( ان للصدوق طريقاً آخر إلى البرقي صحيحاً بالاتفاق فانه يروي عنه أيضاً بتوسط أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله عن البرقي ) فهو قد ذكر هذا المقدار.
والجواب:- ان السند العلمي لهذه الطريقة هو أن الشـيخ الطوسـي مثلاً قـال فـي ترجمة البـرقـي ( اني أروي جميع روايات البرقي وكتبه بهذا الطريق وبهذا الطريق وبهذا الطريق ) هذا ما ذكره في الفهرست ويذكر هذا في ترجمة كل شخص كما قلنا ، ثم نقول ان هذه الرواية التي ذكرها الشيخ الطوسي في مقامنا - أو قل الشيخ الصدوق - هي من جملة روايات البرقي إذ المفروض أن البرقي واقع في سند الصدوق فهي من جملة روايات البرقي فيشملها تعبير الشيخ أو الصدوق الذي يقول ( جميع روايات البرقي أرويها بهذا الطريق وبهذا الطريق وبهذا الطريق ) وتكون هذه الرواية مروية بهذه الطرق الجديدة أيضاً بعد الالتفات إلى أن الصدوق أو الشيخ قال ( جميع روايات البرقي أرويها بهذا الطرق وبذاك ) ، هذا هو السند العلمي لهذه الطريقة وهذه نكتة مهمة ينبغي الالتفات إليها.
وإذا قلت:- لعل هذه الرواية بالخصوص قد رواها الشيخ مثلاً بهذا الطريق الخاص ولم يروها ببقية الطرق ، أوليس هذا الاحتمال موجوداً ؟ انه موجود ، وحيث لا نافي له فتسقط هذه المحاولة عن الاعتبار بعد احتمال اختصاص هذه الرواية بهذا الطريق الخاص الذي يشتمل على السعدابادي ومحمد بن موسى بن المتوكل.
قلت:- لأجل التغلب على هذا الاحتمال أضاف السيد الشهيد(قده) لزوم أن يكون الطريق القديم قد ذكر إلى جنب الطريق الجديد ، فانه إذا ذكر إلى جنبه تغلبنا على المشكلة حيث نضم هذه الضميمة وهي أن الشيخ حينما قال في الفهرست ( أروي جميع روايات البرقي بهذا الطريق وبهذا الطريق .. ) فظاهره أن كل ما رواه بهذه الطرق فهو يرويه ببقية الطرق الأخرى لا أن بعض الروايات تختص بالطريق الأول والبعض الثاني يختص بالطريق الثاني ..... وهكذا ، كلا بل كل روايات الرقي يرويها بهذا الطريق وكل روايات البرقي يوريها بالطريق الثاني .... وهكذا ، وإذا قبلنا بهذا وفرضنا أن الطريق القديم موجود في جملة تلك الطرق فيلزم بمقتضى هذا الظهور أن تلك الروايات الثابتة بالطريق الأول قد رواها بالطريق الثاني أيضاً ووصلت إليه بالطريق الثاني وبالطريق الثالث أيضاً ، وهذا بخلاف ما إذا لم يذكر الطريق القديم فانه يبقى هذا الاحتمال بلا نافي له.
[1] في رسالته ( رسالة لا ضرر ) 33 ، 34.
[2] الفقيه 3 59.
[3] وهو الصيقل.
[4] آخر الفقه 4 24 طبعة النجف.
[5] والمقصود من القبلية هي القبل زمانا اي من طرف الامام عليه السلام.
[6] الشيخة 68.
[7] في التنقيح.
[8] فلاحظ التنقيح 2 388 ط جديدة في الهامش ، 3 9 في الهامش أيضا ، وقد كتب في نهاية الهامش ( هكذا أفاد دام ظله ) أي تبناه السيد الخوئي ولكن ذكرت في بعض المحاضرات أنه طيلة فترة حضوري عنده لم أسمع منه الاستعانة بهذه الطريقة وهذا يدل على أنه قد تراجع عنها ، ولكنها مذكورة في التنقيح في كتاب الطهارة.
[9] بحوث فقهية 3 125 ط الأولى النجف قديمة ، 4 51.