33/06/10
تحمیل
الموضوع / شرطية الفحص في جريان أصل البراءة / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
والأجدر في الجواب أن يقال:- ان العلم الإجمالي بوجود مجموعة تكاليف قد انحل بالعثور على مقدار المعلوم بالإجمال ولذلك نرجع إلى البراءة لو فحصنا ولم نجد دليلاً على التكليف ولا نرجع إلى الاحتياط كما يصنعه الاخباري ، ولكن تبقى المشكلة الأخرى وهي أن العلم الإجمالي بالتكاليف إذا زال فما الحاجة إلى الفحص ؟
وفي مقام التخلص من هذه المشكلة نقول:- نحن نعرف أن حجية الأصل منوطة بعدم وجود الدليل الاجتهادي من آية أو رواية فان الآية أو الرواية مقدمتان على الأصل اما من باب الحكومة أو لأجل أمر آخر وهذا من المسلمات - يعني أن حجية الأصل العملي منوطة بعدم وجود الدليل الاجتهادي - وعلى هذا الأساس ما دمنا نحتمل في أي مورد من الموارد وجود دليل اجتهادي فلا يجوز التمسك بالأصل لأنه من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية إذ قد فرضنا أن حجية الأصل منوطة بعدم الدليل الاجتهادي فإذا احتملنا وجوده فكيف نتمسك بعموم العام - ونقصد من العام هو الأصل أي ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - فان هذا العام مقيد بعدم الدليل الاجتهادي فلا يجوز التمسك به ما دمنا نحتمل وجود الدليل الاجتهادي بل لابد من الفحص واليأس من ذلك فآنذاك يصح التمسك بدليل الأصل ، فالفحص هو من هذه الناحية.
ان قلت:- عندي طريق يؤمّن من وجود الدليل الاجتهادي ويقول ان الدليل الاجتهادي ليس بموجود بلا حاجة إلى فحص وذلك هو الاستصحاب بنحو العدم النعتي أو بنحو العدم الازلي بأن نقول:- انه في بدايات الشريعة جزماً لم يكن هناك دليل اجتهادي على هذا الحكم فان الأدلة الاجتهادية تأتي بالتدريج فنستصحب العدم النعتي للدليل الاجتهادي ، وإذا نظرنا إلى ما قبل الشريعة فيصير المورد من استصحاب العدم الازلي - وواضح أنه مع وجود العدم النعتي لا تصل النوبة إلى العدم الازلي ، وذلك من الناحية الفنية -.
قلت:- هذا وجيه إذا لم يكن لدينا علم إجمالي بوجود دليل اجتهادي في بعض الموارد ودعوى هذا العلم الإجمالي شيءٌ قريب فان الفقيه يجزم بأنه في بعض هذه الموارد يوجد آية أو رواية تدل على الحكم اما بنحو اللزوم أو الكراهة أو الاستحباب أو غير ذلك فلا تصل النوبة آنذاك إلى الأصل فان شرط جريان الأصل هو عدم وجود الدليل الاجتهادي رأساً لا على الالزام ولا على غيره فإذا لم يكن فآنذاك يجري الأصل العملي ، وفي هذه الموارد من البعيد أنه لا يوجد فيه دليل اجتهادي في أجمعها ومع وجود هذا العلم الإجمالي بوجود الدليل في بعض هذه الموارد لا يمكن إجراء الاستصحاب آنذاك وإنما يجري الاستصحاب لو لم يكن لدينا هذا العلم الإجمالي.
ان قلت:- أوليس هذا تهافتاً حيث أنك الآن ادعيت وجود علم اجمالي بوجود الدليل الاجتهادي بينما في بداية هذا الوجه قلت ان العلم الاجمالي منحلّ فكيف قلت في البداية هو زائل بينما الآن تقول هو موجود ؟
قلت:- ان ذلك العلم الإجمالي الذي قلنا أنه قد زال هو العلم الإجمالي بثبوت تكاليف الزامية فهو قد زال بالعثور على مجموعة تكاليف الزامية ، وأما العلم الإجمالي الذي ندّعيه الآن هو العلم الإجمالي بوجود دليل ولو على غير الحكم الالزامي ولا نقول هناك أدلة على الحكم الالزامي حتى تقول يلزم التهافت بل وجود دليل ولو على غير الحكم الالزامي كالاستحباب أو الكراهة أو الاباحة مثلاً ، ووجود الدليل يمنع من جريان الأصل وبالتالي لا يتحقق التهافت بين هذين . هذا كله في الاعتراض الأوّل الذي ذكره الشيخ الأعظم وقد اتضح جوابه.