33/05/05
تحمیل
الموضوع / التنبيه الثاني / تنبيهات / الدوران بين الأقل والأكثر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
التنبيه الثاني:- قد يقال:- هناك طريق لإثبات وجوب الاحتياط في مسألة الشك في الجزئية غير الطريق الذي أشار اليه صاحب الكفاية فانه تمسك لإثبات الاشتغال عقلاً بالعلم الاجمالي الذي لا يقبل الانحلال بنظره - لمحذور الخلف وللمحذور الآخر - وفكرة الغرض ، والآن في هذا التنبيه نريد أن نقول يوجد مستند ثالث ونحن قد أشرنا اليه سابقاً في ثنايا كلامنا ولكن هنا نريد أن نسلط الأضواء عليه أكثر.
وحاصله:- انه يمكن التمسك بالاستصحاب فيقال:- قبل أن أتيت بالصلاة بالأجزاء التسعة سوف أشك في فراغ الذمة فاستصحب بقاء الأمر - يعني بالتسعة - اذ أحتمل أن الأمر بالتسعة أمراً ارتباطياً فاشك في سقوطه فاستصحب بقاءه وعدم سقوطه وبذلك تكون النتيجة هي لزوم الأكثر.
اذن اثبتنا وجوب الأكثر لا من جهة العلم الاجمالي ولا من جهة الغرض بل من جهة الاستصحاب والمفروض أننا نقول ان الثابت سابقاً بنحو الجزم هو الأمر بالتسعة ولا نقول هو الأمر بالعشرة ولكن عند الاتيان بالتسعة نشك في سقوط ذلك الأمر لاحتمال ارتباطيته فيثبت بذلك وجوب الأكثر.
وأجبنا فيما سبق:- بأن الهدف من هذا الاستصحاب ما هو؟ هل هو اثبات أن الأكثر اذن هو الواجب !! فهذا أصل مثبت فان اللازم العقلي لبقاء الأمر رغم الاتيان بالتسعة هو أن الأمر متعلق بالعشرة وهذا ليس هذا لازماً شرعياً كما هو واضح.
وأما اذا الهدف هو فقط وفقط اثبات بقاء الأمر لا أكثر ، فجوابه:- ان الأمر بالتسعة كان سابقاً ثابتاً بنحو العلم والوجداني ولم يكن مقتضياً لوجوب الاحتياط - ولذلك احتجت لإثبات الاشتغال الى الاستعانة بالاستصحاب ، اذ لو كان ذلك الوجود التكويني للأمر بالتسعة مقتضياً للاشتغال للأمر بالتسعة فلا حاجة الى الاستصحاب ، فالحاجة الى الاستصحاب تدلّ على أن ذلك الوجود التكويني لا يقتضي الاشتغال - وعلى الثاني فالمفروض أن الوجود الوجداني للأمر بالتسعة لم يكن مقتضياً للاشتغال فكيف بالوجود التعبدي فانه أولى بأن لا يكون مقتضياً للاشتغال.
ان قلت:- انه قبل الاتيان بالتسعة لم يكن الاستصحاب جارياً ولكن بعد الاتيان بالتسعة حيث يجري الاستصحاب فإذن سوف يكون مقتضياً لبقاء الأمر وبالتالي تكون النتيجة هي الاشتغال ، ان الفارق هو هذا - يعني لمّا يجري الاستصحاب ويقول أيها المكلف ان الأمر بالتسعة بَعدُ باقٍ فالعقل يقول ما دام الأمر بَعدُ باقٍ فيلزمك الاتيان بالعشرة ولا يكفيك التسعة فان الاستصحاب يدفعني نحو ذلك -.
قلت:- هذا صحيح لو جرى الاستصحاب حتماً ودل الدليل على جريانه حتماً ، فانه لو عبدني الشارع بالاستصحاب وقال يجري هنا حتماً فأسلم بذلك وبالتالي يقول العقل يلزمك الاتيان بالعشرة حتى تسقط عن ذمتك الأمر ، ولكن نحن نريد أن نقول ان الاستصحاب لا يجري لا أنه بعد جريانه وبعد أن يعبدني الشارع به حتماً سوف لا استفيد منه كلا بل أقول هو من البداية لا يجري لأن جريانه لابد وأن يكون لفائدةٍ والفائدة ان كانت هي اثبات وجوب الأكثر فهو أصل مثبت ، وان كان فقط وفقط هو اثبات أنه يوجد أمر بالتسعة فهذا لا فائدة فيه اذ الوجود الوجداني قبلاً لم ينفع للاشتغال فكيف بالوجود التعبدي.
اذن نحن نريد أن نقول:- ان دليل الاستصحاب لا يشمل مثل هذا المورد من الأساس لا أنه بعد أن شمله بنحو الجزم فلا فائدة فيه ، كلا اذا شمله بنحو الجزم فتتكون دلالة التزامية عرفيَّة - مثلاً - أو بالتالي يحكم العقل بلزوم الاتيان بالأكثر مادام قد عبدني الشارع حتماً بالاستصحاب ، وكلامنا في مرحلة أسبق ونريد أن نقول هو لا يجري . هذا هو المناسب في مقام الجواب عن هذا الاستصحاب.