32/02/10
تحمیل
الموضوع: المسالة 247 .
كان كلامنا في نظر المحرم الى المرآة وقلنا ان حرمة النظر ليست اتفاقية وانما ذالك قد ينسب الى المشهور وقد نسبه صاحب الجواهر الى الاشهر
وقلنا ان جماعة نسب اليهم القول بالكراهة وربما توجه الكراهة بما تعم الحرمة بقرينتين اشرنا اليهما
وقلنا ان من صار الى الكراهة االشيخ النراقي ومن صار الى التحريم مطلقا الشيخ النائيني(قده)
ومنشأ الاختلاف هو الروايات فانها على طائفتين
طائفة نهت عن نظر المحرم الى المرآة وعللت ذالك بانه زينة
من قبيل صحيحة حماد عن ابي عبد الله (عليه السلام) لاتنظر في المرآة وانت محرم فانه من الزينة وسائل الشيعة 12 ص 472 الباب34 من تروك الاحرام الحديث1
وعلى منوالها صححة حماد بن عيسى عن حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) لاتنظر في المرآة وانت محرم لانه من الزينة المصدر السابق الحديث3
وطائفة اخرى نهت عن النظر الى المرآة اذا كان الهدف هو الزينة
من قبيل صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) لاتنظر المراة المحرمة في المرآة للزينة الحديث 2
وعلى منوالها صحيحته الاخرى قال ابو عبد الله (عليه السلام) لاينظر المحرم في المرآة للزينة فان نظر فاليلبي الحديث4
اذا تلك الطائفتين اتفقتا على حرمة النظر في المرآة للمحرم
ولكن واحدة عللت لانه زينة والاخرى لم تعلل وانما نهت عن النظر لاجل الزينة وبالهدف المذكور
وعليه فهل نقول بحرمة نظر المحرم الى المرآة مطلقا من دون تقييد بهدف الزينة او انه يحرم اذا كان الهدف هو الزينة
واما احتمال الكراهة كما صار اليه الشيخ النراقي فلا وجه له
وفي هذا المجال ذكر ملا محمد باقر السبزواري صاحب الذخيرة بان المناسب هو حرمة الحصة الخاصة اي النظر بهدف الزينة باعتبار ان المورد من موارد الاطلاق والتقييد فالطائفة الاولى مطلقة وانما كانت مطلقة لانها لم تقييد حرمة النظر بهدف الزينة بل نهت مطلقا وقالت لاتنظر في المراة ثم عللت لانه من الزينة فالنهي يمكن ان يعد مطلقا، فتاتي الطائفة الثانية وتقييد هذا النهي المطلق لانها قيدت الحرمة بما اذا كان الهدف من النظر هو الزينة حيث قالت لاينظر المحرم في المرآة لزينة وعليه فتصير الطائقة الثانية مقيدة للطائفة الاولى فيكون التحريم خاصا بما اذا كان الهدف هو الزينة، هذا ماذكره السبزواري
وقد ناقشه العلمان صاحب الحدائق في ج 15 ص 455 وهكذا صاحب الجواهر في ج18 ص 349 وقالا ان المورد من قبيل المثبتين يعني كلاهما يثبت الحرمة - فيصير ذالك اشبه بما اذ قيل اكرم رجلا ثم قيل اكرم رجلا عادلا فان الامر الاول يبقى على عمومه ولايقيدة الثاني اذ وجوب اكرام العادل لاينافي وجوب اكرام مطلق الرجل ومقامنا كذالك فالنهي عن النظر الى المرآة للزينة لاينافي الحرمة المطلقة كما دلت عليه الطائفة الاولى
قال في الحدائق ان الاول منها دل على النهي عن النظر مطلقا معللا بترتب الزينة والثاني دل على النظر لاجل الزينة ولامنافاة بينهما بل احدهما مؤكد للاخر فلامنافاة بينهما ليحتاج الى الجمع بما ذكره ذالك الفاضل
وقال في الجواهر نعم في الذخيرة ينبغي تقييد الحكم بما اذا كان النظر للزينة جمعا بين الاخبار المطلقة والمقيدة وفيه انه لامنافاة
وممن وافقهما على ذالك السيد الروحاني في المرتقى ج2 ص 160 وهكذا السيد الشاهرودي في تقريراته ج3 ص 164
وفيه
اولا: لانسلم ان الطائفة الاولى مطلقة فانها ذكرت تعليلا وقالت لانه زينة ونحن نعرف ان التعليل يضيق ويوسع فاذا قيل لاتاكل الرمان لانه حامض فهم العرف ان النهي عن الرمان ليس مطلق وانما هو خاص بخصوص الرمان الحامض فمن هذه الناحية يتضيق النهي
نعم يتوسع بلحاظ كل ما كان حامضا وان لم يكن رمانا، فالتعليل يضيق الحكم الاول
والمستند لهذه القاعدة هو العرف فاذا سلمنا بهذا فنطبقه في المقام حيث ان النهي عن النظر في المرآة وان لم يقيد بما اذ كان بهدف الزينة ولكن علل فانه من الزينة فتتضيق دائرة النهي بما اذا كان لاجل الزينة
ان قلت لما لانقول ان هذا التعليل هو من باب حكومة الشرع بان كل نظر الى المرآة هو في حق المحرم يعد زينة وبناء على هذا يكون النهي نهيا مطلقا
قلت هذا خلاف الوجدان القطعي فان السائق اذا نظر الى المرآة التي هي امامه لاجل ان يلاحظه ما خلفه من السيارات فليس ذالك من الزينة جزما ولوقبلناه فالنقل به في مثال الرمان لانه حامض
فالنهي المذكور من البداية ضيق وليس مطلقا
ثانيا: لو تنزلنا فنقول ان النهي في الطائفة الثانية يصلح ان يكون مقيدا لاطلاق الطائفة الاولى فان التقييد بما اذا كان الهدف هو الزينة في قوله (عليه السلام) لاينظر المحرم في المرآة لزينة يستفاد منه المفهوم اي اذا لم يكن للزينة فلا يحرم
نعم لو فرض انه في مورد لم يفهم من القيد الدلالة على المفهوم كما اذا قيل اكرم الرجل العادل وقلنا ان الوصف لايدل على المفهوم فلا يعود في مثله صالحا لتقييد اطلاق اكرم رجلا وانما يكون القيد صالحا للتقييد اذا كان يستفاد منه عرفا المفهوم
وفي مقامنا يمكن ان ندعي استفادة العرف المفهوم فالعرف يفهم انه اذا لم يكن للزينة فلا حرمة فيه
وعليه فيكون المناسب اختصاص حرمة النظر بما اذا كان الهدف هو الزينة
نعم الاحتياط بترك النظر في المرآة شيئ جيد، اما الافتاء بالحرمة كما صار اليه الشيخ النائيني وكما هو الذي يظهر من العلمين صاحب الحدائق والجواهر فهو مشكل
النقطة الثانية: لو فرض ان المحرم نظر الى المرآة للزينة فهل عليه كفارة؟
نعم الاحوط استحبابا ذالك لرواية علي بن جعفر المتقدمة في مسالة حرمة الاكتحال وذكرنا ان دلالتها ضعيفة وهكذا سندها ولاجله صير الى الاحتياط الاستحبابي
النقطة الثالثة: لو نظر المحرم الى المرآة لزينة فالاحوط له ان يلبي
والوجه في ذالك صحيحة معاوية الثانية فقد جاء في ذيلها فان نظر فاليلبي
قد يقال ان المناسب هو الفتوى بوجوب التلبية لا الاحتياط لان الامر ظاهر في الوجوب
والجواب نعم لو خلينا والرواية المذكورة لكان المناسب هو الفتوى بالوجوب
ولكن نقل صاحب الجواهر في ج18 ص349 وغيره الاجماع على عدم وجوب التلبية فلاجل الاجماع المذكور لم يصر الى الفتوى بلزوم التلبية وانما انتقل الى الاحتياط الوجوبي
وقد علل السيد الخوئي الاحتياط دون الفتوى بان المسالة عامة البلوى ولازمه ان يكون الحكم واضحا فلو كانت التلبية واجبة بعد النظر الى المرآة يلزم على الاقل ان يشتهر والحال ان الامر على العكس فلم ينسب الى الفقهاء القول بوجوب التلبية بل نسب الاستحباب
وما افاده في الكبرى نوافقه عليه وقد تمسكنا به في بعض الابحاث السابقة
ولكن الكلام في الصغرى فان النظر في المرآة للزينة يمكن ان يقال هو لييس عام البلوى والمحرم عادة لاينظر الى المرآة واذا نظر فانه صادر عن غفلة وليس بقصد الزينة مع علمه بالحرمة
فالمناسب الاقتصار على ما اشرنا اليه من ان شبهة الاجماع تدعونا الى المصير للاحتياط