33/06/21
تحمیل
الموضوع :- مسألة ( 328 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وقد يناقش ذلك بإشكالات ثلاثة:-
الاشكال الأول:- أن يدعى أن العموم المذكور منصرف إلى الصلاة اليومية ، ومعه فغاية ما يثبت به هو شرعية واستحباب الجماعة في الصلاة اليومية دون ما زاد
[1]
.
وفيه:- انه لا مجال للانصراف المذكور بعد الالتفات إلى فقرة ( في الصلوات كلها ) فان هذا التعبير ليس بناظر إلى خصوص الصلوات اليومية ، أي يصير المقصود هكذا ( ولكنه سنة في الصلاة كلها يعني الصبح والظهر والعصر ..... وهكذا ) كلا فان المفهوم من فقرة ( في الصلوات كلها ) هو أفراد الصلاة من يومية وغيرها فالتخصيص باليومية خلاف الظاهر.
الاشكال الثاني:- ما صار إليه السيد البروجردي
[2]
وحاصله:- ان الصحيحة المذكورة ناظرة إلى إثبات الاستحباب لصلاة الجماعة ولكن بلحاظ خصوص ما ثبتت فيه شرعية الجماعة ، يعني أن الصلاة التي ثبتت شرعية الجماعة فيها فتلك يستحب الاجتماع لها والجماعة فيها.
إذن هي تثبت استحباب الجماعة في خصوص ما ثبتت فيه شرعية الجماعة كالصلاة اليومية فانه ثبتت فيها شرعية الجماعة من الخارج فيثبت استحبابها بهذه الرواية بعد أن ثبتت الشرعية من الخارج ، وحيث أن صلاة الطواف لم يثبت فيها شرعية الجماعة من الخارج فلا يمكن إثبات استحبابها فيها وبالتالي لا تثبت هذه الصحيحة الشرعية وإنما تثبت الاستحباب في الصلاة التي ثبتت فيها في المرحلة السابقة شرعية الجماعة.
وفيه:- انها تدلّ بالمطابقة على استحباب الجماعة في كل صلاة وليس فيها تقييد للاستحباب فهي لم تقل ( ولكنه سنّة في الصلوات كلها بشرط أن تكون الشرعية ثابتة في المرحلة السابقة ) كلا فان هذا القيد لم يؤخذ في الرواية فتحميله عليها شيء بلا وجه .
إذن بالمطابقة نستفيد منها استحباب الجماعة في كل صلاة وبالالتزام يثبت شرعية الجماعة في كل صلاة ، فهناك دلالتان احداهما مطابقية يدل عليها اللفظ وهي استحباب الجماعة في كل صلاة ، ودلالة التزامية
[3]
وهي أن شرعية الجماعة ثابتة في كل صلاة.
الاشكال الثالث:- ما أفاده الشيخ الهمداني
[4]
وحاصله:- ان الصحيحة في مقام البيان من ناحية إثبات الاستحباب وليست في مقام البيان من ناحية إثبات الشرعية وأنها ثابتة لكل صلاة أو لا , كلا فانها ليست في مقام البيان من هذه الناحية حتى نستفيد إثبات الشرعية وإنما هي في مقام البيان من ناحية إثبات الاستحباب.
ولعل هذا قريب من الاشكال الثاني ولكن صاحب الاشكال الثاني أفصح أكثر وقال ان الاستحباب ثابت في خصوص ما ثبتت له الشرعية في المرحلة السابقة بينما صاحب هذا الاشكال لا يفصح عن هذا القيد بل يقول هي في مقام بيان استحباب الجماعة وأما الشرعية فساكتة عنها فلا يمكن إثبات الشرعية في كل صلاة.
وفيه:- نسلم أن الصحيحة ناظرة إلى إثبات الاستحباب وليست ناظرة إلى إثبات الشرعية ولكن هذا بالمطابقة ، وأما بالالتزام فيمكن أن نستفيد ذلك فانه إذا ثبت الاستحباب بالمطابقة ثبتت الشرعية بالالتزام إذ لا معنى لإثبات الاستحباب من دون إثبات الشرعية ، بل يمكن أن تدعى الشرعية بالدلالة المطابقية بلا حاجة إلى الاستعانة بالدلالة الالتزامية فان الاستحباب هو عين الشرعية غايته هو شرعية مع زيادة.
إذن الاشكال على دلالة الصحيحة من هذه النواحي الثلاث لا وجه له.
ولكن رغم هذا لا يمكن إثبات شرعية الجماعة في صلاة الطواف اما من ناحية وجود المانع - أي المقيد لهذا الإطلاق - أو من ناحية القصور في المقتضي - أي يدعى أن الصحيحة تشتمل على إطلاق ولكنه منحصر بغير صلاة الطواف - .
إذن يوجد وجهان لإثبات عدم الشرعية للجماعة في صلاة الطواف:-
الوجه الأول:- القصور في المقتضي ببيان:- ان الوارد في الصحيحة هكذا ( وليس الاجتماع بمفروض ) أي استعين في التعبير بكلمة ( الاجتماع ) وهذا الوصف انما يصدق فيما إذا كان هناك وقت مقرر للصلاة حتى يصح التعبير بأن الاجتماع في هذا الوقت المقرر سنّة وليس بمفروض كما في الصلوات اليومية وكما في صلاة الآيات فان لها وقتاً محدداً أيضاً وهكذا جميع الصلوات إذا فرض أن لها وقت محدد ، وهذا بخلاف صلاة الطواف فانه ليس لها وقت محدد حتى يقال ان الاجتماع فيه سنّة وليس بمفروض.
الوجه الثاني:- التمسك بالمانع وهو ما أشار إليه الشيخ النائيني
[5]
وغيره ، وحاصله:- ان الجماعة لو كانت مشروعة ومستحبة في صلاة الطواف لكان النبي صلى الله عليه وآله أولى بأدائها فانه أولى بأداء الاستحباب من غيره الحال أنه لم يعهد منه ولا من غيره من غير المعصومين عليهم السلام ذلك ، بل ولا من غير المعصومين ولم ينقل لنا التاريخ ولا الروايات فعلها جماعة الأمر الذي يورث الاطمئنان بعدم الشرعية فيصير هذا مقيدا لإطلاق الصحيحة السابقة.
ولكن نبقى نؤكد ما أشرنا إليه سابقاً وهو أن الشرعية وان لم تثبت ولكن الشخص الذي يلحن في قراءته ولا يتمكن من التعلم إذا أراد الاحتياط فانه يتحقق بالجمع بين أمور ثلاثة وهي أن يؤديها بالمقدار الممكن له ويستنيب شخصاً ويفعلها جماعة ، وواضح أن النيَّة ليست هي نية الشرعية والاستحباب الجزمي والّا كان ذلك تشريعاً بل نيّة رجاء المطلوبية كما هو واضح.
الأمر الرابع:- انا نعرف أن المراءة لا يجوز لها أن تحاذي الرجل في صلاته كما أنه لا يجوز له ذلك ومع المحاذاة تبطل صلاتهما على ما ذكره غير واحد من الفقهاء.
والسؤال:- هل الأمر في صلاة الطواف كذلك ؟
والجواب:- أجاب السيد الخوئي(قده)
[6]
بالإيجاب وأنه يشترط ذلك أيضاً.
هذا ولكن المناسب هو عدم الاشتراط وذلك لوجوه ثلاثة:-
الوجه الأول
[7]
:- صحيحة الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام ( انما سميت مكة بكة لأنه يبتكُّ
[8]
فيها الرجال والنساء ، والمرأة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ولا بأس بذلك وإنما يكره في سائر البلدان )
[9]
ودلالتها واضحة فانه قال ( المرأة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ) وهذا واضح في الجواز إذ ليس المقصود هو مجرد الاخبار فان الامام عليه السلام لا ينقل تاريخاً فان هذا واضح في نفي البأس والجواز ، وعليه فدلالة الرواية واضحة والسند صحيح ولا موجب للتوقف ، وما ذكره السيد الخوئي(قده) غريب.
الوجه الثاني:- لو كان ذلك لا يجوز للزم العسر والحرج ، ولا نريد أن ننفي ذلك بقاعدة نفي العسر والحرج حتى يقال مثلاً انها لا تنفع في إثبات الصحة أي الحكم الوضعي وإنما هي تنفي الحكم التكليفي فقط ، كلا وإنما نريد أن ندعي أن الفقيه يحصل له الاطمئنان بأنه لا يلزم ذلك فان صلاة الطواف ليست مبنيّة على العسر والحرج جزماً - أي من هذه الناحية - وكفاها عسراً أنها خلف المقام ، فالمقصود هي عسر من هذه الناحية أما أنها عسر من ناحية أخرى بأن يقال انه لو جاءت مرأة إلى جنبك فلابد من اعادتها !! فان هذا يطمئن الفقيه بعدمه فان صلاة الطواف ليست مبنيّة على التدقيق من هذه الناحية.
الوجه الثالث:- لو كان يلزم عدم المحاذاة فحيث أن المسألة ابتلائية فيلزم أن ينعكس ذلك على الروايات ، أي يلزم أن تكثر أسئلة الرواة إلى الائمة صلوات الله وسلامه عليهم أو ما شاكل ذلك من الفروع المرتبطة بذلك والحال أنه لا يوجد سؤال من هذه الناحية ، بل ولم يتعرض الفقهاء لذلك أيضاً الأمر الذي يورث الاطمئنان أيضاً بعد لزوم الشرط المذكور . إذن من هذه الناحية لا موجب للتوقف.
[1] وهذا ما ذكره الشيخ عبد الكريم الحائري في كتاب الصلاة 446.
[2] نهاية التقرير 2 252.
[3] وهي التي نريدها.
[4] كتاب الصلاة 623 ط قديمة.
[5] في تقريرات تلميذه الكاظمي 2 360.
[6] صراط النجاة,
[7] وهو المهم.
[8] بكَّ فلان فلاناً:- أي زاحمه.
[9] الوسائل 5 126 5 من أبواب مكان المطلي ح10.