33/04/25
تحمیل
الموضوع :- الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
مسألة( 316):- اذا تيقن بالسبعة وشك في الزائد كما اذا احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن لم يعتنِ بالشك وصح طوافه الا أن يكون شكه هذا قبل اتمام الشوط الأخير فان الأظهر حينئذ بطلان الطواف والأحوط اتمامه رجاءً واعادته.
تتضمن المسألة نقطتين:-
النقطة الأولى:- ان المكلف لو وصل الى الحَجَر الأسود وشك في أن هذا الشوط الذي أنهاه هو السابع أو الثامن بأن حصلت له زيادة فهل يبطل طوافه ؟ كلا وذلك لصحيحـة الحلبـي المتقـدمـة ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت طواف الرفضة فلم يدرِ أسبعة طاف أم ثمانية ، فقال:- أما السبعة فقد استيقن وانما وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين ) ، ودلالتها واضحة على الحكم المذكور فانه لا يعتني للشك.
بل يمكن تصعيد اللهجة بأن يقال:- نحن لا نحتاج في اثبات صحة الطواف وعدم الحاجة الى اعادته الى هذه الصحيحة وما شاكلها بل يمكن الحكم بالصحة بلا حاجة الى رواية خاصة وذلك باعتبار أنه حتى لو فرض وجود زيادةٍ أي أنه طاف شوطاً ثامناً - فهذه الزيادة لم تحصل عمداً وانما حصلت سهواً وقد تقدم أن الزيادة السهوية لا تبطل الطواف ، نعم خالف في ذلك الشيخ الصدوق(قده) حيث قال بالإعادة ولكن المشهور لم يقولوا بذلك.
نعم قد يقال:- ان زيادة الشوط الواحد سهواً توجب اضافة ستة أشواط لا أن الطواف يبطل بذلك ، والسيد الماتن وجماعة - ونحن أيضاً وافقناه - ذهب الى أن الاكمال بستةٍ ليس واجباً وانما ذُكر الأمر بالإكمال في مقام توهم الحضر ، وعليه فحتى لو جزم المكلف بأنه قد زاد شوطاً فحيث أن زيادته سهوية فهي لا توجب البطلان حتى نحتاج الى التمسك بصحيحة الحلبي وما شاكلها .
نعم لو بنينا على وجوب الاكمال بستة أشواط فنحتاج آنذاك الى أصل موضوعي لا لتصحيح ما سبق بل لنفي وجوب اضافة ستة أشواط فتقول هكذا ( نحن نشك هل أتينا بشوط زائد سهواً أو لا ؟ انه شك في أصل الاتيان فيتمسك بأصالة عدم الزيادة - أعني الاستصحاب ) أي هو لم يأتِ قبلاً بشوطٍ ثامنٍ جزماً فيشك هل أتى به أو لم يأت به ومقتضى الاستصحاب هو عدم الاتيان .
اذن يمكن الحكم بصحة الطواف السابق من دون حاجة الى التمسك بصحيحة الحلبي ، وهذه قضية علمية أحببت الاشارة اليها والّا فنحن في غنىً عن هذا البيان بعد وجود هذه الصحيحة.
وبعد هذا يتضح التأمل فيما ذكره غير واحد من الاعلام كصاحب المدارك
[1]
وصاحب الجواهر
[2]
والسيد الخوئي
[3]
فانهم ذكروا أن صحة الطواف وعدم بطلانه يمكن اثباتها بوجهين هما صحيحة الحلبي وأصالة عدم الزيادة - يعني نشك هل حدثت زيادة شوط أو لا ؟ فننفي الزيادة بالأصل المذكور الراجع الى الاستصحاب كما اوضحنا - فانه قد اتضح أن التمسك بالأصل المذكور لإثبات الصحة ليس فنياً فان الاصل المذكور ينفعنا في نفي وجوب الاكمال بستة أشواط لا أنه ينفعنا لإثبات الصحة فان الزيادة حتى لو فرض الجزم بها فهي لا تكون مبطلةً لما سبق الّا عند الشيخ الصدوق كما قلنا وانما تكون موجبة لإضافة ستة أشواط فلا معنى للتمسك بأصالة عدم الزيادة لإثبات الصحة فانهم تمسكوا بالأصل المذكور في عرض صحيحة الحلبي - أي لإثبات الصحة - بينما فنيّاً عرفنا أن الأصل المذكور ينفع لنفي وجوب الاكمال بستة أشواط وليس لإثبات الصحة.
والخلاصة:- ان الشك المذكور لا يوجب بطلان الطواف ولا شيء على المكلف لصحيحة الحلبي بل للتمسك بالقاعدة بلا حاجة الى صحيحة الحلبي ، نعم نفي وجوب الاكمال بستة أشواط بناءً على وجوب الاكمال نحتاج في نفيه الى ضم أصالة عدم الزيادة.
النقطة الثانية:- ان الشك بين السبعة والثمانية قد يفترض عندما يصل المكلف الى الحَجَر الأسود فبعد أن وصل اليه طرأ عليه الشك بأن هذا سابعٌ أو ثامن وقد اتضح أنه يبني على كونه سابعاً ولا شيء عليه ، وأخرى يفترض الشك المذكور قبل الوصول الى الحَجَر الأسود - أي نصف الشوط أو ثلاثة أرباعه ... وهكذا - فانه في مثل هذه الحالة هل يمكن الحكم بصحة الطواف أو لا ؟
نقل صاحب المدارك
[4]
عن جدِّه الشهيد الثاني(قده) أنه حكم ببطلان الطواف معلّلاً بأن أمره يدور بين محذورين ، فانه ان أكمله الى الحَجَر ففي ذلك احتمال الزيادة العمدية وهي مبطلة للطواف وان لم يكمله ففي ذلك احتمال النقيصة العمدية وهي أيضاً مبطلة للطواف . اذن على كلا التقديرين يثبت المحذور ، فالمناسب حينئذٍ الحكم ببطلان الطواف اذ على كلا التقديرين هو باطل.
وعلّق سبطه على كلامه بما نصه:- ( ويتوجه عليه منع تأثير احتمال الزيادة كما سيجيئ في مسألة الشك في النقصان )
[5]
.
والكلام يقع تارةً بلحاظ ما أفاده الشهيد الثاني وأخرى بلحاظ ما أفاده صاحب المدارك:-
أما ما أفاده الشهيد الثاني(قده):- فيمكن أن يشكل عليه بأن ما أفاده وجيه اذا لم يفترض وجود أصل يثبت أحد الطرفين وينفي الآخر ، أما بعد وجوده فالأمر لا يدور بين الاحتمالين المذكورين - أعني النقيصة العمدية والزيادة العمدية - وذلك الأصل هو استصحاب البقاء في الشوط السابع ، فان المكلف قد دخل في الشوط السابع جزماً قبل دقيقة أو دقيقتين ويشك هل أنه خرج منه أو لا ؟ فيستصحب بقاءه في الشوط السابع وعدم دخوله في الشوط الثامن ، وبذلك لو أكمل هذا الشوط الذي بيده فلا يأتي احتمال الزيادة فإنها منفيَّة بمقتضى الأصل المذكور اذ الأصل المذكور يثبت أنه الآن في الشوط السابع ومن كان في السابع فأثره الشرعي وجوب اكماله ، وعليه فلا يدور الأمر بين احتمال الزيادة العمدية أو النقيصة العمدية بعد وجود الأصل المذكور ، وهذا مطلب ينبغي أن يكون واضحاً.
وأما بالنسبة الى ما أفاده صاحب المدارك:- فالسؤال هو ماذا يقصد صاحب المدارك من كلامه الذكور ؟ فانه قال على ما عرفنا ( ان احتمال الزيادة لا يؤثر في البطلان كما سيجيئ ) فماذا يقصد من هذا الكلام ؟
ذكر السيد الخوئي(قده) أنه يشير الى مبنىً له وهو أن الزيادة المبطلة هي زيادة شوطٍ كاملٍ وأما زيادة نصف شوط أو ربع شوط أو ما شاكل ذلك فهي ليست مبطلة ، وعليه لا يلزم محذور الزيادة المبطلة فان الزيادة المبطلة هي الاتيان بشوطٍ كاملٍ وهذا لا يلزم في المقام فلا محذور من احتمال الزيادة.
وفيه:-
أولاً:- صحيح أن صاحب المدارك(قده) يبني على ما ذُكر ولكنه لا يقصده هنا فان هذا المطلب قد تقدم منه في مبحث سابق
[6]
لا أنه ستجيئ فيما بعد - أي أن الزيادة المضرة هي زيادة شوط كامل - وهو في عبارته هنا قال ( كما سيجيئ ).
وثانياً:- بقطع النظر عن هذا نقول:- ان المكلف لو أتى بالبقية الى الحَجَر الاسود فسوف تحصل زيادة شوطٍ كاملٍ لا زيادة ما هو أقل من الشوط حتى يقال ان زيادة أقل من شوط ليست مضرّة عند صاحب المدارك.
والأجدر أن يفسر كلامه:- بانه(قده) سيأتي منه بعد هذا المطلب مباشرةً أنه في باب الطواف اذا شك المكلف في أيّ نحوٍ من أنحاء الشك فهو له مبنىً خاصٍ به وهو ( ان الشاك يبني على الأقـل ) فلو شك بين الثلاثة والأربعة يبني على الثلاثة ويأتي بالأربعة ..... وهكذا ومستنده في ذلك الرواية المتقدمة التي قالت ( يبني على يقينه ) فانه فسَّر اليقين بالأقل ، وبناءً على هذا يلزم على المكلف طبقاً للروايات التي تقول يبني على اليقين أن يبني على السبعة - الأقل - ولا يضره احتمال الزيادة واقعاً وأنه ثامنٌ بعد أن عبَّده الشرع بأنه في السابع ، فهو يريد قول هذا لا ما ذكره السيد الخوئي(قده).
وعلى أي حال نرجع الى صلب الموضوع ، والمهم هو أن نحقق المطلب في من شك بين الشوط السابع والثامن قبل أن يصل الى الحَجَر الأسود ولنترك كلام الشهيد الثاني وصاحب المدارك.
[1] المدارك 8 187.
[2] الجواهر 19 379.
[3] المعتمد 5 8 ط قديمة.
[4] المدارك 8 178 .
[5] المدارك 8 179.
[6] المدارك 8 - 138