33/04/05
تحمیل
الموضوع :- الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
الزيادة في الطواف
للزيادة في الطواف خمس صور:-
الأولى:- أن لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف الذي بيده أو لطواف آخر ففي هذه الصورة لا يبطل الطواف بالزيادة ...............
يتعرض هذا البحث إلى مسألة الزيادة في الطواف بعد أن تعرض البحث الذي قبله إلى مسألة النقيصة ، والزيادة على نحوين فتارة تكون عمديَّة وأخرى سهوية ، أما السهويَّة فستأتي الإشارة إليها في المسألة الآتية إنشاء الله تعالى.
إذن ما يذكره الآن هو ناظر إلى الزيادة العمدية ، وكان من المناسب الإشارة إلى ذلك من البداية - أي يقال ( أن الزيادة تارة تكون عمدية وحكمها كذا وأخرى تكون سهوية وحكمها كذا ) - .
وهناك موضوع آخر لم تسلط عليه الأضواء فـي العنـوان وإنمـا ذكـر فـي الأثنــاء وهـو عنـوان ( القران بين الطوافين ) فهناك شيئان لا يجوزان في الطواف وهما الزيادة والقران ، ومسائل القران سوف تأتي ضمن مسائل الزيادة ، فكان من المناسب في البداية جعل العنوان لكلا المطلبين على الأقل فيقال ( الزيادة في الطواف والقران ) إن لم نجعل له عنواناً مستقلاً فان المناسب أن يجعل له عنوان مستقل.
وعلى أي إن حال الزيادة شيء والقران شيء آخر ، والفارق بينهما هو أن الزيادة تعني الإتيان بالزائد بقصد الجزئية للطواف ، وهذا بخلافه في القِران فانه يؤتى بطواف آخر وليس بعنوان أن يكون جزءاً من الطواف الأوَّل بل ذاك طواف برأسه وهذا طواف برأسه غايته لا يفرِّق بينهما بركعتي الطواف أما إذا فرق بذلك فهذا ليس قِراناً محرَّماً.
إذن قد تتحقق الزيادة من دون القِران كما إذا أتِيَ بشوطين أو ثلاثة بعنوان الجزئية للطواف الذي يأتي به المكلف فان هذه زيادة وليس قِراناً إذ هو ليس طوافاً آخر وإنما هو قد قصد به الجزئية لهذا الطواف ، وقد يتحقق القران من دون الزيادة كما إذا أتي بطوافين مستقلين - أي لا أن يكون الثاني جزءاً ومتمماً للأوّل - من دون فصل بالركعتين فان هذا ليس زيادة لأنه ليس متمماً وجزءاً لما سبق بل هو طواف مستقل غايته حيث لم يُفصَل بالركعتين فهو قِران .
وهل يمكن أن يصدق كلا العنوانين معاً ، أي هل تتحقق الزيادة والقران معاً ؟ كلا فان الزيادة متقومة بقصد الجزئية من الطواف الذي هو باليد وأما القران فهو متقوّم بقصد الاستقلالية في الطواف الثاني ، وحيث أن القيدان متباينان فلا يمكن اجتماعهما.
وعلى أي حال إن عنوان الزيادة قد نهت عنه روايتان أو أكثر ، والقران عنوان قد نهت عنه ورايات متعددة فالأنسب تسليط الأضواء على كلا العنوانين وهل حرمة الزيادة والقران هي حرمة وضعية فقط بمعنى البطلان أو هي تكليفية أيضاً مضافاً إلى كونها وضعية ؟ إن الروايات ربما يصعب استفادة الحرمة التكليفية منها كما سوف نلاحظ وقد قلنا أنه توجد روايتان في مسالة الزيادة وهما:-
الأولى:- ما رواه الشيخ بإسناده عن موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام ( الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت علها فعليك الإعادة وكذلك السعي )
[1]
وهي تدل بوضوح على البطلان بالزيادة.
وأما الحرمة التكليفية فقد تقرب دلالة الرواية عليها بالتمسك بإطلاق التنزيل حيث أنه عليه السلام قال ( الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة الواجبة إذا زدت عليها ) وهذا معناه أن جميع أحكام الزيادة الثابتة في باب الصلاة هي ثابتة في باب الطواف فإذا قلنا بالحرمة التكليفية في باب الصلاة فهي تثبت في باب الطواف أيضاً.
وهذا الكلام له وجاهة لو لم يفرِّع الإمام عليه السلام بعد ذلك قوله ( فعليك الإعادة ) أما بعد هذا التفريع فمن المحتمل أن يكون الإمام عليه السلام ناظراً في هذا التنزيل إلى خصوص حكم الإعادة - أي إلى هذا الأثر بالخصوص لا كل الآثار -والمورد يكون من قبيل الاحتفاف بما يصلح للقرينية فلا ينعقد ظهور في الإطلاق والتعميم . وعلى أي حال هي واضحة في الدلالة على البطلان.
ولكن الكلام في سندها فان طريق الشيخ إلى موسى بن القاسم - كما ذكرنا مراراً - صحيح على ما جاء في المشيخة والفهرست - وتكفي الصحة في أحدهما - وموسى بن القاسم البجلي من أجلّة أصحابنا وكذلك صفوان بن يحيى ، وإنما الكلام في عبد الله بن محمد فان المسمّى بهذا الاسم متعدد ولكن علينا أن نفرز الأسماء فان هذا الشخص هو في الطبقة التي يروي بها عن أبي الحسن عليه السلام - أي الإمام الكاظم أو الرضا - وهكذا هو في طبقة يروي عنه صفوان بن يحيى فالأسماء التي لا تتلاءم مع هذه الطبقة - بأن يكون من المتأخرين كطبقة الشيخ الصدوق مثلاً - فهذا يلزم نفرزه ، وهكذا الأسماء التي هي في طبقة أعلى بحيث يروي عن الإمام الباقر عليه السلام مثلاً أو أنه لا يناسب أن يروي عنه صفوان فانه لابد من حذفه من الحساب ، ولعله إذا قمنا بذلك فالذي يبقى شخصان أحدهما عبد الله بن محمد الأسدي الحجّال الذي هو من ثقاة أصحابنا والآخر هو الحضيضي الأهوازي وهو كذلك ، فإذا حصل الاطمئنان بذلك وأنه هو أحد هذين والمهم والمدار على الاطمئنان ولا يكفي مجرد الظن ، فإذا فرض أنه حصل ذلك فبها وإلا فهناك طريق آخر ولكنه مبنائي وليس شيئاً متفقاً عليه وهو أن نقول:- انه قد روى عنه صفوان بن يحيى وصفوان من أحد الثلاثة الذين نقل الشيخ في العدة بأنهم لا يروون إلا عن ثقة . إذن الطريق لإثبات وثاقة الرجل المذكور هو أحد هذين الطريقين.
الرواية الثانية:- صحيحة أبي بصير ( سالت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض ، قال:- يعيد حتى يثبته )
[2]
وهي تدل على البطلان لأنه عليه السلام قال ( يعيد ) وهذا معناه البطلان ، ثم قال ( حتى يثبته ) أي يثبت أنه سبعة وليس أكثر من ذلك ، بيد أن المشكلة في هذه الرواية أنها خاصة بمن زاد شوطاً وبالأولى إذا زاد أكثر من ذلك أما إذا كانت الزيادة أقل من شوط - كأن زاد نصف شوط - فهي لا تدل على البطلان إذا السؤال هو عن رجل طاف ثمانية والإمام عليه السلام حكم بالإعادة في هذا المورد فكيف نستفيد البطلان بالزيادة إذا كانت أقل من ذلك ؟ وهذا بخلاف الرواية السابقة فإنها تدل على البطلان بمطلق الزيادة وان كانت أقل من شوط.
هذا مضافاً إلى أن هذه الرواية قد رويت بشكلين فالشيخ الكليني(قده) رواها كما نقلتها - أي ( يعيد حتى يثبته ) - وأما الشيخ الطوسي(قده) حسب نقل نفس صاحب الوسائل فانه نقل ذلك في ذيل الحديث بأن نقله هكذا ( يعيد حتى يستتمه ) ، وبناءً على هذا يتولد احتمال آخر وهو أن المقصود من الإعادة ليس هو الإعادة بمعناها الحقيقي المستلزم للبطلان وإنما المقصود هو الإتمام - أي الإتيان فـ( يعيد ) بمعنى ( يأتي ) بقرينة ( حتى يستتمه ) أي أنه يأتي بستة أشواط حتى يصير طوافاً كاملاً وهذا ما سوف تأتي الإشارة إليه في مسائل تالية . إذن استفادة البطلان من هذه الرواية يصير أمراً مشكلا بعد هذا الاحتمال والمهم هو الرواية الأولى والنتيجة سوف لا تتغير ما دام فيها إطلاق وشمولية.
وأما روايات القران فهي كالتالي:-
الأولى:- صحيحة أحمد محمد بن أبي نصر ( سأل رجل أبا الحسن عن الرجل يطوف الأسباع جميعاً فيُقرِن ، فقال:- لا إلا أسبوع وركعتان وإنما قرن أبو الحسن عليه السلام لأنه كان يطوف مع محمد بن إبراهيم لحال التقية )
[3]
، وبمضمونها روايته الأخرى ، بل ربما هي نفسها
[4]
، بيد أنه ورد في سندها علي بن أحمد بن أشيم وهو لم تثبت وثاقته ، فالمهم إذن هي الرواية السابقة.
بيد أن فيها مشكلة عابرة وهي أن ابن أبي نصر قال ( سأل رجل أبا الحسن ) ولم يذكر من هو ذلك الرجل حتى تثبت وثاقته ، كما لم يقل ( إني كنت حاضراً واسمع ) حتى لا يهمنا بعد هذا عدم وثاقة السائل ، وعليه يتولد احتمال أن الرجل هو الذي سأل أبا الحسن عليه السلام ثم نقل هذا الحوار الذي دار بينهما إلى ابن أبي نصر ، وإذا كان هذا الاحتمال موجوداً فتسقط الرواية عن الاعتبار لهذه النكتة . إذن لأجل التغلب على هذه المشكلة يلزم أن نقول إن المفهوم هو أن مقصوده ( سأل رجل أبا الحسن وأنا حاضر وأسمع ).
[1] الوسائل 13 366 34 من أبواب الطواف ح11.
[2] المصدر السابق ح1.
[3] الوسائل 13 371 36 من أبواب الطواف ح7.
[4] المصدر السابق ح6.