33/02/22
تحمیل
الموضوع :-
الشرط الرابع من شرائط صحة الطواف ( الختان للرجال) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
الشرط الرابع من شرائط صحة الطواف ( الختان للرجال) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
الرابع:- الختان للرجال . والأحوط بل الأظهر اعتباره في الصبي المميز أيضاً إذا أحرم بنفسه وأما إذا كان الصبي غير مميز و كان إحرامه من وليّه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر وان كان الاعتبار أحوط.
يشتمل المتن المذكور على بيان أمر رابع في الطواف فقد تقدم أنه يعتبر فيه النيَّة والطهارة من الحدثين والطهارة من الخبث والآن يريد أن يتحدث عن الأمر الرابع - أعني الختان - وذلك ضمن نقاط ثلاث:-
النقطة الأولى:- ان الختان معتبر في صحة طواف الرجال.
النقطة الثانية:- لا يعتبر الختان في صحة طواف النساء.
النقطة الثالثة:- يعتبر الختان في حق الصبي أيضاً إذا كان مميزاً وأحرم مستقلاً لا بأمر وليِّه.
أما بالنسبة إلى النقطة الأولى:- فذلك شيء معروف في كلمات الأصحاب بل ادعي القطع به ، قال في المدارك:- ( هذا الحكم مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب بل ظاهر المنتهى أنه موضع وفاق ..... ونقل عن ابن إدريس أنه توقف في هذا الحكم وهو جيد على أصله )
[1]
، ومقصوده من أصله هو مبناه في خبر الواحد فانه لا يراه حجةً والمفروض أن الأخبار الدالة على اعتبار الختان ليست متواترة أو مفيدة للعلم .
وعلى أي حال ان نسبة التوقف إلى ابن إدريس قد لا تكون دقيقة فان الموجود في السرائر هكذا ( ولا يجوز للرجل أن يطوف بالبيت وهو غير مختون على ما روى أصحابنا في الأخبار ولا بأس بذلك للنساء )
[2]
وعبارته هذه توحي بالموافقة.
وقال في الجواهر ( بلا خلاف أجده فيه بل عن الحلبي ان إجماع آل محمد عليه )
[3]
. إذن المسألة لم يعرف فيها خلاف . نعم توقف بعض المتأخرين - وأعني به الشيخ النراقي(قده)
[4]
- في الحكم بالوجوب بناءاً على رأيه الذي يقول ان الجملة الخبرية لا تدل على الإلزام خلافاً لما قرأناه في الكفاية.
أما روايات المسألة فهي كالتالي:-
الرواية الأولى:- صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( الأغلف لا يطوف بالبيت ولا بأس أن تطوف المرأة )
[5]
، وعلى منوالها صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام ( لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة فأما الرجل فلا يطوف الا وهو مختتن )
[6]
.
الرواية الثانية:- رواية إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله عليه السلام ( الرجل يُسلِم فيريد أن يحج وقد حضر الحج أيحج أم يختتن ؟ قال:- لا يحج حتى يختتن )
[7]
، وعلى منوالها صحيحة أو رواية حنان بن سدير وسنبين فيما بعد سبب الترديد -.
هذه روايات المسالة والظاهر أن دلالتها واضحة على اعتبار الختان كشرط في صحة الطواف ، وأما الأصحاب فلا خلاف بينهم في ذلك أيضاً فلا موجب للتوقف في المسألة.
وأما بالنسبة إلى النقطة الثانية:- فيكفينا الأصل بلا حاجة إلى رواية خاصة تنفي الاعتبار إذ بالتالي نشك هل اشتغلت الذمة في حق المرأة بالحج المقيد بالطواف مع الخفض أو أنها اشتغلت به في الجملة - أي من دون القيد المذكور - والأصل براءة الذمة من الاشتغال الزائد ، على أنه تدل على ذلك الروايات السابقة حيث صرحت صحيحة معاوية بعدم الاعتبار في حق النساء.
وأما بالنسبة إلى النقطة الثالثة:- فقد يستدل لذلك بالوجهين التاليين:-
الاول:- ان الروايات اشتملت على النهي والصبي حيث أنه لم يبلغ مرحلة التكليف فلا يكون النهي شاملاً له وبالتالي لا تثبت الشرطية المذكورة في حقه.
وجوابه واضح:- فان النهي المذكور ليس تكليفياً حتى يختص بالبالغ بل إرشادي ، بمعنى أنه لا يصح الطواف من الأغلف ولذا نجد أن التعبير ورد هكذا ( الأغلف لا يطوف بالبيت ) ولم يعبِّر هكذا ( الأغلف لا يَطفْ بالبيت ) فان ( لا ) لو كانت ناهية فالمناسب التعبير بكلمة ( يطف ) ، والأمر أوضح من أن يحتاج إلى هذا البيان . إذن النهي إرشادي ولا محذور في ثبوت شروط الصحة في حق الصبي.
الثاني:- ان الوارد في بعض الروايات كلمة ( الرجل ) كما في صحيحة حريز أو رواية إبراهيم بن ميمون والرجل لا يصدق على الصبي ، وعليه فتكون الشرطية خاصة بخصوص الرجال.
وجوابه واضح حيث يرد:-
أولاً:- ان قاعدة الاشتراك بين الرجل وغيره - أي الصبيان - وان لم تثبت باعتبار أنه لا دليل على عموميتها وان كل ما ثبت في حق الرجل يثبت في حق الصبي أيضاً وإنما الأمر يدور مدار ملاحظة القرائن والموارد الخاصة ، ولكن في خصوص المقام يمكن أن يدعى وجود قرينة على أن المقصود من الرجل ما يعم الصبي وهي قرينة المقابلة حيث جاء في صحيحة حريز ( لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة فأما الرجل... ) فيفهم أن المقصود هو مطلق الذكر أعم من البالغ والصبي.
وثانياً:- لو سلمنا أن هذه الروايات المشتملة على لفظ ( الرجل ) قاصرة عن شمول الصبي ولكن توجد رواية أخرى صالحة لإثبات العموم وهي صحيحة معاوية حيث جاء فيها ( الأغلف لا يطوف بالبيت ) فعبَّر بـ( الأغلف ) دون الرجل.
وثالثاً:- لو سلمنا أن الروايات قاصرة عن إثبات الشرطية في حق الصبي ولكن هذا لا ينفعنا شيئاً الا إذا فرض وجود أصل ينفي الشرطية المشكوكة إذ من دون وجود الأصل المذكور لا ينفع القصور في المقتضي وحده ، وفي مقامنا نقول:- لو كنا نتحدث عن المرأة مثلاً وأنه يعتبر فيها الخفض أو لا فانه يوجد في مثل ذلك أصل ينفي الشرطية حيث نشك في اشتغال الذمة بالحج المقيد بالطواف المشتمل على الخفض فينفى بالبراءة ، وهذا بخلافه بالنسبة إلى الصبي فانه لا يحتمل اشتغال الذمة في حقه فالأصل الذي يراد التمسك به أيّ أصل هو ؟ لا يوجد أصل يُثبت ذلك ، اللهم الا أن تقول نشك في اعتبار الشرطية فننفيها بحديث ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) بقطع النظر عن مسالة الاشتغال ، بيد أن الجواب واضح فان نفي الشرطية بمجرده لا ينفع الا إذا كان المقصود هو إثبات الشرعية - أي شرعية الطواف في حق الصبي ولو لم يكن مختوناً - فان المهم هو هذا ومعلوم ان حديث الرفع هو حديث رفع وليس بحديث إثبات ، أي لا يمكن أن نستفيد منه أن الطواف مشروع في حق الصبي إذا لم يكن مختوناً.
إذن الاحتمالات في المقام ثلاثة ، فإما أن ينفى الاشتغال بالزائد وهذا واضح البطلان لفرض أن الصبي لا يُحتَمل اشتغال ذمته ، أو تُنفى الشرطية من دون إثبات الشرعية في حق الصبي إذا لم يكن مختوناً وهذا لا ينفع شيئاً فان المهم هو إثبات الشرعية من دون ختان في حق الصبي ، أو يكون المقصود هو إثبات الشرعية وقد قلنا ان حديث الرفع هو حديث نفي لا إثبات.
إذن لا يمكن أن نثبت مشروعية الطواف في حق الصبي غير المختون بالاستعانة بفكرة القصور في المقتضي.
[1] المدارك 8 117.
[2] السرائر 1 574.
[3] الجواهر 19 274.
[4] مستند الشيعة
[5] الوسائل 13 270 33 مقدمات الطواف ح1.
[6] المصدر السابق ح3.
[7] المصدر السابق ح2.